[عبدالواحد اليحيائي]

.
.
في المساء،
غالبا بعد الساعة العاشرة، التفت إلى نفسي قليلا، ولولعي بالكتب والأوراق اتخيل نفسي كتابا كبيرا بعنوان ومؤلف ومقدمة وفهرس وفصول ومواضيع وهوامش.

تسألين: أين أكون؟

أجدني في التعليقات المكتوبة بقلم رصاص له رأس رفيع: إضافة، تعليق يشير إلى أني فهمت وقررت أن أشرح، وتعليق بعلامة استفهام تعني أني لم أفهم، وثالث مع شكل ابتسامة، ورابع مع تعبير ينبئ بالسأم أوالملل أو الضيق، وحياة وموت مع أشياء وأفكار وأشخاص في كتاب.

أعيد قراءة التعليقات: مازلت مع الأحياء والأموات، ومازلت تأسرني الابتسامات، وما زلت ممتعضا لأني لم أفهم، وما زالت مشبعا بالشعور بالتميز لأني فهمت أكثر، وبمسّاحة صغيرة على رأس القلم الذي رصد كل شيء أمسح بهدوء أخطاء الآخرين - بقدر المستطاع - وأمرر (الماركر) على أخطائي، هذا يريح قليلا لكنه لا يخلو من مرارة خصوصا تلك الأخطاء التي تترك على الورقة ندبات رغم محاولات المسح المتكررة، أوتلك التي تتحول مع(الماركر) إلى سواد قاتم لا ينفع معه أي (مزيل) أو تتسبب في تمزق الورقة لأن أحدهما - المسح أو الخطأ - أكبر من طاقة ورقة.

أنام وبين يدي كتاب يحمل بين أوراقه مجموعة من الأخطاء: أخطائي، وأخطاء المؤلف، وأخطاء أولئك الذين تحدثنا عنهم ومعهم ولهم.

(غدا يوم آخر)..
أكمل فيه قراءة الكتاب.
.
.