الموضوع: تُــرَاث.!
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 27-09-2007, 19:02   #28
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

نفس المصدر.



.

مفردة ( حجل ) الدالة على الحلي المعروفة .. رأي في أصلها




مادة معجمية وجمعها (أحجال وحجول), فلقد وردت في أساس البلاغة حجل: أي خلخال.
والحجل القيد ففي المصدر السابق: خرج يجرّ رجليه ويطابق في حجليه, وهما حلقتا القيد .
وفي الكامل للمبرّد : "الحجل القيد , ومن قول لعديّ ابن زيد:
أعاذل قد لاقيت ما يزع الفتى.... وطابقت في الرجلين مشي المقيّد

والتحجييل: التقييد لا يكون باليد واليدين ما لم يكن معهما رجل أو رجلان.
وحجل بعيره: قيّده , وأحجله أزال قيده.
وفرس محجّل وفي قوائمه حجول.
وينقل الزبيدي عن الفراء لعبة للصبيان: دبى حجل, ولم يذكرها صاحب معجم الألعاب .
والحجل لفظة تمنح معنى الاستدارة والتدوير بإطلاق , فالحوجلة من صغار القوارير ما وسع رأسها , قال الحجاج :

كأن عينيه من الغؤور... قلّتان أو حوجلتا قارور

والحواجل والحواجيل: القوارير.
ولابن الأنباري:
حواجل ملئـت زيتا مجــردة .... ليست عليهنّ من خوص سواجيل

وفي الحديث : "كان خاتم النبوّة مثل زرّ الحجلة بالتحريك" , ويستدرك ابن منظور في اللسان ليبيّن أن الحجلة: "بيت كالقبّة يُستر بالثياب ويكون له أزرار كبار , ويتّخذ للعروس، والقبّة تشتمل ضمنا على الاستدارة وجمعه حجال ".
والحجيلاء شبه حفرة في البطحاء.
والحجلاء: القلت في الصخرة, والقلت النقرة في الصخرة, ومنه قولنا: حجلت العين إذا غارت, والغؤور هو أيضا دلالة أخرى تشترك مع الحفر في إنها تكون عميقة ومحمية.
وفي المادة ذاتها ترد مفردة الحجيلاء لتعطي معنى الماء الذي لا تصيبه الشمس, وقد تكون المفردة للدلالة على ما يتركه أثر الماء على الحفرة التي تشتمل عليه مثلما تمّت استعارة التحجيل في مواضع وضوء الإنسان من البياض الذي يكون في وجه الفرس ويديه ورجليه لتدلّ على الأثر الذي يُعرف به المؤمن .
وفي المعجمية السامية, فأن مادتي (حجل) و (حجر) تعطيان ذات المعنى الدال على الاستدارة والتدوير أو أثرهما الذي تتركانه, فالميم والراء حرفان الإبدال بينهما معروف وواسع .
وأجد إنّ مادتي (حجل و حجر) تكملان بعضهما في المعجم العربي والمعجم السامي.
ففي الآرامية ( hjal ) : أدار، سوار , قيد.
( hujla) حجلا : خلخال
وفي السبئية ترد مفردة حجل لتدلّ على الحقل المحاط بسور أو الحائط.
وفي الحبشية ( hjal ) تأتي بمعنى: أحاط، حاصر .
ونجد أن مادة حجر لا تنفصل عن حجل في الحقل الدلالي للمفردتين .
ففي المعجم العربي : "الحجر ما يحيط بالظفر من اللحم.
ومحجر العين ما دار بها.
والتحجير أن يسم حول عين البعير بميسم مستدير"
وعن الأزهري : الحاجر من مساير المياه ومنابت العشب ما استدار به سند أو نهر مرتفع .
والحاجر أيضا الجدر الذي يمسك الماء بين الديار لاستدارته
وحجر القمر: إذا صارت حوله دائرة في الغيم.
والحجّورة: لعبة للصبيان, يخطون خطّا مستديرا ويقف فيه صبي وهنالك الصبيان معه يحيطون به ليأخذوه .
أما في باقي المعجم السامي فنجد إن (حجر) ترد في الحبشية من الثلاثي ( hagar ) ، أحاط ،شد،
و في الأكدية البابلية والأشورية (hajaru ) : سوّر , أحاط
وفي العبرية ( hajar ) : حوّط , سوّر , شدّ
وتأتي مفردة حجر في النبطية بمعنى السياج أو المنطقة ( المكان المقدّس)
وذات المعنى ( المكان المقدّس ) يورده ابن منظور في مادة ( حجر ) حين يذكر أماكن نفوذ اقيال اليمن في قوله :" المحجر ما حول القرية , ومنها محاجر اقيال اليمن وهي الإحماء , كان لكلّ واحد منهم حمى لا يرعاه غيره" .
وبعد أن رأينا اتفاق المعجميتين العربية والسامية على مادة ( حجل ) ومادة ( حجر ) وصلتهما ببعضهما البعض واتصالهما الذي لا يمكن إلا أن يكون تواصلا في سياق المادة ذاتها، سأنتقل إلى بعض الآراء التي حاولت تأصيلهما من الفعل الثنائي ( حج).
فلقد ذكر العلامة ( مرمرجي ) إن مادة حجّ في الأصل العبري تمنح معنى ( حلقة الراقصين ) لأن الرقص كان فعلا طقوسيا دينيا يقوم به الكهنة والعامة حول المذبح, بل وكان يعتبر رتبة من رتب الهيكل . ثمّ اتسع المعنى ليصبح: مجمع, محفل, عيد حافل, زيارة مقدّس, ومن ثمّ اختصّت المفردة بالمعنى الأخير وتنوسيت معانيها الأولى .
ويرى (ماراغناطيوس) إن مادة حج عبرية الأصل, أخذتها السريانية عنها ثمّ أعارتها إلى نصارى العرب .
وترد مادة حج (haga ) الثنائية في اللغة الآرامية بمعنى : دار , طاف.
و ( حجي) haggi : دار في البيعة .
و ( حجتا) hugta : دائرة , هالة القمر
وفي الحبشية : ( حج) haj : تعبّر عن العيد
وفي العربية تدلّ المفردة على القصد والتوجّه , وهناك إشارة إلى أن مفردة حجّ تعني العيد ( كما في اللغات السامية الأخرى ) أوردها المقريزي في خططه .
والحج في الإسلام يشتمل على الطواف وهو الدوار حول الكعبة المشرّفة . وهنا نجد الاتصال قائما بين ( الحج والحجل والحجر ) في الاستدارة والتدوير.
وأجد إن المعنى ليس ببعيد عن تثليث الفعل الثنائي ( حجّ ) وهو ما كانت تفعله العرب توسّعا للحصول على معان ومبان جديدة من خلال زيادة حروف على الأصول الثابتة في اللغة العربية.

.

فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس