[فوزي المطرفي]

.


الشاعر المهرّج

حين يتكرر حضور الشاعر على أكثر من منبر شعبيّ (جمهوريّ)، سواءً كان ذلك محليًا أو خليجيًا، وهو يعيد الإنشاد والتكرار لقصائده الغزلية والاجتماعية والهجائية، تحت وابل التصفيق الحار حتى احمرار الأكف، والصراخ المرتفع حتى جفاف الحناجر. أقول: حين يكرر الشاعر مثل هذا الحضور يدور في خلدي أمرٌ عابر التفكير، مفاده: لو استخلصنا النخبة الحاضرة من بيئات مئات الجماهير، الذين يبحثون عن الإبداع ويريدون الاستماع إلى نتاج شعريّ جميل لهذا الشاعر أو ذاك، هل يتكرر حضورهم كما يتكرر حضور الشاعر في إعادة قصائده ـ باستثناء قصيدة المناسبة المتجدّدة ـ على منابر مختلفة وفي أوقات متقاربة جدًا؟
إن إعلان الشاعر فهد عافت (في أمسيته القديمة الرائدة التي أقيمت في مركز الأمير سلمان بالرياض آنذاك)، تعليق أمر الحضور لأي أمسية شعرية أخرى لمدةٍ لا تقل عن خمس سنوات أمر حكيم وعقلانيّ، يدل على نباهةٍ وفراسة عميقة، تستطيع أن تفرّق، أو تستطيع أن تقول: هنالك فرق بين صالات الأمسيات الشعرية وأماكن السيرك العالميّ الجوّال!
وبصراحةٍ تراعي الحال، أنا لا أريد للشعراء الشعبيين الآن، إعلانَ مثل هذا الالتزام الثقيل، والذي يختبر الصبر ويثقل كاهله، خاصّةً أمام شاشات الشعر الفضائية المغرية، حدّ إسالة اللعاب المنبريّ! بيد أن التقنين في الظهور مطلبٌ مهمّ للشاعر، فالقليل النافع خير من الزبد الذي يذهب جفاءً دون فائدة.



لقطة خارجيّة:

يقف باتزانٍ على خشبةٍ متحركة!
يتمدد ليزرع الذهول.
يتقلص ليحصد الدهشة.
يتجه مع التصفيق أينما بلغ مداه؛ وكأنه نبات تبّاع الضوء !
«يبكي ويضحك. لا حزناً ولا فرحاً».
يكرر نفسه.. دون مللٍ أو كلل.
يستمر العرض.. ويبقى السؤال:
من أحق بالمهرج منه؟!


.