مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 08-12-2002, 04:30   #3
الرّيـــــم
عضو شعبيات
 

معلقة عنترة


هل غادر الشعراء من متردم


هل غادر الشعراء من متردم … أم هل عرفت الدار بعد توهم

يا دار عبلة بالجواء تكلمي … و عمي صباحاً دار عبلة و اسلمي

فوقفت فيها ناقتي و كأنها … فدنٌ لأقضي حاجة المتلوم

و تحل عبلة بالجواء و أهلنا … بالحزن فالصمان فالمتثلم

حييت من طللٍ تقادم عهده … أقوى و أقفر بعد أم الهيثم

حلت بأرض الزائرين فأصبحت … عسراً علي طلابك ابنة محرمٍ

علقتها عرضاً و أقتل قومها … زعماً لعمر أبيك ليس بمزعم

و لقد نزلت فلا تظني غيره … مني بمنزلة المحب المكرم

كيف المزار و قد تربع أهلها … بعنيزتين ، و أهلنا بالغيلم

إن كنت أزمعت الفراق فإنما … زمت ركابكم بليلٍ مظلم

ما راعني إلا حمولة أهلها … وسط الديار تسف حب الخمخم

فيها اثنتان و أربعون حلوبةً … سوداً كخافية الغراب الأسحم

إذ تستبيك بذي غروبٍ واضحٍ … عذبٍ مقبله لذيذ المطعم

و كأن فارة تاجرٍ بقسيمةٍ … سبقت عوارضها إليك من الفم

أو روضةً أنفاً تضمن نبتها … غيثٌ قليل الدمن ليس بمعلم

جادت عليه كل بكرٍ حرةٍ … فتركن كل قرارةٍ كالدرهم

سحاً و تسكاباً فكل عشيةٍ … يجري عليها الماء لم يتصرم

و خلا الذباب بها فليس ببارحٍ … غرداً كفعل الشارب المترنم

هزجاً يحك ذراعه بذراعه … قدح المكب على الزناد الأجذم

تمسي و تصبح فوق ظهر حشيةٍ … و أبيت فوق سراة أدهم ملجم

وحشيتي سرجٌ على عبل الشوى … نهدٍ مراكله نبيل المخرم

هل تبلغني دارها شدنيةٌ … لعنت بمحروم الشراب مصرم

خطارةٌ غب السرى زيافةٌ … تطس الإكام بوخد خفٍ ميتم

و كأنما تطس الإكام عشيةً … بقريب بين المنسمين مصلم

تأوي له قلص النعام كما أوت … حذقٌ يمانيةٌ لأعجم طمطم

يتبعن قلة رأسه و كأنه … حدجٌ على نعشٍ لهن مخيم

صعلٍ يعود بذي العشيرة بيضه … كالعبد ذي الفرو الطويل الأصلم

شربت بماء الدحرضين فأصبحت … زوراء تنفر عن حياض الديلم

وكأنما تنأى بجانب دفها الـ … ـوحشي من هزج العشي مؤوم

هرٍ جنيبٍ كلما عطفت له … غضبى اتقاها باليدين وبالفم

بركت على جنب الرداع كأنما … بركت على قصبٍ أجش مهضم

وكأن رباً أو كحيلاً معقداً … حش الوقود به جوانب قمقم

ينباع من ذفرى غضوبٍ جسرةٍ … زيافةٍ مثل الفنيق المكدم

إن تغدفي دوني القناع فإنني … طبٌ بأخذ الفارس المستلئم

أثني علي بما علمت فإنني … سمحٌ مخالقتي إذا لم أظلم

وإذا ظلمت فإن ظلمي باسلٌ … مرٌ مذاقه كطعم العلقم

ولقد شربت من المدامة بعدما … ركد الهواجر بالمشوف المعلم

بزجاجةٍ صفراء ذات أسرةٍ … قرنت بأزهر في الشمال مفدم

فإذا شربت فإنني مستهلكٌ … مالي وعرضي وافرٌ لم يكلم

وإذا صحوت فما أقصر عن ندىً … وكما علمت شمائلي وتكرمي

وحليل غانيةٍ تركت مجدلاً … تمكو فريصته كشدقٍ الأعلم

سبقت له كفي بعاجل طعنةٍ … ورشاش نافذةٍ كلون العندم

هلا سألت الخيل يا بنة مالكٍ … إن كنت جاهلةً بما لم تعلمي

إذ لا أزال على رحالة سابحٍ … نهدٍ تعاوره الكماة مكلم

طوراً يجرد للطعان وتارةً … يأوي إلى حصد القسي عرمرم

يخبرك من شهد الوقيعة أنني … أغشى الوغى وأعف عند المغنم

ومدجج كره الكماة نزاله … لا ممعنٍ هرباً ولا مستسلم

جادت له كفي بعاجل طعنةٍ … بمثقفٍ صدق الكعوب مقوم

فشككت بالرمح الأصم ثيابه … ليس الكريم على القنا بمحرم

فتركته جزر السباع ينشنه … يقضمن حسن بنانه والمعصم

ومسك سابغةٍ هتكت فروجها … بالسيف عن حامي الحقيقة معلم

ربذ يداه بالقداح إذا شتا … هتاك غايات التجار ملوم

لما رآني قد نزلت أريده … أبدى نواجذه لغير تبسم

عهدي به مد النهار كأنما … خضب البنان ورأسه بالعظلم

فطعنته بالرمح ثم علوته … بمهندٍ صافي الحديدة مخذم

بطلٍ كأن ثيابه في سرحةٍ … يحذى نعال السبت ليس بتوءم

يا شاة ما قنصٍ لمن حلت له … حرمت علي و ليتها لم تحرم

فبعثت جاريتي فقلت لها اذهبي … فتجسسي أخبارها لي و اعلم

قالت رأيت من الأعادي غرةً … و الشاة ممكنةٌ لمن هو مرتم

و كأنما التفتت بجيد جدايةٍ … رشأٍ من الغزلان حرٍ أرثم

نبئت عمراً غير شاكر نعمتي … و الكفر مخبثةٌ لنفس المنعم

و لقد حفظت وصاة عمي بالضحا … إذ تقلص الشفتان عن وضح الفم

في حومة الحرب التي لا تشتكي … غمراتها الأبطال غير تغمغم

إذ يتقون بي الأسنة لم أخم … عنها و لكني تضايق مقدمي

لما رأيت القوم أقبل جمعهم … يتذامرون كررت غير مذمم

يدعون عنتر و الرماح كأنها … أشطان بئرٍ في لبان الأدهم

ما زلت أرميهم بثغرة نحره … و لبانه حتى تسربل بالدم

فازور من وقع القنا بلبانه … و شكا إلي بعبرةٍ و تحمحم

لو كان يدري ما المحاورة اشتكى … و لكان لو علم الكلام مكلمي

و لقد شفى نفسي و أبرأ سقمها … قبل الفوارس ويك عنتر أقدم

الرّيـــــم غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس