مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 24-11-2005, 11:40   #91
إبراهيم الوافي
وريث الرمل / شــاعــر وأديب
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ إبراهيم الوافي
 

رد : الوافي ينثـر الضـوء في فضاء شعبيـات ..

إقتباس:
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة شوق الصيرفي
احاول لملمه حرف لك من تاريخ موده لا ينتهي..
وتعود ذاكرتي إلى كلمتين( أخ قلبي , وبســ كم)..
لذا سأكتفي بتلك الكلمات فهي سخية أكثر مما قد أنثره هنا.


وبما اني أعلم أنك لن تتصوف وستجعلني أعبر عبر مجهر روح إبراهيم بكل سخاء
سأنثر بعض الاسئلة هنا


صباحك أنتِ أيتها المثقفة حد تقطُّر الوعي ..
أيتها الأنيقة .. كما عهدتكِ دائما تلتقطين بصمات أصابع القراءة من زجاج النصوص .. ليتجدّد الحضور المؤثر جدا ...
أفلا يفرح به مثلي يا أم علي ؟!!


روائي..قاص..شاعر.. كاتب..ناقد كل تلك الجنسيات الروحية تقمصت أبراهيم بعمق.
1*فكيف كانت البداية؟


كما أشرت .. في معرض حديثي للصديق راكان الشعلان :
(البداية لثغة محكية على شفتي طفل لم يتجاوز الثامنة .. كانت عبارة عن نوع من الشعر يعرف باسم ( الكسرة ) وهو نوع من أنواع الشعر المحكي ، يشبه ( الهجيني ) بإيقاعه ويختلف عنه في خصائصه التكوينية ، تشتهر به منطقة ( ينبع ) التي نشأتُ بها .. تحول مع نمو المعرفة إلى انفتاح قرائي مكثف للشعر العربي الفصيح ومحاكاته أول الأمر ثم تطور أخيرا إلى بناء فني خاص ونشرت حينها أول نص لي في صحيفة الجزيرة السعودية وعمري خمسة عشر عاما .. وما أن بلغتُ التاسعة عشرة إلا وأصدرت مجموعتي الشعرية الأولى ( رماد الحب ) باللغة الفصحى وهكذا بدأت رحلتي مع الشعر ، وتبدو في مجملها تقليدية لا غرابة في أحداثها حينما يتشابه فيها الشعراء على بداية سواء

2*وكيف تشكل لك الوعي النقدي ؟

الشعر عملية تأمل كبرى للوجود .. منها يتخلق الإحساس بالجمال .. وكما أشرت أيضا الشاعر مبتدع للجمال والناقد مكتشف له .. والممارسة الكثيفة والتهويم في فضاءات القصائد المتعددة التوجهات ..من شأنها حتما خلق حس نقدي ..قد يبلغ مرتبة الوعي بحسن ظن الأصدقاء بنا ..

3*وما الذي دفق لك كل تلك الأحاسيس الادبية لتغلل بك فتثمر على كل هيئة ممكنه من الجنسيات الادبية؟
سأصدقك ياشوق لعله الحب.. طفلة في مقتبل الوقت ، ترتدي ظلي ، تشاطرني كرسي أرجوحة الدلال القروية التي صنعها لي أبي بعرقه وبمعاونة سيدتي النخلة .. يااه ياشوق كنت صغيرا جدا جدا حين احتجبت عني ونحن في الثالثة عشرة .. كان البيتان متلاصقين ، ولم يكن هناك متسعا إلا للقاء الظلال :


( الشعر ما حاك في نفسك وحرصت أن يطلع الناس عليه .. !!
الظلال شجر من النساء !
كنتَ طويلا جدا حين شق هامتك جارنا الأعرج
بفأسه .. بينما كنت استرق الظل من جدار بيتنا..!
كنتَ وظلها ..ظلان تلتقيان جهارا ..!
بينما نتخفى عن عينه ..!
كان يضربك بغل ياصغيري .. وكنتَ تحتمل ..!
لعلك تتذكر كيف تعانقتما ذات صباح
في الممر الذي يفصل بين بيتينا ..!
كنت شقيا جدا حينها ..
أخذت تدفعها باتجاه الجدار
حتى اختلطتما واستوى الحب على الجودي
حينها فقط صدقت أن بإمكانك التمرد علي ..
أين أنت ياصغيري ..
كلما حدثتك استدرت ؟!!


***
( كأنَّ طفلا بات يهذي قبل أن ينام ... )
أمَّاهُ حينما نحبْ ..
يكونُ للتاريخِ كنهُهُ
وللعيونِ لونُها ..وللسكونِ قلبْ ..!
حين التقيتُ بالتي أحبْ
تساقطتْ من غيمةِ الشجونِ قطرتانْ .!
تعطَّر المكانُ بالمكانْ
وحوَّمتْ فراشةٌ بريَّةُ الجناحْ ..
تقبِّلُ الصباحْ ..!
حين التقيتُ بالتي أحب يا أماهُ زارني الزمانْ ..!
أمَّاهُ حينما نحبْ ..
سنسألُ النجومَ عن شقائق القمرْ
وحينما نحبُّ يا أماه ننتظرْ ..
لاشيءَ يا أماه غير الحبِّ يستطيع أن يحيلَنا انتظارْ ..!
لاشيء غير الحبِّ يستطيع أن يصنفَ الزمانَ
بين الليلِ والنهارْ ..!
أمَّاهُ حينما نحبْ ..!
يكون للفَراشِ آهةٌ
وللنجومِ دمعةٌ وللفراغِ بابْ ..!
لاشيء غير الحبِّ يا أماه يحملُ السحابْ ..!
النجمةُ التي تحب لاتنامْ ..
والدمعةُ التي تحبُّ تحملُ السلامْ
الحب مولدُ الحياةِ يا أماهُ وارتعاشةُ الكلامْ ..!
اليومَ حينما التقيتُ من أحبْ ..
شعرتُ يا أماه بالطريِق تشتهي ..
حتى النهارُ قبل أن يجيءَ ينتهي
شعرتُ أنني أعودُ من جديدْ
معقَّما
مطهَّرًا
من الوريدِ للوريدْ
الحب يا أماه صرخةُ الميلادِ .. وارتعاشة الوليد.!
أمَّاهُ ما الخبر ..؟
أراكِ تصمتينَ بينما أطيلُ بالكلامْ ..!
أكلما نحب ؟!
نحسُّ بالحياةِ وحدنا
ونعلكُ الحنينَ وحدنا
أكلما نحب ؟ !
نحدِّثُ الخيالَ عن جنوننا
ونزرع المكانَ في عيوننا
ونعشقُ السهرْ ..!!
أماه ما الخبرْ ؟!!
( لاشيءَ يا بنيّ ...
سأنتظرْ
فقط عليَّ أن أظلَّ أنتظرْ ..!!!!
علي أن أجيدَ الاستماعَ والسكونَ والسلامْ ..
فالطفلُ عادة لابدَّ ما يهذي قبيلَ أن ينامْ .! )


هكذا يا شوق انا وظلي .. كل واحد فينا غريب كأنه أنا ...

4*وكم أصبع كنت تبلغ حينما مارست حقوق طبع المشاعر على الورق؟

( لعلها ثلاثة رابعهم قلبهم )
5*ولأي من الاجناس الأدبية تنتمي؟

لا أستطيع أن أكون إلا شاعرا حينما أكون شيئا .. أكتب المقالة المنتظمة ، وجربت الرواية .. لكنني لست إلا شاعرا .. إن كنت يوما شيئا ما ..

6 *بعض كتاباتك نزارية الحب والسياسة رغم ذلك هنالك دمغة روحية وتفرد مختلف تماما..فكيف لك
أن تفسر ذلك؟


كنتُ أردد دائما على أن مدرسة نزار قباني هي المدرسة الورطة التي لايتخرّج منها شاعرا إلا مقلّدا له .. ربما بسبب محدودية معجمه اللغوي وخصوصيته من ناحية .. وربما لاعتماده دائما على لغة الجسد حتى في نصوصه السياسية مثلا .. إذ تكثر كثيرا فيها المفردات الحسية للجسد سواء كمصطلحات أو صفات ، ولأنني ككثيرين غيري أخاف كثيرا من تلك الورطة .. عشتُ دائما معجبا بمنهجه .. ومنوّعا في قراءاتي .. لكنني بصدق .. إن كنتُ أنتمي لأحدٍ في فلسفة الحب فأرى أن انتمائي لدرويش أقرب كثيرا من نزار .. وهذا مابدا لك مختلفا نسبيا .

7*هل ترى أن للإبداع حدوداً ..أي مجرد ضبط لحرية الكلمات حتى لا تتجاوز الخطوط الدينية أو الاجتماعية؟

ياشوق .. هامش الحرية فعل تلقائي ، الحرية لاتُغتَصب ، ولاتبني مملكتها على أنقاض أخرى .. إنها هكذا ركام إنساني خاص جدا لايؤطرها إلا صاحبها وإن لم يفعل فقد فقد حريته ..

8*كتابة الالوان على اللوحات كانت موهبة ربانية منّ عليك بها الخالق فلما أغلفت عن هذا الجانب
وانت تعلم ان كساد الموهبة بعدم الممارسة.. هل غنت الكتابة الحبرية إبراهيم عن الفن التعبيري ؟



ضحكت لسؤالك هنا ياشوق .. وسأسرد لك قصة طريفة حدثت لي قبل فترة قصيرة .. حين جاءت لي طفلتي وفاء بكراسة رسم .. وطلبت مني أن أرسم لها بيتًا يشبه بيت ( جدتها ) التي تحبها كثيرا .. أخذت الكراسة لكنني لم أرسم بل بدأت أتأنق بالخط وأكتب :


(حينما كان لي منزلٌ من ورق..
كان للصبح مقصورةٌ فوق عينيَّ..
للنوم متكأٌ فوق جفن الأرق..
لم يكن فيه غير الكتاباتِ..
غير الحروف التي تتدلَّى
عناقيد عشقٍ نَزِق..!
كان للحرفِ في ذلك المنزلِ الغضِّ صوتٌ
وللشعر بحرٌ
تعلَّمت فيه السباحةَ حتى الغرق..!
حينما كان لي منزلٌ من ورقْ
عشتُ أجهلُ
كيف يكونُ النفاقُ انشطاراً
وكيف يكون الكلامُ انكساراً
وكيف تكون الدقائق مشبوهة بالقلق!
عشتُ..
أخطئ حين أفرِّق بين الشروقِ وبين الشفقْ..!
كان في منزلي ذاك.. قنديل جدي
وسيف أبي..
كان جدي كما يشتهي الضوءُ سيرتَهُ
حين ينقدُّ ثوبُ الإباءِ أبيّ
وكان أبي يشعلُ الضوءَ كل مساءٍ
لكي يستضيءَ به كوكبي
كان في منزلي ذاكَ
مليون قيسٍ
ومليون ليلى
ومليون عشقٍ صبي..َ
كنتُ أشْتمُّ رائحةَ الشِّعرٍ فوقَ النوافذِ
تنثالُ من ألفِ عامْ
كان بالصمتِ يحلو الكلام..!
وبالشعرِ ترجعُ كلُّ المدائن
تصهلُ كل الخيولِ التي
ركبتْها البطولاتُ من آخر الأرضِ
حتى أقاصي الشآمْ..!

كان في منزلي ذاكَ
يا طفلتي شرفةٌ لا تنامُ..!
وكنتُ بها الحلمَ والفجرَ
والنوم فوق سكونِ الظلامْ..!
كان في منزلي ذاك يا طفلتي
سحنةٌ غير هذي التي تتراءى لعينيكِ
كان المساءُ به ذاهلاً لم يُفقْ..!
حينما كان لي منزلاً من ورق...ْ

( يا أبي يا أبي ارسم الآن.. إذْ ذاك ما كانَ..
( أفرطتَ
أفرطتَ بالضوء حتى احترق..!! )



9*الشعر النثر بدأ بالتسرب إلى الكثير من الشعراء..فهل لك أن تصرح لنا عن بعض النماذج الجيده لكتاب هذا النوع من الأدب؟ وماهي معاير كتابة القصيدة النثرية؟

اقتربت الأجناس الأدبية كثيرا من بعضها .. ولعلني سأتحدث اليوم في الندوة التلفزيونية عن أثر الانترنت تحديدًا في تقارب الأجناس الأدبية وتشابكها بشكل عام .. لكن المقياس الحقيقي لديَّ كمتذوق وليس كمنظّر .. يعتمد على قدرة (( قصيدة النثر ) على إلغاء ذاكرتي الموسيقية والاحتفال المطلق باللغة المشحونة بالشعر بمعزل عن الموسيقى ..
وبصدق كل شاعر أو ناثر قادر على ذلك مميزا بالنسبة لدي .. وعلى سبيل الذكر لا الحصر تدهشني كثيرا الشاعرة الكويتية بثينة العيسى في هذا ..

منحك الواهب عز وجل دم شاعر نقي ..فحين نقرأ إبراهيم نحس بتبادل روحي غريب ..نشعر بلسعة الكلمات دون الحاجة لوجود مجهر للتنقية.
10*فكيف كان امتنانك للخالق عز وجل؟
11*وهل لك كتابات روحية بحتة فقط للرب؟ وان كان لقلمك نصيب بذلك أود لو تضع نص روحي هنا؟


ليس هناك نص مجرّد ياشوق .. لكن في العمل السردي ثلاثة رابعهم قلبهم ..هناك بعد قرآني وروحاني في جدال الهواجس بصورة كبيرة جدا كما أشار بهذا أحد النقاد الذين أطلعتهم على العمل في طبعته الأولية .

ياشوق .. والله إنَّ أخاكِ سعيد جدا بحضوركِ هنا ..






التوقيع:


أنا لم أصفعِ الهواء..
كنتُ أصفّقُ فقط ..!
https://twitter.com/#!/ialwafi



إبراهيم الوافي غير متواجد حالياً