[نهر]

هل هناك جيل صحوه ثقافي جديد بدأ يزيح جيل الثقافه الشعبيه من الصفوف الاولى ويعيدها الى المراكز الخلفيه ويعيدها الى مكانها الطبيعي ؟اعتقد ذلك .
فالأُبداع الشعبي لا يمكن ان يكون عنوانآ لثقافة أمه وشعب بأكمله تواجه به ثقافات الامم الاخرى وتقدمه كدليل على سمو افرادها كما فعل الامير خالد الفيصل كمثال عند ترجمته لديوانه الى الانجليزيه.
وخط الثقافه الشعبيه ظل قائمآ خلال العشرين سنه الماضيه وحتى الان تزيد او تقل لست ادري لعدم معاصرتي كل الاجيال وكان يمثل هذا الخط القارئ العادي والشعراء الشعبيين الذين بدأت تتغير قناعاتهم ببطء نحو جدوى وفاعلية الابداع الشعبي لاستحالة قيام مدارس نقديه او خلق اجناس ادبيه شعبيه من جنس الروايه والقصه والمسرح مكتوبه باللهجه المحكيه الدارجه وكلنا يذكر تجارب الزازان وعواض العصيمي النقديه التي ذهبت ادراج الاسى.وقرنت قيام الخط الشعبي بتلك الفتره الزمنيه تلازمآ مع ظهور الوسائل الاعلاميه ومتابعة الناس لها ليس كما في السابق .

الحراك المجتمعي الذي مررنا به في ظل دخولنا زمن الحداثه وما بعد الحداثه والعولمه وما بعدها افرز واقعآ اجتماعيا وثقافيآ مغايرآ لما كنا عليه_ وما يعنينا هنا هو الجانب الثقافي_ ذلك الحراك حيّّد كتاب الفصحى شعراء وقاصين وروائيين ومفكرين وحصرهم في زاويه ضيقه للغايه وذلك جاء نتيجه لعدة اسباب منها ممارستهم الفوقيه والنخبويه على القارئ العادي في طرحهم المليئ بالغموض في مجتمع يظن ان الحضاره الانسانيه بدأت به وبه تنتهي اضف الى ذلك حصر الابداع الثقافي في مؤسسات مرتبطه بالدوله كالانديه الادبيه وجمعيات الثقافه والفنون التي تحولت الى ممارسةالرقابه الفكريه على اعمال الكتاب ونبذ ما يخالف خط الدوله العام وادبياتها في النشر .

وفي ظل هكذا تصور اخذ معظم شعراء الثقافه الشعبيه المقتدرين ماديآ وسياسيآ ولهم مناصب اداريه مرموقه في الدوله راية الثقافه العامه للشعب وروجوا لاسماءهم بقوه في ظل غياب الثقافه واللغه الاصليتين للاسباب آنفة الذكر ..وتبعهم الكثير من الشعراء الشعبيين وكتاب الصحافه بعلم او بدون واصبحت الرغبه في الظهور الاعلامي والكسب المادي السريع وخلق علاقات خاصه مع افراد لهم مكانه اجتماعيه وسياسيه اهم مؤشرات الاهتمام بالابداع الشعبي وانتشاره ايضأ .. وعلى غرار ذلك اصبح وجود صفحه شعبيه تهتم بالادب المحكي المحلي عنوانآ لنجاح اي صحيفه وبرز على السطح ما يسمى ب(الساحه الشعبيه) التي كانت عنوانا لملتقيات كثيره في الصحف والامسيات والمجلات الشعبيه التي انتشرت انتشار النار في الهشيم .
والحقيقه ان الحراك المجتمعي حقيقه لا بد من ان تتكون في رحم كل شعب مقبل على اقتحام عصر الدوله الحديثه .. وانتشار الثقافه الشعبيه بين السواد الاعظم من الناس ليس فيه ضير او هبوط بالمستوى الفكري للشعب ولغته الحضاريه لو أن الانتصار كان لهذه الثقافه فعلا ولابراز فاعليتها في قيادة المجتمع .. بل ثبت قطعيآ ان الابداع الشعبي هو متعه آنيه مؤقته لا يمكن ان يمثل واجهه وقيمه حضاريه راقيه لأي شعب خاصة في ظل غياب مدارس نقديه للفنون الشعبيه واستحالة قيامها لتقييم تلكم الفنون وبالتالي غياب مفكرين شعبيين بأمكانهم رسم الخطوط العريضه لنهج ثقافي يتسم بالمصداقيه فماذا كانت النتيجه؟

انحسر مد الصفحات الشعبيه وبرز لفظ ثقافة الاسماء الذي اطلقه للمره الاولى من خلال شعبيات مع ادراك الجميع لماهيته وهو الاهتمام بالاسم على حساب النتاج الادبي ,وانحصر مفهوم الادب الشعبي في الشعر فقط ,وظهر قبل فتره المطالبه بضرورة ان يجيد الشاعر الشعبي الكتابه باللغه الفصحى, وروجت المجلات الشعبيه لاقلام محرريها وكتابها على حساب المنتوج الادبي , وركزت على ابرازالملامح الشكليه للشعراء لاغراض التسويق مما خلق موروثآ خاطئآ لدى شريحه من الناس قرن ضرورة الجمال الشكلي بالتفوق في الابداع,وقرأنا عن ظاهرة بيع الشعر,وسمعنا عن الواسطه لغرض النشر او الحصول على صفحه متقدمه ومميزه في الالوان , وكل هذه السلبيات وغيرها نخرت في جسد الثقافه الشعبيه .

واخيرآ : هل الابداع الشعبي في تراجع فعلي حاليآ مقابل الثقافه الاصيله والاصليه بلغتها الوارفه وميدانها الواسع واجناسها الادبيه المتعدده؟

[تأبط شعرا]

ياسيّدي الفاضل ..

لماذا تحرصون على تصنيف الأدب وحصره في مسميّات وأشكال !
لماذا لا تنفكون عن محاربة الأدب الشعبي وتعزون نجاحه إلى جهل المتلقي وتخلّف الجماهير ! هل لإن الشعر الشعبي همّشكم وسحب البساط من تحت أرجلكم ؟ هل لإنه سرق الضوء عنوة منكم فيظلّ أحدكم كـ الأبله في ندوه لا يتجاوز حضورها الـ عشره !!
حقيقه واحده نستخلصها من هذا الجدل الممتد منذ عشرات السنين هي أنكم فشلتم فشلا ً ذريعا ً في إستقطاب المتلقي بغضّ النظر عن ماهيّة الأسباب ربما شعوركم بـ الفوقيّه وإدعاءكم بما لستم أهلا ً له أو أو .. ألخ !
وفي المقابل نجح شعراء العاميه نجاحا ً منقطع النظير منذ عصر محسن الهزّاني وإبن لعبون مرورا ً بـ راشد بن جعيثن وسليمان المانع فلم يكن هؤلاء من أصحاب النفوذ والمال كما إدّعيت بـ حتميّة وجود عوامل من هذا النوع لخلق النجاح من العدم !!
الأدب الشعبي جزء لا يتجزّأ من تاريخنا بل هو التاريخ بـ عينه ! موروث قيّم وواجهه حضاريّه حتى وإن تنصّل عنه دعاة النخبويّه المفلسين ثقافيا ً وشعريّا ً !

دعنا من هذا كلّه ..
المتلقي خاصة ً في هذه الحقبه التي نعيشها الآن ومايصاحبها من وعي ثقافي لا ينفر من شعر الفصحى والروايه والدليل على ذلك عودة الحياه في قصائد المتنبي وجرير وغيرهم وتداولها بـ شكل أكبر عن ذي قبل ..
والإقبال على قصائد نزار قبّاني وأحمد مطر وميخائيل نعيمه وغيرهم ..
بـ بساطه شديده أنتم فشلتم في أن تكونوا كـ أدونيس ومحمود درويش فلم تجدوا سبيلا ً آخر تعزون إليه فشلكم سوى المتلقّي الجاهل في نظركم والأدب الشعبي المتخلّف !!


سلام ..

[نهر]

مرحى سيدي الفاضل تأبط حبآ او شعرا:

في البدء احببت الا تصنفني مع او ضد ممن لا يتذوقون الادب الشعبي لأني ببساطه ممن يتذوق هذا الادب ويكتبه ايضآ

ببساطه متناهيه ما اردت قوله من خلال مقاربه بين الادب الشعبي والفصيح هو هل يصح ان نقدمه الى غيرنا وكأنه ثقافتنا الاصيله وسبق ان قلت ان من اسرار نجاحه هو التجريب الذي سعى اليه كتاب الفصحى والفوقيه التي تعاملوا بها مع القارىء.. !!وهو ما اظهر الفاظ سحب البساط ووقوف كاتب الفصيح(كالأبله) في الندوات.ويتضح مما سبق اني اتحدث عن مرحله آنيه نعيشها وهذا ما حدابي الى عنونة موضوعي ب(الثقافه الشعبيه ابداع مؤقت).
طرحي اعلاه كان مجموعه من التساؤلات التي لم تنتهي للان ترتبط ببعضها في حلقه متصله وليس هجومآ على الادب الشعبي الذي هو قيمه موجوده في روح كل امه من يحاول محوها ينقلب على واقعه وليس انقاصآ من وزن شعراء الشعبي والادعاء ان ليس لكتاباتهم قيمه فنيه شعريه ومعاني واخيله وتصاوير الخ.
وانما بينت بحياديه الاشكالات الفكريه التي تتسبب في التحول عنه في هذه الحقبه لأنه اصلا في وضع المتحول من جيل الى جيل ومن زمن الى زمن لأن الثبات في اللغه ...وهذه حقيقه مطلقه.
الادب الشعبي برأيي انه ينقرض ليولد من جديد ... وليس للكاتب والقارىء له علاقه بالجهل ..ولا يحق الانتقاص من الذائقه الفكريه لمتابعيه ومنشئيه لانها طريقه غير منطقيه في تقييم العقول وتوجهاتها فكرآ وسلوكآ.

وقولك انه في هذه الحقبه وما يصاحبها من وعي ثقافي بدأ المتلقي يقرأ لجرير والمتنبي واحمد مطر وادونيس ودرويش يدعم رأيي ويعيد تساؤلي فهل هناك جيل ثقافي بدأ يرسم واقعا شعريآ جديدا بعيدا عن الشعبي اكثر من ذي قبل؟
وبصيغه اخرى :هل نحن امام تحول جديد في اللهجه يدعم قولك اعلاه وتساؤلي في آن سيؤدي الى عودة الاجيال الى ثقافتها الاصليه ومن ثم ميلاد ادب شعبي جديد بلهجه مختلفه؟

[فيصل الرويس]

مرحبا بالجميع

سأحاول إختصار المداخلة قدر الإمكان في نقاط محددة :

1) محاولات التكريس لأسماء ومنتجات فكرية وشعرية على حساب القيمة التاريخية لكل منتج ثقافي سيكون مصيرها الفشل لا محالة , لأن القارئ يتطور ويظل النص أو المنتج الثقافي متوقفاً على لحظة نشره وإظهارة للجمهور .

2) العمليات المدعمومة لتسويق بعض المنتجات الفكرية مرهون بعوامل لا تتعلق بالقيم الأدبية بل بالمتعلقات الشخصية لهذا الأسم أو ذاك . تحت ذرائع إجتماعية تهدف لتحقيق نتائج محددة ومعروفة , خصوصاً مع ( إبداع النفوذ الإجتماعي) للإمراء وحواشيهم . أو بعض التجار والمقتدرين مالياً . وهذه ظواهر متكررة كثيراً . في كل الأمم . ولها منتقديها في كل مكان .

3) الإبداع الأدبي : عمل فردي , لا يهتم به إلا صاحبة , فإذا كان العمل حقيقاً بالتميز سوف ينال العداء والمحاربة لأغراض التنافس , وإن كان رديئاً سوف ينال التجاهل الحقيق به .! .
ونلاحظ خروج بعض الأعمال الأدبية المميزة بعد موت صاحبها , على يد باحث مختص ونزيه , وهذا هو الدور المناط به الباحثين في الأداب عموماً . وهي مهمة من المهمات الصعبة .

4) العمل الأدبي لا ينال حقه من النقد إلا بعد مرور خمسون عاماً لموت مؤلفه , عندها يكون في مستوى النقد بعيون الجيل الجديد , الأتي بعده ., وهو من يقرر دوام العمل وترقيته للجيل اللاحق أو تجاهله لفقدان القيمة ..
لأن حياة المبدع ترتبط إرتباط وثيق بإنتاجه الأدبي .


ولا يوجد إبداع مؤقت وإبداع دائم ,,,يوجد أدب صالح للبقاء ,, وأدب يفقد مقومات البقاء .
وكل الأداب مصيرها للزوال والعبرة في قدرتها على التعايش مع الناس أطول فترة ممكنة .

والتاريخ يتكفل بمهمة الفرز نيابة عنا !! .