مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 10-12-2002, 15:06   #22
الرّيـــــم
عضو شعبيات
 

نزار لصاً!!

كان نزار قباني شخصية استعصت على التصنيف من قبل النقاد، فلا هو تقليدي، ولا هو حداثي، ولا كلاسيكي، ولا رومانسي أو ماضوي أو انطباعي أو سريالي، إنَّما هو خلطة عجيبة ومثيرة من كلّ ما تقدم، وإذا اقتربت منه لتثبت عليه اتجاهاً معيناً مرق منك إلى غيره، فقد عاش لنفسه ولنفسه فقط، يفرّ من مذهب أدبي إلى آخر، ربما حسب الحالة ومقتضى المصلحة، وظلّ هكذا إلى آخر حياته التي ختمها بزاوية أسبوعية في جريدة "الحياة" ينعى حظّ العرب ودولة الشعر!

المولد والنشأة

ولد نزار توفيق القباني في 21 مارس 1923م بدمشق، ودرس فيها حتى تخرج من كلية الحقوق بالجامعة السورية عام 1944م، التحق بعدها بوزارة الخارجية السورية، وشغل عدداً من المناصب الدبلوماسية في القاهرة وأنقرة ولندن ومدريد وبكين وبيروت، وفي عام 1966م استقال من العمل الدبلوماسي، وأسس داراً للنشر في بيروت حملت اسمه، وفي عام 1982م اضطرته ظروف الحرب اللبنانية إلى مغادرة بيروت، حيث أقام مرتحلاً بين سويسرا وإنجلترا.

شاعر المرأة ومحررها!!

القارئ لنزار قباني يجده قصيدة واحدة نُسخت بمفردات عديدة ووجوه كثيرة، استمرت في تكرارها ومللها لأكثر من نصف قرنٍ من الشعر، ومحور هذه القصيدة المناوشات التي لا تنتهي بينه وبين صديقاته، والتي تدور عادة في غرف النوم!

عن هذه القصيدة يقول الناقد جهاد فاضل ـ الذي عرَّى صديقه (نزار) أمام جمهور القراء في كتابه" نزار قباني: الوجه الآخر" ـ: "ولا ننسى الإشارة إلى أنَّ هذه القصيدة محكومة بنزوات صاحبها، لا ببوصلة ثابتة، فإذا عثر القارئ على فكرة هنا أو هناك تدعو إلى تربية المرأة الشرقية ووصلها بالحضارة الحديثة، فهو عاثر على مشاهد لا تحصى لشهريار شرقي متخلف متعامل مع المرأة على أنَّها متاع أو متعة لا أكثر، وهو عاثر باستمرار على هذا التفاخر بالفتوح التي حققها الشاعر في إطار هذا المناخ والتي يعبِّر عنها بيته المشهور:

فصلت من جلد النساء عباءة

وبينت أهراماً من الحلمات" اهـ.

وإلى هنا يتعفَّف القلم عن الاسترسال في نقل قبائح نزار وفحشه وازدرائه للمرأة بدعوى تحريرها!! تحريرها ممَّن ولصالح من؟!

إنَّ العجب لا ينتهي حينما نرى أنَّ أكثر مشايعيه من النساء! قطعاً لن نجد بينهن حرَّة أبية، ترضى لنفسها ولدينها الدنية فتسلم نفسها فريسة لمثل هذا الماجن يتلاعب بها وبجسدها وكأنَّها دمية تُباع وتُشترى.

في هذا الخصوص أعود لأنقل شهادة أخرى للناقد "جهاد فاضل"، وهو ما يعطي الشهادة قوة؛ باعتبار ما كان بينهما من صلة، وباعتبار أنَّ فاضل خَبِرَ الشاعر عن قرب، فيقول: "يمكن القول إنَّ الشاعر الذي كثيراً ما قال في شعره أو في نثره إنَّ هدفه هو تحرير المرأة وتحضير المرأة، لم يكن أميناً لهذا الهدف، ففي الكثير من شعره النسائي نظرة مغرقة في تخلفها، لا تختلف عن نظرة أي سلطان أو مهراجا قديم إلى نسائه، وقد تكون هذه النظرة هي الأصل، وعكسها ـ أي النظرة إلى المرأة على أنَّها كائن بشري ينبغي أن يتمتع بالكرامة والاحترام ـ هو الاستثناء، فالنساء نهود وثقوب وقطط، ثم إنهن، كلهن واحد.. أو واحدة. المرأة امرأة، في حين أنَّ هناك نساء مختلفات، لا امرأة واحدة، ثم إنَّ نساء الشاعر كما تبدين في شعره لسن دائماً من أصول كريمة، فالشائعة في شعره عادة هي الغانية أو فتاة الليل، أو المتنقلة من رجل إلى آخر، والتي تعيش في حضيض المجتمع أو على هامشه، لا تلك القادمة من مجتمع راق متحضر".


يتبــــــــــــع

الرّيـــــم غير متواجد حالياً