03-01-2007, 15:51
|
#17
|
شموس لا تحدها سماء
|
لا شيء بي..أتزيا بهدوءٍ خارجي ..أبدو بعيدة جدا..جزيرة مستوحدة بذاتها لم يكتشفها بحارٌ أضلته عروس البحر بعد..يصخب في عناقها موجِ عاتي ولا تُبالي كثيرا بمن عبر أو لم يعبر..أعيش عزلة في التواصل ذاته..أكون عالية على الألم..هكذا أعتلي قمة لا تطالني اصابعه فيها..وليس له ان يقترب مني ..تستعصي عليّ حروفي المطواعة ..اجد كل ما أكتب أقل من أن أحتفي به..ممجوجا وتافه..مترف وغبي..كل أساليب الشتم المتوحشة أمارسها من ذاتي لذاتي وبلا كثير من أذى..أنطلق اليّ..أحاول العبور الى الداخل ..متغلغلة في ثنايا روحي الظمأى لماءها نفسه..كلما عببت قطر ندايّ..تلهفت للشربة التي تليها..لا جذل يحملني الى ارتواء ولا ثمل يأخذني الى نوم..
كأنما نمت البارحة..لكنني لم أفعل..كنت تائهة/لا زلت تائهة جدا..لم ارد أن افتح نافذة جديدة أعبث بها ..قررت ان أمارس عادتي في حارةٍ قديمة لها عبق روائح أليفة لطبخ فقير..وأصوات نساء يصرخن على اطفالهن الكُثر ويلعن حظوظهن التي إخترنها ذات ضياع ..
عندما مررت بالفتاة التي تضع اقماع الحنة في حاوية بلاستيكية قذرة وتزهد في أجرة ضئيلة
لم أكن مهيأة لمنظر جسدها المحشور في بزةٍ رخيصة..ولا لشعرها التي حاولت ان تجمله بأصباغٍ شقراء...أيضا لم أحاول ان ألفت نظرها لتحديقي في شعيرات وجهها الداكنة ولا في اصابعها الملوثة بلا اتساق من زينة الأخريات المُنعمات..وعندما جادلتها صديقتي في الأجرة..تمنيت أن أموت فجأة قبل هذا الوقت..تمنيت ان لا يسألها أحد عن ثمن فنها المُراق على الأيدي الناعمة..ولا أعبر بهذا الموت الذي يتفنن في إعادة نفسه كل حين..
لوالدتها المرافقة صوت يشبه الحشرجة المؤلمة..ولأختها المُحبطة أنفاس مختنقة..لباب بيتهن صدأ الحاجة التي لا تُلبى..ولنا بعض فرحٍ لا يوازي الامهن ولا يبزها..وددت لو وقفت وسط المدائن اسرب أحزان النساء القادمات من القرية البعيدة..أضع أصابع الفتيات الملوثة بالزيت الرخيص في متناول انفاس الأنوف المترفعة وأثقب عين قلوبهم الميتة لتحيا على حقيقة أخرى
كم نحن كاذبون..ألف قناع زيف نرتدي..الف طمع نمتطي..ولا نملك من انسانيتنا الا التشابه الشكلي مع صورة الإنسان المخلوقة لغاية لم نحققها..
أعتزل كل فرحٍ...ثم احاول ان أعود له..لي..أن أكون في طبيعتي..هادئة وهانئة..متوائمة والأشياء من حولي..انما لم أستطع..خذلني صوت أمهن ..وضعني أمام ذاتي الأولية وهي بطيبة الفلاحات وانسيابيتهن كالغدائر القديمة تسرد بألمٍ خفيف ومألوف لديها قصة الإحدى عشر طفلا والترمل المُبكر والاب الذي باعها لأول طارق وهي بعد في الثامنة من العمر..قتلتني نظرات الحرج في عيني بناتها..حاولت ان ابين لهن ان ألأمر عاديّ..وان لكلٍ مشاكله المختلفة..انما عيونهن أخرستني تماما..ما انفككت عن هز رأسي بذنبٍ لم ارتكب معظمه..لم أختر ان أكون في هذا الجانب من البلدة ولم أختر اسمي ولقبي وكل ما أنا عليه..كأنما كان يتوجب عليّ ان أعتذر عن جذوري كلها..عن كل لحظة تنعمت بها مُقابل شقائهن..ثم تنبهت الى الأقدار وأنواع العدالة الإلهية فتمكنت من لم شتاتي والتصرف بشكل مغاير انما مُثقلٌ بذنب الوجود ذاته..
ضجيج وصخب لا يبتعد عني..لا يتناسب وصوتي أو صورتي..معزولة عن ما حول..لم أفرح بنقوشي الكرزية..لم أحاول الإحتفاء كما يجب..كأنما هي ضريبة دمائهن الحمراء العادية..للفقر رائحة تُثير مكامن العزلة والإعتزال فيّ..تتركني بلا درعٍ من بهجة..تكسرني امام نفسي..تُشعرني بالعجز والضعة القاتلة..ايُوجد ما قد يُخفف صخبي الداخلي هذا..قد أكون أغبى..اتفه ..أقل من له تأثير في هذه الحياة..وقد اعتقد انني منذورة ومولودة لأخفف بعض الم..ثم لا أستطيعه فأذوي وانعزل والوذ بقمة عالية ..هذا شأن الخارجون عن قانون الحياة المعتادة..هذا شأ من يبحثون عن نبع الحياة بابرة معتقدون انهم سيتمكنون من حفر الجبال ونقشها لمجرد رغبتهم بذلك..هذا شأن من يعتقدون ان بامكانهم احداث بعض التغيير في مجرى انهار كونية واعادة كتابة التاريخ بنور مصباحٍ مكسور..وهذا شأني دائما..أخرج على النص ولا عزاء لوجعي
|
|
|