رد : هنا ..(مسفر الدوسري) حيثما يولد الشعر .. أكثر من عشرة أصابع لـ كتابة عطر ..
الاخت الجازي:
أهلا من القلب بعودتك أيتها المحمّلة بآيات السكّر كعنقود كرز.
- أتّفق تماما مع رأي الشاعر الكبير نزار حول هذا الموضوع،فإذا إتفقنا على أن الشعر هو تحويل الكلام العادي إلى دهشة،ورمل الطريق إلى إسوارة لؤلؤ،والورق الأبيض المشابه بحياديته وبرودته لسترات الممرضات إلى حدائق مرجان،إذا أتفقنا على أن للشعر هذه الصفة،فما جدوى إعادة الأشياء إلى "عاديتها"؟!
- "لا تحدثهم..
إلا رمزا"!!
قاسم حداد.
الرمز بشكل عام يستخدم كإثراء للصورة الشعرية،وتعميق لروح الدهشة فيها،ومتعة الخيال،وتطورت وظيفة الرمز خلال العصر الحديث لأسباب سياسية في الدرجة الاولى،وقد بالغ بعض الشعراء في ذلك لدرجة تصل لتعمية النص الشعري حدّ الإنغلاق على عالمه،هنا يفقد النص تأثيره السحري على المتلقي ويحيّده،وتصبح العملية الإبداعية بمجملها مجرّد عملية إستعراضية لا تهدف لقيمة .
الرمز تكنيك عالٍ في القصيدة ولكن لابد لهذا الرمز من مفاتيح يمكن للمتلقي أن يستخدمها لفك مغاليق هذا الرمز،بشرط ان يكون القارىء على درجة عالية من الوعي لا تقل عن وعي المبدع.
- الوزن والقافية لم يكونا ضمن أساسيات القصيدة العربية في القِدم،وهذا الرأي إجتهاد مني له ما يبرره:
أولا :كانت العرب تقول شعرا "مهلهلا" أي الذي لا يلتزم بقافية ،ومن هذه الصفة إكتسب المُهَلْهِل الشاعر المعروف(عدي بن ربيعة-الزير) كُنيته هذه لأنه هلهل القصيدة،اي أنه قالها غير مقفّاة،كما ذكرت بعض المراجع التاريخية.
ثانيا : قال أهل قريش عند سماعهم بعض الآيات القرآنية،أنه شعرا،علما بأن الآيات القرآنية "جلّت عن التشبيه" ليست موزونة بالفهم الشعري.
نخلص من هذا على أن الشعر العربي،ربما في بداياته الأولى غير المدونة،لم تكن ضمن شروطه الاساسية الوزن والقافية كما نعتقد،وربما وصلنا للقصيدة الموزونة المقفّاة خلال تطوّر القصيدة نفسها،وليس قبل ذلك.
أما فيما يخص الوحدة الموضوعية فأنا أزعم أن قصيدة التفعيلة أكثر إلتزاما بها من ما نسميها بالقصيدة الكلاسيكية،والشواهد على ذلك كثيرة،فكثير من القصائد الكلاسيكية يمكن إعادة ترتيب ابياتها او بعضها دون ان يفقد ذلك من بنائها شيئا،بل أننا نستطيع أن نجتزأ احيانا بيتا أو أكثر دون أن يؤثر ذلك على تسلسل المعنى في القصيدة.
- أتفق إلى حد كبير مع هذا الرأي.
- الغذامي هنا يتحدّث عن المضامين والمعاني التي يحملها الشعر العربي،ودورها في خلق صورة للرجولة تبناها المجتمع،مع إحترامي للدكتور الغذامي الذي نجلّه كمنظّر وناقد كبير له إسهماته المهمة في الأدب،إلاّ أن ما أفهمه أن الشعر العربي كان ولازال في أغلبه معبّرا عن القيم الإجتماعية والحضارية لعصره،وصورة الرجل هذه لم تكن مختلقة من الشعر،وإنما صورة موجودة في المجتمع بنيت عليها مفاهيمنا للرجولة.
لذلك أنا أظن ان هذه الأنساق لم تكن صناعة شعرية،وإنما نتاجا إجتماعيا لحضارتنا العربية بلا أدنى شك،فالصورة التي نسميها بالطاغية الآن،تتقاطع في مخيلتنا الإجتماعية مع صورة الرجل الشجاع ،الجبار،الذي لا يهاب،والذي هجم على مجموعة من الفرسان وصرعهم جميعا لأنهم لم يسمحوا لناقته - مثلا-أن تَرِد الماء قبل نياقهم!!ويتمنى كل رجل فينا لو أنه كان ذلك الرجل الشجاع،كريم النفس!!أليس هذا عمل طاغية بامتياز؟! وصورة هذا الطاغية ألا تتقاطع مع صورة "من لا يظلم الناس يُظلمِ"؟!!!
أما سؤالك عن تحوّل الشعر إلى سريالي ورمزي وما إلى ذلك،فأنا لا أرى كيف لذلك أن يؤثر على أبسط مفاهيمنا التي توارثناها على مرّ الزمن عن الرجولة والانوثة.
الاخت الجازي ..سعدت بعودتك الثرية أيتها الرائعة.
|