26-03-2006, 15:07 | #1 |
أديـب و شــاعــر
|
زفير
(قد لا يدنو النصّ من فن القصة القصيرة وقد يكون محاولةً أو عبثاً. أرجو أن توسعوه نقداً وتعليقاً وأكثر وأن لا يغضبَ عليّ موباسان) أوّلُ المساء، كانَ كلُّ شيءٍ يُشبِهُ كلَّ شيء! الطّقسُ، الطريقُ السريعُ، المطعم، موظفو الاستقبال، وصدري. حاولتُ كثيراً أن أبتسم، أعجزتني التجاعيد. طمستُ خيبتي برعشة يدي، استدعيتُ ضجيجاً أكثر، دُخاناً أكثر والمزيد من دخانِ العادم. بعد دقائق، استعدتُ استقامةَ رأسي، تحسّستُ جفنيّ بإبهامٍ ووسطىً معروقين. وحرّرتُ سحنتي من بقيةِ لثام. - مبنىً عتيق. لن أسكنَ هنا. حدّقتُ طويلاً في وجهِ (البردوني)، أخرجتُ الشريط، ودسسته في الفراغ. في منتصفِ القصيدة، بلغت الحشرجاتُ حدّ الضجيج، كنتُ في ذروةِ فقد، وحمّى، أسلمتُ حنجرتي للفحيح، ثمّ رحتُ في سُعالٍ كزلزال. حينَ واتتني زفرةُ نفاذٍ أولى، أطلقتُ آهةً كصراخ، وخرجتُ من السيّارة. لم أعدْ أشعر بيدي اليسرى! تخذلني إذْ آذنُ لبعضي بانحدارٍ كهذا. التفتّ يميناً، الطريقُ السريعُ مزدحمٌ وصاخب، مدى الرؤيةِ أقصرُ من سقفِ صبري لحظتها، أبواقٌ أشبهَ بالجنون، كثيرونَ يُصرّونَ على تجاوز الآخرين، ولا أحدَ يختارُ المسار الأيمن! - سأسيرُ قليلاً، قدْ أبلغ اللوحة الصفراء خلفَ الغبار الأحمر! أقفلتُ الأبواب، أحكمتُ لثامي، ووهبتُ امتدادي للريح. "أجنحة فندقية" لمْ أفاجأ كثيراً، ربما كنتُ أعرف، أو أنّي لمحتُ اللوحةً يوماً ما بلا غبار. مررتُ آلاف المرات بهذا المكان، كلّ صباح، منذُ... عشر، إحدى عشر، أكثر، ربما خمس عشرة سنة! - مساءُ الخير. - مساء النور، تفضّل.. - الجوّ "إنّما إييه!".. "إزّيّك؟" - الحمد لله، تفضّل.. - "ممكن ألاقي شقة صغيرة لشهر؟" لشخص! أنا لوحدي! - "عزّابي"؟ - نعم؟ - لوحدك! يعني "عزّابي! مش كدا برضو؟" - صحيح.. ..لكن.... "أيوا... عزّابي!"بس.. اااا أأأ.. أنا متزوّج، وأبو.. لكن... أأ.. تعرف، البيت فيه تر.. ميمات.. ولازم.." فهمتني؟ - انت لوحدك. "والا معاك حد؟ عاوز شقة ليك انتا؟" - "أيوا.. ستوديو صغير!" لوحدي. لمدة شهر! - والله، "عزابية" صعب.. لكن.. أحاول! - "يااا.. ساجا!! شقة 16 فيه تصليح مكيّف؟" - ...." أيوا.. فيه شغل" - "أخوي أبي شي تمام الله يسلمك" - "هاتشوفها دلوقت". الإيجار مقدم. ..... في ضوء العربات، حدقتُ في المرآةِ قليلاً، عيناي حمراوانِ مثلَ ضوءِ الإشارة الثقيلةِ في الأمام. أشعلتُ تبغاً ونكّستُ رأسي، تحسّستُ مؤخرةَ رأسي ورقبتي، مررتُ براحتيّ على أذنيّ، فكّي، ثمّ أبقيتهما ملتصقتينِ برهةً. وحينَ انفرجتا كنتُ أبتهلُ، وأبلّلُ روحي بمطرٍ غير موسميّ. ______________ عبدالرحمن 10م. الخميس 2006.03.16 |
26-03-2006, 22:52 | #2 |
شـــاعرة
|
رد : زفير
ماشاء الله تفاصيل دقيقة أقحمتنا بها وكأننا برفقتك شخصياً أعجبتني جدا , وأكبر من تقييمي ادام الله عليك نعمته بفكرك / أدبك تقبل اعجابي وأحترامي |
26-03-2006, 23:29 | #3 |
|
رد : زفير
تسجيل حضور ولي عودة قريبة |
28-03-2006, 02:07 | #4 |
بقـايا حُلـم
|
رد : زفير
أنسجمت معها بكل سعادة وكأني أقرأ رواية وروح كأنها تصارع المسافة والزمن و نسمع أنفاسه و هي تتصاعد بشكل سريع تارة و متقطع تارة أخرى استاذي عبدالرحمن السعد أحب السرد القصصي بشكل لا يوصف ولهذا انا عضوة دائمة في هذا المنتدى لأستاذنا اليحيائي وحين يكون قلم مدهش بهذا الشكل قطعا سأستفيد أنا من أساتذتي الكثير والكثير دمتم بسعادة |
28-03-2006, 12:35 | #5 |
كــاتـب
|
رد : زفير
. . - "ممكن ألاقي شقة صغيرة لشهر؟" لشخص! أنا لوحدي! - "عزّابي"؟ - نعم؟ - لوحدك! يعني "عزّابي! مش كدا برضو؟" - صحيح.. ..لكن.... "أيوا... عزّابي!"بس.. اااا أأأ.. أنا متزوّج، وأبو.. لكن... أأ.. تعرف، البيت فيه تر.. ميمات.. ولازم.." فهمتني؟ - انت لوحدك. "والا معاك حد؟ عاوز شقة ليك انتا؟" - "أيوا.. ستوديو صغير!" لوحدي. لمدة شهر! . . زفير.. وأصابع معروقة تبحث عن التبغ.. وبقايا لثام لوجه نلتقيه دوما في الزحام. زفير.. ربما تبرما من الحياة.. وربما من الناس.. وربما من افكاره واشيائه ومن الغبار الاحمر، ومن الاشارة، ومن التبغ، ومن لوحة رآها ذات يوم بلا غبار. لعلها اجازة زوج، أو هرب أب، أو غربة شعورية انتابت روح فنان.. والحوار يدل على بطل بلا أصدقاء.. هو هارب من ذاته إلى ذاته.. والشعور بالوحدة والغربة يجتاح النص كله. أو هذا ما شعرت به وأنا أقرأ هذا العمل الأنيق في لغته والباعث على التفكير والتساؤل في معناه. الشاعر عبدالرحمن السعد.. عسى أن أناديك قريبا بالقاص عبدالرحمن.. وسأكون فخورا بذلك. . . .. |
28-03-2006, 22:38 | #6 | |
أديـب و شــاعــر
|
مطر
إقتباس:
بل هي أقلّ من أن تنالَ هذا الاهتمام والثناء من شاعرةٍ مبدعةٍ ومثقفةٍ مثلكِ لكنما هو عشقكِ للقراءة، لمواسم، وللعربية، وقبل ذلك، جودُ ذاتك ونقاءكِ سيدتي الكريمة. وقفتُ أمام هذه العبارة: (تفاصيل دقيقة أقحمتنا بها وكأننا برفقتك..) ... قرأتها على "مسيو موباسان" فقال: (إن الكاتب الذي يبهرني وهو يحدثني عن حصاة، أو جذع شجرة؛ عن فأر أو مقعد قديم، سيكون جديراً، بعد ذلك، بأن يتصدى للموضوعات الكبرى). إشارة: هل يمكن لأحدٍ أن يتذكر كيف كانت الرياض في ذلك الخميس؟ هل يمكن لرأسي المجهدَ أن يصدّق أنها، ذاتها، الرياض، اليوم؟ هل يمكنُ لشيخي الباريسيّ أن يعي كيف أن المطرَ "يغسل الروح"! ..... أعيذكِ سيدتي، أعيذكم، من وطأةِ "زفيرٍ" كالذي "رأيت"! ...سحاباتُ سقيا تيمّم شطرَ أرضٍ تعشقون. دُمتِ سيدتي شامخةً ودامت لكِ نعمُ الربّ. |
|
29-03-2006, 01:26 | #7 |
|
رد : زفير
. كما تفضّلت الأخت عنود .. بداية القصة دخلنا أجواء الكاتب وكأننا نبدأ فصل أول من رواية .. جذبتنا منّا إلى طقس الكاتب .. فكرمشوش وقلق وكيان مدمر بل محبط إن صح التعبير عن ذلك .. أتعلم ؟ كان هناك مساحة بيضاء ترافقك وتقتل مفعول القهر الذي عايشته ,ولذا حين غادرك جرّت لحظة التفاؤل .. / الزفير.. تلك الكتابة إلى منطقة الضوء .. آن لقافلة الحكايا أن تحتفي بــ هكذا قلم وتميز عبدالرحمن السعد .. تحيتي و إعجابي .. . |
30-03-2006, 23:26 | #8 | |
أديـب و شــاعــر
|
وردٌ لخطوكِ
إقتباس:
سيدتي الشامخة "الجازي" لكِ سيدتي من التقديرِ كلّه ومن الثناءِ أصدقه ومن الإمتنانِ ما لا حدّ له. .. إطلالتانِ سخيتان شكراً لجودكِ .. |
|
31-03-2006, 16:49 | #9 |
يمنىً بلا يـسرى
|
رد : زفير
غربة الكائن المحكوم بالإنتماء .. وغربة الشاعر ... أعتقد انه كذب على موظف الإستقبال ... ليبرر إستلابه الوجداني لروح المعنى الموجود في عبارة( أجنحة فندقية ) .. يريد الطيران والتحليق ,, يحلم في" التقلب فوق الريح ... " الرغبة في الإرتفاع الحسي قرينة من قرائن الصخب العاطفي المكبوت في اللاوعي .. تتجلى في أحلامنا الليلة .. هذا الإنسان الذي يغلف مثاليته ورؤيته الجمالية للحياة .. وحساسيته الفائقة من أية تغيرات مفاجئة يجب أن يسكن على جناح طائر يحمله بعيداً حيث يرى الأفق أرحب والسماء أنظف .. أما الأرض فهي لما خلقت له , لا يجب أن تكون نظيفة . نص شاعري مثخن بعلامات الإستفهام المضمرة ! . |
31-03-2006, 20:27 | #10 | |
أديـب و شــاعــر
|
بهدوء
إقتباس:
سيدتي المبدعة "عنود" أكادُ أصدّق أن هذا النصّ جديرٌ باحتفال! كنتُ أتمنى أن يُقرأ وحسب. كنتُ أتسائلُ عن مدى دنوّهِ من فلكِ القصة القصيرة. فإذا بهِ "يؤستذ" كاتبه! .. ربما هي الدهشة، كما تفضلتِ. لكن، ما لا أشكّ فيه، هو أنكم حافلونَ بالجمال ترونهُ فيما حول وتهبونهُ إذ تخطونَ صوبَ حرف. .. أوافقك الرأي: فن القصة القصيرة جدير بالحبّ ووجودنا في ضيافة أستاذنا الرائع "اليحيائي" متعةٌ ومعرفة لكن، عذراً، فـ عبدالرحمن السعد ليسَ "أستاذاً" لأحد! أما أن يكونَ "أستاذكِ" وأنتِ من نعرف، فهذا كثير، ولن أوافقك فيه. مع تقديري التام لثقتك وحسن ظنك. هذه قناعةٌ راسخة. أثقُ كثيراً بوعيكِ/كم وأن ما أعنيه سيصل، كما هو ببساطته، بدوافعه، وببياضه. .. تقديري لكِ أستاذتنا الشاعرة. .. |
|
01-04-2006, 01:34 | #11 | |
أديـب و شــاعــر
|
Mr. Clear Minded
إقتباس:
سيدي عبدالواحد اليحيائي: لن أغدقَ عليكَ بشيء، لن ألجَ في مديح، سأمضي إليكَ بلا مقدمات. وأعتذرُ كثيراً لما سيردُ من فلسفةٍ وتنظيرات. هي تجربةٌ جديرةٌ بحوار، رغمَ أنها لا تعني أكثر من محاولةٍ أخرى! بدايةً اسمحوا لي أن أشاركَ شاعرة مواسم "عنود" في عبارتها هذه: "أحب السرد القصصي بشكل لا يوصف" فقد أكون عاشقاً قديماً للقصة القصيرة. أبحثُ عنها، أهيمُ بها، أتوسّل إلى نافذتها، وأتمنى أن تهبَ نزقي بعضَ إطلالة! الشعرٌ عشقٌ خالدٌ لا ينتهي، والنثرُ بهجةٌ في اللغةِ ومساراتُ كشف. وقد يكون الشعرُ – في تفسيرٍ خاص بي- "مصيبةً تستوجبُ الشكر!" فهو لا يقبلُ شريكاً في العشق! تكونُ في غمرةِ انهمارِ مدادٍ حرّ يصطفي فرحَ السرد، فيدلف فجأةً طقسُ شعرٍ غير منتظر، يسوقك صوبَ ترنيمةٍ سويّة، أو غير سويّة، فيتلونُ الحرفُ بلونٍ لم يتمّ. فترسمَ نقطة آخر السطر، لنصّ بلا لونٍ وبلا طعم، لا شعرً بلغتَ ولا سرداً جنيت! تمضي إلى "مداخلةٍ افتراضية" أو ردّ لا يلوي على شيء، فيحطّ طائرُ الشعر، ليلوي عنقَ النيّة ويكملَ النصّ مموسقاً! (وكثيراً ما لا تعي أنْ ثمّة شعرٍ إلا فيما يلي من قراءاتٍ يلجمها رسنٌ من أناة). أهيمُ بنصّ نثريّ لهُ طقس الشعر، في تحدّي اللغة، اختراقِ العباراتِ الـ "مسبقة التجهيز" والتحليقَ مع جمالِ العربيّة. وهنا تتبدّى معشوقتي "المغرورة" القصة القصيرة. حاولتُ، كتبتُ، نشرتُ. لكن لا أرى في كلّ المحاولات، ما هو جديرٌ بنظرةٍ من سيّدةِ السردِ الأجمل! يكادُ هذا المسارُ أن يكتسي بالأنا، النرجس! عذراً. "زفير" في رأيي الغير متواضع: (نصّ أبو أربعة) كُتبتْ في أربعِ دقائق، ما يكفي لنقرات لوحة المفاتيح. صدقني. كنتُ مكتنزاً بكلّ شيء، وكانَ لا بدّ من نفاذ! كان يوماً سيئاً في شهرٍ سيءٍ في ........ دعني أكتب هذا الآن، قد يراوغ ذاكرتي، فلا أملك منه بعضه: أشرتُ فيما سبق، ضمن حوارٍ صادق مع الرائعين أعلاه، إلى حقيقة الغبار: (هل يمكن لأحدٍ أن يتذكر كيف كانت الرياض في ذلك الخميس؟) (10م. الخميس 2006.03.16) كان الجوّ مقيتاً. مقيتاً ولائقاً بانكسار! أيضاً: دعني أهتف، للحقيقة، ليس إلا: فوجئتُ بكتابتك. بقدرتكَ على القراءةِ بهدوء، بأناة. وباستقراء الكلمات وصولاً إلى زفيرٍ يشي بها، ثمّ إلى نبضِ امتدادها. أُخذتُ بكشفك. شعرتُ بأني "اخترقت". لذا أقول: قراءتك كلّها صواب. وسأشي لكَ بضوء: (لعلها اجازة زوج، أو هرب أب،...) أجيدُ خلق الإجازة "منذو مبطي". ولستُ بأبٍ يهرب. فخورٌ بقربك، أكثر مما تتخيل |
|
03-04-2006, 14:35 | #12 | |
أديـب و شــاعــر
|
بصيرة
إقتباس:
سأقفزُ معكِ إلى تساؤلكِ المكتظّ بالضوءِ والبصيرة: (...أتعلم؟ كان هناك مساحة بيضاء ترافقك وتقتل مفعول القهر الذي عايشته ,ولذا حين غادرك جرّت لحظة التفاؤل .. / الزفير.. تلك الكتابة إلى منطقة الضوء ....) كنتُ أحاولُ سبرَ أغوارِ النصّ (الذات) معكم أريدُ – بصدق- أن أعرفَ كيفَ جاء هكذا، معتماً كالطقس، "مشوشاً" كرأسي! صامتاً ومتوارياً، مرّةً، كما أنا! قادراً على البوحِ، مرّةً، كما عداي! "مساحة بيضاء"! ربما هي جذوةُ العنادِ المتّقدةَ في الوريدِ منذُ بدءِ الخليقة! ذاكَ الوهجُ المفاجئ، الساحر. إذْ يخترق العتمةَ ليهبَ شرودي وجهةَ وصول. كلّ مرةٍ يجيء، أعثرُ في انكساري على استقامة، في موتي على رمق، في سوادي على بياض. ... رؤيةٌ نافذةٌ سيدتي، شكراً لوعيكِ إذ يمضي بشاردٍ إلى منابت النور. شكراً لبصيرتكِ إذ تمنح أكواماً موغلةً في الصمت جذوةَ فألٍ وفاتحةَ هتاف. قراءةٌ نابهةٌ سيدتي الحكيمة لن تفيك أرتالُ ثناءٍ سانحة أنت جديرةٌ بأكثر. أتمنى قبول إيماءة دواخلٍ صادقة وتقديرٌ لا يُحدّ لوعيكِ، فكركِ، وقلمكِ دمت سيدتي. |
|
عدد المتواجدون في هذا الموضوع » 1 , عدد الأعضاء » 0 , عدد الزوار » 1 | |
|
|
|