مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 17-01-2004, 14:15   #1
نواف الشمري
شــــاعـــر
 

خلاص .. مات الشريط يافيصل

بصراحه أول مره اقرأ مثل هذه القصص .. لكنها أعجبتني جدا ..

وصلتني عبر الايميل ..

_________________________



السلام عليكم ..


ما أجمل الرياض في الليل وما أحلاها..
ما أجمل انك تطلع وتتمشى.. تروح وتجي... تقابل ناس تعرفهم وناس ماتعرفهم تصير لك معهم مواقف ومصادفات.. تقابل مشاهير..( يمكن يعتبره الناس تفكير سطحي وبسيط.. بس هذا مو تفكيري كل وقتي وطول حياتي.. هذا تفكير يجيني لحظات بس وبعدها أرجع لحياة الــ"جد" والــ"مكابرة" والــ"الرزانة المصطنعة".. مثل غيري!!)...

"مدري متى بنرحم أنفسنا من عناء تمثيل دور الكامل اللي مايخطي أبد!!"



----------------------------



كنت استمتع بــــ تمتيـر طريق الأمير عبدالله ... تاركاً كل همومي وآلامي وآمالي وحياتي وحياة الناس ... شئ واحد فقط سمحت له بالاستمتاع في هذه الدقائق.. هو خيالي.. وتفكيري وهروبي من واقعي... الى أي شئ.. وأي مكان غير واقعي!!..


كان أغلب وقتي أكون واقف عند اشارة أو أمشي بشويش عشان الزحمة.. كنت اناظر للعطر بالسيارة وأقول في نفسي لازم اغير مكانه.. أباحطه هنا.. في الدرج اللي على يساري الصغير.. وأرتب الأوراق على طبلون السيارة.. بعضها تجيب لي ذكريات.. وبعضها مايهم بس مارميتها!!.. كان في السيارة شريط واحد بس.. واضح من شكله انه تسجيل(مهوب نسخة أصلية ).. ولاهو باين هل مضمونه أغاني أم شريط اسلامي أم تسجيل لشئ ما!!..مدري من حاطه بسيارتي؟!!.. ترددت كثيرا قبل أسمعه ولكن يوم غثتني دعايات الاف ام حطيته مجبوراً .. كان واضح أيضا ان الشريط في نصفه(يعني الدواير اللي بالنص متساويتين).. حطيت الشريط وانتظرت اسمع شي.. وبدأت موسيقى... عرفت انها لأغنية قديمة مصرية... وطوّلت الموسيقى.. مليت .. وقلت أباطلّــع الشريط.. منيب فاضي لوجع الراس!!.. بس هونت وقلت يارجال اسمع مانت خسران شي.. خفّـضت الصوت شوي وكملت المساقط بين السيارات!!!..
وانتبهت للأغنية يوم وصلت لـهالمقطع :
يــا ســت الحبايب... ياحبيبــة.. ياحبيبــة.. وحبيباااااااااااه
ياااااه ست الحبايب؟!! أمي ... اشتقت لها...كم لي منها؟؟!! يلعن أبو الغربة!!.. أنا وش حادني أتغرب؟!!.."معقولة الرياض اللي حبيتها صرت أعيش فيها غريب؟!!.."،،، وسرحت بتفكييييييير للطفولة وايام الثانوي أيام كنت اتمنى اعيش بعيد عن أهلي.. أطلع على كيفي وارجع على كيفي من غير لا اسمع: وين رحت؟؟ وليش تأخرت؟!!.. تذكرت فرحتي يوم انتقل عمل أبوي وطلعوا أهلي من الرياض وانا رفضت أروح معهم... تسارعت أحداث حياتي قدام عيوني.. تذكرت أنانيّـتي في كل تصرفاتي واني مافكرت الا بنفسي... وليتني فكرت بنفسي صح!!..

خفضت صوت المسجل لأني اسمع الجوال يرن... ((( ست الحبايب يتصل بك)))
يااااااااااااه.. وش هالصدفة!!.. من الفرحة والعجلة ضغطت على زر(واحد) ثلاث مرات قبل اضغط الزر الأخضر.. كأني مرتبك!!!..


>> مشعل انت من اجازة الحج مازرتنا الا مرة وحدة!!... اشتقنالك..
<< أوكي من عيوني يا أم مشعل.. غالية والطلب رخيص..هالويك إند ان شاء الله اباجيكم!!.. بس لو تذكرين الله وتخليني أجي بسيارتي أحسن..
>> والله يابعدي من عقب حادثك اللي من سنتين ومن عقب موت"محمد" خويك وانا ماحب هالسيارات.. تعال في الطيارة.. أظمن وأريح.. الله يطمن قلبك..
<< أبشري ولايهمك بس عساني ألقى حجز يوم الأربعاء بس...
>> لا ان شاء الله تلقى.. الله يوفقك ويسهل دروبك!!..

انتهت المكالمة... جلست أفكر وأعمل حساباتي على اني اسافر الأربعاء...


ثم ناظرت للمسجل... كأني انتظره يشتغل!!.. ويلفت نظري حادث قدامنا عطّـل حركة الناس بالشارع ((اللي قاهرني ان السيارتين بالحادث قيمتهم على بعض ماتجيب 5 آلاف،، ليش يعطلون كل هالعالم عشانهم!!)).. المهم وأشوف العالم مختبصة ورايحة وجاية .. عادتي اذا شفت تجمّـع زي كذا أوقف على طول!!.. اذا ماقدرت اساعد بشي عالاقل اتفرج.. واعرف وش صاير لكن المرة ذي ماصار شي من هالكلام!!..


وفجأة انتشلني من تفكيري ومن مناظر الحادث ومن كل شي صوت جاي من المسجل... صوت ياما حبيته وتعلقت فيه.... صوت اذا سمعته أحس اني استمع لشئ عظيم.. عظيم بمعنى الكلمة... صوت دايم السيف وهو يقول:
استكثرك وقتي علي وغدابك عادة زماني كلما طاب هوّن
ليت الذي وداك يازين جابك تشوف عقبك كيف الأيام سوّن
تذكرت هالقصيدة وتذكرت انها أكثر قصيدة بحياتي حبيتها وتعلقت فيها... بسبب مواقف صارت لي... تذكرت الانسان اللي فعلاً استكثره الزمان على وغدابه.. ناظرت للحادث مرة ثانية وتذكرت هالانسان بعد... أحداث صار لها سنين جاءت كلها في بالي هاللحظة وكأن القدر يخبي لي شي!!!.. جلست أترحّـم على "محمد" اللي اخذه القدر من بين ايدينا.. وقاعد اقول في نفسي الله من "محمدٍ " ياخذه القدر ويستكثره على اهله كل يوم في هالحوادث...
نزلت من عيني دمعة... ما أتوقع ان ذكرى محمد هي السبب الوحيد لهالدمعة.. فيه شي مو طبيعي قاعد يصير اليوم!!...وفيه شي مهوب طبيعي في هذا الشريط



كنت وانا أفكر وأسولف مع نفسي انتظر الشريط يشتغل واسمع اللي بعده.. يمكن يطلع لي شي بعد!!.. ولكن هالمرة طوول .. توقعت انه وصل نهاية الوجه.. ومديت يدي أباقلب الشريط.. وقبل لا أحط يدي عالزر .. جائني صوت كاظم الساهر وهو يصرخ:
نُـفـيتُ واستوطن الأغراااااااابُ في بلدي .... وحطّـموا كل أشيائي الحبيبااتي
خانتكِ عيناااااااكِ .. خانتكِ عيناااكِ من زيفٍ ومن كذبٍ.. أم غرركِ البهرجُ الخدّاااااع... مولاااااااااتي

بديت أغني معه وأنا متحمّــس وأقول في نفسي كأن كاظم توه يغنيها الحين هالأيام!!!... وناظرت للسيارة اللي جمبي.. وأشوف بنتين صغار في المرتبة اللي ورا يناظرون لي ويضحكون ..... جلست اناظر لهم واقول في خاطري... يااااا الله.. عسى الله يسعدهم ويديم عليهم هالسعادة.... تخيل أطفال العراق اللي في مثل سنهم يا ترى الحين وش يسوون؟!! يضحون والا يبكون!!... ياكلون والا جواعا.. نايمين والا مايقدرون؟!!.. تخيل لو اللي صار لهم يصير لهالطفلتين!!.. ودخلت في تفكير عميق بهالموضوع .. ماطلعني من هالتفكير الا حرارة نظرة أبو البنتين اللي استهجن واستغرب حركاتي الطفولية وأنا أأشر لبناته الصغار وألاعبهم!!!!...



بعدها مباشرة انتهى الوجه الأول من الشريط واشتغلت بعده الاف ام .. وكان فيه خبر عاجل يقول ثلاث انفجارات تهز العاصمة السعودية الرياض.. وأنباء عن مقتل وجرح أكثر من مائة شخص أغلبهم عائلات سعوديون وعرب!!!
تذكرت الحرب .. تذكرت الدم والتفجيرات والوفيات!!!.. تخيلت ان الرياض..ماعادت الرياض!!... تذكرت البنتين اللي تو!!.. تذكرت أغنية كاظم!!!....وقلت بتنهيدة كبيييييييييييرة (الله يستر)،،،



قلبت الشريط .. وبدت أغنية في بداية الوجه الثاني للشريط.. كانت رومنسية وكلماتها رووووعة.. وبصوت الفنان عبدالمجيد عبدالله.. لا لا كانت لمحمد عبده.. سمعتها وأنا مثل اللي يجامل محمد عبده بسماعها رغم روعتها... ولكن يمكن لأني ما احس وأشعر بالكلام اللي ينقال... وقبل أن تنتهي الأغنية دخلت في وسطها اغنية ثانية(اللي مسجل هالشريط ينفع دي جي بقوووووة!!!)... كانت هالاغنية كلماتها قوية بصوت فنان ماعرفته... ونسيت كلمات الأغنية بعد ... لكن كانت اغلب كلماتها(ياظالمة ، ياقاسية ، ياغادرة).. استغربت!!!!.. وقلت كلمات أغنية أكيد فيها مبالغة... أو انها مثل اغنية محمد عبده بالنسبة لي(ماحسيت فيها لأني ماعشتها بشكل واقعي بحياتي!!!).. ولكن برضه.. جلست أفكر :هل فعلاً فيه أنثى ظالمة؟!! قاسية؟!! غادرة؟!! معقولة؟.. يعني مو كافينا ظلم الرجال وغدرهم... برضه النساء فيهم كذا.. كل إنسانة في الدنيا مهما كانت فيها رقة.. فيها حنان.. سريعة الدمعة.. معقولة ممكن تصير بيوم من الأيام قاسية؟!! شرسة؟!! مثل الرجل.. طيب وين نروح؟!! من نثق فيه.. ونتطمن له.. معقولة تستخدم أساليب أنثوية غادرة عشان توصل لقلب الرجل ثم تغدر به!!..


يووووووووه وش هالتفكير .. لا لا اليوم منيب طبيعي فيني شي!!.. ناظرت من يميني وأشوف الممشى"شارع الحوامل اللي أتحدى اذا طبته وحدة حامل من فتحوه!!!".. وأشوف واحد وزوجته ووولدهم صغير عمره 3 سنوات تقريباً.. ماسكينه بيدينه ويتمشون كلهم!!.. وقفت وتابعتهم شوي وانا أدعي لهم ان الله يتمم جمعتهم الحلوة ويسعدهم... بعد لحظات .. ناظر الرجال لساعته ثم وقفوا شوي.. تكلموا.. بعدها ركب سيارته ومشى.. ويناظر لهم ويبتسم ويأشر لولده يوادعه!!!... وبعد ثواني من يوم مشى هذا الرجل.. نزعت هذه المرأه النقاب.. وبدأ الشباب يكثرون من حولها وطفلها.. وهي في قمة سعادتها... قامت قدام عيني تخون وتخون وتخون... ياكثر ماخانت .. وياكثر من خانت!!!،،،،

وقتها اقتنعت في كلمات الأغنية.. واقتنعت بقسوة الرقيقة.. وخيانة الطيبة.. وكذب سريعة الدمعة.. أحياناً !!!،،،



انتهت الأغنية وبدأت في الشريط موسيقى.. تشبه موسيقى أفلام الرعب.. ((ماقلت لكم اللي مسوي هالشريط ينفع دي جي من جد!!!))
طلعت من طريق الأمير عبدالله وكأن القدر يحدوني لمكان ما... ماعمري رحت له ولا أحب أروح له لأن له ذكرى مؤلمة عندي... طلعت غصباً عني لطريق الثمامة... قربت من المكان المشؤووم.. وكل مالي وازيد في السرعة .. وأزيد .. حسيت بشعور غريب.. جنون.. فيني صراخ.. وموسيقى الرعب كل مالها وتزيد من الشريط... وكأننا.. "انا والقدر والشريط والسيارة والذكرى" نتجه لموقع ما...
وصلت الموسيقى قمة الإثارة في الرعب.... ووصلت السيارة الى أعلى مستوى في السرعة... ووصلت أنا الى قمة الصراخ واللاشعور.. ووصلتُ لنفس المكان الذي صار فيه الحادث اللي قتل"محمد"،،، وقبل لا أحس باللي قاعد يصير أو أتفكر فيه........ ووصل القدر!!!!!!!....




ظلّــمت الدنيا ..
أفقت من غيبوبة ماكانت طويلة.. عرفت انه حصل لي حادث.. والناس متجمعين.. ويحاولون ينقذوني من السيارة المحترقة... ولكن الحديد أحكم قبضته عليّ..

وقتها كان الشريط لف كم مرة ووصل عند نفس قصيدة دايم السيف :
استكثرك وقتي علي وغدابك عادة زماني كلما .......
بدا الصوت يختبص.. وشوي شوي انقطع الصوت... ضربت المسجل أبيه يشتغل بس ماااش.. حاولت أقدّمه أو أأخره ابيه يشتغل.. مافيه أمل!!.. وقتها كانوا الناس يصارخون ويتنادون واللي يتصل عالدوريات واسمع هرجهم ومرجهم!!!،،،
قمت طللعت الشريط.. لقيت شريط التسجيل الصغير البني اللي موجود بالشريط مسحوب ولاصق جوا مسجل السيارة.... حاولت أسحبه بشويش من غير لاينقطع السلك.. وكذلك الناس يكسرون الحديد من حولي ويحاولون يدارون عشان مايأذيني شي من الحديد!!.. وبعد مدة من المحاولات.. سحبت الشريط بسرعة وبقوة...
انقطع شريط التسجيل البني...
مسكت الشريط بيدي... جلست أناظر للشريط والسلك يتدلّـى منه.. حاولت أربطه ولكن عجزت.. أبي أصلّــحه أبي أرجعه.. أنا متأكد فيه أشياء حلوة مابعد سمعتها.. وحتى لو فيه اشياء شينة مو مشكلة أبي اسمعها بس لايخرب الشريط!!! لا !!!،،،
ماني مصدق؟!!!... معقولة يخرب الشريط قبل لا أخلص؟!!..معقولة ينتهي الحين؟؟ توني في بداية شبابي!!!!....... ليش طيب؟!!.. شمعنى هالشريط بالذات!!!...
وبينما أنا مذهوووول وأتسائل.. وبنفس الوقت يائس لان ماهمني شي بالدنيا الا هالشريط اللي حاوت أنقذه ولكن عجزت!!!. والا الناس تقريبا كسروا الحديد وسحبوا الباب بنفس الطريقة اللي سحبت فيها الشريط... ومدوا أيديهم عند جسمي بيطلعوني..
ناظرت لهم... شفت فيصل أعز أصدقائي موجود معهم ويبي ينقذني...
ابتسمت وناظرت له .. وقلت : فيصل لاتتعب نفسك.. قل لهم لايتعبون أنفسهم...

خلاص





مات شريط الكاسيت يافيصل!!!











وقتها جاءت رسالة عالجوال من(ست الحبايب)..
هاه مشعل حبيبي .. تأكد حجزك يوم الأربعاء.. بتجينا؟!!..
كتب فيصل رسالة رد :
يا أم مشعل... حبيبك مات في حادث!!!،،،

التوقيع:

twitter:
@Nawafhmoud
نواف الشمري غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس