مررت من هنا يا صاح ِ لكي أبوح فما لعيون الوشاة ترقب نجوايَ !
أنتَ تفترض وأنا أجيب الافتراضات حباً و كرامة
لـ" لساقية البوح "و سقاته و كؤوس
الطلاء التي لامست فاها فتضوّع في الأقداح يا زكريا ريَّاها !
أصبحتُ يا مولاي السعيد ذو العقل الرشيد و الملك الشديد و الكتاب المجيد ـ شيخاً غشوماً يحلم بجارية فارسية خماسية معطرة بماء الورد و الزعفران أشتريها بكل ما أملك من الدوانيق والدنانير فأهبها نفسي عبداً لها ,لا نكدر صفواً على أن لا يشوبها ضجر و لا شجٌ في جبهتها و لا سوادٌ في ركبتيها و" حبذا أن تكونا كصحنِ مرمر"و لا معكوفة الأنف معقوفته و لا أرنبة الفم و لا نطيحة و لا متردية و أن لا تكون باردة الهوى و لا عسراء الرد فأنا لا أحب الباردات السامجات الشاردات اللحوحات المضجرات و إلاَّ هددتهن بحبسهن و ضربهن بصنجات المطبخ .أريد مزاجها زنجبيلا يروق للشاربين هشّةٌ بشّة براقة الثنايا لها من الهيئة فتنة مغرية عظيمة كامرأة العزيز تستبيك بحسنها و دلالها و غضاضة طرفها و رقّة كلمها و نظارة تصورها ..
تهوى أخبار الأدب و الأدباء و "أهمهم حادي العيس"و تحفل لمصابهم و تعجب لأمرهم و تفرّق بين كرم النفس و شحها .. ..
يطيبُ لها أن تبتهل في صومعتي هناك فوق التل الذي يطل بحياء على منازل النجوم ..
فأحدثها عن كل قراءة لي و أروي لها بطولات وهمية فتصدق رؤياي
فأنا من جيلٍ متعثر و متغيّر بالكاد يرَ سحنته في مرايا الحياة الضبابية ..
فأتغزل بها عند مطلع النهار حتى أبيت في خدرها عند أطراف الليل فيطيب المبيت بئس المقام و ذلك مكافأة لقلب قد أقسم على عشق الجمال و نذر المطايا لحضرته
فنتصفح الموسوعات و المخطوطات حتى إذا عضت على العناب بالبردِ تذكرت يزيد ابن معاوية
فأحتويها من قشعريرة البرد و هي تنظر في الاسطرلاب فتسألني عن نجمي و نجمها
فأحدثها عن خصائص الجوزاء و علاقته بالعذراء و الثيّب و الأرملة ...
ثم نعتكف في ( الغار )دهراً فتسوقني عبر أودية الشرب فإن اشتقت "للرياض" حنّت و إن سخطتُ عليها تبسمت
فأصيد الحبارى و هي تتزيّن فأحتطب فتتكحل حتى إذا أشعلت النار ارتمت في حضني فما أنسلت ..
و في الربيع تجمع لي الزهور و تعصرها !فأزرع الكروم فأعصرها ! فلا تسألني عن شيء بعدها و ما هي إلا دعوة للطبيعة و للنفس الحائرة الشائكة ..
دمتم و دامت محبتكم ..
السائل الحائر / ف ع