29-03-2007, 23:11 | #1 |
جنّةُ العصافير
|
أعذب الشعر امرأة ...صدى وصورة
لأن شاعرنا الرقيق إبراهيم الوافي ..يجيء دائمًا من جهةٍ خامسة .. هادئا بصخبه ، وصاخبا بهدوئه .. آثر المعاصر أن يتفاعل مع إصداره الشعري الجديد ( أعذب الشعر امرأة ) عبر هذا الملف الخاص به ..حين يحمل صفحاتٍ من الكتاب .. وأصداء إعلامية صاحبت أو عقبت إصداره .. تكريمًا لشاعرنا وتوثيقا لخطواته المحفوفة بالدهشة على امتداد تاريخه الكتابي .. راجين أن تجدوا فيه كل ما يتعلق بالمتعة والدهشة والفائدة عبر هذا الإصدار الأنيق والمميز لشاعرنا ... أسرة تحرير المعاصر شروق محمد يوسف |
29-03-2007, 23:12 | #2 |
جنّةُ العصافير
|
رد : أعذب الشعر امرأة ...صدى وصورة
صفحات .. من أعذب الشعر امرأة .. مخاتَلة ..! الشمس تميل باتجاه النافذة والستارة المشرعة على كل شيء تنتظر نسمات تجيء من حيثما تكونين .. ! كل النوافذ في لهفتي مغلقة ..فهذا اللحظة غير قابلة للتداول .! كوب الماء أمامي نصفان ..نصف ذهب معك ونصف بانتظار عودتك .. لن تعودي .. هذا ما تقوله القصيدة التي كتبتها لنفسي فقط .. مشرع كل شيء للغياب ، إلا بعض الذي أحتفظ به منك وهو تاريخي الذي كتبته بماء الشعر .. ! لاشيء بعدك في الحنين ، ولاشيء سواك في الحب ولا مطر إن لم تكوني الغيمة التي تنبت من رئة البحر .. لافرقَ .. من يبكي علينا الآن إذ لافرقَ .. من كسب الرهانَ جميع أطراف الحكايا النهرَ .. في غضب المضيقْ لافرقْ .. كلٌ في طريقْ ..! ماليس ندركه بأحبار السطور .. وبالمساءِ العطرِِ بالوعد المناضل .. في نداءات الغريقْ ..! ماليس ندركه من الودَعِ المخبّأ في جفونِ الرملِ في الإعياء حتى الموت .. في سطو الفراش على الرحيق ..! قد ندركُ ..الموتَ المؤبَّدَ .. واحدٌ منا .. كلانا ربما 0 0 0 إن ماتَ يجهشه الصديقْ ..! ( .... كنتُ بالفعل قادرة على احتواء الشاعر فيك وإغواء عواطفه ، كنت له فتاة (خصرها ناحلٌ وأنفها في السماء ) وكنتُ لك ظلاًّ وخاتمًا من حياةْ .. كلُّ شيء كنتُ قادرة على فعله ..حتى المجيء إليك في جنح الصدق .. كنتُ أختك وأمك وحبيبة الشاعر ..! أصدقك حين أحادثك وحين أصمت بك ، وحين أعانقكَ عناق الأخوة المغتربين ، لكنني كنتُ أعلم أنني لا ألقاك حبيبا كلما قطفت ورقة التقويم أو أعددت المنبه لصباحٍ لاتجيء به المواعيد المبهمة ..! كنتُ أحبكَ شاعرًا يطارحني الحب قصيدةً فأتثنَّى بين ذراعية كأغنية بحار حزين ، لكنني لا أتذكركَ حين أضع على الوسادة الأخرى خاتم الأنوثة وأبكي قليلا قبل أن أنام ، ولهذا يميتني حزنك .. كلما بعثتني أنوثتي .....) أما زلتُ ذكرى ..؟! أمازال في العمر متسعٌ ــ والحنين ــ لأخرى وأنتِ فرشتِ على العمرِ شمس الغناء وغيم البكاء .. وريح تهبُ بعينيكِ سكرى .. متى يكتب الشعر من كان مثلي ..؟! ومن يقرأ الآن سحر العيون ... وماكان يفعلها كل من كان قبلي ..! ومن يستطيع احتلام الحكايات يهذي بها حينما يصبح الوقت والشعر والحزن كلٌ ينام ويصحو لأجلي ..! ألم تدركي بعد أن السماء التي تعرفين النجوم بها سيَّدتني عليها ... فقلت لها إنها أمُّ قولي وفعلي ..! (..... وجهك لايتلو الشعر صامتًا .. حين داهمتني به قلت ربما كان الشعر كالماء بلا لون أو طعم أو رائحة .. لم أكن أعلم أن السماء التي تتسلقها العيون ..يتندى جبينها عرقا فيتساقط مطرا ولم أكن أعلم أن دهشتي الأذكى منديلٌ ورقي أجفف به عرق السطر وحمى اللحظة .. ربما تنتابني لوثة من الجنون حين تكتب امرأة غيري ، لكنني لاأفكر مطلقا في الدقائق التي يبحث عنك الشعر فيها فلا يجدك .. لقد علمتُ منذ زمن العيون التي أغواها الشعر فرمدت به أن الشاعر لا يتزوج حبيبته ولا ينجب منها أطفالا .. ولهذا لم أخف على غيري مني ولم أخف منكَ لأنني صادقة معك أنما اتجهت ...) كما أنتِ ..عيناك ليلكة الأغنيات ِ تميل القصيدة من بوحها وتئنُّ القلوب اذا ماكتبتُ لها جرحها كما أنت بلقيس ... والغارقون بمأرب ما أدركوا أن سرَّ القصيدة أن تكشف الآن عن ساقها في بلاط الهروبْ الدروبْ .. الدروبْ ..! آخر الذكريات انحسار عليها .. وأولها تمتمات القلوب ْ أيُّنا الآنَ ...مستأنس ظلَّه ؟ أينا الآن مكتملٌ كلَّه .. أينا حين يرسم حرفًا جديدًا يؤوبْ ..! ولازلتِ أنثى بعينين تسترقان الرؤى ... تفرشان الظلال على حرقة الشوقِ .. تستأجر الريح سربًا لعوبْ ..! لازلتِ ميثاق أغنيتي .. والرؤى المستحيلات والحزن والجرح والانعتاق الطروبْ أليسَ من الموتِ أن تدمع العينُ حين تغني ؟ وأن يلعن الصدقَ ظني ! وأن يصبح الوقت ما بيننا وجه شيخٍ شحوبْ ..! (... أيها الشاعر الذي يكتب آناء الحزن وأطياف القرار .. كن كما أشاء لك مطرًا بلاغيم وقمرًا يخسف كلما حضرت النجوم .. فالسماء التي تعرفها نجمة نجمة لم تعد تأبه بنجومها التي تختفي مع إشراقة الصباح وانفتاق الضوء .. لن أخفي إعجابي المطلق بشاعريتك التي وقفتها عليَّ زمنا ، لكن أنثى أخرى تسكنني تكره التخمة وتحتويها دهشة الموضة وهي التي لم تعرفها يوما بنرجسيتك وتهويماتك ، ومناداتك على زمن لايجيء ولا ينتظر .. !) مازلتِ أجمل كل النساء .. وأكثر كل النساء .. وأوفى جميع النساء ولكنني كالخريفِ الأنيقْ ..! أهزُّ الغصونَ انكسارًا ، وأترك للريح رجْفاتِ قلبي .. فتسقط أوراق يومي سكارى ... وأبكي على كتفي في الطريقْ عليك سلامي ... وبرْدِ اتهامي ... ووهن المساء أمامي ... وأغنيتي حينما كنتُ رقيا صديقْ ..! عليكِ السلام .. الورود .. الفراشات .. كنْه الرحيق ..! أيتها الأنثى التي تحمل المطر والرياح والشعراء والأزمنة المغضوب عليها تقايضين التاريخ بالآتي وتتجاهلين أنني شاعر لاتكفيه الذكرى حين يكون الحاضر آيل للنسيان ولايكفيه الحاضر حينما لا يعدّه ذكرى للغد ..! طال الغياب ياسيدتي .. حد حضورك ذكرى ورؤى تتصبَّغ بالبياض الذي يرضي غرورك ويغتال بي انكفائي عليك ، حين تقلِّبني أخرى على شفاة الحلم في ليلٍ فوضوي البرد والمواء والأغاني الراهبة ... ! بيننا دوخةُُ الرقصِ طاولةٌ .. وحديثُ اليدين وكوبانِ من رغوةِ البحرِ بعضُ ملامحنا الداكنة .. ! عندَ طاولة الأمنيات .. تكثّف ليل القصائد فوق زجاجِ العيون الشهيةِ كان بصوتكِ بعضُ الحمام .. وبعضُ حروفِ الطفولةْ ...! كنتِ .. ليلتها تشبهين السماء كثيرًا.. منقّطةً بالنجومِ ِ.. كنتِ .. بيتًا من الطينِ .. قبّعة في الهواء .. وكنتِ .. وكنتِ أغانٍ حزينةْ .. ! يا حوار المدينةِ ، يا لكْنة البحرِ حين يخافُ العواصفَ يا سكرةَ البرد فوق سريري رطوبةَ ليلتنا الجاحدة ...! بيننا ..بعضُنا .. نصفُ أوراقنا .. شفتانِ تقاسمتا قبلةً واحدة ..! لا أعرف ما الذي يعنيك الآن ...! حزنُ ليلي بعدكِ .. أم انتظار صباحٍ آخر لاتكونين فيه .؟!. وعهدك .. ماغادرت ( شيحةَ ) الدارعصفورةٌ سآلت أينها لم يعد بيتنا آمنا طالما لاتجيءْ وعهدكِ .. يسألني هاتفي ..نغمة ترقص الروح منها إذا ( ها العيون ...) انتهى رقصها في مساء بريء ..! أمن أول الغيب نبدأ باسمك نفتتح الصرخات الثكالى ..! هناك مضتْ واستقامت على الحزن حوريةً غادرت جنتي في مساء مضيء .. هنا لستُ أعرف كيف ترافقها حسرتي في الرحيل الطويلِ ويشتاقها في دمي شاعرٌ لا يفئ ..! وعهدكِ لا قصة الموج حين تراءى له شاطئين ولؤلؤة كان فصلاً مثيرْ ..! ولا كان مابييننا حين نبكي معًا غيرسطرٍ أثيرْ ..! ولا كان تاريخنا صالحًا للرواية حتى نخلدها في كتاب صغير ..! تواقيعنا .. ما تبقى من الأغنيات العِذابِ التي انتظرت مثلنا صفحات العبيرْ ..! ما أكثر المنتمين لعينيكِ .. وما أقلّهم فيها ..! وعهدكِ إن ترجعي .. تستوِ الأرض تستنكفِ الروحُ ذمّي وتشتاقني ..كلما أتأخرُ أمي ... فاتلو ..بباب غيابك همي : ( ليلةٌ أنتِ عرسٌ .. دخلتُ به جنةً من حنينْ .. ليلةٌ ينثرونَ بها (ورقات القمار ) فيخسر فيها الصديق الأمينْ ..! سهرتُ بها ..منذ أن ضربتْ جدَّتي كفَّها في الرمالِ .. وقالتْ .. ستبحثُ عن عشبةٍ ثم تمضي حزينْ .. وقفتُ بها ونثرتُ عقودًا من الضوءِ فوق أناقةِ أبوابها واعتنقتُ دمي .. وبراءةَ قلبي ودخَّنتُ سيجارةً.. ثم أطفأتها واشتعلتُ لها وآويتُ أخلع نظاَّرتي .. وأجفَّفها ثم نمتُ .. ببابِ الصباح على دفتيْ ياسمين ..! ) موحشٌ هذا الصمت الذي يعقبك ، وقاتلة هذه السيجارة التي لاتطلبين إطفاءها...! لكنك هاربة من أحضان العشق ، تمامًا كقفص انيق يحلم العصفور باستبداله عشا في سقيفة آيلة للرياح ..! لك جناحاكِ ياصديقتي ، ولي الفضاء الذي تحلّقين فيه ..! لاااترجعي .. امضي إلى حيثُ ابتدعتِ الحبَّ عصفورينِ يلتقطانِ عودَ القشِّ كلٌّ في سماءْ ..! امضي .. إذا الصيادُ في الحقل المجاور والرصاصة في جيوب الجارة الأولى ترتِّب غرفتي وتعد شعْراتٍٍ نمَت في صدر أحلامي تحبُّ البردَ في فصلِ التنوِّمِ ِ رغبةً طفحتْ على جلدي وحقَّ لها النداءْ ..! لاتمسحي عرقَ الدقيقةِ سوف يأتينا نداء الشوق .. منديل الظهيرةِ رغوة (الروتينِ ) في يومي ندوب الصبر في نومي وقنديلي ..مُضاء..! لاترجعي لي خلسةً ماعاد يكفي أن تكوني وجهي الخلفيّ أسمائي التي صدَّرتها للعطر أوراقي التي عطَّرتها بالشعرِ أذكار النساء ..! ماعاد يكفي أن نكون اثنين ثالثنا القصيدة والمكان .. وكذبة الأسماء أو رقيا الغناء ..! لاترجعي .. امضي إلى تفاحة الشجر الكثيفِ إلى سراطِ الخوفِ للآتينَ من شبقٍ تعثَّرَ في سؤال الأصدقاء ..! تصوّري ..! أحيانًا أجهل كيف يمكنك النوم في سبات القصائد بينما يورق الحرف للفوارس الذين يجيئون من زمن التعب والذكريات السبيئة ..! النجمة التي لاتبقى حتى يشهق الفجر وتتدلى خيوط الشمس من شجرة الحنين إلا لتروي للصباح حكاية الحقائق التي طمرتها نشوة الكبرياء والانتصار على الذات ، إنما يسامرها المتعبون من شجن الليل لكنهم لايقتدون بها حين تنبلج صباحات الحقيقة ..! والإيمان بالنهار لايحتاج إلى معجزات تجعل الضوء ينتسب إليه .. ! أيتها الأنثى التي نعطّرُ بها أحاديثنا ونتذاكرها وردةً في حدائق الغيم ، ماالذي سيقوله شاعرٌ تكونين قدره ، حين تتلبّسين قصيدته ، وتكونين قصيدته حين يكون قدره امرأة كلما زارها الشعر صافحتها يد الشعراء ، وكلما خرجت على السطر كانت قصيدة الصدر ، وكلما ( تأنّثَ ) النساء جئنَ مواءً تيمّنًا بك ..! -------------------- عائدٌ من النهر ..! كحَّلَ المساء جفون السهر .. فاستوى الليلُ رجلا ..! من سيعلّق الجرس في رقبة اللحظة أيتها النهر .. أنا أم أنتِ .. شاعرٍ من عبقِ الحزن وبخور المطر .. أم امرأة تسكن أرنبة أنف الصبر .. وتتهجى غدها بلاملامح .. اقرئي قعر فنجاني مجددا ..كاذبة تلك الجارة التي قالت لأمي إن لك طفلا من رغوة الريح ونكاية النساء ووشوشات العاجزين عن مقارعة الآه .. كاذبة ياسيدتي حينما لم تحدثها عن امرأة تجيء آخر البرق فتمطرني سحابة لا تسيرها الريح ولا تعنيها إرادة الرشيد ..! قحطٌ يتخللني ياسيدتي .. جفاف أربعة أعوام تكوَّر على شفتي زبدًا في ساعة من غرور امرأة ! لا أعرف أيتها النهر كيف سأستعيدني إن لم تكن يدك المكتظة بالعطاء دليلا .. أو قلبك الكبير كما يقول صديقي مسرحا لنزق طفل يسكنني منذ أزمنة الفقد والبكاء في مجالس النساء ... لاتتمهّلي على الحب ياسيدتي .. فأنا رجل من سَقَطِ المشاع قبّعتي الشمس .. وسريري في عراء الأفق ..! لمن تتركيني ؟ تقولين حولي الكثيراتِ .. حولي الصبايا يمشِّطْنَ شعري الكسولَ ويزرعْنَ في شفتي أحرفا بائدةْ ومن قال أنكِ مثل الصبايا ومشطكِ من بين أمشاطهنَّ ..؟ ومن قالَ أنكِ حين يجئنَ الكثيراتِ تأتينني امرأةً واحدة ..؟!! ياجميعَ النساء .. وياباب قلبي ومفتاحه وأغاني الحنين .. وطعم الوداعِ ولون الحياة التي لاتغيب مع الموتِ تمتد في دفتر العاشقينَ رؤًى خالدةْ ..! أحبكِ أقسم يكفي لمثلي انتظاركِ حين تراودني امرأة موعدًا وتهيءُ فستانها رقصةً تتغنَّجُ للوقتِ تملؤه رغبةً حاسدةْ ..! *** يفوقُ انكسارك حزني يفوق القصائد والشعر هذا الذي يتريّثُ في صوتكِ العذبِ هذا الذبول الذي يعتري ورق الوقت في ساعتكْ بربِّ انشغالي عليكِ بربِّ العصافيرِ حين تغني لها ضحكتكْ خذيني ولو ليلةً كالوسادةِ في غرفتكِ ضعي رأسكِ الآن فوق ذراعي .. أمدُّ يدي من وراء المساءات .. أزرعها في جبينكِ تلمس وجهكِ تأوي إلى شفتيكِ وتشرب من عينِه دمعتَكْ خذيني ..كما شئتِ .. إني لأسأل ربي بأن لا تغيبي وأن يأخذ الله شعري وعمري إذا هجس الليل يوما .. وأغوى الأنا فيَّ كي تتركَك ..! 0 0 سأطفئ عيني .. وأنثر كل القصائد للريحِ .. وجهي النحيل .. ونظارتي .. والطريق المؤدي لصوتك هذا العطاء الذي من أمامي وخلفي تسومينني فيه حسنَ المآبْ ..! تجعَّد ليلكِ .. يا حبَّة القلبِ نادتْ عليك الأغاني .. وماج بوجهي غبارُ الحنينِ .. رموْني بعقمي إذا لم تجيئي وقلبك وحدك كالبابِ من خلف بابْ ..!! تعود الحمّى .. تفترس برودة التكييف ..فيتفصّد العرق من جبين القصيدة ..! النصُّ الضحوي صاعقة الظل وتهدّل الشجر الأخضر على سيارتي التي تقف على أهبة النداء ..! امنحي البحر صباحك الواثق وزوّري توقيعي في سجل الحضور المبكّر، امنحيني الساعة تلو الساعة وامزجي حبات الكرز بالشفاة ..ثم قبّليني كلما ارتفع صوتي آهًا وتبعثرت أصابعي في الحديث ...! لايهم الآن لو تتعطّل إشارة المرور.. لو يتلكأ الطريق .. لست على عجلةٍ من شعري كما يظنُّ الحضور ، فالنص الأشهى لايجيء إلا حينما تنامين عني وتحضرين مني وتكتبين .. إني : ( امرأة من عصارة الرخام .. أو قل من حليب العصافير .. وبيض المطر .. أو قل من جزيرة الزرقة من اكتناز الماء .. امرأة لاتشبه إلا نهرًا لا تغتسل فيه الشياطين .. ولا تتوضأ منه الملائكة ..! امرأة كهديل الحنين .. كفيروز الستينات .. أو قل امرأة بلا أسماء كل حديثها أفعال ..وأفعالها آمال ونداؤها أغنية تشبه السكون .. امرأة ترتكب التأنّي وتشعل شمعة الحذر اللاهث وراء الانتظار .. امرأة لاتعترف إلا بها .. ولا تجيء إلا إليها ولا تذهب بي إلا معها )..! أوووه ... أعرف كل هذا .. أتمطّى على سرير البوح .. أغرف من ماء النهر دمي ..وأطعم شفتي للعصافير الباحثة عن عود قشٍّ تأمن فيه الظلام ، وزواحف الظل والعتمة ..! هو ذا ... وتأتيني مطهَّرة كنهر الله من خطواتها حولي ... ولا يدرون أني أستضيء بقلبها المخفور أوجاع البشرْ تأتي كشمسٍ عاهدتْ مرض النهارِ بأن يظلَّ الليل مكفوف البصرْ ...! إذ لاقمرْ ... لاهدأةً هجعتْ بحضنِ الجمْرِ واحترقتْ ولا شجنًا عبرْ..! هو ذا إذن عيناك آخرةُ البكاءِ تشيح عني الرمشَ ... تسرقني من الشعراء تستلقي على كل السطور أميرة خرساء في سفر الغجرْ تتآكل الأحزان فيها تدفعُ الكلماتِ عن وجهي وتستبقُ السفرْ ...! وتنام تنكرني تحدّثني عن العشاق يغتسلون بالأوجاع من درن الضجرْ هو ذا إذن ... فالليل لانامت به عيني تسحُّ الشعرَ أوجاء النهار يمدني بالريح تبلغني محمّلةً بعطر الشرق إن شحَّ المطرْ ..! أشعلي سيجارة أخرى ياسيدتي ..فشفتي لم تزل باردة رغم حرارة قُبْلتك ..! أطعمي فراخ يدي حبات الحروف المقرونة الحاجبين ... أو بلِّلي ذاكرتي بشعرك الكستنائي الطويل ... ! يا الله ..! إن للصوت رائحة الضحك .. تتأهّبُ لي ثم تقذف في فمي قصيدة ، يركع غصنها بها للحنين من وراء جدار الأمس ..! دعي ما لقلبي ..لقلبي .. وما للذين رموا غصن زيتونة في فم النهرِ ذنبي ! وما للسطورِ حفيف الكلامْ ..! مضى نصفُ عام . .بسيدةٍ عاهدتْ روحها البردَ .. نامت وراء سرير الزحامْ ..!! خذي منفضة سجائري .. ضعيها على صدري المعشب عرقًا ثم أطفئيني هنااااك ..! أيتها المسافة الواقعة بين الياء والمنادى ، بين الشهيق والزفير .. بين التأخر عن الدوام الصباحي والحوادث المرورية ..! قريبة أنتِ كأنما البعد قرب .. وبعيدة كأنما القرب ( محلِّل مستعار ) ! علميني كيف ينثرون الودع على الرمل .. علميني كيف يدفعون القوارب الخشبية الصغيرة إلى الماء أول مرة ...علميني الفرق بين السفر على ظهر سلحفاة أو السباحة حتى الغرق ..! كوني سفينة الريح ... لالا لستُ من يشتهي تكوّنا حين تفسحين الكون لي ... فالبلاد التي يشرب أهلها النهرَ لاعطش فيهم ، ولايتأخر عنهم المطر ..! تجيئين ..كالضوء من غفلاتِ النوافذِ .. من صدفةٍ مستحيلة ..! تجيئين عنقود ذنبٍ شفيفٍ .. قرنفلةً في غصونٍ ظليله ..! لعينيكِ .. ما حدّث الليلُ عني الصباحَ .. وما أودعته الأحاديثُ في القلبِ .. ماأطعمتني الحروفُ الحنينَ .. وما جوّعتني الحكايا البخيلة ..! أنا .. آخر الليلِِ أو أوّل الصبحِ .. أنَّى تجيئي ستلقينني دمعةً في عيونٍ نبيلةْ ..! اشعلي سيجارة أخرى كأنبوبِ ينصهر ، كقافية قصيدة مغنّاه .. كقبعةِ لطفلِ قروي في صباح عيد ماجن ..! فأنا مبتلٌ بعرق السرير ، وسوأة أخيه ...فاقرئيني فقط كلما جاء بك النهر ! حينما ينبتُ العشبُ فوق دبيب الأناملِ صدري كخارطةٍ للتخلّقِ .. وجهي كقارورة العطر فارغةً .. وشفاتي كلامٌ قليلْ ...! حرقة ( الزنجبيلْ ) ... أو بقايا الكؤوس .. وشمعٌ يسيل بنهديكِ ضوءُ النهار القتيلْ ...! لا تطيلي البقاء بعيدًا .. فميناء ساعتنا .. غادرته الدقائق والوقتُ أمّعَةٌ دائما حينما يلتقي عاشقانِ دخانُ السجائرِ يدفعني للخفوتِ .. ورائحتي جنّة المستحيلْ ..! |
29-03-2007, 23:13 | #3 |
جنّةُ العصافير
|
رد : أعذب الشعر امرأة ...صدى وصورة
غلاف المجموعة .. ( أعذب الشعر امرأة .. وهو من تصميم الصديقة أمل السرحان ) |
29-03-2007, 23:15 | #4 |
جنّةُ العصافير
|
رد : أعذب الشعر امرأة ...صدى وصورة
الوافي يوقع على نسخ من كتابه في معرض الرياض الدولي للكتاب |
29-03-2007, 23:15 | #5 |
جنّةُ العصافير
|
رد : أعذب الشعر امرأة ...صدى وصورة
صحيفة اليوم أول صحيفة تعلن عن إصدار الكتاب .. نفَس نثري وتقاسيم تفعيلية في «أعذب الشعر امرأة» للوافي منال العويبيل - الرياض غلاف الديوان أصدر منتدى «المعاصر» الذي أسسه الشاعر إبراهيم الوافي المجموعة الشعرية الجديدة «أعذب الشعر امرأة» لمشرف بيت الشعر في أدبي الرياض إبراهيم الوافي، والتي وصفتها الكاتبة شروق يوسف بقولها : «إنَّ المثير فيها ما تحمله في طياتها من الشخصية (الشاعرة) للوافي في كل تعاملاته اللغوية حيث تمزج بدهشة بين القصيدة المموسقة، وعذوبة الانسياب النثري حينما جاءت نصوصها بأبعادٍ سردية حينًا، ورؤيوية في أحايين أخرى». وقد جاء في أحد نصوص المجموعة التي عُرضت حصرياً عبر المنتدى : « أنثى .. واحتمالاتٌ شتى ..! أيتها الأنثى التي تتوسَّد الريح، وتبتكر الغياب، وتتثاءب بوجه الكلام ..! نصف شاعر يجعل من سيدة الشمس قصيدة حين يكتبها، لكنها وحدها تمحو ألف شاعر في غيابها..! لا تنطلي حِيَل الصبر على عاشق يملأ السماء بوحاً، ويربك الأمكنة والمواقع، ولا يتجرَّأ البكاء على أولي النسيان وإن كانوا من المطلوبين في محاكم العشق المفقودة...! « تعبت السحابة من السفر يا صديقتي وأنت تتوسِّدين الريح تتنقَّلين بها غير عابئة بطقوسها وأنوائها حين بدت بيضاء أول الشمس، وقبل أن تقلِّبها ريحك كيف تشاء ، فتلبس السواد حدادًا ، وتمطر في أرض لا يعرفها الرشيد..!» حتى يقول: «زمانٌ مضى ما احتسيتُ القصيدةَ ما بين صوتي وصمتي زمانٌ مضى والسنينُ تقلُّبني بين أنثى وأنثى .. فأفنى وتبقين أنتِ ..! « ومن النص أعلاه نستشف ما يوصف بمزاوجة الشاعر الوافي للنفَس النثري، والتقاسيم التفعيلية التي اعتادها قارئه. من ناحية أخرى، تجدر الإشارة إلى أنَّ لوحة للتشكيلية أمل السرحان ذات طابع سريالي زينت غلاف المجموعة. |
29-03-2007, 23:18 | #6 |
جنّةُ العصافير
|
رد : أعذب الشعر امرأة ...صدى وصورة
روابط ذات علاقة .. [web]http://www.moheet.com/asp/show_g.asp?pg=2&lc=9&lol=1912744[/web] |
29-03-2007, 23:19 | #7 |
جنّةُ العصافير
|
رد : أعذب الشعر امرأة ...صدى وصورة
[web]http://www.aleqtisadiah.com/news.php?do=show&id=67719[/web] |
29-03-2007, 23:20 | #8 |
جنّةُ العصافير
|
رد : أعذب الشعر امرأة ...صدى وصورة
حوارات عقبت إصدار الكتاب مجلة المجلة .. الشاعر إبراهيم الوافي في حواره مع ( المجلة ) : الحب شكل من أشكال المقاومة من حيث هو توق إلى تحقيق الذات بالسعي إلى توحيدها مع الآخر * النقاد منقسمون ما بين العزلة الأكاديمية ومزاجية الانصراف إلى ما يطلبه الجمهور !! *( المدرسة السيّابية ) هي النموذج الناضج لقصيدة التفعيلة ..وتنوعها جعلها تختلف كثيرًا عن المدارس التي لا تقبل إلا ذاتها !! * لم تتحرر قصيدة النثر من الإيقاع إلا لقدراتها الرهيبة في إلغاء الذاكرة الموسيقية وإدخالنا غواية الشعر بمنأى عنه * حقبة شعر الثمانينيات بما فيها من الحملات المؤدلجة والتطرف الموقفي والوهجٍ الإعلامي تتكرر مع الرواية الآنية . *الرواية نجحت في إثارة الجمهور واستفزازه بانتصارها وانكسارها معا !! لأن الحياة أنثى فالقصيدة كذلك أنثى والكتابة امي وقوت أبي وتاريخ غدي ..! هو شاعر عند باب الحقيقة يكتب ، أو عاشق مستحيل ، وبين الحياة باعتبارها نصاً وبين القصائد بوصفها أسلوب عيش يمكن لإبراهيم الوافي أن يتراءى من أقصى مدينة متناهية الدروب ، يتأبط شجناً ويخطو على ماء المشاعر باتجاه جهة خامسة للكلام .. وأخيراً رأى - فيما يرى الهائم - في وادي المعاني أن كوكباً أضاء ليقول له أن الكون قصيدة وأن أعذب ما فيه امرأة ملبدة بالنجوم !! هنا يتحدث الوافي عن إصداره الجديد وعن تجربةٍ لا تعرف من الشعر إلا كله . 1//المجموعة الجديدة تمزج بين القصيدة المموسقة .. و الانسياب النثري ، وقد جاءت نصوصها بأبعادٍ سردية. ورؤيوية أحيانا ، ما الذي يفسر اتساع مشهدك الشعري بشكل يفضي أحيانا إلى السرد أو النثر الفني ؟؟ ) أعذب الشعر امرأة ) أشبه بفوضى شجن ، أو رحلة قطار لا يسأل المسافرين أسماءهم أو وجهتهم .. حين لا نتهيّأ للخروج على الحب ولا نجفّف أثوابنا على حبال المواعيد المؤجلة ... هكذا نقطة من أول السطر تبدأ بي وتنتهي لديّ .. تميمتها دهشة الوجود ، ورسالتها ادّخار مهر امرأة لا تكفيها القصيدة .. ليجمعني بها ظلال ياسمينة في مدينة مستحيلة ...! سأدّعي دائما الشعر ..كلّما تشعّبت دقائقي .. وتناثر بوحي على أطراف أوراقي .. أموسقه بصوتي حينا .. فينثرني رجعه في أحايين أخرى دون استهداف هذا ولا ذاك ..هكذا .. كما لو أنه جاء كما شئتُ له أول الضوء موسومًا بــ ( تأبّط شجنًا .. أو بـ ( في مهب الشجن ) قبل أن أستقرّ أخيرًا على ( أعذب الشعر امرأة ) ربما لأدعي الشعر وحده في صفحاته ... وهي حالة ــ ليس من الضرورة أن تكون مقصودة ــ تتماهى مع ( الولادات ) المغايرة للنصوص الالكترونية حيث يولد النص ( لامنتميًا ) متماهيا مع هذا الفضاء الذي اقتربت فيه الأجناس الأدبية حد الالتصاق والتطابق ، حين جاء محتوى الكتاب الكترونيا وعبر مواقع تفاعلية محفّزة دائما على التوالد والتكاثر ... هذا بالطبع على افتراض ازدواجية الشكل ( المموسق / المنثور ) ..مع إنني بصدق سأدّعي دائما أن لا غير الشعر استكشفت بعيدًا عن التصنيف الشكلي وموقفي الخاص منه ... 2/أعذب الشعر امرأة ، هل جاء ليكرس صورة القصيدة الأنثى في تصور شاعرٍ يؤمن أن وراء كل (نص) عظيم امرأة ، حدثنا عن سر هذا التعالق الفني وكيف يمكن إحالته إلى قراءة أخرى تتداخل فيها الأنثى في كينونة النص متجاوزة أدوارها الشعرية المعتادة؟؟ سأعترف دائما أنني ومن بعد إصدار المجموعة الشعرية الثالثة ( سقط سهوًا ) الصادرة في عام 2000م ، وقعتُ كثيرًا في حالة مزجٍ _ لايحق لي تقييمها بالطبع _ بين ( الأنثى والقصيدة ) حد التوصيف المتبادل ( قصيدةٌ أنثى // أنثى قصيدة ) .. و من هنا .. يجب أن نشير إلى مفهوم ( المرأة ) في هذه الحالة كأشهى وأعذب إطلالة للـ أنثى التي تشكل المساحة الخصبة من الوجود الإنساني .. فنقول بعفويّة .. أوليست السماء أنثى ، والشمس أنثى ،والأرض أنثى ، والسحابة أنثى ؟! .. هذا التأنيث العظيم لآيات الوجود الخصب على مستوى اللغة يدفعنا دائما إلى الوقوف أمام المرأة بكل تفاصيلها الشهية وهي أجمل هيأة تمثل ( الأنثى ) كثانيَ اثنين من بني الإنسان فهي بالتالي القرينة والقريبة ، وقفة اقتران وتفاعل .. قد تقفها المرأة كثيرا فلا تحتفل بها شبيهتها حين تنتظر وقفة الذكر وحده ليقترن بها ويتفاعل معها .. وهذا ماجعلها على مدى التاريخ تبحث عن مرآتها في عينيه ، في حين يبحث هو عنها في إخصاب الوجود فيلقاها الأجمل بين مؤنثات الرؤى والأقرب من عينيه دائما ، ولهذا شغلته دائما بها فشغلها معه لأجلها .. فضلا عن أمرٍ غاية في الأهمية يتعلق بالعلاقة المتواترة دائما بين الحب والشعر ــ وعلى مر العصور واختلاف اللغات والثقافات ــ حين يكون الحب ذاته حاجة ضرورية للشعر ... فبالنظر إلى ماهية الشعر وكنهه.. حيث المظاهر الحلمية والشجن الذي لا انعتاق منه.. سنجد ما يفسر هذا التلازم الأبدي المرافق للحب في التعبير الفني على مستوى الشعر.. إذ أن مشاعر الغبطة والفرح واللوعة والحزن مشاعر إنسانية.. يبقى الحب مملكتها الدائمة في الوقت الذي يجعل منها الشاعر فضاءه الحلمي الممتد بين الحزن والفرح، وتفاعل هذين المظهرين (وأعني بهما الحزن والفرح) مع ما يرافق هذا التفاعل من نشاط إبداعي تخيلي، هو ما يعطي للعمل الفني مظهره الوجداني... ولأن الحب ذاته شكل من أشكال المقاومة تجاه قوى الحصار من حيث هو توق إلى تحقيق الذات بالسعي إلى توحيدها مع الآخر عاطفياً وجسدياً.. كانت ( المرأة ) هي ذلك الآخر للشاعر .. حين تتصف ( المرأة ) باتساع النظرة وقصرها ، ويتصف الرجل ببعد النظرة وضيقها .. فيتحقق من خلالهما معادلة التكامل الرؤيوي في القصيدة ... ولعلني هنا أوصّفُ ما أنا عليه في هذه المجموعة الشعرية أو سابقتها وأعني بها ( وحدها تخطو على الماء ) الصادرة في عام 2004 م .. دون الدخول فيما لايحق لي من تقييم هذا التوجه الشعري. 3/بعد خمس مجموعات شعرية تكونت في مراحل زمنية مختلفة في مشهدنا الثقافي وتشكلت كذلك في مناطق متعددة ضمن مشهدك الإبداعي الخاص ، كيف يبدو لك هذا الديوان من خلال نظرتك عبر المشهدين ؟؟ بصدق لعلني حاولت جاهدًا الخروج من مأزق التكرار الممجوج عبر طريقة التصنيف في الإصدارات بحيث يشكل الإصدار الواحد توجها شعريا واحدا بحالة شعرية واحدة فتشكل قصائده مجتمعة قصيدة طويلة تستوفي جوانب الحالة كافة ، وقد بدأت هذا مذ ( سقط سهوا ) كتجربة خاصة باستلهام التراث وتمثله وتوظيفه ، ومن ثم ( وحدها تخطو على الماء ) ، حيث الأنثى القصيدة.. في حين أكاد أعتقد أنَّ مجموعة ( أعذب الشعر امرأة ) إنما هي الوجه المقلوب لــ ( وحدها تخطو على الماء ) بحيث تومئ نصوصه بــ ( القصيدة الأنثى ) على أنه من المتوقع إن شاء الله أن تصدر خلال الشهرين القادمين المجموعة الشعرية السادسة ( وحيدًا من جهةٍ خامسة ) وهي التي تعثر إصدارها أكثر من مرة لظروف مختلفة، مشتملةً على نصوص شعرية متفاوتة في زمنها بين مرحلتي سقط سهوا ووحدها تخطو على الماء ويجمعها توجه شعري واحد ، ولا أعرف حقيقة مدى جدوى مثل هذا التصنيف في الإصدارات لكنني أراه مخرجًا من مأزق التكرار ومدّا موضوعيا للتجربة الشعرية المتكاملة تلك التي لا تكتفي بإصدار وحيد حينما يكون حلم التواصل مع المتلقي لاحدود له . 4/استخدامك التفاصيل اليومية والمشاهد الحياتية المعتادة ضمن النسق الشعري يقودنا إلى سؤال حول المعيار الذي يمكن من خلاله ربط القصيدة بخصوصيتها وتعقيداتها مع المعطى الإنساني البسيط وهو أساس كتابتها؟؟ بصدق مازلت مؤمنًا من أنَّ الشاعر في العالم الآني لم يعد مرشداً ولا زعيماً ولا خطيباً ، إنما هو فرد من افراد المجتمع يتميز عن غيره بطريقته الخاصة في رؤية الأشياء والتعامل معها وصياغتها فنياً وجمالياً ، وفي قدراته على التعبير عن أحاسيسه وانفعالاته واكتشاف المسارات العامة للوجود الإنساني واستشراف الآفاق المستقبلية وممارسة تأثيره على وجدان الناس من خلال العلاقة الحميمة والهادئة معهم والتي ربما صار مسرحها الحقيقي اليوم هو القراءة الفردية لا المهرجانات الحاشدة ، وهذا المآل ليس ازمة في الشعر نفسه وإنما هو محصلة طبيعية لمجموعة واسعة من العوامل والشروط التي أملاها العالم المعاصر!! هذه الرؤية لايمكن أن نفسّر إيماننا بها مالم نفتح للقصيدة نوافذها المطلّة على الشوارع المضاءة بألوان عيوننا ، والمطفأة كتنور مخبزٍ بدائي في زمن الخبز الآلي .. حتمًا سترقص ستائرها من نسائم الهواء القادمة من جهة المدن التي ( مزّق الطلق أحشاءها ) كما قال كبيرنا الذي علمنا الشعر (محمد الثبيتي) .. ثم حين نحاصر دوخة الرقص ..سنكتشف بسهولة أننا جميعًا اشتركنا في صناعة هذا الهواء ... فلا أقلّ من أن نتنفسه مجدّدًا على هيئة رؤيا وقصائد شتى ..! 5/ إذا حاولنا استكناه المسمى ولو على سبيل الاقتراح ..هل كان وريث الرمل يعبر عن ذلك المعاصر الذي يمكن قراءة الملمح التاريخي في كثير من نصوصه بل أنه أصدر ديواناً مستقلاً يجسد فكرة كهذه ؟؟ لا أظنك تجهل ابتسامتي ياصديقي حين أقول إنني كنتُ أصغر بكثير من أن أدّعي أنني جئتُ من غبار نجمة غادرت السماء فورثتني الرمل بالأمومة .. لكنني تكابرتُ حينها وادعيتُ هذا لأقراني ، وحينما لم يصدّقني غيري اكتفيتُ بميراث أمّي. هذا عن أساطير الأسماء وما يحاك حولها .. لكن الحقيقة أن علاقتي الوثيقة جدا بالتراث الأدبي والتاريخي والثقافي القديم ( والصحراوي منه تحديدًا ) كما أومأت في سؤالك ، ربما أصّلت هذا المسمى كأفق رؤيوي عند بعض الأصدقاء ، وبالنظر لكوني قد أعدّ مقارنة بغيري واحدًا من الناشطين على الشبكة الالكترونية من خلال التأسيس وإلإشراف المباشر على منتدى الشعر المعاصر .. ومشاطرتي لأصدقائي بعض المواقع التفاعلية ، وبما اعتدناه من قدراتنا المتطورة في اختيار هيأة فنيّةٍ خاصة لحظة الحضور الافتراضي ، كان مسمى ( وريث الرمل ) الهيأة التي خرجتُ بها فتأصّلت لقبًا بعد أن كانت لا تتجاوز التوصيف الخاص من قبل أصدقاء ملاصقين لي اجتماعيا 6/رأيك في قصيدة النثر بأنها صورة إبداعية مختزلة أو (مكبسلة) وأنها لم تخرج عن سلطة الإيقاع إلا لتبدع على المستوى الرؤيوي ، ألا يعني هذا في المقابل أن النصوص المموسقة تنطوي على إسهاب غير فني أحياناً ؟؟ ، وأن إيقاعها يؤدى إلى ( إيقاعها ) في صور مرتجلة ودون معايير جمالية بالضرورة ؟ على الإطلاق . ولا يعني توصيفي لقصيدة النثر كما أراها ، إشارةً مبطّنة إلى وقوع القصيدة المموسقة إجمالا في فخ الصنعة حتى وإن وقعت كثيرا بالفعل حين يقدّم الشاعر الوزن على الشعر ... لكن الأمر يعود إلى قصيدة النثر ذاتها .. فمقياس الشاعرية فيها هو قدرتها على إلغاء ذاكرتنا المموسقة على مر العصور التي تلقّفنا فيها القصيدة العربية الأم ، فبالنظر إلى موسيقى الشعر التي ظلّت منذ العصر الجاهلي قبل أكثر من ألف وخمسمائة عام ( كالإله ) الذي لم يعبد عند العرب ــ يجددون ويطورون ولا يجرؤون على المساس بها ــ إلى ما قبل ثلثي قرن من الزمان تقريبا ... حين جاء التجديد خروجًا على نمطية الإيقاع فقط لا على إلغائه .. فأن ما تقوم به قصيدة النثر عبر ( شحنة شعرية ) عالية بالصورة التي يمكنها من خلالها أن تلغي كل هذا التاريخ بطرفة حرف جديرٌ بالتقدير والتبشير معا ... فلا أقل من أن أقول إنها ما تحرّرت من الإيقاع إلا لقدراتها الرهيبة في إلغاء ذاكرتي الموسيقية حين تدخلني غواية الشعر بمنأى عنه ... وربما بسبب إيماني هذا لم أجرؤ بعد على خوض تجربة قصيدة النثر كما يكتبها شعراؤها المذهلين من أمثال عماد ابو صالح على سبيل الذكر .. وليس ذنبها أن تكون مسرحًا يختلط فيه الجيد والرديء لدى القارئ العادي .. حين اختارت جمهورها نخبوياً مقارنة بأولئك الذين لا ينتظرون المطر حين يستغيثون الشعر فهشّتهم بالتالي عصا الخليل بن أحمد إلى ساحة النفاق ...! على أنني أود الإشارة دائما إلى أن نظرية العروض التي يستند عليها أنصار القصيدة التقليدية .. لم تكن يومًا نظرية فنية ، حين حملت في بعدها العام نظرية تربوية خالصة .. أراد منها الخليل بن أحمد تحميل الشعر مؤونة التاريخ ..حينما تيقّن ومع غياب التدوين والتوثيق ..من أن الشعر فقط هو القادر على حفظ تراث أمة بلا تدوين ... وبوقفة صادقة مع النفس ..سنكتشف هذا بسهولة كبيرة ... وإلا فكيف نفسّر ــ مع إيماننا الكبير بالعبقرية المذهلة على مستوى الصوت لجدنا الخليل بن أحمد ــ غياب الدور التأثيري للموسيقى ..حينما يحاول أن يقنعنا من أنّ (وليلٍ كموج البحر أرخى سدوله ) وقوله في ذات النص ( مكرٍّ مفرٍّ مقبلٍ مدبر معًا ) ؟!! عبر إيقاع واحدٍ لافرق فيه بين الأجواء النفسية المتباينة ، حين اختصت الموسيقى دائما منذ فجر استلهاما بالتأطير الفاعل والمؤثر للجو النفسي العام ... 7/ تؤمن بتعددية الأطياف الإبداعية ضمن عملية التعبير الإنساني وهاجس البحث دائما عن جديد على مستوى الفعل الشعري ، ويمكنك الوصول إلى تنوع أكثر جرأة من ناحية الشكل غير أنك مازلت مخلصاً لمدرسة السياب في مسيرتك الشعرية ، هل هناك موقف ثقافي وراء ذلك ؟؟ أولا لتناول مفهوم ( المدرسة السيّابية ) إن جاز الاصطلاح من وجهة نظري الخاصة على مستوى الشكل حين جاءت النموذج الناضج لنص التفعيلة على الرغم من أنها تزامنت مع بداياتها ذات الصراع الشرس مع القصيدة التقليدية ، ويجمع كثير من النقاد أن لهذه المدرسة الفضل الأول في ثبات قصيدة التفعيلة وقدرتها على مجابهة كل تلك الهجمات الشرسة التي وجّهت لها في بداياتها .. وبالتالي تبدو القصيدة السيابية الشجرة الأم لقصيدة التفعيلة ..لكنها تميزت دائما وبشكل متفرّد في تنويع ثمارها وفقا لتنوع أغصانها ، وعلى اصطلاح مفهوم المدارس تبعا للشخصيات الشعرية سنجدها بالتالي تختلف كثيرًا عن المدارس الورطة أو ( المسخ ) التي لا تقبل إلا ذاتها من مثل مدرسة نزار قباني مثلا .. هذا عن السياب وأثره حين تتقاطع كثيرٌ من تجارب شعراء التفعيلة مع تجربته النموذج على مستوى الشكل حيث التدرّج النسبي في الانزياح من النص التقليدي إلى نص التفعيلة ... أما عن إيماني بتعدد الأطياف الشعرية وانكفائي عليها مع قدرتي على التنوع كما ترى ، فلعلَّ هذا الأمر بالنسبة لي بدأ بالتلاشي مع اعتيادي منذ أكثر من ثلاثة أعوام على ممارسة الفعل الكتابي الأسبوعي في الصحيفة ، وأخيرًا اليومي على الشبكة الالكترونية على شكل رؤى ومقالات متنوعة في الشعر والحياة ، وربما تشهد الشهور القادمة أو على الأقل العام القادم بإذن الله إصدارًا أو أكثر لا يشبه ما قبله من إصدارات شعرية خاصة .. /8/الحديث عن أزمة على المستوى الشعري يطرح علينا تساؤلات حول مايقدم من منتج إبداعي حالياً ، هل تراها أزمة ذهنية لدى المتلقي أم أنها متعلقة أكثر بالنص من حيث ذاته وتكوينه الفني والجمالي؟؟ الأمر بشكل عام يوحي بأزمة ثلاثية يمر بها الشعر المعاصر على مستوى الشاعر والناقد والمتلقي .. وهي كما يخيل لي تضخّمت كثيرا كأزمةٍ إعلامية ، حينما تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من نصف المنجز الأدبي في دور النشر عندنا عبارة عن إصدارات شعرية ، على أن الشاعر وهو العنصر الأهم من عناصر الأزمة ..فضّل الانزواء بشعره وإصداراته معمّقا الهوة بينه وبين المتلقي .. فانصرف الناقد المتخصص بدوره إلى بحوثه الأكاديمية بعيدًا عن التأثير والتأثر بالساحة الثقافية بشكل مباشر وانصرف الآخر من ذوي ( المزاج النقدي ) إلى ما يطلبه الجمهور ، المندفع نحو الرواية حين نجحت في إثارته واستفزازه بانتصارها وانكسارها معا بما لها وعليها ، وهي في هذا لاتبتعد كثيرًا عن ثمانيناتنا الشعرية في القرن الماضي حينما حملت الحملات المؤدلجة والتطرّف الموقفي شجون وشؤون تلك الحقبة الشعرية بوهجٍ إعلامي يتكرر مع الرواية الآنية ذات السمات الخاصة بشعر الثمانينات.. ولعلّنا بعد كل هذه الضبابية الإعلامية المؤثرة لا نتفاجأ من تغرّب القصيدة المعاصرة وتبادلها التهم بين أركانها الثلاثة ( الشاعر / الناقد / المتلقي 9/ وأخيرًا ياإبراهيم .. لماذا ( أعذب الشعر امرأة ) ؟ يدي معلّقة في جبين السطر ، لا أجيد إلا معاشرة الحنين ومباغتة النشوة ، لاشيء نخفيه كي نخافه ياهيثم ، تماما كما أننا لانخاف شيئا كي نخفيه ، فالكتابة كخطوةٍ لايعنيها الطريق حينما يتسع لها إلى أي جهةٍ يفضي بها ، كما أنها لا تمّحي بالرجوع حينما تكون أثرًا أخْلَدَ من حياة .. وأبقى من مصير .. ! هكذا أفاجئ نفسي بالبوح دون أن أبوح لها ، غالبا تسألني الريح عن جهة المطر ، فأشرع للرمل منديلاً أخضرَ كان لليلةِ عرسٍ موءؤدة ، و( امرأة ) آثرتِ الرملَ على ذراعيّ ، وأخذت متكئا تستغيثُ للعشبِ بمنديلها الأخضر ويديها العطيبتين ... وبعد أن يرتوي الرمل من عطش السنوات والحروف يسألني العشب امرأة من زمن الياسمين وفواكه الترف وقافية الراء ، كما تسألني أمّي امرأة من مدينة الطمأنينة والقصائد الخالدة ... نعم ياصديقي سأقول دائما إنَّ الحقيقة أنثى والـــدنيا أنثى .. ولأن الحياة أنثى فالقصيدة كذلك أنثى والكتابة امي وقوت أبي وتاريخ غدي ..! f: |
29-03-2007, 23:21 | #9 |
جنّةُ العصافير
|
رد : أعذب الشعر امرأة ...صدى وصورة
صحيفة الرياض [web]http://www.alriyadh.com/2007/03/29/article236918.html[/web] كل الود لكم |
21-04-2007, 12:14 | #10 |
جنّةُ العصافير
|
رد : أعذب الشعر امرأة ...صدى وصورة
في مجموعة (أعذب الشعر امرأة) لإبراهيم الوافي: الأجواء الفيروزية في صباحات الرياض ودلالات العنوان المحتملة * عبدالله بن عبدالرحمن الزيد يمثل الشاعر الأستاذ (إبراهيم بن أحمد الوافي) واحداً من أبرز جيل أواخر الثمانينيات والتسعينيات حضوراً في الصحافة الأدبية المحلية وفي الأمسيات الأدبية، ولم يكتف - فقط- بحضوره عبر المساهمة في النشر والإدلاء بصوته الشعري.. بل تعدَّى ذلك إلى الفاعلية الثقافية والإسهام بجهده ومتابعته فتولى عن محبة ورغبة الإعداد والتحضير والتنظيم لأمسيات النادي الأدبي في الرياض وبشكل خاص نشاطات (بيت الشعر) في النادي، ويصبر في سبيل ذلك على كثير من المتاعب والمصاعب التي لا يعاني منها سواه.. ولذلك وجب على كل من هو ضمن المنتدى الأدبي بعامة والشعري بخاصة أن يشد على يده ويحييه ويقول له: (شكراً).. وقبل فترة صدرت للشاعر (إبراهيم الوافي) مجموعته الشعرية الخامسة الموسومة ب: (أعذب الشعر امرأة) عن دار المفردات للنشر والتوزيع في الرياض..وذلك بعد أن قرأت له الساحة (رماد الحب) و (رائحة الزمن الآتي) و (سقط سهواً) ثم (وحدها تخطو على الماء).. ومن تحصيل الحاصل الاشارة إلى وضوح معمارية القصيدة المعاصرة لدى الشاعر.. وأنه من أشد الأوفياء لعمود الشعر المطور المُجدَّد الذي ورثه شعراء ما بعد الثمانينيات والتسعينيات، ولم يقتصر الشاعر (الوافي) على تلك الفقرة بل إن الإرث الشعري الذي يبدع من خلاله ويجدد يمتد عمودياً ليشمل ما وصلت إليه قراءاته وثقافته الشعرية والأدبية وأفقياً ليوظف أجمل التجارب الشعرية في مختلف منابت الشعرية المعاصرة في الوطن العربي. هذا الشاعر العذب الجميل مسكون بكثير من القيم الشعرية التي خلقت لديه تكويناً لا يماثله تكوين آخر ومن ثم خلق لها هو في ذاته هطولاً شعرياً يختص به وحده ومن أكثر القيم المتوالدة لديه (عالم مدينة الرياض) التي عاش فيها عهداً وميلاداً إبداعياً لا يعي جمالياته سواه، وهو إذ يعبر عن كيميائية وجوده في هذا العالم لم يشر إلى أنه ملزم بأن يقدمه على أنه عالم مثالي طوبوائي أو أنه حلقات من اليوتوبيا التي لا حدود لها.. صحيح أنه عاش فيه تجارب من أجمل تجاربه في الحضور الشعري والنشر وبخاصة عبر جريدة الرياض، غير أنه يقدم ذلك العالم بواقعيته.. يقول الشاعر من قصيدة: (صباح آخر لا يشبهك): (... بيني وبين الخروج من الباب ظِلّي.. وبيني وبين الدخول إلى الحب كُلّي.. ميعاد نشوتها.. صمتها بعد شهقها.. والرصيف الكبير.. نهارك آمن بكاء الصغير صباح الرياض ثقافة يوم الخميس مقالة تركي السديري مواعيد نشر النصوص لدي يدي في يدي كفوضى غريب فقير نهارك داكن غبار المدينة فوق عراء الشجر...) ... (شتاء الرياض كطاولة مستديرة كدمية طفل يتيم.. كسيدة بثياب فقيرة كقلب عقيم شتاء الرياض طويل.. ثقيل كقافية جاهلية.. شتاء الرياض.. تفصد كالحزن فوق جبيني.. تخثر في طرقات النهار.. وفي عثرات الظلال شتاء الرياض جياع صغار وسدرة مقبرة ذابلهْ). الشاعر هنا يرسم عالماً متوازناً بين حميميات ذاته الشاعرة المثقفة، وبين ذلك الطابع الذي من غير الممكن أن تجامله التجارب والقصائد.. وبأي حال ليست تلك هي الفقرة ذات الحضور الطاغي في المجموعة.. هناك كثير من الحالات والتحولات.. غير أن أكثر حالات الشاعر توهجاً في هذه المجموعة هي تماهيه اللافت مع الفن الفيروزي وتكوينه جنة وجدانية من تفانيه وفنائه الشعري مع أغنيات فيروز، وتبلغ ذروة هذا التماهي عندما يعنون إحدى قصائده بعنوان إحدى أغنيات فيروز وهو (أنا عندي حنين) التي يقول فيها: (أنا عندي حنين.. يا الله...!! في هذا الليل المبحوح.. لا أعرف إلا قلباً ككرة بالونية خفيفة.. فقدها الأطفال ذات رياح شرقية.. فعلقت بشجرة شائكهْ.. لن أطيل عليك الحنين قلت للشعراء العظام بأن الحقيقة أنثى وأن دم الرمل في ذمة الراحلين قال: من أين تأتي.. فقلتُ تجيء على غيمة نائمهْ.. قلتُ سوف تجيء لنا حالمهْ.) وتبلغ المسألة الفيروزية لدى الشاعر ذروتها الأعلى عندما يعنون قصيدة طويلة بعنوان (فيروزيات)، فيدلف إلى عالم قصيدته الفيروزية فينوع على جملة من أكثر أغانيها حضوراً في الذائقة العربية فيبدأ بأغنية (ورقه الأصفر شهر أيلول) التي يقول منها: (... أحتاج عينيك كثيراً إن هما إلا قشتا شعر: الأولى، قصمت ظهر المصير والثانية: أنقذتني غرقاً.. الخريف المقبل بورقٍ أصفر كل يغضى إليك ولس لي إلا قلب واحد وذاكرة بعكاز مكسور..) ويعزف الشاعر على أوتار ومقاطع أغنية (سألوني الناس عنك يا حبيبي).. يقول: (القصيدة التي لا تحمل الحمام والرسائل لن يقرأها المتعبون في أريكة الانتظار هكذا كنت أكتب إليك.. القصيدة تنمو في أضلاعي وحدي ولكنني لا أسمعها إلا بضحتك.. لهذا لا أكتب القصيدة الآن...) كذلك يستحضر الشاعر أغنية (الليل مش للنوم...) ويستريح بهذا الشكل: (يغفو القمر على سرير غيمهْ.. بينما تسرح الريح شعر الضوء أيتها النجمة: ارقصي.. هذا عرس الليل.. عودك رنان.. سمعني عودك..) ويكمل الشاعر قصيدته في حضرة أغنية (من عز النوم) وأغنية (وَيْنَنْ) ثم أغنية (أعطني الناي وغَن).. والشاعر (إبراهيم الوافي) يسجل بذلك حضوراً صارخاً في سياق تمازج الغني والشعري حيث يتحد المقومان الكبيران (الكلمة) و (النغم)، الشعر والموسيقى، الإيقاع واللحن في مرحلة من مراحل امتزاج الفنان الشعر والشاعر الفنان في عمره الذهبي الذي لا يعيشه سواه.. وفي عالم الأدب والثقافة والشعر دائماً وأبداً ما تحضر (فيروز) بشخصيتها وفنها السامي الراقي المتنامي باتجاه نخبوية اللحظات الإنسانية الاستثنائية والشاعر الوافي ليس بدعاً من بين شعراء الحداثة والتجلي الإبداعي عندما يسجل هذا الحضور الفيروزي الطاغي بين ثنايا شعريته المرهفة جداً، ولكن في الوقت ذاته يسجل تفرداً في هذا التنويع على الأغاني واستحضارها بشكل لم يسبق له مثيل.. ولا أبتعد عن واقعيته السحرية كثيراً عندما أشير هنا إلى أن الشاعر قد أضفى على فيروزياته وعلى المجموعة كلاً جواً فاتناً من حميمية التلقي فليس من الممكن أن تتسلل هذه القصائد إلى ذات المتلقي دون تلك الأمداء الجارفة التي ستأخذه إلى سطوة لذيذة لفتنة اللحن والأغنية دون شك.. ولعل الشاعر بذلك قد منح المتلقي زمناً موازياً لزمن التلقي زمناً مترعاً بالسمو والجمال والألق يجعل من متعة القراءة والتفاعل وهجاً فريداً كم هو في حاجة شديدة إليه.. نخرج الآن من فتنة التماهي بالغني والغناي، لنلاحظ أن (الرياض) المدينة تخلد في ضمير الشاعر إلى يقظة عارمة فيكتب قصيدة صارخة العنوان هي قصيدة (صباح الرياض).. يقول فيها: (... من هنا.. كنت أمضي صباحاً إلى الجامعة.. قبل عشر سنين مضت حين كنا معاً لم تكن إمعهْ.. افترقنا هنا.. يا صغيري الطويل.. وكل قضى شأنه يومها قلت يا صاحبي (صاحب.. لا يسير أمامك.. إن ظلي خلفك لن تتبعهْ..) (... توحش قلبي.. تشعبتُ كالريح فوق الرّصيف نسيجاً.. ورتلت أعذار سيدة مذنبهْ..) (لا تحدقي بي هكذا.. أنت بين اللهفة واللهفة والغياب مدينة شحيحهْ.. في صباحات فيروزية النكهة البرد في الباب.. وصباحات الرياض مزدحمة الضوء كزمن لا يحسن توثيق ساكينه....) فهذه هي الرياض وتلك صباحاتها المغموسة بالزحام والضوء الضجيج، غير أن الشاعر يمزج تلك الصباحات بالنكهة الفيروزية لكي يمنح ذاته شرعية الامتزاج والتماهي بهكذا مدينة وبهكذا صباحات لا تشبهها صباحات أخرى في أزمنة وأمكنة أخرى.. إن هذه الجدلية التي لا مفر منها بين ذات الشاعر التي تتوق في تجربتها وفي إفصاحها إلى الخلاص والانعتاق المثالي وبين مكان مضرج بالحرارة في أقسى سطوتها وبالبرودة في أعنف حصارها إنها هي ما يشكل الكون التعبيري الشعري لدى الشاعر، ولذلك قال في البدء: (في زحام الشوارع المشمسهْ: أيُّنا لا يدهسُ ظلَّ صاحبهْ؟) ويقول في نهاية القصيدة: (مساق القُرَى نزوتان: ضباب الخريف.. وبرد الثرى.. تأبط سراً قضتْ عينُه نحبُها حين جاعت أنامله للكتابة كان يقول الكثير: تموت كما مات أجدادك الأولونْ) من الظواهر الفنية في مجموعة (أعذب الشعر امرأة) تنويع الشاعر بين فقرات قصائده بمقطوعات نثرية جاءت ضمن معمارية القصائد وشكلت جزءاً لا ينفصل عن النص، وهذه مزاوجة تعبيرية لا يستطيع المتلقي أن يصادر حرية الشاعر في استخدامها ما دام أن هذا الشكل في الإفصاح الشعري يرضي ذائقة الشاعر ويعبر عن رؤيته الفنية..نجد تلك المسألة في قصيدة (صباح آخر لا يشبهك) و (مخاتلة) و (أنا عندي حنين) و (في مهب الغياب) و (صباحات غامضة) و (فاصلة ونصف انتظار) و (صباح الرياض) و (الحضور امرأة) و (عائد من النهر).. واستخدام المقاطع النثرية البحتة في هذه المجموعة أعطى القصائد نفساً درامياً، وشكل (سيناريو) داخل القصيدة، كما يوحي بأن هناك لحظات ومعاني وإضافات لم تف بها الإشارات الشعرية العابرة.. بقي أن نشير إلى شيء من السيمياء والدلالة في عنوان المجموعة، وأول ما يتبادر في هذا الشأن هو مجيء هذا العنوان بمزيج عجيب من الوصفية الخالصة ومن الشعرية البحتة.. فحضور المرأة في المجموعة طاغٍ ولا مجال لتجاوزه.. فهل يعني ذلك أن الشاعر يصف مجموعته بكامل العذوبة؟! هذا تساؤل - لا شك - يرد في ساحة الأخذ والعطاء.. التساؤل الآخر يقول: (نعرف ونحفظ أن في موروثنا الأدبي عبارة شهيرة جداً تقول (أعذب الشعر أكذبه).. ولا مناص هنا من استحضار المعادلة التي من خلالها قام الشاعر بوضع (المرأة) بدلاً من (الكذب) فماذا يعني ذلك؟.. هل (المرأة) معادل موضوعي للكذب؟ أو أن الشعر لا يعذب ولا يحلو إلا إذا تجسد في شخص امرأة كما قرر الأولون أن عذوبة الشعر توجد بشكل مذهل في أكذبه؟) الإجابة في بطن الشاعر كما يقولون.. وفي مجمل القول أن الشاعر (إبراهيم الوافي) قدم للساحة الشعرية مجموعات شعرية مميزة ذات شخصية واضحة القسمات، والسمات وفي مقدمتها - لا ريب - مجموعة (أعذب الشعر امرأة). [ المصدر ] اخر تعديل كان بواسطة » شروق محمد يوسف في يوم » 21-04-2007 عند الساعة » 12:20. |
عدد المتواجدون في هذا الموضوع » 1 , عدد الأعضاء » 0 , عدد الزوار » 1 | |
|
|
|