مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 04-07-2003, 17:50   #30
عثمان العبدالله
شـــاعر العثمــانيـــات
 

يبدو اننا لم نستوفي هذا الموضوع حقه من النقاش ، والوصول إلى بعض المسلمات.
ما الفرق بين الشعر والنثر؟؟
بكل بساطة نجد الشعر يختصر لنا ما نريد قوله في عدة اسطر في بيت واحد.
ثم إن ما يجعلنا نرتاح للشعر بالإضافة إلى تلك الخاصية ، هو الموسيقى التي لاتتوفر في النثر. هذه الموسيقى تحدث تأثيرا على جهازنا العصبي ، ومع هذا التفاعل ، والإنسجام
نطوّع شطرا معين ليتماشى مع اللحن العام ، وهو في الحقيقة نشاز ، انخدعت به الأذن
بحكم وقوع الجهاز العصبي تحت تأثير الموسيقى وما يصاحب ذلك من تغير في الناقلات الصعبية والمواد الكيمائية المكونة لها.
سيأتي من يقول ، يا أخي نحن نتحدث عن شعر شعبي ، توارثناه ابا عن جد ، وحتى شعراء التراث ، لم يحاولوا أن يوجدوا اداة علمية لضبط حركته . نعم ، هذا صحيح ، والشعر الفصيح قبل الفراهيدي لم يضبط بأداة ، بل الكتابة العربية ، لم تكن منقطة قبل
أبي الأسود الدؤلي ، ولم يكن احد يفكر في قواعد اللغة حتى جاء سيبويه.
اي كلمة نتكلم بها نجد ان بها حركة معينة ، نعتبرها جزيئة موسيقية ، لو قلنا مثلا:
نعم ، ثم اخذنا نرددها : نعم ..نعم...نعم.. ، واثناء ذلك اخذنا نضرب على الطاولة بالقلم
ونحن نقول هذه الكلمات ، سنجد أنه في كل مره نقول نعم ، ضربنا مرتين على الطاوله
حاول ان تفعل ذلك ، هذه الضربات اعطتنا موسيقى بحيث لانمانع من الإستمرار في الضرب على الطاولة او حتى العود لنسمع تلك النغمة. فكيف جاءت الموسيقى ، ببساطة لأن
لدينا حرفين متحركين والثالث ساكن.
لنأخذ أي شطر من أية بيت شعري شعبي ، ولنفترض أنه على ما اتفق على تسميته بالمسحوب الذي هو أكثر انتشارا هذه الأيام:
قالت من انت وقلت مجموعة انسان
نلاحظ ان كل كلمة تتكون من احرف ساكنه او احرف عله تعامل معاملة الساكن او حروف متحركة. لو قطعنا هذا الشطر الى احرف ، طبقنا لجرة المسحوب:
ق ا ل ت ام ن ن ت و ق ل ت م ج م و ع ت ن س ا ن
/ 5 / 5 5 / 5 5 5 / 5 / / 5 / 5 / / 5 / 5 5
مثل هذه الجرة ، او السحبة ، اظهرت احرف ساكنه متجاورة ،
وهذا يعني أنه لمعرفة التفعيلة المناسبة ، لابد من مراعاة ان ناخذ بعد المتحرك ساكن واحد فقط وبالتالي لابد من التعديل:
ق ا ل ت م ن ن ت و ق ل ت م ج م و ع ت ن س ن
/ 5 / 5 / / 5 / 5 / 5 / / 5 / 5 / / 5 / 5
م س ت ف ع ل ن م س ت ف ع ل ن ف ا ع ل ا ت ن
فسنصل في النهاية إلى ما تنطبق عليه التفعيلة المعروفة :
مستفعلن/ مستفعلن / فاعلاتن

لكن هذه التفعيلة تنطبق أيضا على بعض أنواع السامري. مما يدل على أن ما نكتبه كمسحوب ، يمكن لنا أن نغنيه كسامري ، لنتأمل في الأبيات التالية لقصائد معروفة
ياجر قلبي جر لدن الغصون = وغصون سدرٍ جرها السيل جرا
امس الضحى عديت في راس مشراف= رجم على روس الشواهيق نافي
لاتحسبني دالهٍ عنك ناسيك = لا والذي تنصى المخاليق بيته
عز الله إني داله القلب ومريح= لين اعترض لي بالهوى مودماني
(البارحه ياعبيد عييت اناما= قلب الخطا نكر علي الهواجيس
يا الله ياوالي على كل والي = ياخير من يدعا لكشف الجليله

اذاً التفعيلة واحده صحيح أنها تضبط لنا المتحرك والساكن ، لكنها لاتحدد لنا فيما اذا كان البيت مسحوب أو سامري ، لتأتي خبرة الشاعر ، في غناء بيته أو قصيدته بالطريقة التي يراها مناسبة لها ، وهذا ما يجعلني اؤكد على أن الشاعر هو المؤتمن على نوع اللحن الذي يتناسب مع قصيدته ، لأنها تمثل بوحه هو وخلجاته هو واحاسيسه هو . ليبقى دور التفعيلة فقط في التأكد من ان الشاعر يسير على خط واضح من المتحرك والساكن ، والتي قد تحدد نوع الموسيقى فيها ، والتي تتاثر بنوعية غناءها او لحنها من القارئ ، سواءا اتفق مع الشاعر في لحنه لها أم لا.
أرجو من الأخوة المهتمين بالموضوع ابداء مرئياتهم.
شكرا لك أخي ذيبان وجيمع الزملاء الذين تفاعلوا مع الموضوع لأنه فعلا موضوع هام.
تحياتي للجميع

التوقيع: مع تحيات
الطائر المهاجر
عثمان العبدالله غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس