مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 13-05-2004, 21:31   #22
ابونوت
شـــــاعــــــر
 

رد : موقف الأسلام من الشعر .. حلال / حرام .. !!



بسم الله الرحمن الرحيم
في البداية أشكر أختي الغالية نجدية على هذا الطرح المتميز وإثارة هذا الموضوع الرائع ، والملتبس على كثير من الشعراء والمتابعين .
إن كل كلمة منه تزن مقالاً ، وهذا يدل على ما تتمتع به كاتبتنا وأديبتنا من علمٍ وسعة إطلاع مع إدراك وأناة وصبر ومثابرة قل أن تجتمع في شخص واحد .
عزيزتي كاتبة الموضوع ، أعزّائي القرّاء : لي إضافات بسيطة تركتها لنا لتمنحنا المشاركة في هذا الموضوع الجميل والإدلاء بما لدينا وإن كان يسيراً . ثمّ تساءلت عن سبب أن بعض من الشعراء يهجر الشعر أو يمقته ويحرق نتاجه حال استقامته وتوجهه إلى الله جاعله بعضهم من المعاصي التي ينبغي التوبة منها .
وقد لفت نظري رد لأحد الأخوة حين قال : أن الإسلام لم يكن مع أو ضد الشعر !!!

ـــــــــــــــــــــــــ

فأقول بعد هذه المقدمة التي لعلّي لم أثقل عليكم بها :

إن الإسلام كان ضد الشعر المبتذل والقبيح والذي يحمل اعتداءً على الدين أو الناس أو يجرح الشعور أو يخدش الحياء بلا شك ، وقد نزّه الأنبياء عن جميله وقبيحه . ولكنه من جانب آخر أثنى على من نافح عن الإسلام وأباح لمن عفّ وقال شعرا جميلا نظيفا .
فقد أمر الرسول الكريم شاعره حسّان أن يهجو الكفّار وينافح عن الإسلام ويمتدح ذلك وهذا غاية التأييد . لذا يكون الإسلام معه في مواضع وضده في مواضع والدليل قوله عليه السلام (( إن من الشعر لحكمة ، مليحه مليح وقبيحه قبيح ))
وجميل أن نتذكر توبة كعب ابن زهير ابن أبي سُلمى واعتذاره من الرسول الكريم بقصيدته الجميلة اللامية والتي بدأها بالغزل الجميل ومدح فيها من يستحق كل المديح محمد صلّى الله عليه وسلّم حيث قال

بانت سعادٌ فقلبي اليوم متبولُ = متيّم إثرها لم يجزَ مكبول
وما سعاد غداة البين إذ عرضت = إلاّ أغنّ غضيض الطرف مكحول
كانت مواعيد عرقوب لها مثلا = وما مواعيده إلاّ الأباطيل
ولا تَمَسَّك بالودِّ الذي زعمت = إلاّ كما تُمسِك الماءَ الغرابيلُ
وماتدوم على العزم الذي زعمت = كما تلوّن في أثوابها الغولُ
ومنها
نبئتَ أن رسول الله أوعدني = والعفو عند رسول الله مأمولُ
مهلاً هداك الذي أعطاك نافلة =القرآن فيه مواعيض وتفصيل
لا تأخذنّي بأقوال الوشاة ولم = أذنب ولو كثرت فيّ الأقاويل
إن الرسول لنورٌ يستضاء به = وصارم من سيوف الله مسلول
في عصبة من قريش قال قائلهم = ببطن مكة لمّا أسلموا زولوا
زالوا وما زال انكسا ولا كشفت = يوم اللقاء ولا سودٌ معازيل

عند ذلك نظر الرسول الكريم عليه السلام إلى من عنده من قريش كأنه يومئ إليهم أن اسمعوا ،،،، حتّى قال

يمشون مشي الجمال البهم يعصمهم = ضرب إذا عرّد السود التنابيل

فأنكر القرشيون مدحه لهم وتعريضه بإخوانهم الأنصار فقال مادحاً الأنصار

من سرّه شرف الحياة فلا يزل = في مقنبٍ من عصبة الأنصار
الباذلين نفوسهم لنبيّهم = يوم الهياج وسطوة الجبّار
يتطهرون كأنه نُسُكٌ لهم = بدماء من علقوا من الكفّار

فكساه الرسول الكريم بردته التي اشتراها من أولاده معاوية رضي الله عنه بعشرين الف درهم

كذلك يغنّون الحداء وكان حادي العيس له صوت جميل فقال عليه السلام (( رفقابالقوارير ))

وتسامر عبد الله بن عبّاس وصحابي آخر قد يكون عمر فعرض له من شعر العرب ما اذهب الليل بطوله وحضرتهم الصلاة

وكان يلقى الشعر بين يدي الرسول الكريم في مسجده الشريف

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

كذلك أتذكر في هذا المجال شعر النساء في زمن الرسول صلّى الله عليه وسلّم وكيف أن شاعرة البديع المخضرمة الخنساء أم شهداء القادسية الأربعة ، كانت تنشده شعرها الذي رثت به أخيها صخر وكان يقول عليه السلام
(( مه يا خناس ))
ومن جميل شعرها

وإنّ صخرا لتأتم الهداة به = كأنه علمٌ في رأسه نار

وتقول فيه كذلك

يذكرني طلوع الشمس صخرا = وأذكره لكل دلوك شمس
ولولا كثرة الباكين حولي = على إخوانهم لقتلت نفسي

ــــــــــــــــــــــ

أمّا التساؤل ومرتكز الحديث حول من يترك الشعر حال الالتزام فأقول

لذلك وجوه ، فلبيد شاعر مخضرم كان ثالث شعراء الجاهلية بعد أمرؤ القيس وطرفة بن العبد

ومع ذلك حين أسلم واستنشده عمر بن الخطّاب تلا سورة البقرة فقال عن الشعر سألتك فقال بعد هذه لا ارغب الشعر فكان زاهدا في ذلك ولم يحرمه
كذلك أبو العتاهية حين التزم اتجه إلى شعر الزهد
ولإمام الشافعي يقول وهو صاحب أجمل الشعر

ولولا الشعر بالعلماء يزري = لكنت اليوم أشعر من لبيد
فمع مكانة الشاعر الإعلامية والاجتماعية إلاّ أنه لا يضاهي العلماء ولا يكون مطمح لهم وحين تأتي المفاضلة يكون العلم أفضل بلا شك .

ـــــــــــــــــــ

أمّا في عصرنا الحاضر وهذا ليس بشكل عام ولا اتهم أحد ،،، فنسمع ونطالع في كثير من اللقاءات مع بعض الشعراء الملتزمين ،،، أن مجتمع الشعر مجتمع غير محافظ ومليء بالمواعيد والمجون والتبذل وأنه يقود إلى الفسق ومواطن الشبهات والتجاوزات العقدية والفكرية المنحرفة ، وهذا بلا شك وارد ولكن ليس لدى الجميع لذلك نجد هؤلاء الفئة تكون فكرتهم نابعة من حياتهم السابقة وماضيهم المليء بهذه الأشياء فيهربون منه إلى البراءة التامة من الشعر ومجتمعه مما قد يصل بهم إلى تحريمه وتجريم من يكتبه ويحرقون ما كتبوه .
وفئة بين ذلك وذاك فيتجنبون شعر الغزل تورعا واتقاء الشبهة . ويكتبون غيره من ضروب الشعر .
وهناك من يكتب كل أنواع الشعر ويفخر بما كتب قديما وحديثا حيث أن شعره لم يحمل ما يوجب منه إخفاءه أو البراءة منه وهذا في نظري هو الصحيح ..

هذا ما لدي الآن على الأقل

شكرا مرة أخرى لكاتبة الموضوع

ابونوت



ابونوت غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس