من خير الكلام


آخر 10 مشاركات
هلا بالجميع (الكاتـب : دغيفل - - الوقت: 20:59 - التاريخ: 14-11-2023)           »          اصعب سؤال (الكاتـب : علي التركي - - الوقت: 14:50 - التاريخ: 26-06-2020)           »          وريثة الغيم (الكاتـب : علي التركي - - الوقت: 10:37 - التاريخ: 21-03-2020)           »          الظِل.......! (الكاتـب : كريم العفيدلي - - الوقت: 23:00 - التاريخ: 26-01-2020)           »          آفـآ وآلله يـآمـجـرآك (الكاتـب : ناعم العنزي - - الوقت: 10:12 - التاريخ: 23-01-2020)           »          ثـقـوب (الكاتـب : عائشة الثبيتي - - الوقت: 10:25 - التاريخ: 17-12-2019)           »          ~{عجباً لك تدللني}~ (الكاتـب : شيخه المرضي - - الوقت: 23:39 - التاريخ: 26-11-2019)           »          تاهت خطاويه (الكاتـب : حمود الصهيبي - - الوقت: 08:55 - التاريخ: 14-11-2019)           »          خزامك وشيحك (الكاتـب : حمود الصهيبي - - الوقت: 22:43 - التاريخ: 08-11-2019)           »          موسم الصمان (الكاتـب : حمود الصهيبي - - الوقت: 14:58 - التاريخ: 08-11-2019)


 
العودة   شعبيات > > ممرات للضوء
تحديث هذه الصفحة دعوة لمحاضرة: إشكالية الأخلاق في الكتابة السردية
 
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 30-04-2007, 08:02   #1
كائن سردي
عضو شعبيات
 

دعوة لمحاضرة: إشكالية الأخلاق في الكتابة السردية

يتشرف النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية
بدعوتكم لحضور محاضرة عن إشكالية الأخلاق في الكتابة السردية

ضمن فعاليات لجنة السرد
مع الكاتب الأستاذ /عبد الواحد اليحيائي

وذلك مساء يوم الثلاثاء
21 ربيع الآخر 1428هـ الموافق 8 مايو 2007معند الساعة الثامنة مساءً

وذلك في مقر النادي بحي الشفاء بالدمام

الدعوة عامة
يوجد مكان خاص للسيدات

كائن سردي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
قديم 11-05-2007, 04:53   #2
كائن سردي
عضو شعبيات
 

رد : دعوة لمحاضرة: إشكالية الأخلاق في الكتابة السردية

محاضرة الأستاذ عبدالواحد اليحيائي:

النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية - الدمام
مساء الثلاثاء 21 ربيع الآخر 1428هـ
الموافق 8 مايو 2007 م



إشكالية الأخلاق في الكتابة السردية


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكر لكم حضوركم (حضوركن) بداية..
وأشكر للنادي دعوته الكريمة..
وأشكر لزملاء السرد رغبتهم في تقديم شيء يتجاوز أمسيات السرد إلى شيء مختلف، وعسى أن نوفق جميعا في تقديم هذا المختلف الذي طلبوه وأملوه.

وأعترف لكم بداية أني ما أتيت لكم محاضرا..
ففيكم الأساتذة..
ومعكم أصدقاء الكلمة والحرف..
وبينكم من حاورني في بعض ما سأقوله اليوم فاتفق واختلف..
وكان جميلا في اتفاقه، وأكثر جمالا في اختلافه.

لكني أتيت إليكم محاورا.. ومتسائلا .. ومستمعا..

فعسى أن نصل معا إلى إجابة واضحة على سؤال شاغل محوره الحرية، ومبحثه الفن، وإطاره الأخلاق.

ولأني أردته حوارا لا محاضرة اخترت أن أعرض عليكم أفكاري ضمن نقاط متتالية وليكن الحوار بيننا بعد ذلك، فالمطروح للنقاش منها ما رأيتموه أنتم (أنتن) جديرا بالحديث عنه، أو لنقل أكثر جدارة بالبحث والتفكير من غيره.

لنفكر
ثم ليكن الحوار حول أفكارنا معا..
ولنتفق ولنختلف..
فإن اتفقنا فليكن اتفاقنا طريقا إلى مسؤولية جديدة..
وإن اختلفنا فليكن خلافنا لائقا بحملة مشعل فكر:
نختلف ولا يقصي أحدنا الآخر ولا يلغيه..
ولكن يعمل معه للوصول إلى حقيقة:
رغبة في كمال..
وبحثا عن جمال..
وإيمانا بمسؤولية وواجب.

ولنبدأ على بركة الله:



 ما هي الصلة بين فن السرد في القصة والرواية والأخلاق؟
وهل السارد واعظ اجتماعي أو زعيم سياسي أو خبير اقتصادي أو هو فنان مبدع وكفى؟
وهل رسالة السرد مرتبطة بأخلاقيات المجتمع؟
ومن وما الذي يحكم على نص (ما) بالأخلاقية أو اللاأخلاقية؟
وما هي مواصفات هذا النص الأخلاقي؟
اهو شيء مقتبس من سلوك السارد (كاتب النص)؟
أو مأخوذ من عبارات النص وكلماته وحروفه؟
أم هي تأثيرات هذا النص على المتلقي؟
أو أنها مقاييس أخلاقية تقاس بدرجة وعي المتلقي وثقافته وعلمه بمقاصد السارد؟

 الأخلاق ليست في مواجهة مع الحرية ولا هي في موقف تضاد..
الحرية تقابل العبودية..
والا أخلاقية تقابل الأخلاق.

 الأخلاق التزام مقدس يرتبط بالدين والقيم، وهو التزام مشغول بالانتقال من الضرورة إلى الكمال..
الفنون تفعل ذلك أيضا وهنا لقاء..
محوره الإنسان.

 الأخلاق مشغولة بالجميل في السلوك..
هي ليصل الإنسان إلى كماله.
والفن هو الإنسان في واقعه بين آماله وآلامه وتطلعاته عبر التعبير.
وهو (أي الفن) مشغول بالإنسان جميلا كان أو غير جميل.

 لا توجد حرية مطلقة..
حتى الإباحيون مقيدون بالإباحية حين يصرون على الالتصاق بإباحيتهم بمسوغ أو بلا مسوغ.

 بعض المبدعين لا يفرقون بين الحرية والفوضى،
إما جاهلين أو متغافلين:
لأنهم لا يحبون أن يلتزموا بالتبعات،
ولا يرغبون في تحمل المسؤوليات.

بعض النقاد يفعلون ذلك أيضا.

 الحرية تجعل الفن أكثر جمالا..
الفوضى هي من يشوه الفنون حين تحول الأخطاء الفنية إلى مبررات تحت دعاوى الحرية.

 هناك أخلاق اجتماعية وهناك أخلاق فنية..
والناقد الاجتماعي ليس الأفضل في مواجهة عمل فني.

 الجمال والفوضى كلاهما حرية:
الجمال التزام وتناسق وتبعات ومعرفة..
والتناسق حرية مسئولة..
ثم هو انطلاق.
الفوضى تخبط وجهل..
ثم هي انتكاس.
تحمّل المسؤولية، وتقبّل التبعة، هما الفرق بين الجمال والفوضى.

 أخلاق الفنان ليست مقياسا في نقد عمله الإبداعي..
لكن لا قيمة لعمل فني إن لم يرتقِ بالجميل في حس إنسان.

 هل يمارس الفنان (القاص، الروائي) سلوكيات خاطئة في حياته الخاصة أو العامة؟!
قد يفعل وقد لا يفعل..
ولا يجب أن يشغلنا ذلك إلا بمقدار تأثيره على الفن الذي يبدعه..
أي بمقدار تأثيره على النص في معناه ومبناه..
المبدع ماض إما إبداعه فهو الحاضر والمستقبل.
والحكمة ضالة المؤمن..
والنص الجميل بُغية القارئ.

 القاص ليس بباحث اجتماعي أو مصلح أخلاقي إلا أن يشاء هو ذلك..
وليس مطلوبا منه أن يشاء..
وقد يشاء ثم لا يستطيع أن يكون.

 في نقدنا للفنون..
لنفرق بين الأخلاق والأعراف..
ولنعي أن العرف الأدبي قد يتفق مع غيره من الأعراف وقد يختلف معها.

 إذا آمن الفنان المبدع بالقاعدة مات الإبداع..
لأن الإبداع حرية.
وإذا لم يؤمن بها الناقد مات الفن..
لأن الفن نظام.

 ما الغاية من الفن عموما؟
المتعة أو المنفعة؟
لِمَ يصْعُب علينا أن نقول: هما معا؟!

 الفن للفن..
لنؤمن بها حين تعني أن جمال النص في شكله ومضمونه..
لا يوجد نص لا يعني شيئا على الإطلاق..
حين يفعل فهو عدم لا نقرؤه ولا نسمعه ولا نحسه ولا نراه..
ولا قيمة لعدم.

 الفن الجميل مهارة..
ولا مجال للحديث عن مهارة بدون قاعدة..
لكن ما شأن الإبداع الجميل في انطلاقته الأولى بلا مقياس..؟!
هو القاعدة الجديدة لإبداعات قادمة.

 الناقدُ مشغول بالجمال لا القبح..
لكنه يتأمل القبيح ويتساءل:
لم هو قبيح أولا..؟
وكيف نحوله إلى جميل ثانيا..؟
والسؤال الأصعب: هل ذلك ممكن وكيف..؟

 الفن عموما عمل تهييجي، وتحريك الناس نحو الأفضل والأكمل من مهام الفنان العظيم، ومن السخف أن نطلب من الفنان أن يضع قيدا على عقله حين يبدع، حينها سننتهي إلى جنين ميت.

 الذين يطلبون من الروائي أن يهتم برأي الآخر قبل أن يقول ويكتب، يطلبون منه أن يتحول إلى راقصة تهتز لترضى عنها الجماهير، ومهمة الروائي اكبر من ذلك بكثير، هو يخلق مسؤوليات جديدة من شأنها أن تختلف مع الواقع أكثر مما تتفق معه، ومن شأنها أن تدفع للتغير باتجاه الأكمل والأجمل.

 على المبدع أن يقول ويكتب بحرية مسئولة.
وعلى الناقد أن ينظر في نتاجهِ وفق مقاييس الفن وأدواته،
ووفق موهبته وقدراته كناقد في محضر إبداع.

من المبدع المسؤولية وتحمل التبعة..
ومن الناقد الدلالة على الجمال والدعوة إليه..
ومن المجتمع الوعي والفهم والتفهم.

 من مهام الفن أن يرتقي بالذوق العام..
ومن شأن الرقي بالذوق العام أن يرتقي بالأخلاق.

 ضمير الفنان ووعيه حرية وليسا قيدا.

 يجب أن نفرق بين الناقد الفني والناقد الأخلاقي..
الناقد الفني يركز على العمل وبواعثه الفنية أكثر من تركيزه على تأثيراته الأخلاقية..
والناقد الأخلاقي مشغول بالتأثيرات الأخلاقية أكثر من انشغاله بالعمل وبواعثه الفنية.
هل المطلوب ناقد فني مشغول بقضية الأخلاق؟!
أو أن المطلوب ناقد أخلاقي مشغول بقضايا الفن؟!
ربما كلاهما مطلوب..
على أن يتذكرا معا أن الإبداع صنو الحرية لا الأغلال.

 يمكنك أن تختلف مع المبدع أخلاقيا..
لكنك لا تستطيع أن تلغي سمة الجمال في الفن الذي يقدمه هذا المبدع إن كان جميلا..
كما لا تستطيع أن تزيده جمالا إن كان قبيحا رغم أخلاقيته.

 النقد الأخلاقي له علاقته بالمجتمع ودينه وثقافته وروءاه وآماله وأحلامه، هو متصل بالفرد والمجتمع والدولة والحريات الممنوحة من قبل البيئة عموما. وسيبقى الصراع قائما بين المبدع الحر والناقد الفني القادر على استكناه الجمال وفصله عما سواه، وبين المجتمع الذي يقيم نفسه وصيا على أخلاقيات الأفراد وسلوكياتهم وفق معادلات الدين أو الحزب أو الدولة. هذا الصراع هو ما تنشأ عنه بعض سنن التدافع التي يتحرك معها الفن إجمالا نحو الأفضل.

صراع يجب أن يكون الحوار بين المختلفين قوامه..
والجدة في كل شيء نتاجه..
في الفن..
وعلى الأفراد..
ثم على المجتمع كله..
وهو صراع يجب أن يبقى ويستمر.

 من الأخطاء:
تقديس الرذيلة..
وتقديم التبريرات للسيئات والتجاوزات الإنسانية..
وتحويل لحظات الضعف الإنساني إلى لحظات كمال..
والمبالغة في وصف الغرائز الإنسانية وتجسيدها..
ومنح أوسمة البطولة للمجرمين..
هي أخطاء في واقع الحياة وهي أيضا أخطاء في قلب الرواية أو القصة القصيرة..
وهي أخطاء قد تدل على خلل في ذوق الفنان وفي قدرته الفنية وفي أدواته..
قبل أن تدل على خلل في معاييره الأخلاقية.

 الناقد مشغول بالعمل الإبداعي..
وليس بالمبدع..
هو باحث عن جمال
ثم هو بعد ذلك وقبله داعية لهذا الجمال.

 البقاء للفن الجميل:
الفن الجميل يتجاوز الإنسان وزمانه ومكانه.

 أنت تستطيع أن تنتقد كتاب الشعر الجاهلي وتستعين بمن انتقدوه كذلك، لكنك أبدا لا تستطيع أن تقول أن الدكتور طه حسين رحمه الله لم يكن يحسن الكتابة الفنية، ويستطيع غيرك أن ينتقد بعض ملامح الفكر الإلحادي في أدب نزار وأمل دنقل.. لكنه أبدا لن يستطيع أن ينفي الشعرية عن الشاعرين الكبيرين.

في الأدب العربي عندنا: ألف ليلة وليلة..
وهناك الكثير من المعيب أخلاقيا في شعر أبي نواس..
ولعلنا نتحدث أبعد من ذلك عن صور ماجنة عند امرئ القيس..
أما الروايات الحديثة فيكفيك أن تقرأ طيف الحلاج في القران المقدس..
أو حتى عبده خال في الطين..
أو الأوبة لورده عبدالملك..
ويمكنك بالتأكيد أن تختلف مع هؤلاء في الفكر الأخلاقي الذي تمثله هذه الأعمال..
وقد تؤمن بأثر مدمر على الشباب المراهق بعد قراءتها..

لكنك ببساطه لا تستطيع أن تلغي ألف ليلة وليلة..
ولن تمحو ديوان أبي نواس وامرئ القيس..
ولعلك ستعجز إن حاولت إقناع عبده خال بعدم طباعة الرواية مرة أخرى..
وبعد ذلك فلن تستطيع أبدا أن تنفي الخلق الفني في هذه الأعمال كلها.

 الناقد الفني ينظر إلى العمل وفق قواعد الفن والمقاييس الخاصة بالعمل الفني نفسه.

هو لن يصف هذا العمل الفني بـ(الجيد).. لأنه يؤمن بما يؤمن به كاتبه عقديا أو اجتماعيا أو سياسيا..الخ، ولن يصف ذاك العمل بـ(السيء) لأن كاتبه مختلف معه في ذلك كله،

إن فعل فسيقدم نقدا سيئا لا قيمة له.

 نشر الوعي أجدى بكثير من محاربة الفكر الذي نختلف معه..
لا نستطيع أن نوقف هجمة فكر نختلف معه في زمن مفتوح ثقافيا..(الإنترنت، الفضائيات، الجوال..الخ)، لكننا بالتأكيد نستطيع أن ننشر قدرا كبيرا من الثقافة والوعي في مواجهة الفكر الذي اختلفنا معه وبالوسائل المفتوحة ذاتها.

 النشر حق عام من حقوق الإنسان..
والإطلاع حق يمارسه بوصاية.. (الصغير حتى يكبر، والنائم حتى يفيق)..
لكن ماهي الوصاية المقترحة، ومن الذي يقررها..؟
هنا تختلف المرجعيات.. باختلاف الناس وزمانهم ومكانهم..
وعلى الفن إن أردناه محلقا أن لا يبالي باختلافات الناس..
وعلى الناقد أن يلتفت للفن وحده..
وعلى الواعظ أن يبالي بمؤثرات الفن على الأخلاق.

 النشر ليس قضية الناقد أو المبدع وحدهما..
بل هو قضية المجتمع وثقافته وأفكاره..
قضية المسموح به والممنوع داخل هذا المجتمع ومنظومته الأخلاقية..
هو قضية بين الكاتب حين يقرر النشر والمجتمع (أخلاقيا كان أو غير أخلاقي) حين يقبل المنشور أو يرفضه.

والدعوة إلى الفضيلة ليست مهمة ناقد الفن الأساسية حين ينتقد النصوص أو يناقش الإبداع أيا كان نوعه..
لكنها قد تكون مهمته حين يصبح .. الرقيب..
وللرقيب ثقافته، وفكره، ومدرسته، وأصدقاؤه وخصومه..
وتلك إشكالية مرهقة حقا.

 على الرقيب في ذواتنا أن ينتبه إلى الخيط الرفيع:
بين الحرية والفوضى..
والجمال الفني والقبح الأخلاقي..
وبين الثقافة والعبث.

والمشكلة أن الرقباء يتفاوتون في فهم الحرية..
والمبدعون يتفاوتون في فهم الجمال..
والنقاد يتفاوتون في تقدير هذا كله بين الجميل في ذاته والقبيح في تأثيره، أو القبيح في ذاته والحسن في تأثيره.

 وكما أن النشر حق من حقوق الجميع فالقراءة كذلك..

من حق الكاتب أن ينشر ما يشاء..
ووفق ما يرى من منظور الفن أو الأخلاق أو هما معا..
ومن حق القارئ أيضا أن يقرأ ما يشاء،
لكن..
وفق مقاييسه هو كقارئ لا مقاييس الكاتب اعتبارا لجودة العمل الفني أو أخلاقياته.

ليكتب من شاء عما ومن شاء وبالطريقة التي يشاء..
ذاك حقه وتلك حريته..
لكن ليس من حقه أن يمارس الإقصاء مع القارئ حين يختلف معه هذا القارئ.

قد يوجد القالب الفكري الذي يلائم الاثنين معا..
وقد لا يوجد..
حين يوجد.. فلا بأس باتفاق..
وحين لا يوجد فلا حرج في خلاف.

ليقل الكاتب رأيه..
ثم ليقل القارئ رأيه..
ثم ليصطرعا بالفكر وحده..
ولتكن الغلبة للجمال وللفكر وللإنسان.

 بأيهما تكون خسارتنا أكبر؟
بفنان حر يُنجز إبداعا عظيما..
أو بأخلاق وديعة تبث السكون في المجتمع؟
أليس من الأفضل أن يكون لنا فنان مشاغب على أن لا يكون لدينا مشاغبين على الإطلاق؟
لنلذ بصراع الأفكار، ولنأمل الخير باختلافها وتلاقحها.

 من الفنان حسب موهبته وقدرته..
ومن الناقد حسب ثقافته وعلمه بالمقاييس الفنية..
ومن رجل الأخلاق قدرته على تمييز النافع والضار بالفرد والمجتمع.
وللقارئ ذوقه واختياره.
وللجميع حريتهم في التفكير والتعبير.

 هل من دور للرقيب ؟!
نعم..
لأن المبدع والمتلقي لا يعيشان في فراغ يتيح لهما أن يفعلا ما يشاءان..
بل هما في مجتمع.. وفي دولة.. وضمن نظام.. ومحاطان بإطار أخلاقي..
وهما أيضا ضمن سياسة عامة.

لا يمكن تحويل قطار عن مساره بكسر القضبان..
ولا يمكن خرق سفينة في وسط البحر لأن في أسفلها داعية حرية..
ولن يصبح رسم خليع بديلا عن الموناليزا..
ولن يتحول بائع غرائز ضمن أدب مكشوف إلى شكسبير.

ولنا أن نقول باسم الفن أن الحرية حق للفنان..
وباسم النقد أن الفن معياره الفن..
وباسم المجتمع أن على الفن أن يكون رقيا بالذوق والأخلاق..

وبلا حرية مبدعة، ولا نقد منهجي، ولا ذوق أخلاقي..
لن يكون هناك مجتمع سليم..
هي أقانيم ثلاثة لا تنفصل في حس مجتمع..
ولا ينبغي أن تنفصل في حس فنان مرتبط بقضايا مجتمعه ووطنه وأمته.

 الحديث عن الغرائز حق مشروع للجميع، ولن نختلف على هذا..
لكن ما الغاية من هذا الحديث:
هل هو لتوضيح مسلك إنساني، أو تفسير لحالة ضعف بشري، أو لبيان دور الغرائز في مسيرة حياة؟!
أو هو لاستثارة هذه الغرائز بين كاتب وقارئ مشغولان بالغريزة على حساب العقل والوجدان؟!

 في القرآن الكريم حديث عن التي قالت هيت لك، وتلك التي أحصنت فرجها، وذاك الذي قضى منها وطرا، وتلك التي خانت زوجها، لكن في سياق يخاطب عقل الإنسان بأشرف الألفاظ المتداولة زمن النزول، ولتوضيح فكرة لا يمكن الوصول إليها بغير الإشارة العارضة لشيء أو شخص لغاية تتجاوز الأشياء والأشخاص إلى الأفكار، وفي الأدب الحديث كلام كثير عن الجنس: بين ديستوفسكي، وهاردي، ومحفوظ وغيرهم، لكنه الكلام الذي يغوص في النفس الإنسانية سابرا ومحللا ودارسا، الكلام الذي بحذفه من النص يختل النص كله، وليس الكلام الزائد الذي يكتبه الكاتب حين يسوق نفسه بإبراز العورات بلا مبرر من فن أو داع من فلسفة و عقل.

 لنجرب فنضع في مكان واحد صورة عارية تماما.. وعمل فني لبيكاسو أو دافنشي أو ماتيس أو سيزان أو ما شئت من الناس.. ثم لنتابع القراءات والتعليقات.. ما أشك أن متابعي الصورة العارية سيكونون أكثر بكثير من متابعي العمل الفني، لأن مخاطبة الغريزة لا تتطلب من الإنسان أكثر من أن ينشغل بهذه الغريزة، ومخاطبة العقل تتطلب قدرا كبيرا من الوعي والتفكير (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين).. انتشار العمل الفني في أوساط الجماهير لا يدل على جودته.

 في النهاية لا يصح إلا الصحيح..
ولا يبقى إلا ما ينفع الناس.
لنقل ذلك دون أن نحجر على حرية أحد فليكتب..
أو وصاية على عقل أحد فليقرأ..
لكن لا مناص من أن نفكر قارئين وكاتبين فيما ينفعنا وينفع الناس.

 هل نكسر قلم السارد..
أو نقطع يد الرقيب؟!
ومتى نصل إلى مجتمع لا نحتاج فيه الرقيب ثقة بأن لا حاجة لوصاية إنسان على إنسان؟!
وهل نستطيع أن نفعل ذلك إقتداء بغيرنا..؟
وهل هذا الـ(غير) في واقعه يصح اعتباره قدوة حسنة لنا ؟

حتى لا نصل إلى ذلك: الكسر والقطع..
سأقول: أن حماية الأخلاق واجب من واجبات المجتمع..
وسأقول لصديقي القاص : أكتب ما يوحيه لك فنك..
ودعني أكتب ما تمليه علي رؤيتي الفنية..
وسأختلف معك وأتفق..
ثم ليحاسبني ويحاسبك المجتمع وفق قيمه وأفكاره..
ولنتحمل جميعا الحرية كما هي بمسؤولياتها وتبعاتها..
وليكن في ذلك تجديد دائم:

في ذوق القارئ،
وفي إبداع الفنان،
وفي وعي المصلح.

وعسى أن يستفيد الناس من هذا الصراع كله..
جمالا..
ومتعة..
وأخلاقا.

شكرا لكم..
شكرا لكن.

كائن سردي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس
إضافة رد


عدد المتواجدون في هذا الموضوع » 1 , عدد الأعضاء » 0 , عدد الزوار » 1
 

قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح

الإنتقال السريع