.
.
- هنا صـورةٌ لم أشاهدُها بعد -
☼☼☼
" أنتِ ســاحرةٌ ..
... وَعمـيلةٌ لـِ دبيـبِ الجنِّ الذي يرقصونه على جسدي ، عندما تَتَسـارع أنفــاسي بكـِ .. فيأتي دبيبهم بِسُـرعاتٍ متفاوتة .! "
... هَكـذا قلتها بنبرةِ غاضبٍ على وشك البكاء .. لجنيّة المـاء التي صادفتها قبل إثنيّ عشر عاماً عند الغدير ، بشعرها الأشقـر ونهاياته النابتة من الأرض نحو سماء جمجمتها ، وبعينيهـا الطوليّتين وشررٍ كالقصْر / كليزرٍ يعصفُ بـِ نوني ، وثغرها ورائحةٌ لاتشبه سوى ناراً أُشعلت بأغصان الزيزفون الخضراء ، وضحكتها الصاخبة في عمق الشفَق ، وفضيّ معطفها الذي تنعكسُ منه صفحة الماء ، وصوتٌ رقراقٌ كإنسكابِ الغيمِ من سماءٍ ثامنة ، بَل كتخثّـر الكركديه – تدريجيـّاً - في منتصف حنجرتها الزجاجية ..
... استقبلتني وصلّت ، فأوتـرَت بثلاثِ قهقهاتٍ سُرعان ماتبدلت بنظراتِ حسرةٍ وجفاف ، فهمسَت بحرقة :
- غيابكَ لعنة غياب .. تتحمل أوزارهـا ساعة معرفتـك وتدفعُ ثمنَها معتوهةٌ تترقب .!
- لمْ أغِـبْ ، ولكنَّ الماءَ في خِدرِنـا ، وخـدرِ جدتي كانَ وفـيراً ..!
- أنتَ تكذب ، فقد إغتسلتُ البارحة بكل مالديكم مِنْ مـاء ، حتى ما أبقيتموهُ في إبريق القهوة خضّبتُ به شمـالي وبعضاً من خُصَـلي .!!
!!!!!.................. ص م ت
وفضاءٌ خـالِ إلا من صوت قطراتٍ تتساقط في رحمِ الغديرِ ولا أراهـا .. فبادرتُ بـِ إبتسامةٍ وَجـِلة لتخفيف حدة وقع كذبي ................!!!!!
- ليت كلماتي تُمنح صوتاً إنتخابياً .. أقسمُ أنها لن تصـرخ / ولن تنبس عن حـرفٍ .. فقط سـَ تطبع المزيد من نماذج الناخبين على شفتيك .. فأكـوّنُ منتخبـاً وطنيّاً لايعـرف إلا البطولات في ميادين كوؤسـك .!
- تُجيدُ عكسَ تيـّارِ الحديث ، تمامـاً كإجادتكَ لـِ قَلْبِ قلبي .. وشقلبةِ كياني .. وإنقلابكَ على الحُكمَ الذاتي لـِ ذواتِي .. يا111لـِ سُـلطانك / ياتيّــار الريح .!
- لكنني لا أُجيدُ سـوى إحضارِ الماءِ من هذا الغدير الذي بتُّ أمقتُه ..!
- وإستحضاري على ضفاف هذا الغديـر ، شَـرَهاً في لقائك على حُمرةِ شفـَق .. وشفقٌ يتطاول أُفقي فأستحيل خليجاً يُضـِيع ألف غدير .!
!...... أثنـاء حديثها .. كنتُ أتمتمُ بـ " أعوذُ بكلماتِ الله التامات " .. فنبرة صوتها فاجعة .. وفجـأة بدأت السماءُ تميلُ إلى السـوَاد ، فأرعدَت .. وشقّها البرقُ فأنكشفت كأنها شظايـا .. أو إنّها تشظّت بالفعل .....!
... فـَ غضبت شقراء الجنِّ / وصرخَت وهيَ تجتثُ جذورَ شعرها من الأرض الـ "بدون رقم" :
- سـآتي بعدما تصحو السماء ، لاتذهـب ..!
... وأختفَت مع أخرِ قلقلتها لـِ حرفِ "الباء" .!
- وجُملةٌ من اللعنـاتِ تأتيكِ قبلَ أن تأتي إليّ .. وأنتِ ساهيةً / لاهيةً لاتعلمين من أين جاءتكِ .. ولاهُم يعـلمون .!
... تمنيتُ أن أقول ذلكَ بكل حبالِ صوتي ولو إنعقدت جميعها بعد ذلك .. وفي تابوت الأمنياتِ – كالعادة – كدتُ أرى نصف لساني في الغدير من شدة عضِّي عليه بالنواجذ حنقاً .!
... فرميتُ بقربةِ المـاءِ في منتصف الغدير .. وركلتُ بعدها حجراً .. وغادرته للمـرةِ الأخـيرة ...
... وفي طريقي إلى حيث صفعَات أمّي .. أخذَ خمارُ السماء ينقشع – وللأسف – ستصحـو .. توجستُ خيفةً .. وأغمضتُ عينيَّ أبتهل .. فإذا بلعنة صوتها :
- ذهبتَ مخلاًّ بي .. وبالقربة ..! أأنت ممسوس ..؟
( وضحكَت ) ..
- أقبّل نهاياتَ شعركِ .. هذا الذي يثرثرُ على وجهي كنفخة .. دعيني لمَنْ ستصفعني وحيداً .. خذي أيّ شئ .. خذي جدتي ..!
- حسناً .. إنْ أجبتني / أعجبتني ..!!
- بـِـمَ .؟!
- مَن أنتَ .؟! / لمن تحتاج .؟! / لمن تنزف .؟!
- أنـا :
... ضعفٌ يعـودُ من نهايـات الصخب محمّلاً برعب الجوع .. والموت .. والضياع .. وهاجس الحرمان مِنْه .. عيناه لم تَعُدا تتسعانِ لومضةِ بريقٍ مِن أمَـل .. كـَ من يركل الأحجار الصغيرة بـِ إمتداد الأرصفة .. بعد أن ماتت المدينة .. فلا يسمعُ إلا صوتَ إرتطامها في أقصى تجاويف جمجمته .. بـِ صحبةِ أنفاسِـه – أحياناً - الراكضة نحو المجهـول .
... أبـلعُ ريقي .. وأكمـل ...!
-أحتـاجُ إلـى :
... كل الذين غـادروني إلى هُـنالكَ / في عمق أضرحة النسـيان التي تشرّبت بهم/هِـنْ .. وليسَ لديّ من مزيدٍ يَسـُدُّ حاجة أصغرِ ضريحٍ إلى إحتوائي ..!
... أشهقُ بروحي .. وأتابع ...!
-أنــزفُ لـِ :
... كل الذين كانوا سكاناً في ذاتي .. فحاولتُ أن أخفف إزدحامي بهم .. بنزف بعضي إلى كل مساحةٍ تتسعُ لمثقالِ ذرةٍ من نزف .. من أجلِهم فقط .!
- يالروعة الكلمـاتِ بين شفتيك ..!! أعتقتُـك لـِ سحرك .. فـَ سلامٌ عليكَ يومَ وُلدت ، ويومَ ألتقيكَ ، ويوم أحتويك ذاتَ كَفَن ..!
... وطـــــارَت .!!
... فوجدتني أمامَ خِدرِ جدتي .. التي بادرتني بالسـلام .. لأرده عليها :
- فـَ لاسلامٌ عليكِ ولامنٌّ ولاسـلوى .!!
.
.
.
... فأختفَت هيَ الأخرى .!
☼☼☼
/
\
/
خ.الد ...