أريد أن أرتدي استقراري لكن روحي المتوحشة
تفتح ثقباً في قوافل حلزون الاستقرار لتنطلق هاربة
الى فضاءات الدهشة وفي محطات الإعصار تركب القطار مع الشعراء الجوّالين
من رعايا 00 الحرية
وحاسة الليل بعد أن تشتري ( تذكرة بلاعودة )
أريد أن ارتدي حياتي المفصَّلة على ( الباترون ) العام
لكن روحي المتمردة ترفض الدخول في فساتين الدانتيل المقولبة كالأحذية
وعبثاً أقسرها على أرتداء القفازات المخملية للمصافحات اللزجة وألملم شعرها
المجنون تحت تاج السهرات الكرنفالية 0!
وأسرحه بغير الأزهار البرية من منافي الحرية
وأغطي وجهها بقناع يليق بالمسرحيات الطاووسية وأدسّ في حنجرتها شريط
تسجيل مدججاً بالبلاغة الطبلية وحينما احيط عنقها بعقد اللؤلؤ الثمين والبارد
تقطعه وترحل إلى قاع المحيطات لتسامر الأصداف النابضة بالؤلؤ الحي
أتمنى أن أرتدي النوم ( بدلاً من قميص الكوابيس ) وأغلق أزراره جيداً على
روحي في سرير وثير تحيط به الهواتف المذهبة والأزرار وله خادمة توقظ
التثاؤب بمروحة من ريش النعام وتغني بصوت من أفيون القمر حتى أنام
لكن روحي تقص قصبة من خيزرانة السجَّان وتثقبها بصرخة صامتة من حزنها
فتصير ناياً وتنطلق هاربة إلى حقول الحرية
وهي تعزف صدقها في ناي أحزانها كمن يبكي عبر حنجرة مقطوعة مزنّرة بالكمّامات وهو ينطح الاسلاك الشائكة المزروعة حول العيون العدوانية
بدل الأهداب اسلاك شائكة تُسوّر الغيوم عقاباً للطيور
أريد أن أرتدي حبك
لاقيد حبك
أريد أن ادخل في فضائك الشاسع
لافي قفصك الذهبي
لاأريد أن تحبني حتى الموت
أريد أن تحبني 00 الحياة !
لا أريد أن تحبني إلى الأبد : احببني الآن !
مئات الأعوام والانهيارات تحاصرني
وأنا اطفو فوق الأنواء كعصفور الزلازل
أطير صوب الشمس ولو أحرقت طرف جناحي
مئات الأعوام وأنا اشتعل راحلة من رمادي إلى ضوئي وقلبي محبرة بحجم قنبلة
يدوية تهدد بالانفجار باستمرار
أنا المرأة التي غرقت بها المراكب كلها وخذلتها وحين لم يبقَ لها من الأشرعة
غيرجناحيها تعلمت كيف تتحول من امرأة إلى نورس
منذ مئات الأعوام رفضت أن أحيا في حدائق التعاسة المرفهة
وتنهدات العوانس المتزوجات اللطيفات بعيونهن المكحلة بالدمه المعلّق الذي لايجف ولايهطل وأيديهن التي تداعب اصابع البيانو بالحسرات والأمنيات المكبوتة والتنهدات تسيل من اجسادهن سراً
مثل بكاء الشموع في محراب الأحزان الرائعة المقدسة من زمان كرهت غادة
الكاميليا وفوتر وفرجيني والمنفلوطي والتضحيات النرجسية في محراب عبادة
الذات المزدوجة وقررت أن أهبط إلى قاع الليل الارضي والنهار لتلامس ابجديتي
كل ماتدّعي معرفته وترقص تحت الشمس كتمساح افريقي صغير يطارد ذيله ببراءة زوربا الراقص في الطين مكتشفاً النجوم محلقاً بعيداً عن حضارات تعشق بهجة الألم للألم 0!
منذ مئات الأعوام طرزت ولاّدة على طرف ثوبها (أنا والله أصلح للمعالي 00
وأمشي مشيتي وأتيه تيها )
ترجم اليوم ولاّدة في عشرات المدن العربية
إذا قالت لجارها صباح الياسمين والفل أو أعترفت انها قالت لحبيبها قبل ربع قرن
أحبك !
قطفتُ حبك وردة أسطورية لامثيل لها
وركضت بها فخورة إلى مضارب قبيلتي
اعلنتُ بعض الخيام الحداد رافعة الاعلام السود!
ماذا أقول لمن يركض إلى الملجأ!
حين يسمع كلمة ( حب)
ويدق طبول الحرب
بعد أن يقرع صفارات الإنذار ويطلق النار ؟!
27/9/ 1992