مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 12-02-2006, 15:02   #38
عبدالواحد اليحيائي
كــاتـب
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ عبدالواحد اليحيائي
 

رد : للفكر / للفلسفة نكهة أخرى مع عبدالواحد اليحيائي

.
.
يتبدّى لي أن مشكلة النقد التطبيقي المحلي لدينا تكمن في التطرف مع أو ضد .. ولهذا تقيّم التجارب الإبداعية عندنا كحركة عامة دون تمييز واضح بين مبدعيها .. وفي نظري هذا أكبر ما تواجهه حركة قصيدة النثر لدينا على سبيل المثال ..حينما تكون مادة سهلة للعبث عند من يجهل مقوماتها .. وبالتالي يقع كثير من النقاد في فخ الحماسة للعبث والإبداع معا ... كيف يمكن لشعراء النثر وأنت أحد النقاد المتطورين والواعين الخروج من هذا المأزق النقدي ؟!

العزيز ابراهيم: العلاقة بين الناقد والمبدع علاقة حوار في شكل من أشكالها كما تعلم، وفي تراثنا الأدبي القديم وفي مشهدنا الأدبي المعاصر هناك مشكلة في الحوار: كم قرأت في القديم عبارات من نوع: فألجمه، فألقمه حجرا، فأفحمه، وتركه وباطن الأرض خير له من ظهرها.. ألخ. وكم سمعت من صديق (أو غير صديق) تعليقا على مشهد ابدعي معاصر: سأرد عليه وهو يقولها بتحد وعنف؟.. أنا قرأت الأوليات كثيرا، وأسمع الأخيرة أكثر..

مشكلة الناقد عندنا أنه يتعامل مع الفن كما يتعامل الرياضيون مع الرياضيات أي كالحقائق البدهية، والواقع أن الفن لا يخضع لمعادلة، ولا يقبل القيد، بل ولا يرتضي المنهجية ، هو انطلاق وتلك مهمة المبدع الأول الذي ينطلق بلا قواعد ليخلق قاعدته المستقلة التي قد تعيش بعده يوما واحدا وقد تبقى لمئات السنين، لكنه أبدا لا يستطيع أن يمنع الآخرين من الابداع والانطلاق. وهنا اشكالية، هل معنى ذلك أن نشجع الفنون الرديئة؟ بالتأكيد لا، لأن الفنون الرديئة ستسقط تلقائيا وسيبقى ما ينفع الناس في عقولهم ووجدانهم.

أرى أن على الناقد المعاصر أن يعي حتمية التجديد، وأن يدرك أن مهمته الحقيقة هي البحث عن الجمال، وتقديمه لمن لا يستطيعون الوصول إليه، أو لا يفهمون أساليب تذوقه، وأن يوقن أن الشاعر الكبير أو الناثر العظيم يأتي بأدواته هو، وأن ادواته هذه التي قد لا نقبلها اليوم قد ترتقي بأذواق الناس حتى تصبح الأدوات المطلوبة لفن جميل قديم، وهكذا يدور الفن دورته ابداعا ونقدا. وما لم يعي ذلك فسيطوي التقدم الفطري للفنون كل ناقد لا يعمد إلى تغيير أدواته لتتناغم مع الفن الجديد.

المد الروائي لدى كثير من شعراء العصر .. ثرثرة كثيرة لاتليق بقصيدة النثر ..وتحول ( عصري ) من موسيقى الصوت إلى فضاء الرؤية متماهيا مع المدعو ( فيديو كليب ) ...! ماتعليقك على مقولة كهذه .. وإن جاء بها تلميذ لك ؟

بل صديق كريم، وشاعر جميل..
مشكلة الشعراء المعاصرين تكمن في رغبتهم في التحول إلى... نانسي عجرم أدبية..
ولعل الرغبة في مخاطبة الجمهور بلغة يفهمها، أو الوصول إلى جماهيرية شعبية تتيح المزيد من الانتشار بعيدا عن جهامة الفكر أو الشعور بغربة الشعر (غير الغنائي) يدفع بعض الشعراء إلى الاتجاه للرواية، لكن يبقى أن ذلك ليس مرتبطا بأدبنا المحلي فقط، هناك فكتور هوجو وهو شاعر وروائي كبير ايضا، وهناك اوسكار وايلد وهو روائي ومسرحي وشاعر ايضا، وشكسبير أيضا، وتعلم أن شوقي رحمه الله حاول في المسرحية الشعرية.

الخلاصة هي أنه على الفنان أن يعرف حدود قدراته..
بعضهم يستطيع القيام بأنواع مختلفة من الفنون دون أن يودي ابداع بآخر..
وبعضهم حسبه أن يتقن الفن الذي يعرفه ويفرغ جهده فيه فعسى أن يصل إلى جمال يليق به وبقرائه.
.
.

عبدالواحد اليحيائي غير متواجد حالياً