مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 11-06-2008, 20:18   #1
مسفر الدوسري
شـــاعر وصحفي
 

مالم أقلهُ شعرا !




أعطني حريتي

مؤمن أن هناك إرتباط وثيق بين الحرية والحب، فكما أن الحب هو النافذة التي نرى من خلالها صورتنا الحرة، كذلك فإن الحرية هي الضمانة الحقيقية للحب والدليل عليه،أتذكر مقولة قرأتها مبكرا، ولا زالت تملك نفس القدرة على إدهاشي حتى هذه اللحظة،هذه المقولة تقول – فيما معناه- إذا أحببت شيئا أبقه حرا،إذا أتاك فهو لك،وإن لم يفعل فهو لم يكن كذلك قط!
كثير منا يتذكر هذا المقطع من أغنية أم كلثوم:" أعطني حريتي ..أطلق يديّا" من إبداع الشاعر د.أبراهيم ناجي،ولكن أتدرون ما هو المثير لخيال الأسئلة في هذا المقطع ؟! هو أن صرخة العاشق هنا لإسترداد "حريته" ، أتت في لحظة أراد فيها أن يقايض حبه في مقابل حريته،بمعنى آخر أراد عاشقنا أن يتنازل عن حبه ثمنا لاسترداد حريته!
والمثير في هذا الموقف أن الحرية أصبحت في مواجهة الحب، خطان متوازيان لا يلتقيان،كيف أصبحا كذلك؟! كيف أصبحا على طرفي نقيض،في الوقت الذي كنا نظن أنهما حلقتان لا انفصام بينهما؟!
أنا أعتقد أن الحرية والحب من أهم إحتياجات الإنسان الأساسية ،فلو امتلك الحرية على سبيل المثال، سيظل أحساسه بالحاجة للحب حاضرا ، بل وملحّا أحيانا،فيبدأ بالبحث عن الحب وعلى إستعداد بالتضحية بأي شيء في مقابل "حصوله" على الحب حتى ولو كان هذا الشيء حريته!وعندما يجد الحب،تجده يتنازل عن حريته "باختياره" في سبيل الإبقاء على حبه،حتى هنا والموضوع عادي،حيث أنه وبرغم تنازله عن حريته للطرف الآخر إلا أنه لا زال حرا على الأقل كما يعتقد،وذلك لأنه تنازل عن هذه الحرية وكما قلنا بكامل حريته!ولكن ما يحدث عادة أن الطرف الآخر في علاقة الحب ومع مرور الوقت يشعر أن حرية الحبيب أصبحت حقا مكتسبا له، ويبدأ في "تقنين" صرف هذه الحرية له،ظنا منه أن الحرية السائبة تشجع الحبيب على الفرار،متناسيا أن هذا الحبيب أصلا قد أحبه باختياره، ويبدأ يتحول الحب إلى محاولة إمتلاك،وفي لحظة ما يشعر الحبيب المملوك بافتقاده لنعمة الحرية،ولكن هذه المرة ليس بإرادته ولكن إغتصابا من قبل الآخر، وهنا يصحو الإحساس بالعبودية، ومعه الرغبة في التمرد والثورة على قيوده،لأن الحرية إحتياج أساسي في حياة البشر كما ذكرنا آنفا،وهنا يبدأ البحث عن الحرية والتضحية بأي شيء في مقابل "الحصول" عليها حتى ولو كان هذا الشيء هو ..الحب! ومن ثم يطلق العاشق صرخته....أعطني حريتي أطلق يديّا. وبعد حصوله على حريته،يبدأ بحثه عن الحب .....وهكذا، دوران في دائرة مغلقة !
لذا تذكروا جيدا.. أبقوا من تحبون أحرارا..ولا يغركم أن هم رموا حبال قيادهم بين أيديكم،ولا تجعلوا ذلك يحفّز في أنفسكم الضعيفة رغبة الإمتلاك.
وتذكروا أيضا هذه المقولة: أذا أحببت شيئا فأبقه حرا،فإن اتاك فهو لك، وإن لم يفعل، فهو لم يكن كذلك قط !





مسفر الدوسري غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس