السراب
نطارد ولا نمسك,
وان اقتربنا امرنا "ان امسك".
تحت اشعة الحياة,
دنيا من المسك,
على رمضاء العطش,
كثير قد هلك,
بحثا عن السراب.
الشيء الذي لا شيء.
ومعنا كل شيء,
إلا هو.
نسعى لإمتلاكه.
للولوج إلى كنهه.
لمعرفة ماهية لبه.
الكل قد رآه وما من أحد قد ارتوى منه.
الكل قد سمع عنه وما من احد قد سمعه.
سرت في الفيافي.
كتبت اعذب القوافي.
شربت العذب والشافي.
وفي دروب الوسواس
الله وحده المعافي.
ولمثلي ما من مشافي.
بحثا عن اللاشيء,
تحت شمس لاذعة.
كأنها درة لامعة.
أنارت ولم تضح,
دنيا امتلأت بالأوهام.
أنارت ولم تضح,
كل شيء إلا نفسها.
بعيدة المنال.
بنورها نرى ولا اليها ننظر.
وقد اقتربت مني,
حتى لو مددت يدي,
لأمسكتها من خناقها,
لكنها تقودني إلى اللاشيء.
ترشدني إليه " هنالك انظره ",
قبل وجهك تجده.
وإن امتنعت,
وضعته أمامي وأعادت,
"إلى حتفك, ذلك حتفك",
"ليس لك سواه فاتبعه",
" ذلك حتفك ولا تخشه",
وكلما تبعته قالت: " توجه, توجه ",
" لقد اقتربت, اقتربت",
" إلى حتفك",
" إلى موتك".
وأنا كذلك,
حتى تغيب معذبتي,
عندما تتذكر أن هناك غيري,
من يستحق عذابي,
من يريد عذابي,
في دنيا عذابي.
تذهب الشمس من وراء الجبال,
وكأنها تجذبها للأسفل.
تقاومها الشمس.
"يستحق العذاب, يستحق العذاب".
وعندما تأبى الجبال,
إلا أن تغيب.
فكأنها تقول" سأعود".
" سيذكرك هذا الدم أني سأعود".
وتجرح الشمس يدها,
وتنثر على الأفق دمها.
" تذكرني سأعود, تذكرني سأعود",
يتغشاني الليل.
ويظهر صديقي البدر.
من وراءه النجوم ترقص.
يحنو إلي,
واضعا يده على جبيني,
"إلى أين أنت ذاهب؟"
"إلى اللامكان, إلى اللاشئ!"
" أصاحبي ألم تتعب؟",
" أوعمرك لمأربك تنصب؟",
"أنظر إلى الثريا وتعلم",
" ما تريده أبعد مما ترى".
حينها نظرت للثريا,
وفي وجهي تبسمت.
الثريا تبسمت.
تبسم عنقود الدر.
تلألأت كالوجه الأغر.
بدأت ترقص على ألحان نبضي.
على أوتار نزفي.
مددت إليها يدي.
فأمسكها البدر.
" أصاحبي ألم تتب",
" أرأيت السراب ",
" تالله لهو أقرب منها".
صاحبي ماذا أفعل؟
صاحبي ما الحل؟
"ليس المسئول بأعلم من السائل.
كلانا لا يعلم ماذا تريد.
وإذا كنت لا تعلمه,
فكيف اعطيك إياه؟
صاحبي, سر مع الناس,
فكلهم أنت,
كلكم تريدون مالا تعلمون,
ولا تنظر إلى اللاشيء.
فلو دفعت كل شيء,
لن يأتيك اللاشيء,
لن يأتيك اللاشيء.
مسابقة الأدبي مواسم ( ذاكرة العرب )