مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 20-08-2005, 22:31   #8
إبراهيم الوافي
وريث الرمل / شــاعــر وأديب
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ إبراهيم الوافي
 

رد : عبدالمحسن بن سعيد



تشبهيـن النـور لكنـك ظـلامـي
وتشبهيـن القـرب لكنـك بعيـده

والله اني كـل مأبـدا فـي كلامـي
عنك زادت فـي دواوينـي قصيـده

وكان ماوضّح لك الشعـر اهتمامـي
فلاسقا الله مـن قصيـده مايفيـده

وأنت يامولاي مـع كـل احترامـي
كيف شعبك بالهـوى تقبـل تبيـده

قلت لا تشرب وأنـا ماقلـت ظامـي
وفي عيوني ماتت الدمعـه شهيـده

قلت لك والموت ساكن في عظامـي
ولاتداوي الجـرح لكـن لا تزيـده

آه ياضيق ٍ على الصـدر مترامـي
كم لنا نرجـي زمنّـا يـوم عيـده

وقّض الشمع الدموع وقلـت نامـي
وقمت اغني اغنية همـي الوحيـده

أدري انـه شافنـي بـس متعامـي
وادري ان القلـب مايكـره وريـده

ومن درى ان الفرحه اكبر من مقامي
أعتبرني الحزن واحد مـن عبيـده

آه الى جا طيفك وضعـت بغرامـي
وصرت أقرا العين وابكي بالجريـده

واصبعي لأشّـرت يمّـك باتهامـي
حنّتك كـفٍ معـي صـارت عنيـده

مانصبتـك فـي هواهـم ياخيامـي
والله ابخص بالعيون ومـن تصيـده

كيف وانت القلـب افكـر بإنتقامـي
وين ابلقا عنـك لـي روح ٍ جديـده

رح وأمانـه بلـغ الدنيـا سلامـي
والمشاعر قلها (فرصـه سعيـده )

ياحياتـي وابتـدا الحفـل الختامـي
والخطأ كني اعيـده لجـل اجيـده

في خفوقي نـور وبدمـي ظلامـي
وان مشيت القرب.. خطواتي بعيـده

الرائع عبد المحسن بن سعيد




اللغة رحم الفكرة .. ولهذا تبدو اللغة المتمكنة في النص شريعته .. وتبقى عملية استغلال مكونات الكلمات في حالتيها الساكن والقلِق قدرات فنية متفرِّدة يتقاطع معه فيها بعض أقرانه من شعراء ساحتنا المحكية ..على أنه تفوَّق عليهم دائما بثبوت الدهشة وتأكيد الإدهاش ...
لنتابع معًا تدافع الأبيات من خلال تكرار الهاجس والدخول على القارئ ذاته في كل مرة من بوابة جديدة .. أقسم إنني كقارئ متذوق أولا لاناقدًا ثانيا أقسم إنني مابحثت في شعره عن مواطن ضعف ، حتى لا أعبث بالوقت حينما لايقصر مثله عن عيب يكتشفه مثلي لكنني تورَّطت أكثر في رحلة البحث عن تلك العيوب التي قد يزعمها أحد الناقدين الباحثين في النص أوالشاعر أقول تورّطت لأنني كلما بحثت عنها عنده عثرت بها عند غيره ، وبقي وحده لا يعنيه إلا ثقته بقدراته عبر غرور مأثور يمنحنا المزيد .. المزيد من نكهة الشعر ...
في هذا النص .. كما أشرتُ أول هذه الصفحة استغلال بارع جدا لمظاهر التضاد اللغوي ..هكذا :

تشبهيـن النـور لكنـك ظـلامـي
وتشبهيـن القـرب لكنـك بعيـده

فالتضاد بين ( النور والظلام / والقرب والبعد ) وهي المفردات التي تشكل الرحم اللغوي للمعنى كفيلٌ بأن يخلق وجه الشبه المفقود .. معتمدا فيه على الدلالات الخاصة والقناعية للكلام ... بحيث يدفعنا بموهبة فذة لنثر عدد من الأسئلة
لعل اولها .. تدور حول دلالة ( لكنك ) الإستدراكية ..مما يعني أن النور للمحبوبة الأصل ..بينما الظلام حدث .. ثم يدعم هذا البعد بصورة مركبة أخرى تتفق مع الأولى بخاصية الضوء .. فالبعد والقرب ..قدرات بصرية أيضا على مستوى العادية حين ندرك بالنظر ملامح القريب بينما تتلاشى كينونة البعيد شيئا فشيئا مع ابتعاده عن مدينة النظر .. ناهيك عن الأبعاد الفيزيائية لقدرة البصر وانعكاسات الصورة ..حينما لايتم ذلك إلا بالضوء ولا نفقده إلا بالظلام ... وهذا هو التلاصق والترابط المعنوي الدقيق في مثل هذا البيت حينما استخدم وجها واحدا فقط من وجوه مركبه اللغوي .. وهو إطلاق التضاد وانتظار النتائج ... ووالله إنها نبوءة الإبداع ...
على أن الشاعر ذاته واصل استغلاله للكوامن اللغوية في المفردات التي لاتحتاج أكثر من شاعر أنيق يحيط بها من جميع الجهات :


ومن درى ان الفرحه اكبر من مقامي
أعتبرني الحزن واحد مـن عبيـده


إن استحضار مفردة ( مقامي ) في صدر البيت .. جاءت بــ ( عبيده ) في خاتمته .. وكلا المفردتين قافيتي الصدر والعجز في القصيدة ، مما يمكنه أن يدخلنا جميعا في نوبة ذهول ودهشة مؤمنين بأن حالاته الكتابية ذات تقنية فطرية عالية
فالشعراء يحرصون كثيرا على انتقاء مفرداتهم لكنهم حين يخفقون ستجد مواطن الإخفاق فيها وطأة القافية عليهم .. أما أن تصبح قافية الصدر وقافية العجز طرفي جديلة الصورة الشعرية .. فتلك والله فتنة الشعر وغواية الإدراك ..!

سأعود لمتابعة ملامح شعرية خاصة أخرى عبر هذا النص أيضا ..
لكم جميعا مودتي ..






التوقيع:


أنا لم أصفعِ الهواء..
كنتُ أصفّقُ فقط ..!
https://twitter.com/#!/ialwafi




اخر تعديل كان بواسطة » إبراهيم الوافي في يوم » 21-08-2005 عند الساعة » 18:27.
إبراهيم الوافي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس