[فوزي المطرفي]

.


كيف فعلتِ ذلك؟!! أخذت تعيدها بصراخٍ حاد, لكنّ صراخها يأتي في وقتٍ تتلهف فيه فاطمة لسماع شيءٍ آخر, خيّم الصمت وجثم على ملامحها, وقررت عدم الحديث مرة أخرى أمام نوره المتدثرة بالأدب عن الحب.
رن جرس الهاتف في لحظة تواطؤ, رفعت فاطمة بلهفةٍ تسابقها نظرات استنكار وغضبٍ عتيد, لم تستطع مواصلة المكالمة من شدة الحنق, أغلقت الهاتف واستأذنت طلبًا للصمت.
غابت فاطمة قرابة الشهر, وصديقتها تحاول مكالمتها دون فائدة, بعد جفاء, أدركت نوره أنّها قست كثيراً لحظة الاستفهام! وقبل أن يبدأ صراع تأنيب الضمير, حملت بعضا من روايات الحب, وباقاتٍ من الورد الأحمر, واعتذرت بقولها: تعلمين أنّي أحبك أليس كذلك؟ صدقيني.. لم أتمالك نفسي حين أخبرتني عن علاقتكِ مع صالح, هذه العلاقات ـ يا فاطمة ـ كسرابٍ بقيعةٍ يحسبها الظمآن ماءً, دمعت عينا فاطمة استسلامًا للحب, وتمتمت بحرقة: في اليوم الذي لا أسمع فيه صوته.. أفقد شهية الطعام والنوم والحديث, أفقد شهيّة أي شيء للحياة, أشعر أنّي لا أستطيع الاستغناء عنه, ولا أعلم ما سوف يعتريني عند فقده؟!
هل أفهم من ذلك, أنّكِ لن تذهبي إلى روما مع أسرتك لقضاء الإجازة؟
سأذهب, شرط أن تكوني حلقة وصلي به, تعلمين أنّي أحبك أليس كذلك؟؟؟
بعد أيام من السفر.. بدأ أول حديث ماسنجريّ بين نوره وصالح, لم تنوِ نوره إلقاء السلام والتحية؛ خشية أن يطمع الذي في قلبه غرض, وقالت على الفور:
ماذا فعلت بفاطمة يا صالح؟
ـ يضع صالح رابط أغنيةٍ حالمة, ويخرج!
يبدأ التفكير, ماذا يقصد بهذا الرابط؟ ولماذا لم يجب؟ وما علاقة هذه الأغنية بالسؤال؟
لا تكاد تنتهي الحيرة إلا ونافذة رسالةٍ توصيها أن: استمعي في ضوءٍ خافت.. ونامي!
تشعر نوره بدوارٍ لذيذ يسري في جسدها, وكأنه يهيئ مكانًا قصيًا لإغفاءة حب, تحاول التمنّع فلا تقوى على المجالدة, ترتمي على سرير أحلامها بهدوء, تغمض عينيها, وتأخذ نفسًا عميقًا جدًا, كأنها تجرّب أن تسرق من الزمن لحظة حياة واحدة, تستسلم لهذا الشعور الجميل, ويرتفع صوت الهاتف فجأة: أهلا فاطمة كيف أنتِ؟
بخير.. أخبريني عن صالح؟
تنفّست طعم الدوار اللذيذ, أطلقت شهقات اللذة العابرة, وإغراءات طعم البدايات الأولى, استقامت نحو الضوء الخافت, وتمّتمت: إنّه يرهقني بالأسئلة!!

ف. م

ـــ
كمحاولة لتوسيع نطاق المسؤولية على عاتق الذئب
.