الموضوع: دَوْزَنَة..
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 18-11-2007, 01:47   #4
قِصّة
كاتبة
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ قِصّة
 

بقايا صور في ذاكرة حنا مينة


.
أقسى سيرة ذاتية قرأتها كانت تلك التي سطرها الكاتب السوري " حنا مينة " في ثلاثيته ( بقايا صور , المستنقع , القطاف )
بدأتها بقراءة " بقايا صور " والتي أهداها الكاتب لروح والدته " مريانا زكور " ..
في المستهل ومن أولى الصفحات يصافحان حزن صاحبها , ذلك الحزن القاسي صاحب القدرة على حملنا للسير فوق جرحه بأعينٍ مكشوفة يلسعها سيل الآلم وقراءة تتحسس أثر النكبات على ملامح حرفه ,,
يضغط بحزنه على مكامن الحزن في دواخلنا ,, يحييه وينشره على صفحة الذاكرة ,, مع أختلاف الغصات إلا أن الألم متوحد الطعم ,,
حين تحاول الهرب منه ستهرب منه إلى الصفحة الأخرى ,, حزن أسر يربطك فيه فلا فرار من تتبعه ,,

في البدء حنقت على نفسي كيف قادتني إلى تلك الرواية ,, كيف غافلها الحزن ليتسرب إليها من غلاف كتاب ,, كيف تصر على ملامسة الجرح ,,
ثم وجدتني أتصالح معها وأوافقها على موقفها ,, فحزن " مينة " كالأطلال العظيمة كلما أطلت الوقوف عليه أشتدت روحك وسمك قوامها ,,

" حنا مينة " الذي صور الموت حين يتحد مع المرض ويقتنصان الأرواح ,, الذي يجعل البرد يخترق عظمك حين تعصف كلماته في وصف فقره واهتزاز بابه الخشبي بيد الريح ..
الذي يسكنك كعصفور مشرد تحت شجرة موبوءة حين يصف مسكن طفولته ..
الذي يلفك بحنان الأم الطاغي ,, الثائر على كل عامل يحاول خنقه واخماده ,, حين يتكلم عن والدته تشعر بأن الكلمة ابتدأت تئن وتهزج ثم تترنم بصوت يعتصره المرض وتخنقه الرحمة ..
هو ذاك الكاتب الذي ينقلك إلى عالمه إلى حزنه إلى عرصات سنينه ,,,

التوقيع:
إننا نخجل من كل ما هو حقيقي حولنا؛ نخجل من أنفسنا ومن أقاربنا
ومن دخلنا ومن لهجتنا ومن آرائنا وتجاربنا تماماً كما لو أننا عراة
*

*برنارد شو
قِصّة غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس