مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 13-06-2007, 22:15   #59
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

رد : مـن ذاكـرة الجـوّال!

.


التاريخ/ 23/7/2005
المكان/ شرم الشيخ.
الزمن/ ذكريات.

*
\
/
*

يا هول ذلك من مرأى شهدت وقد
وددت لو كنت أعمى لا أشاهده



طيلة أعوامٍ ونكساتٍ عربيّة, وأنا أسمع وأشاهد عبر التلفاز, عمليات تفجيرٍ وانتحار, تودي بالكوارث الإنسانية المهولة.
كان الشعور الذي ينتابني خليطٌ من الحزن والخوف والشفقة على حدود الفكر وغفلته, وشراء العمر بخسارة العمر.!
صديقي أحمد الذي يعمل مندوبًا في شرم الشيخ, قصّ تذاكر دخول العرض المسرحي للأطفال, وقام بشراء الحلوى والفشار الذي يُعدّ بطريقةٍ لذيذة.
أدرت محرك السيارة باتجاه العرض, وأثناء السير سمعت دويًا هائلاً أضاءت بسببه سماء ليلة آخر الشهر, وكأن ضوء البدر عاد بطاقةٍ مضاعفة. حدثت نفسي أن العروض في هذه المنطقة الساحلية منوّعة ومختلفة, وتفاجئك دائمًا. فكما أن للمسرح روّاده وجمهوره, فهناك أيضًا جمهورٌ لرؤية الفرقعات الضوئية في سماء البحر والرمل الأبيض. لم يخطر ببالي أي مخاطر تأويليّةٍ تذكر, حتى عند رؤيتي لاشتعال اللوبي في فندق المجاور, فقد خمّنت أن هناك أعقاب سجائر علقت في سجّاد المدخل, ووقفت أتأمل منظر الصراخ الذي لا أسمع معناه, قليلاً.. ثمّ واصلت المسير نحو عرض المسرح وأحمد.
وبمسافة 400 متر تقريبًا, سمعت دويًا رهيبًا خلف سيارتي تمامًا, غيّب الفندق والصراخ والسجائر التي يمكن لطفاية حريقٍ صغيرةٍ أن تسيطر عليها.
شعرت بخوفٍ جاثمٍ على صدري, وهلعٍ يكاد يشيّب رموش عينيّ. لم أرَ في حياتي دمارًا يسكن أجسادًا حيّة, ولم أرَ في حياتي بقايا ملابس أطفال وعباءات نسوةٍ تحت نيرانٍ حيّةٍ تأكل الأخضر واليابس. لم أرَ سيارات الإطفاء والإسعاف وهي تستعيض بالدمع عن المحاولة. لم أرَ نفسي إلا هناك حقًا.!
الكاميرا الصغيرة في قائمة خيارات الجوال, لم تباشر الرؤية التي دفعت القنوات الإخبارية من أجلها مبالغ طائلة. كانت مشغولة برعب صاحبها الذي بات يفكر في الملجأ والملاذ؟
يستحيل لأكبر دليلٍ خبر أعلام الطرق والحارات الضيّقة, أن يحدد اتجاهه في وقتٍ كهذا, حتى الأماكن الشعبية البعيدة عن الخطر, لا يمكن أن تصل لمرحلة الأمان, والوسواس يشتعل في الصدر.
تدافع الناس من عدة أماكن, بعد أن أرجفت الأفئدة وهلعت النفوس؛ كأنهم سكارى وما هم بسكارى, يجهلون سلامة الطريق الذي يمشطونه بلا تريّث. ما أضعف الإنسان وما أشد وقع الموت.
توقفت أسأل أحدهم:
ـ إلى أين؟
ـ لا أدري.. الانفجارات في كلّ مكان.!
ـ ما رأيك أن نتوقف, وندعو الله؟!
ـ وما رأيك أنت أن ندعوه, بلا توقف؟!

.







فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس