من خير الكلام


آخر 10 مشاركات
هلا بالجميع (الكاتـب : دغيفل - - الوقت: 20:59 - التاريخ: 14-11-2023)           »          اصعب سؤال (الكاتـب : علي التركي - - الوقت: 14:50 - التاريخ: 26-06-2020)           »          وريثة الغيم (الكاتـب : علي التركي - - الوقت: 10:37 - التاريخ: 21-03-2020)           »          الظِل.......! (الكاتـب : كريم العفيدلي - - الوقت: 23:00 - التاريخ: 26-01-2020)           »          آفـآ وآلله يـآمـجـرآك (الكاتـب : ناعم العنزي - - الوقت: 10:12 - التاريخ: 23-01-2020)           »          ثـقـوب (الكاتـب : عائشة الثبيتي - - الوقت: 10:25 - التاريخ: 17-12-2019)           »          ~{عجباً لك تدللني}~ (الكاتـب : شيخه المرضي - - الوقت: 23:39 - التاريخ: 26-11-2019)           »          تاهت خطاويه (الكاتـب : حمود الصهيبي - - الوقت: 08:55 - التاريخ: 14-11-2019)           »          خزامك وشيحك (الكاتـب : حمود الصهيبي - - الوقت: 22:43 - التاريخ: 08-11-2019)           »          موسم الصمان (الكاتـب : حمود الصهيبي - - الوقت: 14:58 - التاريخ: 08-11-2019)


 
العودة   شعبيات > > أوزان وأشجان
تحديث هذه الصفحة اقتباس..
 
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 12-09-2006, 20:17   #16
عبدالرحمن السعد
أديـب و شــاعــر
 

رد : اقتباس..

صحبة القراءة والحرف ومواسم الضوء:
دمع السحابة
نجــود
خالد الحربي

شكراً لجمالكم
سأقف طويلاً بجوار إطلالاتكم
ومع سحر إضاءاتكم
..
ولن أتأخر أكثر مما فعلت
..
ودّ صادق لكم، وللجميع
..

التوقيع:
يَا امْرَأةْ
بَيْنَنَا قَدَحٌ صَامِتٌ
كَيْفَ أَعْبُرُ هَذَا الفَضَاءَ السَّحِيْقَ
لِكَي أَمْلأَهْ
محمّد الثبَيتِي
عبدالرحمن السعد غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 13-09-2006, 13:54   #17
الجازي
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ الجازي
 

رد : اقتباس..



أقتباسات جديرة بالقراءة والوقوف عندها كثيراً
لم تكن لحظة عابرة ولا -عابرون في كلام عابر كما أشار صالح العزاز رحمة الله عليه ..

نطالب بأكمال مثل هذه الأقتباسات أستاذ عبدالرحمن ..
فالشاعر والأديب وحده الأقدر على الألتقاطات الفريده ..

تحية وأحترام ..


التوقيع: صدر حديثا ل الجميلة المبدعة نوف محمد الثنيان الشاعرة والقاصة http://eqla3.net/book/hakaya.html
الجازي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 13-09-2006, 19:52   #18
عبدالرحمن السعد
أديـب و شــاعــر
 

رد : اقتباس..

إقتباس:
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة دمع السحابه
شئ حزين
يتنفس عبق َ الروعه مع الأكسجين

نغم له وقع الرقه والعذوبه
حرف ُ ُ له تميز المبدعين

عبدالرحمن
كن بخير بقدر ارتفاع النجوم وأكثر
دمع السحابه:
وكوني بخيرٍ وبهحةٍ بعدد النجوم، وأكثر

شكراً لمروركِ الماطر
..
تحياتي لكِ سيدتي
..

التوقيع:
يَا امْرَأةْ
بَيْنَنَا قَدَحٌ صَامِتٌ
كَيْفَ أَعْبُرُ هَذَا الفَضَاءَ السَّحِيْقَ
لِكَي أَمْلأَهْ
محمّد الثبَيتِي
عبدالرحمن السعد غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 13-09-2006, 19:59   #19
عبدالرحمن السعد
أديـب و شــاعــر
 

رد : اقتباس..

إقتباس:
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة نجـود


عبدالرحمن السعد
ذائقتك ..أثرها كبير بالمشاعر
متابعتي
نجـود:
متابعتكِ تسعدني كثيراً
وتستدعي تقديري كله
وأكثر
.
تحياتي لكِ سيدتي.
كوني بخير.

التوقيع:
يَا امْرَأةْ
بَيْنَنَا قَدَحٌ صَامِتٌ
كَيْفَ أَعْبُرُ هَذَا الفَضَاءَ السَّحِيْقَ
لِكَي أَمْلأَهْ
محمّد الثبَيتِي

اخر تعديل كان بواسطة » عبدالرحمن السعد في يوم » 13-09-2006 عند الساعة » 20:04.
عبدالرحمن السعد غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 18-09-2006, 03:48   #20
عبدالرحمن السعد
أديـب و شــاعــر
 

المرسى:

خالد الحربي: وتحية أجمل وأندى لكلك سيدي الشاعر.
حسناً، وأنا أيضاً لن أثرثر كثيراً هنا، فلن يكون مُجدياً أن أكتب عن مدى تأثير كلماتك، ولا أن أمتدحك – في المقابل- فسيبدو الأمرُ مُملاً في أفضل تقدير! لذا، سأمضي، معكَ، إلى ومضات "إحساسك الأخير":
- صدّقني، مرورك محفوظٌ ويحظى بما يليق به من تقدير، ولن يغدو رفاتاً، بل سيخلد بخلودِ الحرف. بوجود كاتب الموضوع وبدونه. فإضافتك مميزة وتساؤلاتك عميقة وذات دلالات، ليس آخرها الوعي الحاذق ورهافة الحسّ.
- لن أحاول أن أتفلسف كثيراً، أخي الشاعر، بل سأبذل كل جهدي لأكون أنا، بلا تنظيرات، أو بتنظيراتي، ولن أنقل أو "أقتبس" رأي أحدهم، تأسيساً على مبدأ "البساط أحمدي". ولكن، لأن أسئلتك بالغة الصعوبة في التناول والطرح وعرض وجهة النظر، كونها تتعلق بالمشاعر، فلن أضمن شيئاً، أي قد أتفلسف أكثر مما ينبغي ومما يتطلبه الموضوع، فعذراً مقدماً!
- في رأي أخيك (المتواضع جداً، بلا شك) فأن "تسير دون أن تتعثر بمطر الأعماق" يعني أن لا تسير، بل أن تُسيّر! أي أن تغادر ذاتك و"مشاعرك" وتسلم خطواتك لإيقاعِ قائدٍ آخر. وقد لا تكون أنت حينذاك! وفي المقابل "قد" يكون ذلك أمراً مدروساً وذا جدوى في حال كان عملياً، والهدفُ منه –أي النتاج- يقتضي ذلك، أي أن الأمر يتطلب عقلاً أكثر وعاطفةً أقلّ.
وهناك ما يمكن إيراده للإيضاح:
ففي الحياة عامة، وخاصة ما يتعلق بالعمل الإداري، هنالك ما اصطلح على طرحه كخيار بين خيارين/نقيضين: (الموضوعية مقابل العاطفية) أو: (Objectivity v/s Subjectivity) وقد يلاحظ العارف بالانجليزية وجود "تعارض" في المعنى، ليس هنا مجال تفصيله! فقد تكون أمام أمرٍ يقتضي العقلانية أو الواقعية، وهنا لا بدّ أن تكون عقلانياً وواقعياً لتتعامل مع هذا الأمر بنجاح وتصل إلى الهدف، أو مبتغاك. أنت هنا عقلاني/ واقعيّ/ تريد تحقيق هدفك بغضّ النظر عن أية مؤثرات غير عملية، لا علاقة لها بالعمل أو الأمر المستهدف، ومنها مشاعرك أنت ومن يهمك أمرهم، والذين قد لا يتناسب عملك أو هدفك مع مصالحهم، أنت هنا عملي، أو موضوعي (كما نقول في نقاشاتنا اليومية) وبفكر الغرب ولغتهم: (Objective). لكن، في ذات السياق، حين ترفض أو تعمل على تغيير إحدى الخطوات أو القرارات بناءً على مبررات لا علاقة لها بالعمل نفسه، أي جوانب ذاتيه أو اجتماعية أو... تحكمها تأثيرات ومعطيات "خارجية" لا تخدم الهدف. فأنت هنا بتعريفنا المصطلح عليه (عاطفي) أو (Subjective) بفكرهم ولغتهم. وأضيف هنا أنه لا يوجد تعارض كبير في المبدأ، كـ أسلوب تعامل وشأن إداري أو تجاري بيننا وبينهم، هناك فقط ما يحتاج إلى إدراك من ناحية اللغة أو الترجمة أو ربما ما أصطلح عليه، عندنا، أو ربما عندهم. الخلاصة أن مطر الأعماق أمر طبيعي، ولا يستغنى عنه إلا حين يتعارض مع غيره، أو يكون في غير أوانه، فالمدرّس لا يتعامل مع تلامذته بعاطفية في الفصل طول الوقت. ومدير الشركة لا يكون موضوعياً مع موظفيه وحتى مع عملاءه طول الوقت. الإنسانية أو العاطفية لا بد أن تكون هناك، لكن العقل -أيضاً- لا بدّ أن يتواجد.
أما في الحب، والشعر، والكتابة، أخي الشاعر، فلا خلاص من مطر الأعماق، ومن عثرته، أو عثراته، وقد تغدو العثرة الأجمل، أو العثرة المبتغاة، فأنت حينها تعودُ إليك، إلى نبضك. إلى أعماقك ومطرها الجالب للخصب، للأخضر والزهر.
- "مع العلم أن غربتنا تولد بعد نهاية حلمنا.." قد يكون هذا الـ "علم" أخي خالد، ذاتياً محضاً. الغربة –في رأي أخيك- لا تولد بالضرورة "بعد نهاية حلمنا". فللغربة ولاداتها، ومنها "نهاية الحلم". غير أن حلماً ينتهي، يورث الانكسار، وأكثر، لا مجرّد غربة، إلا إن كنت تعني غربة الروح/ العقل/ الوجود! لا أعرفُ، أخي خالد، لكننا فقدنا الكثير من أحلامنا! تمزّق الكثير منها، العديد منها، الجميل منها، وربما انتهى معظمها! لكن الغريب أننا نجد سبباً أو اثنين لنحلم ثانيةً بحلمٍ أو أكثر! ربما لأننا أحياء، فقط! هذا إن كان هناك حياة بعد نهاية الحلم!
- كيف "نعرف الفرق بين: البياض و الفراغ"! بكلمة: (بك) أقصد: بحكمك الأول، أو بكلماتك أنت، أخي خالد، بـ "مطر الأعماق"! لا يوجد قاعدة هنا، حتى ان شئتُ أن أقتبس لك أقوال العارفين فسنقف معاً مشدوهين قبالة التناقض في الرأي والتوجه، فالتجربة الإنسانية غاية في الغنى والتشتت والتفرّد والاختلاف. أذكرُ هنا قول نبينا الكريم (الإثمُ ما حاكَ في نفسك وخشيتَ أن يطّلع عليه الناس). ومن تجربتي: افترض البياض في الجميع، وحين ترى غير ذلك توقف وابدأ بالتفكير، وقيّم حكمك أكثر من مرة، قد تكون مخطئاً -اجعل ذلك احتمالاً قويّاً وغالباًً- حتى يثبت العكس. صدّقني، خالد، تعلمتُ ذلك متأخراً، وبطريقة قاسية (the hard way)!
أرجو أن تتقبل تنظيراتي وربما فراري أو فشلي في الإجابة على تساؤلاتك النابهة. وأؤكد لك أنني قد أغدو آخر من يستطيع الخوض في شأنٍ "قاتلٍ" كالذي سقتني إليه. وهو ما يتصل بالـ "مشاعر"! فربما أعانني الحرف مرةً أو أكثر على نثر كلامٍ مختلفٍ تزيّا بعضه بالشعر، لكنني، بصدق، لستُ كما تظن! أنا، يا خالد، فقدتُ، وأفقدُ، قلوباً حافلةً بالحب والعطاء، لأسبابٍ شتى، قد تكونُ أمراضاً! لا أعرفُ، صديقي، لكنّي أعرفُ أنّي أخنق غيمة الدواخل كثيراً! وأعرف أنها ليستَ ذات مطرٍ كلّ مرة، وأنها مطرها ليسَ (..سَحّاً غدقاً) كل غيث! وأني قلتُ "أعيذُكِ من سأمي، أعيذُكِ من سطوةِ الحُزنِ فيّ" كيلا تدنو نقيّةٌ إلى كدرِ وقتي. وأنّي أرتدي بزّةَ القهقهاتِ كي لا أمضي عميقاً في تعبي، وتعبِ أخرين، وما يورثهُ التعبُ من تعب! وأنّي لا أجيدُ الكذب كثيراً حين ينبغي لي ذاك؛ أنّي أنزف إذ يسوقني الوقتُ إلى هذا، ألف عامٍ ولا أقضي!
..
نبضٌ صادقٌ لكَ سيدي المرسى

التوقيع:
يَا امْرَأةْ
بَيْنَنَا قَدَحٌ صَامِتٌ
كَيْفَ أَعْبُرُ هَذَا الفَضَاءَ السَّحِيْقَ
لِكَي أَمْلأَهْ
محمّد الثبَيتِي

اخر تعديل كان بواسطة » عبدالرحمن السعد في يوم » 18-09-2006 عند الساعة » 03:53.
عبدالرحمن السعد غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 18-09-2006, 12:17   #21
خالد الحربي
موقوف
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ خالد الحربي
 

رد : اقتباس..

/
\

( 1 )
فأن "تسير دون أن تتعثر بمطر الأعماق" يعني أن لا تسير، بل أن تُسيّر! أي أن تغادر ذاتك و"مشاعرك" وتسلم خطواتك لإيقاعِ قائدٍ آخر



( 2 )
فقد تكون أمام أمرٍ يقتضي العقلانية أو الواقعية، وهنا لا بدّ أن تكون عقلانياً وواقعياً لتتعامل مع هذا الأمر بنجاح وتصل إلى الهدف،



( 3 )
لكننا فقدنا الكثير من أحلامنا! تمزّق الكثير منها، العديد منها، الجميل منها، وربما انتهى معظمها! لكن الغريب أننا نجد سبباً أو اثنين لنحلم ثانيةً بحلمٍ أو أكثر! ربما لأننا أحياء، فقط! هذا إن كان هناك حياة بعد نهاية الحلم!


الأستاذ/الملاذ .. السعد

هنـا قطرات على بتلات روح كل من يمـر بهذا المتصفح المفعم بك ..

سطور لم تدع مجالآ للشك بجمال روحك وقلمك وسـردك المتقـن بحرفية مخمليـّـة ..

ربمـا كانت أول ردة فعل لي بعد هذا الإنهمار هو اللجـوء لخيـار الـ ( copy ) ..

لكي أضع نصب عيني تجربة جائتني محملة بالـود .. والكرم الوجداني العميق من قامة كـ قامتك عبدالرحمن ..

:

عندمـا وجهت لك هذه التساؤلات أستاذي .. كنت أطمع في سبـر أغوار المـدى الوجودي بين تجربة الرحيل والفقدان الروحي للعالم المحسوس والواقع قصـد إستشراف ما قـد تتيحـة هذه التجربـة من أبعـاد جمالية ( أفتقدها ) لكي تكون هي المحفـز الجوهري لكي أحيـا هذه الحيـاة ..

ومن هنـا أختـم هذه المداخلات بسؤال ربما تململ كثيراً بداخلي حين رأيت إشراقاتك المضيئه ..


هـل تكتب الدنيـا ولادتنـا من الماضي ؟
أم أن الماضي كٌـتب لنـا منذ ولادتنـا ؟



شكراً عبدالرحمن على فيضك .. ولؤلؤة النـور بداخلك ..

قبلـة على جبين إحساسك لا عدمتك ..

خالد الحربي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 22-09-2006, 06:49   #22
عبدالرحمن السعد
أديـب و شــاعــر
 

أقلّ!

Since we had nothing to do our Arrival and usually are not consulted about our Departure, what makes so many of us think we're entitled to so much while we're here
MALCOLM FORBES


بما أنّه لم يكن لنا أية علاقة بأمر "وصولنا" وعادة لا نستشار حول أمرِ "رحيلنا" فمالذي يجعل الكثيرين منا يفكّرون بأننا مؤهلون لكثير من الأشياء أثناء وجودنا "ههنا"؟

(ترجمةٌ راكضة!)

التوقيع:
يَا امْرَأةْ
بَيْنَنَا قَدَحٌ صَامِتٌ
كَيْفَ أَعْبُرُ هَذَا الفَضَاءَ السَّحِيْقَ
لِكَي أَمْلأَهْ
محمّد الثبَيتِي
عبدالرحمن السعد غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 22-09-2006, 07:04   #23
عبدالرحمن السعد
أديـب و شــاعــر
 

Mysterious

The most beautiful thing we can experience is the mysterious
It is the source of all art and science
He to whom this emotion is a stranger, who can no longer pause to wonder and stand rapt in awe, is as good as dead; his eyes are closed
ALBERT EINSTEIN

التوقيع:
يَا امْرَأةْ
بَيْنَنَا قَدَحٌ صَامِتٌ
كَيْفَ أَعْبُرُ هَذَا الفَضَاءَ السَّحِيْقَ
لِكَي أَمْلأَهْ
محمّد الثبَيتِي
عبدالرحمن السعد غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 22-09-2006, 07:19   #24
عبدالرحمن السعد
أديـب و شــاعــر
 

نفهم!

Any fool can know. The point is to understand
ALBERT EINSTEIN

يمكن لأي غبيٍّ أن يعرف. المهمّ أن نفهم!

التوقيع:
يَا امْرَأةْ
بَيْنَنَا قَدَحٌ صَامِتٌ
كَيْفَ أَعْبُرُ هَذَا الفَضَاءَ السَّحِيْقَ
لِكَي أَمْلأَهْ
محمّد الثبَيتِي
عبدالرحمن السعد غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 22-09-2006, 09:42   #25
عبدالرحمن السعد
أديـب و شــاعــر
 

الأصلة

الكل يعرفونني باسم (فاطمة المكّيّة) والحقيقة -التي أحسنت إخفاءها سنوات وجودي الإحدى عشرة- هي أنني لم أولد في مكة، وإنما سنة 500 هجرية الموافق 1061 ميلادية، في وادي آش، قرب غرناطة. والمتبحر في التواريخ كان سيدرك أن هذا التاريخ يطابق تاريخ ولادة أبي بكر محمد بن عبدالملك بن محمد بن محمد بن طفيل القيسي، المعروف اختصارا بابن طفيل. وهذا التوافق في الولادة ليس بصدفة، ذلك لأننا -أنا وهو- قرينان ولدنا من برزخ واحد، وكنت ألازمه عندما أشتغل بمداواة الناس، ثم كحاجب في غرناطة أي كوزير، ثم بعثني في أمه الغزالة أثناء تجسيدنا لحى بن يقظان، وسماني البخار الذي إليه يكون انبعاث الأحياء، والذي بارتحاله يصير الجسد خسيسا ولا يزيد عن العصي التي أتخذها لقتال الوحوش. ونظرا لتجاربي وترقّيَّ في علوم الطبيعة ووصولي لوحدة ذات واجب الوجود فلقد أعنت ابن طفيل حتى ضمه بلاط الموحدين وأصبح طبيبا لأبي يعقوب يوسف المنصور خليفة الموحدين (1163- 1184 ميلادية) وغدت له حظوة عظيمة عنده.
وعندما توفي ابن طفيل 1185 حملته وتشردت روحي على غير هدى، ووجدتني أنساق للطرق المتجهة شرقا، صوب مكة، وحين دخلتها كانت امرأة تلد في ديوان بسوق الصغير المفضي للحرم المكي. وكانت القابلة مع عمات الوليدة يجلسن على طست نحاس، وتحت الطست أستار مخاط وتحت الأستار عزرائيل يناغي الوليدة: (كان يجب أن تجيء ذكرا).
وانسقت للطست، وتزينت بالمخاط ورضعت إصبع عزرائيل وتقويت على ثقل النسوة فوق صدري. تسع مرات نصبن الطست وقشعنه، وأنا ألاحقهن ببكائي، بصقت كل مياه الرحم الراكدة بصدري، وانتظرت يأسهن. حتى لففنني في الأقمطة وتركنني لثدي غارق في دمع المرأة التي ستتعهدني. وبين دمع ولبن أقمت في سوق الصغير تحت مآذن الحرم، وعرفوني عندما بدأت أعلم جسدي المشي باسم (فاطمة).
وحين تسألونني عن خط حياتي القديم، أصارحكم بأنني قد تنقلت بين الأحياء والرموز متجنبا الألفاظ وأجسادها، وذلك ليقيني بأن (التحكّم بالألفاظ على أمر ليس من شأنه أن يُلفظ به، خطر). فلقد عشت مع ابن طفيل مربيا ما يتفاعل في أعماقه من سكنات وآراء ومجردات، وانتقلت لشخصية روايته حي بن يقظان، وتركت له توليدي من الأرض: (من طينة تخمرت في بطن من أرض جزيرة منسية) حتى امتزج في الطين الحار بالبارد والرطب باليابس، امتزاج تكافؤ وتعادل في القوى. وحدث في الوسط منها لزوجة ونفاخة صغيرة جدا. ممتلئة بجسم لطيف هوائي في غاية من الاعتدال اللائق به، فتعلق به عند ذلك نَفَسي الدائم الفيضان من الله عز وجل. وخضعت لي جميع القوى وسجدت وسُخِّرت في كمالي. فلما كملت حلقة الطينة وتمت أعضاؤها انشقت عني تلك الأغطية بما يشبه المخاض. ثم استغثت وأنا وليد صغير عندما فنيت مادة غذائي واشتد جوعي فلبتني ظبية فقدت طلاها، ورعتني حتى تدرجت في مراقي جسد حي بن يقظان. ثم نقلني موت أمي الغزالة للتدرج في التأمل والمعرفة بما حولي من عالم المادة حتى نفذت لحقيقة أن لا ذات تغاير ذات واجب الوجود. واتصلت بالأجسام السماوية النورانية، في نورها وتنزهها عن الكدر وضروب الرجس، والتحرك بالاستدارة على مركز ذاتي أو ذات الجزيرة حتى لم أدع بين الذوات حدا. وقللت من علاقتي بالمحسوسات حتى تعذر على أقرب المقربين لابن طفيل رؤيتي، وظللت على حالتي من التقصي حتى اطلعت على ما لا عين رأت ولا خطر على قلب بشر، وأذنت للخفايا والأسرار التي تحيط الكون وتتفاعل في أعماق الوجود والموجودات، وملكت قدرة التناهي والتنقل في الأزمان والأجسام، ونقلت لقريني حقيقة أن للنجوم نفوسا منا، وأن جسده هو المركز وما فيه من ضروب الأفلاك المتصل بعضها ببعض هو بمنزلة أطرافه القصية. والآن في جسد (فاطمة المكّيّة) كنت أستجم من معارفي، وأمعن في حلاوة الطفولة حتى بلغت نسياني الحادي عشر من حساب المكيين.
بدأت مشاكلي في المجتمع المكي عندما فاجأ المخاض جارتنا (عائشة السبكية) وكانت قد ترملت حديثا وهي مبذورة في شهر حملها السابع.
تلك الليلة نزل القمر حتى ملأ حنفية الماء في الخارجة أمام ديوان دارنا. وحتى تلك الليلة كنت أخفي جيدا صلاتي القديمة بالأندلس وابن طفيل وأعالج نسيانها. وكنت أنام في دكة الروشن، وتسندني أمي بمسند أحمر، حتى لا أقع من على الدكة وأكسر عنقي. ذاك المسند كان يعرف الكثير من حكايتي، الدمقس الأحمر هو ذاته المتصنِّت من أيام الخلافة العربية، هو ذاته الخارج من أحلامي. نعود لنومتي تلك الليلة. كنت في الحلم أعود دائما لقرطبة وبلاط الموحدين. وكانت خيالاتهم تستقبلني وتعيد تمثيل أدوارهم الغابرة، فتفسح لي مكانا بين قنوات الماء والنرجس. عند تلك القنوات كانت تنضج أقمار الأندلس، وأصحاب الحاجات يغنون ويزرعون قصائدهم، وتنصب موائد للقاصي والداني، ونحن (الحكايات وأنا وقريني) نتصدرها مع الخليفة أبي يعقوب ثم خليفته ابنه أبي يوسف.
موشَّحات الجواري ترشح على صدور رجال الديوان وتتسلق زهر لحاهم الفوّاح، وأبويوسف يستقبل وفدا من البربر: عيونهم بحيرات من الذهب الوحشي تنسكب على الجدران المنقوشة بالآيات القرآنية. الموشحات تحبل ببدائيتهم وأنا مسلوب لتلك الفطرة الفائقة. ثم فجأة. صراخ امرأة برية. قطع حناجر الجواري وذهب البربر الوحشي. بقبق الصراخ كثيفا لدرجة أغلقت قصبتي واختنقت طافيا من الحلم عنوة، ولم أجد وقتا لخلع هيئتي الأندلسية. وعرفت أنه صراخ جارتنا عائشة السبكية.
خرجت من النوم لأجد أمي وأبي (اللذين يعرفان بأمي وأبي) يتخبطان بحثا عن باب بيتنا. هبطنا السلالم الحجرية الشامخة للدهليز المنور بدانتيلا الخشب المورق للباب بضبته النحاسية للزقاق الضيق، لباب جارتنا: كانت ساقطة تحت الباب، وسيول الصراخ تدوم حولها وتدفعنا. فلك صدريتها يطرز ثدييها بأزرار نجمية، ويشد معلقا على الكوزين، بينما (دكة) سراويلها تدور على حوضها بأقلامها، قلم حرير يتبعه قلم قطن، أطراف سراويلها أخطبوط يحتضر في سائل ليلي وبروائح مدوخة. اقتربت رغم محاولات أمي لدفعي بعيدا. وحولي أمي الغزالة وحيوانات الغابة التي شققتها بحثا عن النار المحركة. ومن طول اقتراني بالحيوان مع حي بن يقظان كنت أعرف تماما ما يحدث في زير عائشة. لقد انشق رحمها لافظا ماءه، وبقي الجنين يتصحر في الداخل. وكانت مجاري عائشة ضيقة من عظامها التي من خشب الأبنوس، والمتعرشة على حوضها. وما كان للجنين من أمل في النفاذ.
كنت أفحصها وأمي وأبي يقذفانني بعيدا، ثم انشقت الأرض عن أناس كثر ومعهم القابلة وثرثرات الفزع. أعلنت القابلة أن الأم اختنقت ببذرتها، وتركوها مسجاة بديوان استقبال الرجال، لأنه الأقرب من الطريق وأقصر الطرق لسلوك جنازتها للزقاق فالمقبرة. وانحسروا يرثونها بينما تحجرت صرخاتها في شبكة حولها وشلتها حتى عن الاستغاثة والنفس.
أنا لم أستطع مشاركتهم. كيف وأنا من أنا في علم التشريح، وبوسعي الشق عن البذرة!! وحين بدأت المرأة تخضر وخذروف عزرائيل يلف مساند الديوان حولها أمسكت بمدية مطهرة وشققت بطنها وقبل أن تمس نافذتي بطانة الرحم المجعدة هبطت حولي شبكة مولولة، مغزولة بالتشنجات. أمسكتني شبكتهم. وقيدوني. ثم تسمدت بمجاورين كثر، ومنهم المعروفان بأبي وأمي، حيث نسيت في ذاك المخلوان. حتى تأكدت أنه لم يعد أحد ممن يعرفونني حيا أو ذاكرا. وكانت توسعة الحرم المكي قد ابتلعت سوق الصغير، فسرحت بين حمامات مكة من قوس قزح. وكنا نقضي الصلاة في الهديل على ميزاب الكعبة المطل على حجر إسماعيل عليه السلام، حيث كل الدعوات مستجابة تحته لوجود مسرى من هناك للسماء السابعة. ولقد نبذت وجودي البشري وصورتي العامة والبعيدة عن الذات الفائقة. تمثلت قرونا من الصلوات مع سربي الرمادي حتى إذا عمت السكينة بهديلنا انطوينا لنتعرق على الأقواس بين الآيات القرآنية وأذرعها، وهي ما إن يهبط ليل مكة حتى تتجسد فينا وتنقلها لرياضها الخفية على حوافّ ذاك المسرى المخبّأ.
جاء انتقالي لنزلة القرارة بمحض الصدفة، حسب علمي، فلقد دخلت سربنا حمامة بيضاء، وكنت المكلف بنقلها لرياضنا عبر طوافات وأذكار مضنية، وهي تتعثر في بياضها. وكنت أطوف بها مستقبلا الركن اليماني عندما مرت (عابدة) وكانت في أواخر شهرها التاسع تسوقها أمها في الطواف لتُسَهِّل تسعاتُ البيت ولادتها. وفي الشوط السابع بدأت الكتابة من عمود عابدة الفقري تهبط، تتعرج لافتة خاصرتها، مندفعة لبرزخ الساقين. وللمحة ضربتني لفحة شوق لرائحة البشر ولأنماط معيشتهم، زلزلة عابدة حنَّنتني للعبور بمخاض امرأة فتقدمت. وجاءت الولادة عسيرة كخروج كائن من جلده وترقش جلدي بكل تقلصاتها وزلاقتها، ووجدتني تحت خيمة زوج وزوجة حديثي عهد بالحياة (عابدة وصالح) ووسموني بالزهراء.
أقمت في محيطهما أعواما خمسة وفي تلك المدة كانت مكة قد بدلت جلدها للمرة الثالثة، خلعت رواشنها ودمقسها الأحمر وهيئة عبدالله بن الزبير المعلقة خيالاتها على الكعبة وملأتها شرفات الزجاج والألمنيوم. أنا كنت أغتم لمساحات الزجاج تلك التي تذكرني ببركة عزرائيل تحت الطست ثم حول عائشة السبكية وقبلها في أمي الغزالة. لكنني بالنهاية توصلت لمهادنة برك الموت المتكررة تلك، مستعينة بالحالات التي عالجتها مع ابن طفيل وفلسفته.
وبصفتي الزهراء انشغلت بطفولتي في ذلك الوسط الراكد بالماورائيات، مستعيدة الأعماق التي بلغناها أنا وابن طفيل في قرطبة وجزيرة حي بن يقظان، ووجدت فرصتي للتوحد.
كنت أشعر بأنفاس خفية ترافقني في عزلتي، حتى جاء يوم انكشفت لي سارية بين قدمي. إنها نار ريانة كما لو أنها رضيعة بعد. ولقد أنست لتظرفها واحتملتها بين كفي، كفي اللتين كانتا مدربتين على الارتقاء لموافقة أمزجة شتى الكائنات.
وقضيت أياما أحاول إطعامها مما أهربه لها من زادي، وهي تمتنع، حتى جاءتني في المنام شجرة، قالت: أنا طوبى من شجر الجنة، والأصلة التي تربينها هي من بناتي الرضع، حضنتها لآلاف الأعوام ولم تتم حضانتها، ولقد غادرتني مستجيبة لوحدتك ولم أصدها، فلا تحرمني رضاعتها. وعندما أفقت إذ بوسادتي مبطنة بأوراق خضر على هيئة ورق الزيتون. فلما أقبلت به على الأصلة سال إليها سيل ورواها.
وكنت أطعمها من ورق طوبى حينا وحينا أجوعها بالصوم لتكبر على الصبر. نسيت أن أذكر أنها كانت تحمل وجه إنسي، وتزهو لرفقتي وتتلون حدقتها الباردة والحاملة للموت فيها. حتى خطر لي سبكها في أصنام تؤنسنا، الأصلة مدت لي -كمن تقرأ دخيلتي- طرفا من أطرافها لأبدأ. حين تحركت يدي لنحتها تمردت واستلمت الزمام: أفلتت لي في القبو أمي الغزالة خرجت تلك مضطربة وارتطمت بجدران القبو في محاولة لتحرير قوائمها. أكلت من وجهه نتفا ومن وجهي، حتى خشيت أن تعظم جثتها فتفوح لعابدة وصالح. فاستعدت قدرتي على وصلها، فكنت أحكي نغمتها كما أحكي أصوات الطير وسائر الحيوان، فعرفتني من نغمتي فحنَّت عليَّ لترضعني لبنها حارا، وشرخ جوفي بلذة خرافية.
كل يوم أفرغ لتوليد الأصلة مخلوقات صغيرة وشفافة، تتداخل بعضها في بعض بمرح وتتلاقح.
ودبت في بيتنا بنزلة القرارة حركة غير عادية، فقد انفلت فيه نهر الحيوان، يصعد من القبو ويغافل الناس ويعود فيجري في ظلمته: فترى الحمام الناري على الأسطح والأفاريز يقرأ الطالع لحمام البيت والحجاج بلغاتها الشتى. وترى الخنافس الحكيمة تحت الأغطية توزع هياكلها السود المحشوة بالأسرار. وأينما تحركت عثرت قدمك بسر. حتى أحاطتني إثارة ذات شرر، واجتمع عليَّ صالح وعابدة لمداواتي من الحُمَّى.
حدثني جُعْلٌ وجدته واقفا على أنفي ذات غفوة قال: لا يولد النار إلا شهيد. واحذر النار ولو طالت عشرتها. وأضاف: إن بنات الليل وقعن في عشق أصلتك، فيختلسن غفوتك لتوليدها طيور سراج، يطيرنها في صدورهن وشعورهن، حتى ينعسن في اللذة. وبادرت الفئران النارية بقرض تلك الرؤيا، لطمأنتي لخلوص الأصلة لطاعتي. أنا كنت مفتونا بصليل القنافذ، قنافذ نارية بأشواك برؤوس مدببة صلبة، تسمع صليلها حين تتبارز أو تشحذها على حجارة القبو. وكان قرد أشهب يصعد الأفاريز تحت أبصار المكيين المضببة ويمسك برأس الأصلة في حجره، ويأخذ في شحذ عينيها القتالتين بالرازيانج الأخضر، فتتفتح في حدقتها ألف عين جوفية، فإذا أرسلت بنظرة منها لبيت من بيوت مكة مات صاحبه لفوره، فكانت الجنائز تخرج من إفريزنا كلما حلا للقرد أن يفلي الأصلة. وحينا كان بصره يكبو فيتسلى بفت خبزه للحمام، وكانت أسراب الناري تجتمع حوله كذيل طاووس، وحين تنضم حمامة من حمام البيت الرمادي وتلقط ذاك الفتات كانت تصعق لفورها لهول حيويته. فترى أسراب الحمام تجيء لتموت بالصعقة، وبشكل فاتن.
نهر الحيوان في كل ثنية، وخلف كل ستار، فإذا ما دبت قدم إنسي على السلالم للقبو هرعت كائناته للاختباء في كفّي، في لمحة بصر تجمع الأصلة جسدها بنهره الهدار وتتكور في كفّي، فلا يستشعر المارة غير حرارة في الموضع لا يعرف مصدرها. عابدة كانت هلعة لحكاية إدماني للحمى! وكانت الأصلة تتسلى بخلع جلودها، الآن قاتم الآن ضحاك والآن جنائزي، ثم طبقة من كبرياء البنفسج، جمعت تلك الجلود ونسجتها أسورة لمعصمي. وحين رأتها عابدة تدافعت مع صالح لتطبيبها بالمراهم واللبخات، حتى كبت لمعة الأسورة، وتحولت لختم فاحم يدور على معصمي. ولمعاينتي لعظم انزعاجهما حمدت حظي على عدم معرفتهما بما يجري في القبو من نهر الحيوان المحمول في جلد أصلتي.
تعكرت كل تلك الحركة العلوية في الدار فجأة، عندما فاجأتني (عابدة) في القبو أخاطب القرد بأصواته وشراسة شياطينه. ومما زاد في فزعها الزي الذي كنت أرتديه، وكانت تلك كسوة حي بن يقظان التي استعارها من جسد نسر نافق: وكان الجلد نصفه على ظهري ونصفه على سرتي وما تحتها، بينما الجناحان على عضدي، والذنب معلق على مؤخرتي. ولا أدري ما الذي أفزعها في مظهري المحصن بالدفء والهيبة بشهادة جميع الحيوانات! بعدها سورني صالح وعابدة بيرقات قلقهما، وكانت تفقس حولي بلا هوادة: يرطبني بالماء، حتى خاط لي ثوبا من رطوبة الزهر الصباحية، كل ذلك حتى لا تعود أصلية تنبثق من كفي. وأبعد كل ما له طبيعة القدح، حتى عيني كان يضببها كل شروق ببخور لا ينقطع ضبابه حتى الغروب.
اكتملت دهشة تجسدي بحملي! وكنت أعلم أنه حمل يليق بسيرتي اللانهائية لا سيما وأن صالح عاد لترطيبي بالثياب المائية. وكاد أهل المرحوم يغفرون كل آثامي ويقبلون غرائبي لبشارة بصبي يبعث فقيدهم.
يوم ولادتي انقصمت ظهور، ومنها ظهر صالح آخر آبائي، وهو الذي ظل يحملنا طويلا: أطل مولودي على صورة أصلتي النارية. برتقالية زرقاء تعشي الأعين وحين يغلبها خبثها تتلبس في الأسود. ومذ شققت عنها رحمي طارت وارتطمت بالوجوه فوسمتها جميعا، ثم اتجهت في حركة علوية وتوارت عن الأعين. وأعلن الطبيب، ووسمه يفوح، أن الحمل كان كاذبا وإنذار الولادة كذلك! وأن آثار الكي بين ساقي كانت عدوى مؤسية ويمكن مع الوقت تداركها. أما أنا فنفذت من تلك المفاتيح السود، مفاتيح الكي، نفذت من ألم عظيم وواصل حتى قلب اللذة، نفقت من ذاك الدهر لوجودي.
هأنذا أربّي على شجرة مرحة، تقف في جزيرة موغلة في القدم من أصفى صلصال حي بن يقظان، دائما هي متنقلة وفي كل مكان طرية بين شماريخ الشجرة تلاعب الأصلات الجبارة. حتى إذا جئتها ودخلنا إحدانا في الأخرى، سرت جدتها في قدمي وحفزتني على الدخول في دورات جديدة. بين الواحد وواحده يمتد اللانهائي، بيني وبين أصلتي لا تكف تتبرعم الأرواح الشاردة، حتى ساحت منا أقوام ومجرات وتقلبات، وامتد عمران لملايين الملايين من ثنيات النهر الخفية.
كل هذا بينما أهل مكة يزدادون غربة عن حمام البيت ولغاته الشجية وأصلتي ماضية في أعناق الحمام تهزمه فيغرس مناقيره في لغات وأرواح ثم ينثر حوله من حيوانها البري، حيوان ما إن يمس وجها مكيا حتى يقلبه في حركة علوية فينزلق للنهر أبدا.

"الأصلة" قصة للأستاذة رجاء محمد عالم.
أديبة، روائية، مسرحية، ومبدعة سعودية من طرازٍ نادر.
(لها زاوية أسبوعية في الملحق الثقافي لجريدة الرياض، يصدر الخميس)
من ابداعها: -أربعة صفر (رواية) -حسن الأخضر (رواية مسلسلة للأطفال) -طريق الحرير (رواية)
-مسرى يا رقيب (رواية) -سيدي وحدانه (رواية) -حُبَّى (رواية) -خاتم (رواية) -موقد الطير (رواية)
-(Fatma) رواية باللغة الإنجليزية.
والكثير غيرها من الروايات والمسرحيات والقصص القصيرة. نال العديد منها جوائز مرموقة إقليميا وعالمياً.

التوقيع:
يَا امْرَأةْ
بَيْنَنَا قَدَحٌ صَامِتٌ
كَيْفَ أَعْبُرُ هَذَا الفَضَاءَ السَّحِيْقَ
لِكَي أَمْلأَهْ
محمّد الثبَيتِي
عبدالرحمن السعد غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 22-09-2006, 09:48   #26
عبدالرحمن السعد
أديـب و شــاعــر
 

رد : اقتباس..

تحيّةٌ وودّ صادقٌ للجميع
..

التوقيع:
يَا امْرَأةْ
بَيْنَنَا قَدَحٌ صَامِتٌ
كَيْفَ أَعْبُرُ هَذَا الفَضَاءَ السَّحِيْقَ
لِكَي أَمْلأَهْ
محمّد الثبَيتِي
عبدالرحمن السعد غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 17-10-2006, 09:36   #27
عبدالرحمن السعد
أديـب و شــاعــر
 

رد : اقتباس..

إقتباس:
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة الجازي


أقتباسات جديرة بالقراءة والوقوف عندها كثيراً
لم تكن لحظة عابرة ولا -عابرون في كلام عابر كما أشار صالح العزاز رحمة الله عليه ..

نطالب بأكمال مثل هذه الأقتباسات أستاذ عبدالرحمن ..
فالشاعر والأديب وحده الأقدر على الألتقاطات الفريده ..

تحية وأحترام ..

سيدتي الجازي:
عذراً لتأخر الرد. أولاً.
وما بعد ذلك يبدأ من امتنانٍ وتقديرٍ أكبر من الكلمات
ووعدٍ صادق بـ "محاولة" الإضافة ما استطعت، وما توفر ما يستحق قراءة أمثالكِ ونخبةَ الصحو هنا.
..
لكِ ودي
..

التوقيع:
يَا امْرَأةْ
بَيْنَنَا قَدَحٌ صَامِتٌ
كَيْفَ أَعْبُرُ هَذَا الفَضَاءَ السَّحِيْقَ
لِكَي أَمْلأَهْ
محمّد الثبَيتِي
عبدالرحمن السعد غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 17-10-2006, 10:08   #28
عبدالرحمن السعد
أديـب و شــاعــر
 

شاعرنا الرمز

قصيدة "الهوادج"
للشاعر علي الدميني

ما تبقى من العمر إلا الكثيرْ.
ما تبقى من العمر إلا الكثير،
فماذا أسمي البياض الذي يتعقّبني
غازياً أم أسيرا؟
قم من الليل، يا لابس الخيل كيما ترى أفقاً
ناسكاً ونهاراً طهورا
إن قلبي ينوس وحيداً وقد فارقته البواكير
واستخلفته الأساطير
ينزف ماء الزمان على الساعة الجامدةْ
واحدةْ:
كانت السنوات تعبّ العشيّات حتى شربنا
على ظمأٍ
جمر ذاك الضباب العفيف.
واحدةْ:
صارت السنوات تغرّد في متن غربتها
وتبيح لنا من يباس سفينتها بيرقاً،
وتدندن ساعاتها في الفناء الرهيف،
* * *
ما تبقى من العمر إلا يسير يقود يسيرا
قد خبرت المدينة، أبراجها واحداً واحدا.
افترشت حصاني على بابها حينما لم أزل
نطفةً في الأزل
وتخيرت أجمل أسمائها
من هديل الحروف
ومسّ القبل
قد عرفتُ المدينة، أنهارها والحصى
ودعوت النخيل بأحرفه اللّينات وباركته
شاهداً شاهدا
فاشهدوا أنني:
قد تحملت من وجد عشاقها ما تنوء به الذاريات
ورأيت الذي لم ير الأولون ولا علم الآخرون.
إذ سقيت بوادي القرى شربةً مست العظم حتى اكتوى
واغتوى القلب من غيه ما اغتوى
وتبدّت لي الفاتنات ثمانين حولا
فلا أنا مستوثق من جنوني
ولا أنا عن حبهن (أُرعوى)
يا نساء المدينة اخفقن كالطير مبهمة في البكور
وملهمة في السرى،
قد تلبست منكن حرقة عيسى الصحارى وإبل القرى
فأنا مهلك ناقتي بينكن على ملأٍ لأرى.
وأنا مستعيذ من الشدو بالصمت
مستمطرٌ ديمةً أربعت، ورياحاً تسوق هوادجها البدوية
في الماء،
طالعةً من عروق السحاب، ونازلةٌ في متون اليباب،
فلا كنت أول من نظر النجم يأوي إلى ظلّها
ولا كنت آخر من أبصرا.
فإذا خاضت الناس في القول
واستأنست زمناً أخضرا
أعشبت طفلة الروح،
وانفلقت حبة الصبح
بين يديّ، فأطلقها
غضةً بضةً
تصف الكون باللون،
والتمر بالمن،
والراح بالروح،
تكتب بيني وبين بنيّ المواثيق
حتى إذا ما تغشّاني النوم
ملت إلى القلب في دعةٍ
ودعوت لنسلي بمغفرةٍ
واسترحت لحرقة مجد الكرى
* * *
ما تبقى من العمر إلا و..إلا
ما تبقى من العمر إلا بياض الصبايا يلوّح للطير
أن اهبطي من علٍ
واشربي باقيات يقيني
ما تبقّى سوى رعشة الثوب في بدني،
واختلاج الأعنة فوق جوادي،
وكأس حنيني.
ما تبقى من العمر إلا التي راودتني صغيرا،
أتعبتني كبيرا،
البلاد التي.
. . . . . . . .
. . . . .
سأغني لهودجها البدويّ،
وأرقص بين يديها ومن خلفها
مبصراً وضريرا.

.................................

التوقيع:
يَا امْرَأةْ
بَيْنَنَا قَدَحٌ صَامِتٌ
كَيْفَ أَعْبُرُ هَذَا الفَضَاءَ السَّحِيْقَ
لِكَي أَمْلأَهْ
محمّد الثبَيتِي
عبدالرحمن السعد غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 18-10-2006, 06:46   #29
عبدالرحمن السعد
أديـب و شــاعــر
 

هَوَى عَينَيكِ

هَوَى عَيْنَيْكِ،
ياعُصْفُوْرَتي الشَّقْرَاءْ، خَلاَّني
أدُوْسُ الجُرْحَ في قَلبي
وأمْشِي فَوْقَ أحزَاني.

هَوَى عَيْنَيْكِ،
خَلَّى النَّاسْ، كُلَّ النَّاسْ،
أحْبَابي وخِلاَّني.
،،
وَعَلَّمَني
بأنَّ الأرْضَ -مِنْ غَيرِ الهَوَى-
قِيثَارَةٌ مِنْ غَيْرِ أوْتَارِ.

وبُسْتانٌ بِلا مَاءٍ،
بِلا طيْرٍ، بِلا ثَمَرٍ وأزْهَارِ،
وأنَّ النَّاسَ تَمْشِي فَوْقهُ
كالرِّيحِ، كالإعْصَارِ، كالنَّارِ.
..
بِلا حُبٍّ..
تدُوْرُ الأرْضْ،
تُشْرِقُ في الصَّبَاحِ الشَّمْسُ للدّنيَا.
بِلا حُبٍّ..
رَمَادٌ كُلُ هَذِي الأرْضْ،
خُضْرَتُها، عَطَايَاهَا.
بِلا حُبٍّ..
رَمَادٌ كُلّ هَذِي الأرْضْ،
أقْصَاهَا وأدْنَاهَا.

..
..
هَوَى عَيْنَيْكِ،
ياعُصْفُوْرَتي الشَّقْرَاءْ
نَاغَى في ضُلُوْعِي أَلفَ قِيثَارِ،
وأيْقَظَ قلْبَ عِشْتَارِ،
فأوْرَقَت المعَابِرُ والدّرُوْبُ
لهَمْسِ خُطوَتِهَا،
ضَجَّ الحُبُّ
ضَجَّ الخِصْبُ
طارَ الشَّوْقُ
منْ دَارٍ إلى دَارِ
فَطِرْتُ إليْكِ،
أَحْمِلُ في عُيُوْنِي وَاحَةَ الأشْوَاقْ،
وأَحْمِلُ في ضُلوعِي فَرْحَةَ الدَّنيَا،
فَكانَتْ سَاعَةُ اللّقْيَا
وَمِيْلادُ الهَوَى العِمْلاقْ.
وتَحْتَ عَرَائِشِ الآمَالِ
في عَينَيكِ عَانقْتُ الحَياةَ
وكُلَّ أقدَارِي.
..
..
فَكَانَ الحُبُّ في عَيْنَيكِ مَأوَى،
مَأوَى ألفَ مُشَرَّدٍ عَارِ،
يَجُوْبُ الأرْضَ،
يقْبعُ في خِيَامِ الليْلِ
مُرْتَجِفَاً بِلا دِفءٍ وَلا نَارِ.

..
خُذِيْهِمْ ياعُيُوْنَ الحُبِّ،
ضُمِّيهِمْ،
أخِيْطِي مِنْ رُؤَاكِ لبُؤْسِهِمْ ثوْباً
أضِيْئِي مِنْ مَوَاقِدِ نَارِنَا حُبّاً
فإنَّ لكُلِّ وَجْهٍ شَارِدٍ قَلباً
يَحِنّ إلى مَلاعِبِ أمْسِهِ الخَضْرَا
يَعْشَقُ أنْ يعُوْدَ لهَا
يَشُمّ تُرَابَهَا الغَالِي،
يَضُمّ الأهْلَ والأحْبابَ والصَّحْبَا.
،،
خُذِيْهِمْ يا عُيوْنَ الحُبِّ.
رُدِّي للعُيُوْنِ المُتْعَبَاتِ
حَلاوَةَ الإغْفَاءِ وَالوَسَنِ.
فَإنَّ هَوَاكِ،
ياعُصْفُوْرَتي الشَّقْرَاءْ
عَلَّمَني
بأَنَّ المرْءَ لا يَقْوَى بأنْ يحَيى بِلا وَطَنِ.

.............................................

شعر: د.علوي الهاشمي (شاعر وأكاديمي بحريني) من ديوان "من أين يجىء الحزن".
صاغها لحناً وشدا بها الفنان خالد الشيخ (الأغنية: جراح في عيون الحب، الألبوم: كلما كنت بقربي)

المعلومات من: موقع الفنان

التوقيع:
يَا امْرَأةْ
بَيْنَنَا قَدَحٌ صَامِتٌ
كَيْفَ أَعْبُرُ هَذَا الفَضَاءَ السَّحِيْقَ
لِكَي أَمْلأَهْ
محمّد الثبَيتِي
عبدالرحمن السعد غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 18-10-2006, 07:07   #30
نـــداء
أطــلال
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ نـــداء
 

رد : اقتباس..

هذا المكان يحفز كل معنى للكلمة للعودة للإرتواء منه
ماقرأته في عجالة يرغمني على العودة بإذن الله

التوقيع:
نـــداء غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
إضافة رد


عدد المتواجدون في هذا الموضوع » 1 , عدد الأعضاء » 0 , عدد الزوار » 1
 

قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML مسموح

الإنتقال السريع