الموضوع: قصيدة .. للنقد
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 30-07-2005, 10:03   #4
إبراهيم الوافي
وريث الرمل / شــاعــر وأديب
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ إبراهيم الوافي
 

رد : قصيدة .. للنقد



علينا أن ندرك يقينًا أن المنتديات الأدبية تجاوزت كثيرا عبارات ( الإخوانيات ) التقليدية في الردود .. حينما تجيء الردود في مجملها إعلانا بالقراءة .. فإحصائيات الزيارة كفيلة غالبا بإبراز عدد القراءات وبالتالي نطمع جميعنا في أن تترك الردود ومضة نقدية أو قرائية .. أو أن تكون في فحواها ذات تحفيز إبداعي يعكس ثقافة المتلقّي للنص حينما تتوالد كثير من النصوص نتيجة المفاعلة والمشاركة ...

تحت هذا البعد الفني والمعرفي يقدّم لنا الشاعر الفاضل ..سيف السيف نصه وقد عنونه بــ ( قصيدة للنقد ) وهو مفهوم توعوي متطور جدا ، يسير بالمشاركات الالكترونية إلى مستقبل أجمل وأروع ، والحقيقة أنني لاأنجو غالبا من قصور في الاطلاع على تجارب الأصدقاء الشعراء بشكل عام لاسيما ومازلت حديث عهد بهذا الموقع الجميل بشعرائه وقرائه ، وهي مسؤولية تخصُّني وحدي ، وربما كانت ذات بعد فني في هذا السياق حينما لايكون أمامي غير نص وشاعر أجهله لقصور مني في الاطلاع على تجارب المبدعين في ساحتنا ( المحكية ) ، ولا يعني هذا خفوت ضوئه حينما لم يدركه بصري من قبل ...

في محاولة مني لعدم الإسهاب في القراءة الفاحصة للنص .. حيث علي أن أشير إلى أنها ( قراءة ) خاصة وليس من الضروري أن تكون نقدًا حينما تميل في بعض الأحيان إلى الجانب التطبيقي الصرف بعيدًا عن النظريات النقدية ... وسأنطلق من النص إليه عبر محاور ثلاثة رئيسة سأحاول مزجها معا
1) رؤيا النص
2) لغته
3) ترابطه


أولا لايمكن أن نلج للنص دون أن نتوقف قليلا عند عنوانه ( حب في مهب الظروف ) وهي الرؤيا العامة أو البرواز النفسي الذي دار عليه النص .. وهو كما يتضح لنا عنوانًا ( استشرافيّا ) لايستند هويته من أمسه ولا من مستقبله حينما تنحصر رؤياه في اللحظة الآنية مجردةً من إرهاصات الأمس ونبوءة الغد :


قناعتي فالقـرار اللـي فرضـه النصيـب
.................... إظروفنـا ودتـه ..!!واقـدارنـا جابـتـه


بمثل هذا الاستهلال الرؤيوي حيث الركون للحظة المتمثلة بــمفردات ذات علاقة بهذا ( قناعتي / فرضه / النصيب ) والاعتماد على التضاد اللغوي بين ( ودته / وجابته ) مع التمويه المعجمي فقط باللغة حينما تكون ( الظروف ) ذاتها قدرا وبالتالي جاءت عبارة ( وأقدارنا جابته ) تمويه لغوي غير مستساغ أدى إلى ضبابية الرؤيا الفنية في بيت استهلالي يتسلسل بموجبه النص وتندرج تحته الحبكة السردية كاملة ... ولو كرَّر الشاعر مفردة ( ظروفنا ) في الجانبين لخرج التضاد اللغوي حينها بتضاد معنوي موازٍ يخرج الرؤيا الفنية ذاتها من التكلُّف ويدخلها حيز المفاعلة في تأطير الفكرة العامة للنص هكذا مثلا ( ظروفنا ودته .. وظروفنا جابته ) أو أن تكون عملية التحايل اللغوي ذاته ذات بعد مؤثر حينما يخرجها من المعنى المباشر من خلال قلب المعنى هكذا مثلا : ( أقدارنا ودته .. وظروفنا جابته ) على اعتبار أن الظروف جزءا من القدر إن لم توازِه في التأثير ...

أما في قوله :

ولاعاد باقي من المشـوار قبـل المغيـب
.................... إلا شـعـورٍ كفـيـل الـوقـت بإذابـتـه

فقد يتبادر إلى ذهن القارئ إلى أن استبدال احدى المفردتين ( المغيب / الشعور ) بمفردة مكملة للصورة الشعرية الموازية أمرا ضروريا .. وربما كانت مفردة ( النصيب ) هي الأولى لولا ورودها في البيت الذي سبقه لكن مفردة مغيب تستوجب مفردة ذات بعد ( ضوئي ) أو خفوتي وهو مالايتناسب مع مفردة شعور .. أقول ربما يتبادر إلى ذهن القارئ هذا لاسيما وأن الإحساس بالشعور إشارة إلى توهجه وملامسته والاحتفاء به وهو بهذا يتعارض مع ورود مفردة ( المغيب ) إلا أنها بصدق محاولة ذكية من قبل الشاعر إلى توجيه ذهن المتلقي إلا أن الشعور عظيم جدا ، ومع هذا ليس أمامه خيار إلا أن يلقي به في ذمة الوقت ... ويكاد هذا البيت بالفعل أن يختزل الرؤيا العامة للنص ببراعة وإتقان خاصة مع اقحام التراكيب الرؤيوية التي اعتسفتها القافية ( إذابته ) في صور توالدية ناتجة عن الدلالة الخاصة للمفردة حينما تكون الإذابة ذاتها ناتجة عن احتراق أكبر للشعور له وبه معا بطبيعة الحال ... والوقوف أمام هذا البيت تحديدا أراه من وجهة نظري الخاصة هاما جدا لاسيما وقد بنيت كثير من الأبيات اللاحقة عليه برغم تكرار معانيها وطرقها من زوايا رؤيوية متعددة شكلت أحيانا حبكة سردية لاتخلو من الإمتاع والإقناع معا :

وعني رميت احتمال اطيب والا مـا اطيـب
.................... سـؤال عقـب الجفـا مـا تلـزم إجابتـه

درهم أمـل حازلـه قنطـار هـم ونحيـب
.................... وأخير من ياسـي المحكـم علـي غابتـه

جيت اتفائل لقيـت الحـزن صـدره رحيـب
.................... رميـت نفسـي عليـه ولجـت إذيابـتـه

قلت احتضني عـن إذلال السـؤال الرهيـب
.................... وعن شح نفسٍ علي شحـت بمـا اصابتـه

على أنني بصدق وجدت تكلفًا في موسيقى النص بصورة عامة ولاسيما بقافيته التي تحتاج البعد الصوتي كثيرا .. وربما كان هذا النص من أكثر النصوص وضوحا لكون النصوص ( المحكية ) نصوصا شفوية مسموعة لامطبوعة حينما يصعب التوفيق بين الصوت والقواعد الإملائية المتوارثة فيه .


من موت الاحساس صار العشق وجهه كئيب
.................... وحجم الالم ماقـدرت اقـرا وش إكتابتـه؟

حين قرأت البيت السابق قلت ماذا لو قال :

من موت الاحساس صار العشق وجهه كئيب
.................... وحرف الالم ماقـدرت اقـرا وش إكتابتـه؟

مع تحفظي النسبي حقيقة إلى التفكك الكبير بين صدر البيت وعجزه ..حينما لايوجد أدنى توافق بين الصورة المرئية المتمثله بــ ( وجهه كئيب ) ولصورة الرؤيوية المتمثلة بــ (اقرا وش كتابته ) وأخال أن الرؤية بحاجة إلى متابعة ( وِحْدوية ) حينما يكون هناك تقارب ذهني بين ( الوجه الكئيب والظل ) على اعتبار اشتراكهما في الرؤية والرؤيا معا فيه على غرار استبداله بهذا على سبيل المثال :

من موت الاحساس صار العشق وجهه كئيب
.................... وظل الالم ماقـدرت أعرف وش إنهايته؟

وحتى لاأطيل كثيرا في النص والإسهاب الذي قد يفقده قيمته الجمالية حينما يكتبه شاعر متمكن من أدواته جريء في طرحه ودعوته لقراءة نقدية فاحصة .. بدا لي جانبا من الجوانب المتكلفة أو لنقل رص الصور بطريقة تخلو أحيانا من التناسق والتناغم والمتابعة فيها لاسيما بين صدر البيت وعجزه على غرار البيت السابق ... مع القصور النسبي في استغلال الدلالات الخاصة بالمفردة وما يتوالد عنها ..لاسيما وقد ورد في النص مفردات توالدية مكثفة وكثيرة وكان بمقدور شاعر متمكّن من موسيقى الشعر كما تبين لي هذا السيف الفاضل من استثمارها للخروج بنص رؤيوي متميز ...


آمل بالفعل أن يتسع صدر شاعرنا الجميل لمثل هذه الرؤى ذات البعد النظري أحيان إذ ليس من الضروري أن يكتب أحدنا الأجمل حينما هيِّء له أن يتعرّف على مواطن الجمال معرفيا ...
أكرر إعجابي الكبير بوعي شاعرنا الفاضل لأهمية التبادل المعرفي والنقدي عبر الشبكه .. وتقبلوا جميعا احترامي وتقديري...






التوقيع:


أنا لم أصفعِ الهواء..
كنتُ أصفّقُ فقط ..!
https://twitter.com/#!/ialwafi




اخر تعديل كان بواسطة » إبراهيم الوافي في يوم » 30-07-2005 عند الساعة » 11:20.
إبراهيم الوافي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس