مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 16-05-2004, 04:30   #30
نوف الثنيان
النجدية
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ نوف الثنيان
 

رد : موقف الأسلام من الشعر .. حلال / حرام .. !!



الأخ الكريم .. محمد علي العمري ..


يسعدني رأيك وعودتك وأن كانت أسئله ..


بدايةً أشكر كل من ساهم معي في هذا الموضوع بمشاركات سواء برأيه الشخصي أو من خلال أستشهادات .. والتي كلها أيّدت من خلال ما يتضح من ذلك كله أن موقف الأسلام من الشعر أن الأسلام لايكره الشعر لذاته إنما بحسب مايتضمنه فما كان مذموماً كُره .. وما كان حسناً وله غايات نبيله أستحق المدح ..


وأود التنويه أنا هنا مجتهده فقط بجمع الأدله التي من شأنها تحُل علامة التعجب والتي كانت دافعاً للتفكير في البحث والتقصّي من عدة مراجع وكتابة الموضوع وذلك كما ذكرت من قبل لما تردد كثيراً من أن الشعر حرام وأن شاعراً ترك الشعر لأنه ألتزم .. !


نعود للأسئله .. وبرأيي المتواضع سأجيب عليك ..

إقتباس:
لماذا يشعر بعض العلماء بحرج من كتابة الشعر او من الاستشهاد به في الخطب والمواعظ .. ؟!

جميل أنك لم تلجأ للتعميم في جوابك , فالكثير من العلماء يلجأون إلى الشعر في خطابهم العام والخاص , بل أن في مجالس أهل العلم من الشعر الشيء الكثير , وهناك من القصائد مايتردد في مجالسهم على سبيل التعليم والتدريس كما منها مايتردد على سبيل الوعظ والتذكير, خذ مثالاً على ذلك بالفية ابن مالك ونونية أبن القيم .
ولعل تحرج البعض من اللجوء إلى تضمين الخطاب الشعري في المواعظ والدروس تحديداً من باب عدم تقديم المفضول مع وجود الأفضل , أي أن في القرآن والسنة مايغني في هذا المقام من اللجوء إلى الشعر , ولا شك أن فضل القرآن والسنة لا يعادلهما أي فضل لمن كان له أدنى قدر من البصيرة , وقد يكون منهم من يرى أن في الشعر في هذا المقام تقليل من هيبة العلم وقدره , وهذه وجهة نظر أحترمها واخالفها , فقد نقل المتقدمون أن الشعر كان شائعاً في مجالس العرب , بل أن الشعر كان يُنشد بين يدي الرسول في مسجده في المدينة .
وإذا لجأنا إلى واقع الحال المعاصر فأن المتمعن في مضمون الخطاب الوعظي لا يخفى عليه القدر العالي الذي يوليه المعاصرون لقيمة الشعر في خطابهم , فهذا الشيخ عائض القرني والشيخ سلمان العودة على سبيل المثال , لا تكاد تخلو محاضراتهم ودروسهم من تضمين الشعر بين مفردات هذا الخطاب .
وهذا الإمام مالك يقول ( ولا بأس بإنشاد الشعر إذا لم يكن فيه ذم أحد ) وهو بذلك يحتج بقول الرسول صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت أنشد ومعك روح القدس , ومادمنا نتحدث عن الامام مالك فلابد من توضيح نقطة قد تغيب عن الكثير وهي أن مالك لم يكن ينهى عن أنشاد الشعر بشكل مطلق , ولكنه كان ينهى عن الأنشغال به عما هو أولى , أي العلوم النافعة في الدنيا والأخرة وهي طلب العلم الشرعي . وهذا هو لب المسألة , فكل مايشغل المرء عن عبادة الله حق عبادته فهو أمر لا يصح أياً كان هذا الأمر حسب ماذكر أهل العلم وبالضوابط المذكورة والتي لامجال لسردها هنا ...
وماكان لي أن أختم جوابي عن سؤالك دون أن أضرب مثلاً بالحسن البصري في مجالس الوعظ حيث كان لا يمل من ترداد البيت القائل :

اليوم عندك دلها وحديثها ... وغدا لغيرك كفها والمعصم
وهو بيت جمع بين قوة السبك وجزالة اللفظ وعمق المعنى , فتمعن كيف كان أهل العلم يوظفون الشعر في خطابهم الوعظي متى ماكان له مكان في سطور هذا الخطاب ...


وقد ورد في صحيح مسلم
أن رسول الله قال اهجوا قريشا فإنه أشد عليها من رشق بالنبل فأرسل إلى بن رواحة فقال اهجهم فهجاهم فلم يرض فأرسل إلى كعب بن مالك ثم أرسل إلى حسان بن ثابت فلما دخل عليه قال حسان قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه ثم ادلع لسانه فجعل يحركه فقال والذي بعثك بالحق لأفرينهم بلساني فري الأديم فقال رسول الله لا تعجل فان أبا بكر اعلم قريش بأنسابها وان لي فيهم نسبا حتى يلخص لك نسبي فاتاه حسان ثم رجع فقال يا رسول الله قد لخص لي نسبك والذي بعثك بالحق لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين قالت عائشة فسمعت رسول الله يقول لحسان ان روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله وقالت سمعت رسول الله يقول هجاهم حسان فشفى واشتفى قال حسان .
وفي صحيح ابن حبان ان رسول الله قال لحسان ان روح القدس معك ما هاجيتهم.

وفي نجد فان علماء الدعوة السلفية كانوا يهتمون بالشعر ويوظفونه في خطابهم العلمي والعملي , فمثلاً , ابن عثيمين رحمه الله كان له منظومات في أصول الفقه , وأبن سعدي كان له كذلك , أما أبن سحمان فكان له ديوان شعري ضخم.


إقتباس:
اعتقد ان لم تخني الذاكرة ان هناك مقولات لبعض علماء المسلمين حول هذا الموضوع ..

فأذكر ان احدهم ( لا يحضرني اسمه ) قال حين سأل عن عدم روايته وتضمينه للشعر في مواعظه قال ما معناه :

( لا احب ان تعرض علي اعمالي امام الله وبها شيء من الشعر )

حقيقة لا أدري من قائل هذه العبارة , ولكن من صيغتها يتضح أنها ليست فتوى ولكنها موقف وفهم شخصي لا يلزم أحداً , والأدلة على ذلك هي أكثر من أن تحصى خذ على سبيل المثال انشاد الصحابة للشعر بين يدي رسول الله , بل وتكليف الرسول بعضهم بالرد على هجاء المشركين , ناهيك على أن هناك من كبار الصحابة من كان يشدو الشعر مثل علي بن أبي طالب , وفيهم من كان يقول أنه يتقرب إلى الله بشعره , ولم ينكر عليه ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم , يقول حسان بن ثابت :
هجوت محمد فأجبت عنه... وعند الله في ذاك الجزاء
عموما يبدو لي أن تفسير العبارة , أن قائلها يقصد بذلك أن الشعر في عصره قد كثر فيه المجون بشكل يجعل من قائله لا يفتخر به ويخجل منه , وهذا هو التفسير الذي يتوافق مع معطيات التاريخ الإسلامي .. .



إقتباس:
كذلك ( اعتقد ) بأن الامام الشافعي قال ما معناه ايضاً :

( لولا ان الشعر يزري بالعلماء لقلت مالم يقله شاعر ) ..

بخصوص البيت الشعري , فهو منسوب للشافعي ولم يثبت عنه وصيغته هي :
ولولا الشعر بالعلماء يزري... لكنت اليوم اشعر من لبيد
والامام الشافعي كان شاعراً , وقد جمع شعره في ديوان , يباع في المكتبات , ومن أجملها قوله :
شكوت إلى وكيع سوء حفظي ...فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور.... ونور الله لا يهدى لعاصي
وعموما فالبيت السابق نسبته إلى الشافعي والذي يوحي في ظاهره بأن فيه ازدراء للشعر والشعراء هو في حقيقة الأمر لا يحتمل هذا المعنى , وذلك لأن المعنى الحقيقي للبيت أن طالب العلم لا يجوز له الإلتهاء بالشعر والتفرغ له وتقديمه على طلب العلم الشرعي , لأن هذا سيؤدي إلى التقليل من التحصيل العلمي للطالب , كما سيؤدي ضرورة إلى الالتهاء عن مجالس العلم بمجالس الشعر ..



تحياتي وتقديري




التوقيع:
نوف الثنيان غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس