مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 06-12-2005, 10:26   #1
إبراهيم الوافي
وريث الرمل / شــاعــر وأديب
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ إبراهيم الوافي
 

قراءة في نص ( لاهنت ) للشاعر عبد الرحمن الربيع



لاهــــنـــــت
قللـي مـن أنــت ؟؟
ياللي تحـب السكـوت
ياعـاشـق الصـمـت
الوقت ياعمري يفـوت
ولا تـكــلّــمــت
لاهــــنـــــت
قللـي مـن أنــت ؟؟
**
الله يــادرب الـعـنـا
في حيرتي مـا أطولـك
انا كنت احاول من زمان
أتخيلـك .... وأتخيلـك
وأعرف تعيش بأي مكان
وأعرف طريق لمنزلـك
لكـن طريقـي ينتهـي
ويعجز خيالي يوصلـك
وأنا ما أدري من أنت ؟؟
لاهــــنـــــت
قللـي مـن أنــت ؟؟
**
ياعـاشـق الصـمـت
أنــــا تـنـدمــت
علـى ليالـي مـعـاك
فـيـهـا تـألـمــت
وأنا ما أدري من أنت ؟؟
لا هــــنـــــت
قللـي مـن أنــت ؟؟
**
ياعاشق الصمت قللـي
كيـف أقــدر أقــول
انـك حبيبـي وأنــت
مـا زلــت مجـهـول
لاني عارف لـك مكـان
ومافي قلبي لـك رسـم
كيـف تبغانـي أحبـك
وأنت مجهـول الأسـم
وأنا ما أدري من أنت ؟؟
لاهــــنـــــت
قللـي مـن أنــت ؟؟
ياللي تحـب السكـوت
ياعـاشـق الصـمـت
الوقت ياعمري يفـوت
ولا تـكــلــمــت
لاهــــنـــــت
قللـي مـن أنــت ؟؟

ثمة قوالب محكية .. يلتقطها الشاعر البارع ليُقَوْلبها في نص أكثر مايمكن أن يقال عنه أنه النص ( السهل الممتنع ) (لاهنت .. قلِّي من انت ) ..!
هكذا يدفعنا هذا الربيِّع لنعيد التأمل في القوالب الجاهزة حينما تتحمَّل مؤونة الشعر .. وحين يقدّمها الشعر ذاته لنا سائغة للقارئين .. ( لاهنت ) فعل منفيٌّ نردده دون استهدافه بذاته ..هو عند اللغوين جملة تامة البناء .. فعل وفاعل لكننا مطلقا لم نتدبَّر يوما في أننا لانستخدمها عادة إلا لتوطئة لأسلوب لغوي طلبي بعدها غالبا ما يجيء على صيغة استفهام كما هو الحال في هذا النص .. ( لاهنت قلي من انت ) بتكرار السؤال كلازمة للنص والتهويم في أفق احتمالات إجابته وبيان حالة الاستنفار من أجل البحث عن هذه الإجابة التي حتما لن تكتفي بالإجابة التقليدية حينما يستهدف النص فيها حالة السؤال لاإجابته بكل ماتحملها من اضطراب رؤيوي وتحليل نفسي للمسافة الممتدة بين السؤال والإجابة ...
حسنا .. ليس هذا مسوغ وجود هذا النص في هذه الصفحة أو وجودي به على الرغم من أنها التفاتة مهمة لاعلى مستوى تجربة الصديق الشاعر عبد الرحمن الربيع فحسب بل على مستوى قدرة الشعر ذاته على أن يدفعنا إلى تحليل وتأمل بعض القوالب اللغوية التي نستخدمها بعفوية مطلقة ودون تأمل مستحق لها ...
إذا حالة التقريب والموازنة بين لغة الحكي العفوية ولغة الشعر النخبوية هي الدافع الأكبر لالتقاط هذا النص من نصوص الحصاد في خطوة آمل أن تستمر لتقديم إضاءات مختلفة لنصوص منشورة في ملتقى شعبيات ...
يعتمد هذا النص ( الربيعي ) على الفواصل الإيقاعية المتكاملة على مستويين رئيسين .. المستوى الأولى الجرس الموسيقي الخاطف ذو النفس القصير .. والمستوى الثاني يتمثل في توسيع دائرة القافية بحيث تعتمد في هيئتها العامة على ( الجناس الناقص ) .. ولعل عملية تكرار السؤال بمقدمته الاحترازية ( لاهنت .. قلي من انت ) جعلت من هذا المستوى الإبداعي أكثر وضوحًا للمتلقي وأكثر مهارة من قبل الشاعر ، فبالنظر إلى محدودية حروف ( هنت .. و.. إنت ) بحيث تشتمل كل واحدة من المفردتين على ثلاثة حروف يتم تغيير الأول منها .. ( الهاء .. الألف ) جعل من عملية الجناس ذاته عملية تتجاوز الحلية اللفظية إلى الأبعاد المعنوية للنص ..مع الوضع في الاعتبار التشابه الصوتي بين الهاء والألف في كلا المفردتين في لهجتنا الدارجة ...
هذا الملمح الشكلي في النص .. كان أكثر مايلفت انتباهنا لمقدار العذوبة والانسياب التي نستشعرها دون أن نحدد بواطنها حينما يكون النص كله من النصوص السهلة الممتنعة .. على أن النص ذاته استخدم تقنيات شعرية متطورة تعكس مهارة شعرية تلقائية .. قد لايستهدفها الشاعر حينما يكون شاعرًا بالفطرة .. لكن المتلقي النوعي يستطيع استشعارها وتأطيرها .. وكأمثلة على جوانب هذه التقنيات الشعرية .. استخدام عملية التضاد الضمني في المعنى ..دون الانكشاف اللفظي :

ياعاشق الصمت قللـي
كيـف أقــدر أقــول
انـك حبيبـي وأنــت
مـا زلــت مجـهـول
لاني عارف لـك مكـان
ومافي قلبي لـك رسـم
كيـف تبغانـي أحبـك
وأنت مجهـول الأسـم

فعاشق الصمت .. يقابله تضادًا ( القدرة على القول ) .. عن طريق استفهام تعجبي الغرض البلاغي منه الإنكار أو الاحتجاج ..
كذلك من أمثلة هذه التقنية الشعرية عملية التماهي المعنوي في التعبير ..من مثل : ( لاني عارف لك مكان ) و ( ما في قلبي لك رسم ) حينما يتجاوز القالب البلاغي اللفظي إلى قالب معنوي استنتاجي .. فكأن الشاعر .. ربط وجود المحبوب كحبيب من حيث المكان .. بتحديد وجوده الجغرافي بقلب الشاعر ..حتى ولو عن طريق صورة قادرة على التكون أو التخيل من خلال معلومات ممكنة ... وهي تقنية شعرية عصرية .. تشبه في أبعادها رسم صورة حسية من خلال معلومات خاصة .. ..
والحقيقة أن في نص الصديق عبد الرحمن الربيع ( لاهنت ) ملامح إبداعية كثيرة .. قد لايفسرها إلا إحساسنا بالدهشة من أوّل النص حتى آخرة وماكانت هذه الوقفة أو القراءة المختصرة للنص إلا جانبا واحدًا من جوانب ملامحه الإبداعية الكثيرة ..ومحاولة ( مجتهدة ) لتفسير دهشتنا به ...

مودتي للجميع

التوقيع:


أنا لم أصفعِ الهواء..
كنتُ أصفّقُ فقط ..!
https://twitter.com/#!/ialwafi



إبراهيم الوافي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس