الموضوع: حَـكَـايـا
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 10-10-2006, 20:49   #9
تراثٌ وشخصيات
 

رد : حَـكَـايـا رمَـضَـانِـيِّة




.

تفاصيل القصة المشهورة لـ "زبنة رشيد".!

(3)

رشيد عالي الكيلاني ( 1892 - 1965) رمز من رموز الوطنية العراقية, سياسي عراقي شغل منصب رئيس الوزراء ثلاث مرات أثناء العهد الملكي في العراق حيث كان رئيسا للوزراء في الأعوام 1933, 1940, 1941 .اشتهر الكيلاني لمناصرته لدول المحور أثناء الحرب العالمية الثانية تميز بمناهضته للانجليز ودعوته لتحقيق الوحدة العربية.

الساعة تعود بنا لأكثر من نصف قرن من الزمان:
بغداد 3 أبريل 1941:
ـ الجيش العراقي ينتفض على الوصي عبد الإله الغارق حتى أذنيه في موالاة بريطانيا.
ـ ضباط الجيش ينصّبون رشيد عالي الكيلاني رئيس الوزارة السابق والزعيم السياسي المعروف رئيسا لحكومة الدفاع الوطني.
ـ الوصي وابن أخته الملك الطفل فيصل الثاني يفرّان إلى البصرة.
ـ القوات البريطانية تتحرك من جهة الأردن وتزحف نحو بغداد.
ـ رشيد الكيلاني يهرب إلى تركيا ولا يحلّ شهر نوفمبر حتى يصل إلى ألمانيا النازية حيث الملجأ الآمن لكل مطاردة من قبل البريطانيين.

زبنة رشيد:
تمرّ السنوات, وتلقى ألمانيا هزيمتها الشهيرة, وينتحر هتلر, وتدخل قوات الحلفاء برلين فتضيق الأرض بما رحبت على الكيلاني, ولا يجد مهربًا سوى "أبوتركي" البدويّ الشهم الذي لا تفتر نخوته, ولم يغيّر السلطان شيئًا من أخلاقه العربية الأصيلة.
وهكذا يتخفى رشيد مع مجموعة من السوريين,ويصل إلى الرياض بينما الملك عبد العزيز خارجها, ويطلب "الدخالة" التي لم يكن لها من ردّ لدى الملك سوى الترحيب والوعد بالأمن والعزّة.
المراسلات:
بدأ الملك عبد العزيز بالتراسل مع الوصيّ على العرش العراقي/ عبد الإله بن علي لإنقاذ دخيله من حكم بالإعدام ينتظره في العراق, وفي الرسالة الأولى يقول:
إن المصائب تبتلي الإنسان دون اختبار منه, وقد حدث عند خروج أخيكم من الرياض, أن قدم علينا وفد ادّعوا أنهم سوريون, وبعد ذلك تبيّن أن أحد رجال الوفد رشيد عالي. وبما أن المذكور لجأ بين محارمكم وعبلاتكم, يرجو أن تشفع له عند سموّكم بالعفو. ولهذا فإن أخاكم يرجو عفوكم عنه وشموله بمكارمكم, وهذه من الشيم التي تقتضيها الروح الدينية العربية".
ولكن الوصي عبد الإله لم يكن لينسى أن رشيدًا هو الذي زعزع عرشه قبل سنوات قليلة, فردّ على الملك عبد العزيز ردًا مواربًا حيث قال:" إن من أعظم المزايا التي تعجبني في جلالتكم أخذ المفسدين بالقوة, فكيف بمن أراد أن يفسد كيان القومية العربية والاستقلال العربي اللذين سعى بيتانا في إحيائمها السعي الكبير".
ويتعلل عبد الإله في بقية الرسالة بميثاق الأمم المتحدة فيما يختص بإيواء مجرمي الحرب, وحكم القضاء العراقي على رشيد.
وتدور الرسائل بين الرياض وبغداد بمنطقين مختلفين:
منطق العربي الشهم الذي ابتلي بدخيل يريد خلاصه. ومنطق الشاب الناقم الذي يتحجج بالقوانين الدولية.
الملك عبد العزيز يقول في الرسالة الثانية:" ما وجه أخيكم عند العالم في رجلٍ ضرب البر والبحر,وصار في وسط محارمكم أن يخرجه منهم ويضحّي به؟!
لا شكّ أن هذا أمر عظيم, فماذا تكون العين التي أنظر بها للناس أو الشرف الذي أرجو علوّه؟
لا شك سيلحق عارها بآخر رجل من عائلتنا.!!" ويزداد تعنت الوصي مؤكدًا أنّ:
أولاً: العفو عن الرجل خارج مقدرنا.
ثانيًا: إطلاق سراحه ليضرب الطريق الذي يريده, هو نقض صريح للمادة الثالثة من معاهدة تسليم المجرمين المنعقدة بين مملكتينا".
وتستمر المخاطبات بين الملك عبد العزيز والوصي عبد الإله والأمور تدور في حلقة مفرغة, فينهي الملك عبد العزيز بردٍ حاسم:" علمنا أن الحكومة العراقية قامت فعلاً بتقديم طلب التسليم إلى حكومتنا,وحكومتنا قد أجابت الحكومة العراقية الصديقة بما تراه بهذا الشأن".
وهكذا هدأت الأمور بعد أن علم عبد الإله أن عبد العزيز لن يسلم "دخيله", ولا مجال لمناقشة "أبو تركي" في ثوابته ومبادئه التي نشأ عليها وتشرّبها من أسلافه وورّثها لأبنائه من بعده.
ونجا الكيلاني و"زبن" ..!

.

تراثٌ وشخصيات غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس