الجازي
حين أجد رد بهذا المستوى وهذا الأهتمام وهذا التفصيل الرائع انسى كل المتاعب والأعباء المترتبة على إضافة موضوع بهذا الشكل المطوّل وهذه الردود المستفيضة والتفاعل الجميل من الأعضاء واشعر برغبة كبيرة في مواصلة طرح المواضيع ... فلكِ كل الشكر يالجازي بعد الله .
تقولين :
.
( الشعر كلام موزون ومقفى ويدل على معنى )
هو تعريف شائع جداً جداً وهو التعريف الأوحد للشعر منذ الجاهلية ولم يطرأ عليه تغيير كما ذكر الكاتب الا في عصور متقدمة وبالرغم من ذلك فقد بقي هذا التعريف شائعاً الى درجة أننا درسنا في كتب الأدب في سنوات سابقة أن الشعر كلام موزون ومقفى ويدل على معنا .. !!
وهذا خطأ كبير جداً وقعت فيه وزارة المعارف ( سابقاً ) .
هو بالفعل كلام موزون ومقفى ويدل على معنى ولكن هناك اشياء اخرى لم ينتبه لها السابقون وأخذها الكثير من اللاحقين على علاّتها ، ومن أهمها الشكل الفني للقصيدة ، والتجربة ، وهذان العاملين لا يمكن اغفالهما نهائياً .
تحدثتي واجدتي كثيراً ، واعجبني جداً أنك جئت برأيك مدعماً بالأدلة الشرعية والأدبية
وحين قلتي :
(( فالشيطان حقيقه وجوديه راسخه في مخيلة الإنسان مهما اختلفت الصور والمواقف .. ارتبط بأماكن الشر وبقدرات مخيفه وقد تكون خارقه في تصورنا لترصده لنا .. صوره رسخت من بداية دخول الشيطان الجنه ووسوسته في اذن حواء ..
ولذا فأي تجاوز للمألوف في فكره أو عمل ننسبه ونجسد به الشيطان بقولنا ( فكره شيطانيه ) ( عمل شيطاني ) حتى الكذب يوصف بفعل شيطاني ونربط في ذلك الشعر بأن الشيطان يتلبس الشاعر فينشد الشعر ))
اعجبني بالفعل ما قلته في هذا الخصوص ، ولا ينطبق قول ( عمل شيطاني ) على اقوال العامة فقط فقد قرأت لكثير من المثقفين ممن يستخدمون مثل هذه العبارات في وصف عمل خارق .
وقد يكون استخدامهم لها من باب التندر او المجاز ، ولكنه يظل دليل على رسوخ مثل هذه الافكار في الذاكرة الأنسانية ( الجماعية ) بشكل أو آخر .
ثم اضفتي رأيك الشخصي في الموضوع :
(( وتفسير ربط الشيطان بالشعر يظل غامض بعض الشيء ونظل نسمع على ضوء تلك الروايات نتأثر بدون أن نجزم بناء مايستنتج من اقوال عنها وعامة ارجّح أن الخيال يساهم كثيراً في صنعه أوالمبالغه فيه .. ))
وانا اقف معك بشكل كبير في هذا الترجيح خصوصا وانك لم تجزمي بكونه ( مصنوع ) أو ( مبالغ فيه ) .
وإن اختلفت معك فليس كثيراً ، فأنا ارى ان ( الصنعة ) أقرب اليه من ( الخيال ) ولكني أيضاً لا أجزم .
وخلصتي الى مقالة رائعة للدكتور محمد القاضي ادرجتي في نهايتها رأيه الشخصي في هذا الموضوع حين قلتي :
(( ورأي الكاتب هنا انه ليس من شك في أنّ القسم الأكبر من هذه الأخبار لا يصوّر الواقع وإنما اتخذها الأخباريون ومؤلفو الكتب وسيلة من وسائل التعليم ))
هو يتحدث فقط عن القسم الأكبر وهذا يعني أن الدكتور يؤمن بأمكانية تلقين الجان الشعر للأنسان اذا اعتبرنا أن سكوته عنه بمثابة الموافقة .
فهو لم يعمم ولم يقل ( كل ) بل قال ( القسم الأكبر ) .
لا اعلم ولكني اعتقد أن ( الماورائيات ) تبقى دائما محيرة للعقل البشري ، فمثلاً لو نظرنا للسحرة نجدهم يعدون الناس بالغنى وهم افقر الخلق !!
ومن هذا المبدأ ولكون السحرة قادرون على استخدام الجان ، ولكون مهنتهم من اقدم المهن في العالم ، فلماذا لا يستثمرون ذلك في بيع الشعر !!!
لم نسمع يوماً ما أن الشاعر الفلاني ذهب للكاهني الفلاني وطلب منه ان يساعده في أن يجد من يلقنه الشعر بدلاً من انتظاره في المراغات والمجنّات !!
ولو كان ذلك صحيحاً ، فلماذا لم يدخل السحرة الى بورصة الشعر ويستفيدون من وجود أعداد كبيرة من طلاب الشهرة الموسرين والذين هم على استعداد لدفع مبالغ طائلة في مقابل قصيدة تنشر بأسمه .
اليست افضل من شراءها من شاعر قد يشي بالشاري بعد أن يقبض الثمن ؟!!
هي فقط تساؤلات لا استطيع أن اجزم بكونها صحيحة أو خاطئة لكني ابقى في حالة المكذب الى ان اجد الخبر اليقين .
الف شكر يالجازي على هذا الرد الثري والرائع والذي يدل على سعة اطلاعك وقدر ثقافتك .
تحياتي