من خير الكلام


آخر 10 مشاركات
هلا بالجميع (الكاتـب : دغيفل - - الوقت: 20:59 - التاريخ: 14-11-2023)           »          اصعب سؤال (الكاتـب : علي التركي - - الوقت: 14:50 - التاريخ: 26-06-2020)           »          وريثة الغيم (الكاتـب : علي التركي - - الوقت: 10:37 - التاريخ: 21-03-2020)           »          الظِل.......! (الكاتـب : كريم العفيدلي - - الوقت: 23:00 - التاريخ: 26-01-2020)           »          آفـآ وآلله يـآمـجـرآك (الكاتـب : ناعم العنزي - - الوقت: 10:12 - التاريخ: 23-01-2020)           »          ثـقـوب (الكاتـب : عائشة الثبيتي - - الوقت: 10:25 - التاريخ: 17-12-2019)           »          ~{عجباً لك تدللني}~ (الكاتـب : شيخه المرضي - - الوقت: 23:39 - التاريخ: 26-11-2019)           »          تاهت خطاويه (الكاتـب : حمود الصهيبي - - الوقت: 08:55 - التاريخ: 14-11-2019)           »          خزامك وشيحك (الكاتـب : حمود الصهيبي - - الوقت: 22:43 - التاريخ: 08-11-2019)           »          موسم الصمان (الكاتـب : حمود الصهيبي - - الوقت: 14:58 - التاريخ: 08-11-2019)


 
العودة   شعبيات > > ذاكرة العرب
تحديث هذه الصفحة خارطة الطريق!
 
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 22-05-2010, 21:17   #1
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

خارطة الطريق!

.

العنوان يرجع لصفحة المقالات التي أكتبها أسبوعيًا في جريدة المدينة. وهي مختلفة باختلاف المقاصد والمقادير, ومتراخية الجِدّة بتطاول الأيام التي تمرُ بسخاءٍ متفاوت. بدايةً سأقوم باستعراض جميع ماتمّ نشره من كتابات سابقة ثمّ وتباعًا سأطرح الجديد الذي ينشر في الصحيفة الغرّاء.. ولكم فسحة القراءة والنقاش


:

التوقيع:
ما أشدَّ فِطام الكبير!
مالك بن دينار


:
:
الموقع الشخصيّ

.
فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 22-05-2010, 21:22   #2
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

رد : خارطة الطريق!



.


Girls lover

العنوان تعريبًا يعني: عاشق الفتيات. وقد كتب أحد المراهقين على مؤخرة سيارته الفارهة, هذه العبارة المربكة والدخيلة على مجتمع نعيش في تضاعيف مفاجآته التي لا يأخذها قانون الضبط والحصر. بعد ساعات, وأمام بيته تمامًا توقفت سيارات الشرطة, بشكلٍ يوحي بالرعب والاحتمال بأن الخطب تجاوز حدود المراهقة إلى الإرهاب. قال الضابط لوالد الشاب المراهق: كيف لابنك أن يقوم بكتابة مثل هذه العبارة وكأننا في بيئة متحررة لا تعرف معنى الالتزام والأدب؟ لم يزد الأب أن قال: هل هذا الأمر يستحق طريقة الاستدعاء وتجمهر سيارات الشرطة أمام المنزل وأمام سكان الحي؟
حسنًا, ومن زاوية مشابهة قريبة, ما الفرق بين عبارة Girls lover كسلوك خاطئ وبين أرقام النعرات التي تلتصق على سيارات أصحاب ثورات الإبل والقبيلة؟ وما الفرق بينها وبين كلّ تعصبٍ لقبيلة فلانية يدونها الشاب كبطاقة تعريف على مؤخرة السيارة؟ أوليس التفاخر بها أمام مرأى من نقاط التفتيش وسيارات الشرطة وبقية الآدميين (نسبة إلى أبونا آدم) دليل تخلفٍ وعصبية نتنة؟ أوليس من الظلم أن يتجاوز المسؤول عن تحرير قسيمة مخالفة جرّاء الأخوة التي وثّقت عُراها الأرقام, بينما يطالب الفتى بتسديد مخالفة ضبطت وحررت ـ بقدرة قادرـ في منطقة لم يسمع باسمها إلا في النشرة الجويّة, مما حدا بالتنازل عن دفع قيمة المخالفة والاكتفاء برسوم الحجز؟ .. وهذا الأمر المؤسف والمكرور والذي يطوي على الجوانح السخط, ويمطر أحشاء الكريم نبالا؛ يكشف الارتباك في إدخال بعض المخالفات المرورية, التي لازالت تسير على مبدأ: خبط عشواء من تصب, وهذا أحسن الظن! ثمّ إنّ الانفتاح الذي نعيش بوائق وخزاته (إلى حدٍ ما) في وسائل الاتصال بالآخر, يكاد يهدم أحلام المثالية في التربية التي يطمح لها كلّ ربّ أسرةٍ صالح ( وهذه تحتاج التفصيل بشكلٍ مستقل), فلو جاهد الأب في تقنين ومتابعة أفراد أسرته, فلن يستطيع السيطرة على تجليات البيئة التي نعيش فيها الآن, خاصةً عندما تتمايز السلبيات بين سيطرة يقظةٍ محمودة وبين تركٍ مزاجيّ بغيض. وقد بعثت القصة التي حدثت قبل أسابيع قلائل للفتى المراهق, في نفسي الكثير من التساؤلات, حول هوّيتنا التي باتت تعيش بين مطرقة العولمة وسندان العنصرية. ففي الوقت الذي نشاهد فيه حملات التغريب وسنوات الضياع وثقافة الصورة التلفزيونية (الاستهلاكية) المخدّرة حد التنويم المغناطيسي, يكون على النقيض تمامًا عرض لبعض المشاهد ( وأركّز على البعضيّة) التي تثير وتستثير دفائن النعرات القديمة وتقوّي أغراض التفاخر والتنابز بالألقاب ـ بين جيلٍ أخذته غفلة التقليد والصراخ ـ وهي لعمري داهية دهياء, تضعنا على شفا جرفٍ هار إلى فساد الدين والأخلاق.
هناك انفلات واضح وملموس يحتاج الضبط والاستدراك قبل أن يشب الأمر عن الطوق, وقبل أن يسبق السيف العذل.. نحن لا نحلم بمدينة أفلاطونية, ولا نطالب بدرجة تنظيم عالية نعلم ـ علم اليقين ـ أنها تنوء بالعصبة أولوا القوة! بل كلّ ما نريد فقط ( وهو من حسن التدبير واتقاء العواقب) فتح نافذة التمحيص والمراجعة بشكل واسع ودقيق؛ لرصد بواعث الأمور التي تستجد وتظهر بين كل طرفة عينٍ وانتباهتها, وفرز الجيد عن السقيم في سبيل الفائدة المرجوّة والغاية المنشودة. أيضًا ( وتتبع حسن التدبير واتقاء العواقب) محاسبة التقصير والتهاون ـ المستشري استشراء دودة القطن ـ بشكلٍ صارمٍ وجذري, لا يقبل ـ بتاتًا ـ الخضوع لوساطةٍ تلوي عنق الحق الذي هو أحق أن يتبع, ولا يسمح ـ نهائيًا ـ بتمييزٍ يفرق بين الناس على حسب رتبهم وجذورهم!!


.

التوقيع:
ما أشدَّ فِطام الكبير!
مالك بن دينار


:
:
الموقع الشخصيّ

.
فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 22-05-2010, 21:23   #3
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

رد : خارطة الطريق!


.


الفطر!

لأن نوافذ الضوء اشرأبت وتمطت بصلبها, للأصوات الشعرية المختلفة, بشكلٍ وصوليٍّ رهيب. ولأن الأمر يعود ـ أولاً وأخيرًا ـ لطفرة وسائل الصوت والصورة النفعية التي تبحث عن ملء الجيوب.. حيث لا يكاد يروّج لبرنامج شعري ضخم؛ إلا وخرج من إهابه ما هو أكثر ضخامة من الناحية التسويقية والدعائية وأيضًا من ناحية التزكية التي تتمّ عن طريق روّاد الجيل وأقطاب المرحلة الشعرية. فإن ما يعتمل في داخلي الآن, هو الخوف من فشل ـ جلّ الشعراء الشباب ـ في التركيز على الظهور المقنن بشكلٍ داعمٍ لمسيرةٍ متئدة لا متهورة. فقد قيل وقيل عن حكمة: كن كالشجرة تنمو في بطء بالترسّخ, ولا تكن كالفطر, يبزغ فجأة ولا يبقى طويلاً! فلو سألنا شريحة منوّعة من جمهور الساحة الشعبية عن أبرز شعراء برنامج المليون في تجربته الأولى في ذلك الرواج الرهيب الذي كان, فأكاد أظن ـ والظن بمعنى اليقين ـ أن تواتر الإجابة ستأتي بالحيرة والنسيان, وذلك لأن ما يظهر فجأة لا يلبث أن يطمر في ذات الفجأة نفسها!
من هنا أهيب بشعرائنا الشباب, الترويّ في الظهور الإعلاميّ, والاشتغال على التجديد والابتكار في أفكار القصائد والأبيات قدر المستطاع ـ حيث أن التجديد المطلق أمر متعذر النوال بلا شك ـ, ودون النظر لما تروجه قنوات الصور الحسيّة المتوارثة الواحدة, من عبارات ثابتة وجامدة لا حراك بها, وأفكارٍ مكرورة خرجت جرّاء الصيحة المدويّة من ذاكرةٍ مفتونةٍ بالأحدوثة والصيت وعاطفةٍ متأثرة بلباس شهرةٍ صوتية تفتقد حقيقة التجربة اليومية التي يبحث عنها القارئ بوصفه يعيش في مفارقات ضوئية!
أرجو أن لا يؤخذ الكلام بمعنى هجر لغة التراث التقليدية هجرًا كاملاً, فهذا الأمر مستعصي على مدارك فكرية دارت في رحى قرنٍ من الزمان طويل, بيد أن الجديد الصالح لذلك الزمان, لا يكون ـ أكثره ـ جديدًا في هذا الزمن, وهذه هي العقدة التي تحتاج إلى حل. لذلك, وجب أن يؤخذ الأمر بشريعة الإنصاف بين معطيات ذاك الماضي وهذا الحاضر. للتأمل: شاعرٌ في غضارة الصبا ينادي بصورة تراجيدية معادة: البارحة ساهرٍ والنوم ماجاني.. أو البارحة ما ذاقت النوم عيني. فلا جديد والسهر واحد! أو ينشد بطريقةٍ ابتهاليةٍ متطابقة: ياالله يا عالم جميع الغيوبي.. و: يالله ياعالم خفيات الاسرار.. حيث المعنى الثابت لا المتحرك! أو بمصطلحات وحشية متشابهة: ياراكب اللي يمرخنّ الحبالي.. أو: ياركب اللي للضنا ما ارزمني. حيث الركوب الواحد والذاكرة الواحدة!


.

التوقيع:
ما أشدَّ فِطام الكبير!
مالك بن دينار


:
:
الموقع الشخصيّ

.
فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 22-05-2010, 21:24   #4
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

رد : خارطة الطريق!

.


شهوة الكلام

لو أن الشعر ظلٌ يتبع الشاعر أينما غنّى وهزج، لذهب بمجرد ذهابه عن هذه البسيطة.. لكنه الأثر الخالد الذي يبقى ما بقي الوجود. وتسويغ البقاء -أحيانًا- قد يتعلّق بحجم القضية، أو الموقف أكثر من الشعر نفسه، بمعنى أنه وإن كتبت قصيدة عادية جدًا، أفكارها مطروقة، ومعانيها مشاعة، فلربما أخذت الشهرة لمكانة الموقف أو الحدث الذي كتبت من أجله. على سبيل المثال: قصيدة الشاعر القطري محمد بن الذيب، في مهرجان “هلا فبراير” بدولة الكويت الشقيقة قبل سنوات، حين استهل الشاعر في أولى الأمسيات قصيدة عنوانها: سوق شرق. أثارت حفيظة الشعب الكويتي، وتداولتها الصحافة بمانشيتات عريضة، رغم أن القصيدة -من وجهة نظرٍ خاصّة- لا تقول شيئًا جديدًا على مستوى الشعر، , بل فقط لأنه قال في آخرها:
«أنتِ أنتِ سبة الغزو العراقي للكويت .. ولو غزا صدام مره ثانيه بغزي معاه»
بعض الشعراء الآن، ربما تجاوز حاجز الأدب، بحثًا عن رعاع يتملح معهم التصفيق والضحك، أو شهرةٍ تبعث حكاياته بين فينة وأخرى، في المجالس (العامة والخاصة)، وأماكن تسامر الشعراء. وهذه مشاهدة بشكل جليّ الآن في ساحةٍ تعجّ بقنوات الشعر الفضائية. الشاعر ابن الذيب شخصية فانتازية وغريبة بلا شك، لا يمكن التنبؤ بطوالع تصرفاته الشخصية، فضلاً عن الشعر الذي يكتبه وينشده بإسهاب طويل -اللهمّ لا حسد- لكنه لا يكاد ينفك عن أسلوبه في الكتابة المتهورة والمثيرة، في أي محفلٍ شعريّ يستقبل حنجرته، وقد عرّجت بمثال هذا الشاعر تحديدًا، بعدما تناقلت أجهزة الجوال في مقاطع (البلوتوث) قصيدة شعرية نظمها في فرنسا على حد قوله، وصدح بها في إحدى أمسياته الشعرية، حيث انبرى للرد عليه الكثير، وهوجم من قبل الكثير، ودافع عنه الكثير.. ثم كانت الضجّة والأحدوثة (المألوفة)، التي بدأت ولازالت في جدلٍ واسع ومستمر، جرّاء شهوة الكلام التي غلبت على العقل، وشاعت بطرائق عدّة. الأمر الخطير -كما يبدو لي- هو في توسّع دائرة مثل هذه القصائد -لاسيما في هذا الزمن- أو محاولة تقليد هذا النهج ولو بالافتعال والتجني. في سبيل الضوء المركّز وتناقل الأخبار والحكايات المغرية لبعض الحالمين بالشهرة (بمعنى الانتشار), حتى وإن كانت على حساب المروءة!


.

التوقيع:
ما أشدَّ فِطام الكبير!
مالك بن دينار


:
:
الموقع الشخصيّ

.
فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 22-05-2010, 21:25   #5
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

رد : خارطة الطريق!

.

السابقون السابقون

نقل الجاحظ شيوع الفكرة بين الناس بقوله:« وقالوا: لم يدع الأول للآخر معنىً شريفًا, ولا لفظًا بهيًا إلا أخذه.» واستنفاد المعاني وشيوعها, قديمة قدم الشعر. لكن, هناك من الأفكار ماهو رائد فريد, يشعر القارئ لها باحترافية نادرة, وهناك ماهو مطروق مبذول بمجانية لا تحتاج إلى مقارعة الفكر والتأمّل. من هنا كان الحديث مع أحد الأصدقاء المقربين إلى القلب, عن فكرة أبيات الشعر وقضية السبق فيها. فإنّي أرى أنّ إشكالية الأفكار الجميلة التي تنمّى أو تطوّر مفتوحة كفضاءٍ رحب, وقد أُسلّم للشخص الذي بذل جهد التجديد وتوسيع نطاق الفكرة بما لا أسلمه لمن يشير ولا يفسر أو يشاهد دون رصد. ولعلّ أهم ما تجب الإشارة إليه, أن ملكية الفكرة دون اجتهاد لتفعيلها عقيمة جدًا, ولا تؤتي أكلها بما يجب أو بما يفترض للأفكار المفيدة. كالشاعر.. تخطر بباله الفكرة التي قد تؤرخ بيتًا تسير به الركبان, لكنه يغض الطرف عن تدوينه في قالب شعرٍ بديع, ممّا قد يفوّت تخليد ذكره! وبمعنى آخر, نستطيع حصر قضية السبق في عرض مثالٍ يبيّن أحقية السبق وأولوية ذلك لمن بادر بالتفعيل والممارسة لا بالتفكير الصامت وطول التأمل الذي لا حراك به. وسيكون المثال أو الشاهد على الشعر, الذي بدوره يفضي إلى ما أشرت إليه من حدود الأسبقية ومن يستحق لقب السبق في الفكرة.
سئل أبو عمرو بن العلاء: أرأيت الشاعرين يتفقان في المعنى ويتواردان في اللفظ لم يلق واحد منهما صاحبه ولم يسمع شعره؟ قال: تلك عقول رجال توافت على ألسنتها، وسئل ـ أيضًا ـ أبو الطيب عن مثل ذلك فقال: الشعر جادة، وربما وقع الحافر على موضع الحافر. في هذا المثال يتبين لنا أن أهمية السبق في التقييد والإنشاد, لا الانكفاء على فرحة العارض في جنح ليل من خواطر وأفكار لا تتعدى أرنبة أنف المتأمل. لأنها قد تذهب ـ بحكم التخاطر ـ لمن هو أهلٌ للتمحيص والدراية والاستطلاع والإبانة والإعلان. ويكون السبق والفضل لصاحب البداية الذي نشر وعرض فكرته, حتى وإن اتفق بعده من اتفق!



.

التوقيع:
ما أشدَّ فِطام الكبير!
مالك بن دينار


:
:
الموقع الشخصيّ

.
فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 22-05-2010, 21:26   #6
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

رد : خارطة الطريق!

.

النكوعي؟

كلما كان هناك تمدنٍ اجتماعي راقٍ وانفتاح حضاري واسع, كان على الجانب الموازي تمامًا تقدم اللغة وتطور مفرداتها التي تتناسب مع كل جيل جديد, بحسب ثقافته وتطلعاته. من هنا تكون بعض المصطلحات القديمة وحشية مهجورة, لابتعاد الألسنة عن ترديدها أو التحدث بها, والشواهد كثيرة. إلا أن في الشعر الحُميني البدويّ الذي يعيش عصر الطفرة ـ الرهيبة ـ من خلال القنوات الفضائية الآخذة بعضها برقاب بعض, اجترار فاسدٌ للكثير من المفردات الغريبة والكلمات العصيّة على الفهم أو التأويل.. فبمجرد أن تحرك الريموت تجاه أي قناة شعرية متناسخة, تجد سيلا هادرًا من المفردات الغامضة والموغلة في اللهجة البدوية الأصيلة التي لم تعد ـ الآن ـ واضحة الملامح بالشكل الذي يصل إليه المستمع أو القارئ المتذوق لهذا الفن الشعريّ. أقول: اجترار, لأن تناسخ الصورة الشعرية وتشابه العواطف في حالات الكتابة, واتفاق لغة الخطاب الغائرة في صيغة مفردات غريبة على جيلنا وعصرنا الزمني, على شاكلة: «مشخاط» و«هداميس» و«نكوعي» وبقية المفردات (الوحشية) المغمورة في عمق تراث الجزيرة العربية المترامية الأطراف؛ بعثت التكرار ووحدة الأسلوب وتشابه الأثر, في الكثير من الأصوات الشعرية الشابّة, التي نأمل فيها محاكاة الزمن بلغةٍ حيّة مفهومة! و لو نظرنا ـ أيضًا ـ لهذه المفردات من جانبٍ جمالي, نجد الاتفاق ـ أو هكذا أظن ـ في نفور الإحساس بموسيقى اللفظ أو الكلمة, فقد قيل قديمًا :«أنّ الألفاظ لها حيز الأصوات, فما يستلذه السمع يميل إليه وما يكرهه ينفر عنه, فمثلاً لفظ المزنة أو الديمة, يستلذها السمع, بينما لفظة البُعاق يكرهها السمع وهي من صفة المطر وتدل على معنى واحد.»! لذلك وجب على شعراء المرحلة التنبّه لعصرية الخطاب ـ إن جاز التعبير ـ حيث أنّ ثقافة العرب ثقافة شعر, وتيار الخطاب الملحون في لغته والوحشي في مفرداته, إن استمر في تدفقه الهائج البعيد كلّ البعد عن واقع الحديث اليومي المألوف والمعاش بين الناس, وعن ملامسة السمع بشكل شفيف واضح, فيليق بنا ـ عندئذ ـ أن نقول: حركة الشعر الحُميني البدويّ ـ رغم كلّ وسائل التوسّع والانتشار ـ لا تكاد تراوح مكانها, تمامًا كما يفعل جنديّ سمع من رئيسه عبارة: مكانك سِرْ!



.

التوقيع:
ما أشدَّ فِطام الكبير!
مالك بن دينار


:
:
الموقع الشخصيّ

.
فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 22-05-2010, 21:27   #7
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

رد : خارطة الطريق!



.


لعبة الخطأ الطبيّ!

في مدخل كلية الطب بجامعة أدنبره, تمثال نصفي لأحد كبار أطباء العيون الذين كانوا يعملون بالجامعة, كتب تحته:«لا تعتمد إلا على نفسك» وقد جرت تقاليد الجامعة, أن تكون قصة صاحب هذا التمثال, موضوع المحاضرة الأولى لطلبة الكلية, والذي حدث أن هذا الطبيب دخل يومًا غرفة العمليات كي يستأصل عين مريضٍ شاب, كان قد تقرر استئصالها, وأشارت الممرضة المعاونة, إلى العين السليمة, على أنها العين المراد استئصالها, فقام الطبيب بنزعها معتمدًا على قرار الممرضة, وإذا به يفاجأ عند فحص العين بعد نزعها, بأنها العين السليمة! أسرع الطبيب إلى مغادرة الكلية, وتوجه إلى عيادته الخاصّة, وأغلق بابها خلفه, ثمّ أخرج من درج مكتبه ورقةً كتب فيها:« لقد تسببت في فقدان بصر شاب في مقتبل العمر, لأنني اعتمدت على توجيه الممرضة, ولن يخلص ضميري من العذاب سوى الانتحار. وعزائي أن تجعل الجامعة من قصتي درسًا لغيري من الأطباء, كي لا يعتمدوا إلاّ على أنفسهم. نقل هذه القصة الأستاذ/ حسن الظاهري, وعلق عليها بسؤال كبير فحواه يتشكل ألمًا, يقول: كيف لو فكّر كل طبيبٍ بمعاقبة نفسه؟
تفاقمت الأسئلة حد الورم بسبب الأخطاء الطبيّة, التي شبت عن الطوق, بلا عذرٍ موضوعيّ سوى فطرة الخطأ والنسيان, وهي لا تحمد في الأمور كلها.. أو هكذا يفترض لها. الكثير من الأخطاء الطبيّة نزعت السعادة من حياة البشر, الكثير منها حوّل معيشةً رخيّة مطمئنةً إلى بؤسٍ وعناءٍ ووجعٍ سرمديّ, الكثير منها فتح باب الاستهتار على مصراعيه, حيث يكون التماس العذر ضيقًا حرجًا كأنما يصّعد إلى السماء. نعم نؤمن بالقضاء والقدر خيره وشره, لكن التساهل بالأرواح لابدّ أن يقابل بصرامةٍ واهتمامٍ وضبط. كلّ إنسانٍ معرضٌ لبوادر الخطأ والنسيان, لكن احتياطات الطب الواجبة, لو قامت حقّ القيام, بعزيمةٍ مصمّمةٍ, وعيونٍ يقظة منتبهة لا تغفل؛ لجبّت هذا الإسراف والتهاون في أرواح خلق الله أجمعين. الأطباء أنفسهم ـ إلاّ من رحم ربي ـ حينما يتنامى خبر الخطأ الطبيّ, يسلّمون بأمر الاعتياد الغير مقصود, متناسين عزاءً طويلاً سوف ينتصب كالحق المبين!
بالأمس القريب, كنت في مراجعةٍ لوالدي ـ شفاه الله ـ في مستشفى الملك فهد بجدة, وفي انتظار الدخول إلى الطبيب الاستشاريّ, كان بجوار مقعدي, شابٌ عربيّ.. هيئته تدل التعب, وعمره لا يكاد يتجاوز الثلاثين. يحمل فوق أذنيه سماعات طبيّة مركّزة.. قال لي والده: أجرينا له عملية في الأمعاء, وكان أن استأصل الطبيب جزءًا أثّر على الجهاز التناسليّ, ممّا اضطره لاستخدام دواءً قويًا, أفضى إلى فقد سمعه فجأة!
يقول كامبل في كتابه (الطبّ العربيّ):« أنّ الملك ثيودور, وهو من ملوك القوط الغربيين, أصدر أمرًا, بأنه إذا توفي مريضٌ, بسبب عمليةٍ جراحية, سلّم الطبيب الذي أجراها إلى أهل المتوفى, ولهم مطلق الحريّة في أن يفعلوا به مايشاؤون؛ إن قتلاً أو استرقاقًا مدى الحياة.»


.

التوقيع:
ما أشدَّ فِطام الكبير!
مالك بن دينار


:
:
الموقع الشخصيّ

.
فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 22-05-2010, 21:28   #8
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

رد : خارطة الطريق!


.

الشاة المعلّقة

مربي أثناء مطالعة كتاب البيان والتبيين في جزئه الأول, مانقله الجاحظ عن وكيع بن سلمة الإيادي الذي ولي أمر البيت بعد جرهم وبنى صرحًا بأسفل مكة وجعل في الصرح سلمًا يرقاه كي يناجي ربه وينطق بالكثير من الأمثال والحكم, التي كان من أشهرها تدوينًا وبقاءً: كلّ شاةٍ برجلها معلقة.
هذا المثل أيقظ في داخلي مولاً شجيًا كأنه صوت شاعر المحاورة حين يكرر في آخر أشواط الفتل والنقض جملته الشهيرة: والنتيجة كل شاة معلقة بكراعها! وما أعنيه تحديدًا من هذا اللحن هو ما يستقر في فكرة الأمثال والحكم التي تحولت ـ مع عوامل التعرية الطبيعية ـ إلى أبيات شعرٍ تسير بها الذائقة (المتحولة) من جيلٍ إلى جيل, حتى وإن غلب عليها طابع الرّصف الذي لا فضل فيه إلا الوزن والقافية.
هذه الفكرة ـ برمّتها ـ امتهنها الكثير من الشعراء والأدباء والمفكرين, لغايات مختلفة متباينة كالنصح العام والتوجيه أو حيازة قصب السبق في ابتكار معنًى جديدًا دوّر أو نقل ـ أساًسًا ـ من مثلٍ مغمور لم ينل حظ الانتشار والشهرة. يقول الفيلسوف الكبير ابن سينا:
أسيرك سرّك إن صنته
وأنت أسيرٌ له إن ظهر

وقد أُخذ هذا القول من المثل الدائر دوران الأفلاك في عليائها: سرّك أسيرك فإن نطقت به فأنت أسيره! أيضًا ومن أقوال العرب الشائعة الشهيرة: أحذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة. وقد أدار هذا المعنى الكثير من الشعراء القدماء والمعاصرين, يهمني منهم ـ من باب لذاذة الإمتاع في التنوع ـ شاعر الوطن الكبير خلف بن هذال, إذ يقول:
احذر عدوك دبّة العمر مرة
واخذ الحذر من صاحبك عشر مرات!

وأُثر عن السلف قولهم: لو كان للذنوب روائح لما جالسنا أحد. وهذا الأثر صاغه الشاعر النجفيّ الكبير أحمد الصافي, بقوله:
لو يلبس الناس ما تخفي سرائرهم
غطّت على الكل أدناس وأرجاس

ومما لا شك فيه أن المخيلة الشعبية تعرف أكثر من ذلك, بيد أن التكرار الذي يتم تحويره بالأمثال والحكم الدارجة (قديمًا وحديثًا) يشبه تمامًا إعادة الأبيات الشعرية ذات الفكرة الواحدة والمضمون الواحد, حيث لا فضل إلا الوزن والقافية!


.

التوقيع:
ما أشدَّ فِطام الكبير!
مالك بن دينار


:
:
الموقع الشخصيّ

.
فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 22-05-2010, 21:29   #9
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

رد : خارطة الطريق!


.


آخر العلاج

وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -أيده الله- بتكوين لجنة وزارية من وزير الخدمة المدنية و وزير التربية والتعليم و وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مطلب بن عبدالله النفيسة ووزير المالية ووزير الاقتصاد والتخطيط ومعالي رئيس ديوان المراقبة العامة لدراسة وضع المعلمين والمعلمات المعينين على مستويات أقل. مع هذا الخبر عاد الأمل غضّا طريًا بعد لأواء التعب والمماطلة وسنوات الضياع. عاد الأمل مشبوبًا فارهًا بعد أن وطأته السنون بأقدامٍ غلاظٍ شداد. عاد، ولو أن هناك تخطيطًا مدروسًا، ووسائل تطبيق حقيقية؛ لما كان لهذا الأمر أن يصل إلى قرارٍ ملكي يفصل فيه بين حقٍ جليٍّ واضح وضوح التضخم في شاشات الحياة، وبين بيروقراطية معمّمة التواقيع لا ندري أطويلة هي أم تطول؟!
حسنًا، وبعد انتهاء مشكلة المعلمين والمعلمات، هل مابقي من مشاكل الكهرباء والماء والعلاج والفقر والضمان الاجتماعي -على سبيل المثال لا الحصر- بحاجةٍ إلى قرارٍ ملكي؟! إن ما نتكلم عنه -ولا نزال- نعاود الصوت والكتابة مرات ومرات، في أكثر من نافذةٍ مقروءة ومسموعة، يجب أن يبادر إليه أصحاب المعالي الوزراء (الذين تولوا كبر هذا الأمر) من تلقاء الأمانة التي كلفوا بها، ومن تلقاء الإحساس بالمسؤولية تجاه هذا الوطن فائض الخير بنعمة الله وبفضله، وتجاه هذا المواطن فائض السؤال بحمد الله وفضله! لا أن يعتكفوا في أبراج مشيدة، وأماكن عالية لا يصل إليهم إلا الضوء بعد واسطةٍ وشق أنفس، ومن ثمّ يأتي القرار العجائبي على نموذج التكيّف واعتياد الأمر كالذي كان من مشلح الوزير المفوّه أيام الدهشة الأولى! ورحم الله من قال: أول ضمانات العدالة سرعة البت وتغليظ العقاب!


Sms:
تواترت رسائل القراء، تلبيةً وتأمينًا على المقال الفائت وليس أظهر من الحاجة إلى الدعاء في كل وقت وفي كلّ حين، وإذ أشكر كل من تواصل من القراء الأعزاء، عبر الايميل ورسائل الجوال، حتى في مواضيع مختلفة، أعد -بحول الله وقوته- في قابل الأيام ترك مساحة كافية لعرض خلاصة كلّ رسالة فيها بيانٌ ومناشدة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد!


.

التوقيع:
ما أشدَّ فِطام الكبير!
مالك بن دينار


:
:
الموقع الشخصيّ

.
فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 22-05-2010, 21:30   #10
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

رد : خارطة الطريق!


.


من صيد الخاطر

(1)
كلّما أعملت النظر في هبات الألقاب التي تمنح للشعراء, بُعيد كلّ مسابقةٍ شعريةٍ متناسخةٍ, وفي فترةٍ لا يمكن لها أن تسبر غور التجربة بالشكل الذي يضمن معنى الاستحقاق لمثل هذه الأوسمة والألقاب؛ حتى وإن كانت تجارية عابرة في أضابير موسم صيفي! تعنّ في بالي مسألة بسيطة قد تدخل في حيّز التفسير, فحينما ينظر الشاعر الناشئ بخبرته الصغيرة إلى المتبهرج في الإعلام شعرًا ولقاءات صحفية, لا يزيد إلا أن يصفه بالفطحل العظيم ومنقطع القرين في الشعر. وهنا يكون اللقب. وحينما ينظر الجاهل الذي يفتقد أولى درجات المعرفة, للمتعلم علمًا بسيطًا يراه أستاذ قبّة الأدب وراعي تلعات العلم. وهنا يكون اللقب. وحينما ينظر الفنان صاحب الحنجرة الصغيرة الخجولة إلى ضجة ملايين الحناجر نحو صوتٍ مزعجٍ بليد, ترتفع رئتاه إلى حلقه من هيبة المنظر, ظانًا ومعتقدًا أن هذا الصوت هو سيد الغناء الأوحد بلا شكٍّ وريب. وهنا يكون اللقب. بمعنى أن الألقاب قد تنشأ بوجود الجاهلين لا العالمين!


(2)
حينما تختلف آراء الناس حول أفضلية شاعرٍ على شاعر, فهذا أمرٌ مطروق منذ أبد الآبدين, لكن عندما تثور ثائرتهم على أن الشاعر الفلاني هو النابغة والمتنبي وصناجة العرب في الشعر ومنبتهُ في شاهقٍ متمنّعٍ, وكلّ من دونه ماهم إلا كاشحين ومبغضين ولايفقهون في الشعر شيئًا, فهذا من التعصب الممقوت والتصرف الأهوج الذي لا يخضع لسطان العقل والتدبر. وهو ماكان ـ بعد مسابقات الشعر الحميني الملحون ـ في الكثير من نوافذ الإنترنت ومسجات قنوات الشعر الفضائية, الأمر الذي أبقى جذوة النعرات والعصبيات تضطرم وتصرخ بين لهبٍ واشتعال: هل من مزيد؟


(3)
أجد المقارنة تكاد تكون متشابهة فيما يحدث من ضحكة مكبّرة, سواءً جاءت في حلّة الفصحى أو في أسمال الشعر الحميّنيّ الملحون. وذاك حين يفتل الشاعر ـ طيلة مسيرة حياته ـ في الذروة والغارب, يحاول ترك ماوسعه من بوحٍ وشجنٍ وغناء, ثمّ إذا سبق عليه الأجل قبل أن ينال مراده, جاء التكريم والاحتفاء وتأبين المسيرة الحافلة بالعطاء والإبداع, فتجد المنشورات في سبيل إبراز مسيرته, وتجد دعوات المقربين من أجل طباعة إنتاجه, وتجد كلّ ماهو مألوف ومشاهد من مفارقات الحياة الضاحكة الباكية. الأمر يشبه تمامًا مايحدث في مسارح الشعر المهيبة, فلا نكاد نسمع عن شاعرٍ صغيرٍ أو كبير, يحضر لهذا المكان, إلا وانهالت عليه ـ بعد البرنامج ـ الدعوات والأمسيات والمهرجانات, وكأنه قبل ذلك لم يكن شيئًا مذكورا!


(4)
الثورة الرهيبة في الاحتفاء بالشعر الحميني الملحون غير مستساغة أبدًا, بل هي أول إسفين دُقّ في ضياع الشعر الحقيقيّ ـ وهذه وجهة نظر شخصية ـ؛ لأن القليل الذي ينفع الناس خير من الزبد الذي يذهب جفاء.. ولعل المتأمّل الذي رقّ ذهنه وصفا خاطره يدرك أن حرص الاهتمام بالموروث ـ في مشاهد كثيرة ـ خالطه ماخالط بعض رغبات المضاربين في سوق الأسهم السعودية, وعند جهينة الخبر اليقين!


(5)
أتعجب كثيرًا من جانب الثقافة الهائلة (كما تحاول أن تبدو) التي تسكن قصائد بعض الشعراء وهم يعتلون منابر الشعر اليومية, وكمية الأساطير البائدة والمعلومات الواسعة التي تتحرك بتاريخٍ مرتب القافية والوزن, هذا بالإضافة إلى تضمين حاشية مطولة الشرح والتفصيل عند التدوين والكتابة. أقول: أتعجب, لأن هذه الثقافة التي تنبجس في القصيدة لا تكاد تسيل على شخصية الشاعر في حضوره المرئي والبعيد عن الشعر بشكل عامّ, بل النصّ فقط, ثمّ لا شيء, والشعر صناعة!


(6)
تابع للفقرة رقم (5) . الكتابة الوجدانية المؤثرة إلهامٌ ووحي, ينزل جرّاء موقفٍ شخصيّ أو منظرٍ يراق على جوانبه التعب. لذلك, لا يستطيع الكاتب أن يكتب ـ في أي فنٍّ كان ـ دون هذا الشعور النبيل! اللهمّ إلا إذا أراد الشعر التعليمي أو الاستعراضيّ!


(7)
الملاحظ ـ قبلاً ـ لبرنامج شاعر المليون في نسخته الأولى والثانية, يجد حنكة الإدارة المشرفة على تفعيل كلّ الوسائل التي تعود بالنفع لخزينة أصحاب الفكرة والمكان, وأقول: بالنفع, لأن تقييم الشعر بالقسط والميزان بعيدٌ كلّ البعد, جرّاء الغاية الميكافيليّة الواضحة.
وشواهد هذه الغاية أشبعت حديثًا وتعليقًا. الآن, وعلى مشجب الموروث والحرص على التراث الذي بات يتوزع بين قنوات أخرى أكثر إغراءً وملايينًا, أعلنت هيئة أبو ظبي للتراث والثقافة رفع قيمة جوائز المسابقة للشعراء الخمسة الأوائل إلى 15 مليون درهم إماراتي، حيث يحصل صاحب المركز الأول والفائز بلقب شاعر المليون على خمسة ملايين درهم إضافة لحصوله على بيرق الشعر، بينما يحصل صاحب المركز الثاني على أربعة ملايين درهم، والثالث على ثلاثة ملايين درهم. إضافة لمنح الفائز الرابع مليوني درهم، والخامس مليون درهم في الدورة الجديدة.. والصبح بيّنٌ لكل ذي عينين!


(8)
من صميم الخاطر..بتّ أخشى مع انفجار قنوات الشعر, التي باتت تتفاقم وتستشري استشراء دودة القطن, أن يصل حال الشاعر العاميّ لما وصل إليه صاحب الحكايات والنوادر بهلول, حينما كان يغني بدرهم, ويسكت بدرهمين!



.

التوقيع:
ما أشدَّ فِطام الكبير!
مالك بن دينار


:
:
الموقع الشخصيّ

.
فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 22-05-2010, 21:31   #11
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

رد : خارطة الطريق!



.

«لاشيء يضللنا أكثر من رغباتنا»

أثبتت شبكة الانترنت ـ بالفعل ـ أن "الشاعر" مخلوقٌ لا يمكن التنبؤ بسلوكه, فمن خلال اللقاء الكتابي المباشر, ترى عقل "البعض", عند الحديث أو النقاش, يكاد أن يظهر بصورةٍ عاريةٍ مؤلمةٍ, تزيد وتنقص بحسب التأثر والإعجاب إبّان المجلات الشعبيّة الشهرية, والتي كانت تهيئ للشاعر أن يخرج مزهوًا كالطاؤوس. أقول: أثبتت لأن التواصل اليوميّ مع القارئ, لا يمكن أن يسيطر عليه الخيار الشهير لجورج قرداحي في مسابقة من سيربح المليون, وأعني به خيار الاتصال بصديق. ولولا الحياء الذي يعصم؛ لاجترأت ووضعت قائمة أسماء, أعلم مسبقًا أن المكان يضيق عن تعدادهم جميعًا. وليس راءٍ كمن سمع! ومن جهة تتماشى مع تطوّر سنن الحياة والكون الطبيعيّة , بات الشاعر ـ بما لديه من ثقافة شعرية!!ـ يجاهد في الحصول على "البخت الضائع والصنائع السبع", فتجده تارة مسئولاً فنّيًا, وأحيانًا مقدمًا للبرامج الفضائية, ومحاورًا من الطراز العاميّ, وأحايين أخرى منظرًا للساحة الأدبية, ناهيك عن المشاركة في أغاني الفيدو كليب!, كل ذلك وذاك, تمّ بجواز مرور اسمه: شاعر له ديوان نبطي (حُمَيْنيّ) مطبوع! إن التضخم المرئي والمسموع, وانفتاح القنوات الفضائية بالشكل الرهيب للشعر الشعبيّ, يحتاج إلى العمل على تأهيل القادرين ـ فعليًا ـ على ممارسة الظهور الإعلاميّ بالشكل المطلوب, وذلك من ناحية فكرية وثقافية وأدبيّة, أضف إلى ذلك, حدّة الذكاء, وسرعة البديهة, وكاريزما الحضور, فالعرب قالت:" من تكلّم في غير فنّه أتى بالعجائب", ونحن ـ والله ـ في أعجبها على الإطلاق؛ بعد أن أوكلت الأمور إلى غير أهلها!
أتخيّل أن لو أراد أحد المتابعين للساحة الشعبيّة تقمّص شخصية شارلوك هولمز ـ مع فارق التشبيه طبعًا ـ في البحث والتحريّ عمّا يدور خلف المهرجانات المحليّة, والبرامج الشعبيّة, والأمسيات الشعرية التي ترتّب كلّ يوم تقريبًا!!!, فكم
يحتاج من "الضحك" ـ البريء ـ لكشف "النكتة" غير البريئة؟! للمعلوميّة والتذكير: أنا هُنا أتكلم عن "البعضية", التي ربما تجتاح ـ في حال الصمت ـ السواد الأعظم من الساحة؛ مالم يكن هناك وقفة جادّة من أصحاب الرأي السديد.


.

التوقيع:
ما أشدَّ فِطام الكبير!
مالك بن دينار


:
:
الموقع الشخصيّ

.
فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 22-05-2010, 21:32   #12
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

رد : خارطة الطريق!


.


النبطيّ أم الحُمَيْنيّ؟

فقد اللسان العربيّ لغته الفصيحة؛ بسبب كثرت الفتوحات الإسلاميّة, وتوافد موجات شتّى من الأجناس والألوان التي تحمل مزيجًا من اللغات في جزيرة العرب. وكان من ذلك التجارة والمصاهرة والاختلاط, حتى انقرض الجيل الذي رسخت ملكة الفصحى على ألسنتهم, فداخل اللسان ما داخله من عجمة, ظهر من واقعها الشعر البدويّ الملحون.
كان ذلك ـ في أول أمره ـ مع قبيلةٍ وفدت من أحد الأصقاع اليمنيّة التي تسمّى (حمن), وذلك في القرن الثالث الهجريّ, ثمّ استقرّت في الحجاز, وأنشدت هذا الشعر المنسوب لهم بالحميني كتصغير لكلمة حمن. وقد عقد خير الدين الزركلي في كتابه
(ما رأيت وما سمعت), فصلاً للشعر الحمينيّ, بقوله:" أهل البادية يقسمون الشعر إلى نوعين, الأول: الصحيح الأوزان واللغة ويسمونه (القريض), والثاني: الشعر البدويّ المتخلف في لغته وأوزانه عن الشعر الفصيح, ويسمونه (الحُمَيْني) بضم الحاء وفتح الميم. وهذا ما أكّده ـ أيضًا ـ محمّد سعيد كمال في مقدمة كتابه ( الأزهار النادية من أشعار البادية).
قال صاحب (تاج العروس) مرتضى الزبيديّ, نقلاً عن صاحب القاموس بعد أن أضاف:" والحمنان صقعان يمانيان, والحميني: ضرب من بحور الشعر المحدثة (المولدة)". ولعلّ من الأدلة التي تؤكد على ظهور اللحن بصورة كبيرة في القرن الثالث الهجري, ما قاله العلاّمة/ عبد الله بن محمّد بن خميس, في ورقته التي قدمت في بحوث المؤتمر الأوّل للأدباء السعوديين بعنوان ( الشعر النبطيّ امتداد للشعر الفصيح), من أنّ :" عرب الجزيرة ظلوا يتشبثون بسليقتهم وملكتهم, رغم مغالبة زحف العجمة إلى دارهم, حتى القرن الثالث الهجريّ" ومن هنا نستنتج أن المسمّى الأول للشعر البدويّ هو الحمينيّ. وهذا دليل على أنّ مسمّى النبطي أتى في عهدٍ قريبٍ جدًا, وأن رموزه الذين عاصروا فترته (النبطيّة) أمثال راشد الخلاوي أو ممن ينتسب لقبيلة بني هلال؛ لم يكونوا أصحاب السبق في الإبانة عنه إطلاقًا. والفرق بيّنٌ وواضح من استقراء القرون التي تحطم عامٌ منها على عام!
هذا وتجدر الإشارة إلى أن اختلاف البحر والوزن في الشعر الحميني (اليمني) عن الشعر النبطي ليس متوجه غرضنا, بل إن الحديث عن هذا الجانب يميل عن سنن الكلام وموضع البيان, ذلك أن الغاية المقصودة تكمن في إثبات أسبقية الشعر الحميني (البدويّ) في الظهور كشعرٍ ملحون وبلهجةٍ شعبيةٍ دارجة.
ولعل من المفارقة العجيبة لما يتضمنه معنى كلمة "النبطي" أنّه منسوبٌ لقومٍ قيل أنهم سكنوا وادٍ اسمه "نَبَطا" أو "نَبَط" يقع بناحية المدينة المنورة قرب حَوْراء التي بها مَعْدِنُ البِرام. وقيل نسبة إلى جيلٍ قدموا من بلاد فارس من العرب المستعربة, ونزلوا بالبطائح بين العراقين, يعرفون بالأنباط وهذا شعرهم, وقيل غير ذلك الكثير من التأويلات التي تتوسع دون أن تفيد. على الرغم من تأكيد العلاّمة ابن خميس ـ وناهيكم به ـ أنهم ليسوا بعرب, بل وأنهم ـ يقصد الأنباط ـ أشبه بالنَّوَر والصلب, من حيث ألوانهم الشعبية, وألحانهم التي يطربون بها الناس؛ طمعًا في استجلاب نوالهم.!

.

التوقيع:
ما أشدَّ فِطام الكبير!
مالك بن دينار


:
:
الموقع الشخصيّ

.
فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 22-05-2010, 21:33   #13
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

رد : خارطة الطريق!



.



تراسل الحواس!

الشعر كائن حيّ, له صفات النمو والتقدم والحياة, كما للإنسان تمامًا. فمنذ فجر التاريخ الأول, وحين عرف العرب خاصية الغناء والإنشاد بالبطولات والأيام المجيدة وفوارق الحياة المؤلمة, كانت المعاني تأخذ سبيلها من التقدم تدريجيًا, والصور تلبس واقعها المعاش تبعًا للزمن, شيئًا فشيئًا, حتى كانت الدراسات الموثقة والبحوث المحققة الراصدة للحركة الشعرية من زمنٍ إلى زمن. فو تأملنا بدايةً, حين بكى الشعراء القدماء على الأطلال, جاء أبو نواس بإعلان القطيعة والرفض, بقوله: ما لي بِدارٍ خَلَت مِن أَهلِها شُغُلُ. وهو إذ ذاك يحاكي واقعه الحقيقيّ. أيضًا حينما تحول قالب الشعر العمودي ـ بعد آماد سحيقةـ إلى قالب الشعر الحرّ (التفعيلة), تطورت الموسيقى الشعرية في القصيدة العربية, إلى ما تبع من قصيدة النثر (رغم الضجة العارمة آنذاك). ومع هذا التقدم الملحوظ في خارطة الشعر, كان موازيًا تمامًا التقدم القرائي النقدي الذي يرصد أبعاد هذه التحولات الفنية (لغةً ومضمونًا), والإحداثيات الخاصة التي تحدد وسائل التطور في هيكلة الشعر والشعراء. من هذا المنطلق الاستقرائي, ظهر نقديًا ـ ضمن منظومة التطور الطبيعي في واقع الأدب ـ مصطلحٌ معاصر يعرف أدبيًا: بتراسل الحواس, ومعناه كما جاء مقاربًا عند كثير من النقاد: وصف مدركات حاسّة من الحواس بصفات مدركات حاسّة أخرى؛ فنعطي للأشياء التي ندركها بحاسة السمع صفات الأشياء التي ندركها بحاسة البصر، ونصف الأشياء التي ندركها بحاسة الذوق بصفات الأشياء التي ندركها بحاسة الشَّمِّ، وهكذا تصبح الأصوات ألواناً، والطعومُ عطورا. وبصورةٍ أعمّ وأشمل نضفي على الأشياء صفات جديدة لم تكن بها. هذه الرؤية النقدية العميقة, التي وافقت متغيرات كثيرة, لم تحظَ بتقدير كثير من قرّاء القصيدة الكلاسيكية القديمة, ولأن اللغة الفصيحة والعامية, وسيلتان تتفقان في خاصية تفريغ المشاعر الجيّاشة, ظل السؤال والاستنكار, مع كلّ مرحلة تجديد وحداثة, يكبر ككرة ثلجٍ متدحرجة, كان منها ما بعثته نظرية تراسل الحواس. بعد هذه المقدمة لحكاية التطور التي طرأت على خارطة الشعر (شكلاً ومضمونًا)، وكيف أنها ـ مع كلّ تجديد ـ تواجه صدامات الرفض والقبول بدرجات متفاوتة تعتمد على ثقافة الآخر أولاً وأخيرًا. نأتي إلى نظرية تراسل الحواس، حيث يكون وصف الأشياء مختلفًا وجديدًا عن المألوف والمعتاد. على سبيل المثال: «شمّيت صوتك يوم ناديتي تعال!» بمعنى كيف للصوت أن يُشم؟ واقعيًا لا يمكن أن يحدث هذا بلا شكّ, لكن الشعر كثيرًا ما يتزين بلغة المجاز وما يتبعها من محسنات ومصطلحات نقدية متجددة. يقول نايف عوض في قصيدة عُرضت في بداية تصفيات شاعر المليون (النسخة الثالثة):
مسافر..في يدي شنطة دموع ودفتريـن اعـذار
خذي واحد..وواحد لو رجعـت اقطعـه وابتـل !
كأنا حزمتينٍ مـن حطـب والعـام الاول نـار
والى البارح وحنا من رمـاد الذكريات..انطـل !

هذان البيتان فيهما من براعة المعنى وحرارة المشاعر, ما يوجب التماهي في لغة القصيدة وتكنيكها البديع حقًا, عند هذا الشاعر الذي يكتب بمدادٍ يفتح نافذة شاسعة للتأمل في بكارات المفردة الشعرية الحقّة. وما ظني بالشاعر حمد السعيد حين تعجّب من الأبيات ـ وهو شاعرٌ تقليدي بحت ـ إلا أنّه لا يعرف تكنيك اللغة الحيّة البعيدة عن مطالع:
راكب اللي طلّعه عقب ما استوفى الرسوم
مستغيضٍ من كراج البشر والكاظمي
مرسيدس هو منوة اللي يبي يقضي لزوم
ما صنع في ديرةٍ تحت سلطه خاتمي



.

التوقيع:
ما أشدَّ فِطام الكبير!
مالك بن دينار


:
:
الموقع الشخصيّ

.
فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 22-05-2010, 21:33   #14
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

رد : خارطة الطريق!

.

ينفخون في كِيرٍ لا يهدأ

الشعر أكثر سيرورة ومتابعة من قبل الناس, والمحاورة فنٌّ قائمٌ بذاته, له مريدوه ومحبوه, مشكلته المزمنة, مسابقة سوء الظن بأي بدعٍ أو رد, لا أقول هذا الكلام بشكلٍ عام, ولا ألقيه على عواهنه جُزافًا, ولا أريد به التجنّي, إلا أن الانطباع الذي يأخذ المتابع ـ في الغالب ـ عند سماع المحاورات؛ يخرج عن التماس حُسن النية ونقاء السريرة, والسبب هنا لا يعود إلى تأثير القاعدة الشهيرة "المعنى في بطن الشاعر" وما تفعله من كيدٍ عظيم في استثارة دفائن الإحن, بقدر ما يرجع إلى الظاهرة التي تولى كبرها الكثير من شعراء هذا الموروث الأصيل, والمتشكّلة في المفردات "الصبيانية" المباشرة, التي خلعت ـ بعضها ـ ربقة الحياء, والكلمات المتظرفة على حساب إسقاط المروءات, والعبارات التي تستنكرها الأسماع, وتنفر منها الذائقة, والتجاوزات التي شبّت عن الطوق.!الآن.. المحاورة لا تحتاج إلى التربّص والإنصات, وفتح آفاق سوء الظن, لكل شاردة من المعاني أو واردة من الألفاظ, فقد أصبح هذا الفنُ ـ برُمته ـ مرتهنًا بصيحات الجمهور العالية, وتهكمات الشعراء المتجاوبة لكل صوت, حتى باتت كلّ ليلة شعر شبيهة بما قبلها, وكأننا أمام فلمٍ متلاحق البكرات. أظن أن لا حاجة إلى إقامة الشاهد البيّن على واقع ملموسٍ لكل ذي عينين, وهل يحتاج النهار إلى دليل؟! من أجل ذلك أردت فتح نافذة استطلاع الرأي؛ لما وصل إليه هذا الفن الجميل والمحبب لأكثر شرائح المجتمع, بمختلف طبقاتهم وتوجهاتهم. وذلك في محاولة رصد أبعاد هذه الظاهرة التي باتت تنتشر كالنار في الهشيم, وتستشري استشراء دودة القطن. كما أنّه لا مندوحة عن التذكير بأنّ ما كتب أعلاه من وجهة نظرٍ شخصية لا تأخذ في صفتها التعميم المطلق, ولا تستطيع في إشارتها الإلمام الكلّي, بواقع يتسع ويتطور بشكلٍ رهيب, لكن.. "آه من لكن إذا حضرت؛ فلست بحاجة من بعد للكلمات"!!! لا أدري.. هل غلبت هذه الظاهرة على ساحة المحاورة؟ أم بدأت للتوّ في الانتشار؟ أو أنّها لم تبلغ أن تشكل ظاهرة ـ من الأساس ـ تحتاج الرصد؟!


.

التوقيع:
ما أشدَّ فِطام الكبير!
مالك بن دينار


:
:
الموقع الشخصيّ

.
فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 22-05-2010, 21:34   #15
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

رد : خارطة الطريق!


.


طاش من زاوية أخرى

بمثابة توطئة:
... شو هالسخافة والسماجة؟
انطلقت مني هذه الجملة, وفي يدي كوبًا من الشاي الثقيل نوعًا ما. إلا أنه لم يكن أثقل من برنامج الكاميرا الخفية على قلبي. باتت فكرة البرنامج سخيفة بحق, حتى الضحكة التي تتبع المشهد الكوميدي لها ذات السخافة. حجم الضحك ـ في هكذا برامج ـ يقل تدريجيًا حتى يضمحل وينتهي.. ويكون بلا طعمٍ أولونٍ أو رائحة.

البرنامج:
طاش ماطاش: حكاية رمضان التي اعتدنا حولها النقاش والجدال والانقسام في الرأي الذي لا يفسد للود قضية. ولو أنصفنا التدبّر ـ وهذا رأيي ـ لعلمنا أن طاش عالج بعض القضايا الاجتماعية, ومارس دور الكوميديا الساخرة والتي تزيد من كسب المتابعين, في كلّ ظاهرة تطفو على سطح المجتمع السعودي, لكنه أشبع النقد في مسائل اجتماعية دون أخرى, وقام بتضخيمها حد الانفجار, تاركًا من الظواهر مايمكن أي يسبب الانفجار الحقيقيّ في أي وقت!
هذا الأمر ـ وهو المحك الحقيقي ـ أفقد البرنامج المصداقية المطلوبة مهنيًا وإعلاميًا, وأجج حوله الكثير من علامات التساؤل الكبيرة, في غاية البرنامج والأهداف الخفيّة التي تسوّغ لهم كلّ هذه الحرية في جانب دون آخر.
هناك من كتب عن رسالة البرنامج, والتطرف الديني وقضايا المرأة وأهل الحسبة والتعليم.. إلخ. وهناك من يدافع عن معالجة المسلسل لما يستجد في المجتمع, و عن المرحلة الانتقالية الجديدة التي ينبغي أن نعيشها بصورة معتدلة وعقلانية وبدون تشدّد..إلخ. وكلّ منهم يدلي بحججه وبراهينه, في وسائل الإعلام المقروءة والمرئية.. وتنبعث من جديد الحلقة المفرغة, والتي يستفيد منها البرنامج في نهاية الأمر, بلا شك.
أكاد أجزم أن نقطة الاختلاف أعلاه, هي محصلة الحديث كلّ سنة, مع فارق ازدياد الحدّة ومنسوب اللغط. ولن يتوقف الحديث أبدًا, لأن طبائع البشر مجبولة على المتناقضات, ومن دون وجود المتناقضات قد لا تستمر الحياة, أو كما قال شيخي محمود شاكر رحمه الله.
لذلك.. فإن كلّ ما كتب أعلاه, كان تمهيدا لما أريد قوله باختصار, وهو: أن طاش بالنسبة لدي, يشبه ماحررته في بداية مقالي عن الكاميرا الخفية, والتي تكررت فيها المشاهد حتى أصبحت الضحكة باهتةً ممجوجة!

.

التوقيع:
ما أشدَّ فِطام الكبير!
مالك بن دينار


:
:
الموقع الشخصيّ

.
فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
إضافة رد


عدد المتواجدون في هذا الموضوع » 1 , عدد الأعضاء » 0 , عدد الزوار » 1
 

قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML مسموح

الإنتقال السريع