مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 13-10-2005, 01:12   #17
عبدالواحد اليحيائي
كــاتـب
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ عبدالواحد اليحيائي
 

رد : مع شعراء الفصحى..

.
.
ويزعمون انه مات مسموما مقدمه من تركيا بعد أن عشقته ابنة القيصر لجماله، والغريب المتناقض أن المصادر العربية القديمة حين تتحدث عن هذه الواقعة لا تنسى أيضا أن تقول لنا أن زوجة الشاعر فركته (كرهته) ثم مالت إلى شاعر وفارس آخر هو علقمة بن عبدة التميمي الذي لقب لاحقا بالفحل لأنه أغوى زوجة امرئ القيس، وزعموا أن امرأ القيس سأل صاحبة له عن سبب كره النساء له، وألح عليها في السؤال!! فقالت له فيما قالت: إنك ثقيل الصدر، خفيف العجز، سريع الإراقة، بطيء الإفاقة، وتفوح منك رائحة كلب، ويقول الرواة أن لذلك سببا، فقد أرضعته في صغره كلبه.

ولا شك أنهم يبالغون، فرائحة الكلب لا تبقى فيمن ترضعه كلبه، ولعل الأقرب أنه كان مصابا بمرض جلدي أورثه هذه العلة الكريهة، ولكن مع هذا كله عشقته ابنة القيصر،والحب أعمى، ولا أنف له أيضا كما يبدو مع ابنة القيصرالتي احتالت حتى أوصلت نفسها إليه، فغار القيصر وغضب على الملك الضليل، وأهداه قميصا مسموما قتله حين عاد، فلم يحصّل من الغنيمة حتى الإياب، وكان سيرضى بها بلا شك، وكان قد ذهب إليه طالب ملك أو طالب موت، فنال الثانية ولم ينل الاولى:

ولو أن ما أسعى لأدنى معيشة=كفاني ولم اطلب، قليل من المال
ولكنما اسعـى لمجـد مؤثـل=وقد يدرك المجد المؤثل امثالي

بقيت هذه كما بقيت لنا أبياته المشهورة مغادرا إلى هناك:
بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه=وأيقـن انـا لا حقـان بقيصـرا
فقلت لـه لا تبـك عينـك إنمـا=نحاول ملكـا أو نمـوت فنعـذرا

واعتقد أيضا أن امرأ القيس كان يكذب في معلقته، وفي قصصه الطويلة مع فاطم وعنيزة وأم الحويرث وأم الرباب وصويحباتهن، ولعله كان يعبر عن تناقض، أو هو شعور العاجز عن الشيء حين يصف ما يتمناه وما عجز عن الوصول إليه بصيغة المبالغة في الوصول، فقد كان بغيضا إلى النساء مع وسامته، فاختار التاريخ أن يخلده بمعلقته التي فاق فيها عمر بن أبى ربيعه واصفا تعلق النساء به، وافرط شراح المعلقة في الشرح حتى لنخال أنفسنا في بعض شروحها أننا أمام صورة قديمة من صور الأدب الإباحي المكشوف بين الشاعر وصويحباته، قرأت لأحد هؤلاء الشراح قديما تعليق على هذين البيتين ضمن شرح المعلقة:
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع=فألهيتها عن ذي تمائـم محـول
إذا ما بكى من خلفها انصرفت له=بشق وتحتي شقهـا لـم يحـول

فكتب رحمه الله: وفي هذا البيت (يقصد الثاني) صورة فاتنة من صور الجماع، وكنتُ حينها في بداية مراهقتي فلم افهم ما الذي يقصده بالصورة الفاتنة هنا، اين الفتنة بين شبق رجل، ولهو امرأة، وبكاء طفل؟!!، لاحقا تعلمت قراءة النصوص ضمن زمانها ومكانها الذي وقعت فيه الحوادث، وليس ضمن زمني ومكاني، لكنني أبدا لم اشعر أن الصورة فاتنة.

كان امرؤ القيس الذي نقله لنا التاريخ الأدبي، صورة حية (للجنتلمان) البدوي، في فروسيته، وفي تطلعه للمجد، وفي كذبه ايضا.
.
.

عبدالواحد اليحيائي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس