مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 27-07-2004, 08:45   #1
فهد العيسى
الهــاجـس
 

عزيزه / دردشه للفاضيين فقط !


عندما أشعر بطعم القهوه الغنيّة بالكافيين !
أتذكر بلادي المجيده في شخص (عزيزه) التي أحبتني في سن الصبا !
كانَ حباً نقياً مثل شمس الرياض التي كانت تشرقُ من خلف "حضيرة" الماعز و النعاج ......
رحلت عزيزه ذات مساءٍ مشهود و خلّفت لي الحضيره ...


مرَّ على وجه (عزيزه ) عشرون عاماً أو أكثر و أنا أتفرسُ في الوجوه عن عزيزه !
و العزيزةُ لا تأتي أمّا الحضيرة فهي باقية ليوم الدين ..

عندما تصفحتُ مؤلف ( أبو العلاء المعري " رسالة الغفران " ) في مقهىً مقابل الحضيره ندبتُ حظّي العاثر على النعجة دولّي و دولي المنسوخه و على أديبٍ لم تأتين بمثله الأمهات .كان يعرف مقدار نفسه و نحنُ لا نعرفُ له قدرا.كما أن بلدته الخربه "معرّة النعمام" لا تحملُ من الأدب إلا اسم أديبها و شاعرها ..فبلاد الشام بارعة في طبع صوّر و تقديس
" ال ريّس " لقد ألّف لنا " المعريُّ "تحفة العرب ,و وضع فيها علوم من سبقوه من قصة "أحداث" و شعر و نحوٍ و صرف
و تاريخ .. كانت علومه جامعة مثل "عزيزه " ..و لكن العزيزة عزيزه ..

عرجتُ ذات شتاء على مؤلف "أزاهير الشر " و فيها يصفُ الماجن (بودلير " الزنديق الماجن " ) ما حاول وصفه كل مجنة العرب قاطبة في ديوانٍ واحد .. كانت دعواه للعري و الإباحه ..و رغم هذا تفخرُ به انجلترا و تصنفه من شعراء الطبقة الأولى ..شأنه شأن الماجن أبي تمام الذي لا نحمده ...فوجدتُ كلماته لا تصلح لمخاطبة كل عزيزه لأن عزيزه تحبُ
الأدب و تنكر الابتذال ....


و في مكتبة للكتاب المستعمل وجدتُ مخطوطة لـشاعر أوروبا , بل الغرب بأسره ( دانتي )
و هو مدرسة لكل مثقف غربي .لا شك بأنه ملهم و ملهمه هذه المرة لم تكن عزيزه و إنما
"أبو العلاء المعري"لقد سرق "دانتي" خطوط أبي العلاء العريظة و نقلها بعناية فائقه و نسبها لنفسه ..
لا أعلم كيف غفل المعريُّ و الفتوحات المكيّه و الإسراء و المعراج و وجه عزيزه !
ربما يقول القائل بأن سياقُ دانتي كان فلسفياً و المعري كانَ شعرياً .سأقول لهم بأن أعمال دون كيخوته قد تعرّب و تقنن و تمصّر و تسعّود لتصبح جاهزة التصوير في الرياض و ربما القاهره ـ قاهرةُ المُعزّ البلد الذي يحمل كنوز الجمال و يحكمها ثلّةٌ من مرتزقة الذوق العام ....

فالقاهرة ذات حضارة الخمسة الآف جنيه قبل الميلاد لا تتصرف ضمن قوانين و معطيات النيل و الأهرامات ! مثلها مثل دولة غنيّة بالنفط و شعبها فقير !!!هكذا كان وجهُ عزيزة أمامي و كنتُ أحدقُ فيها و لا أنطق بكلمة .. و كانني أبو الهول بشماغٍ و طاقيه أحدّقُ في حسنوات شارع التحليه في الرياض أو جده !


و في الحضيره التي أصبحت كل ما تبقى لراعي الغنم ! تأملتُ سبب هوس العرب بالشاعر (المتنبي) فرغم غزارة شعره و أبياته التي أصبحت ضربا للمثل و لكنه لا يذكر الحُب إلاّ نادراً و له رأيٌ قاصر في المرأة يدلُ على تنشئة
متدنيه .و يصحوا الرفاق و ينامون على شاعر النفاق و التكسب من الشعر ...فعندما تقرأ لأبي تمام و هو سبّاقٌ على المتنبي تجدهما نسخة واحده و طبيعة واحده و معاني واحده و رأي واحد في المرأة ..حتى قصتا حياتهما منسوخة من بعضهما البعض مثل دولّي و دوليّ المنسوخه .تشابهٌ حدّ التطابق ...هنا شاهت عزيزة في ديوان المتنبي !


كانت عزيزة لا تعرفُ الجوال و لا السفر إلى مدائن الغرب البارده و الهادئه و رغم هذا كانت يانعه غنيّة بالأسرار الطبيعيه لا تكذب و لا تبالغ ..لم تكن حادّة الطبع و لا متقلبة المزاج !
كانت عزيزتي تنحدر من أسرة قروية و فقيره مثل العبد لله محدثكم ! و رغم هذا كانت واعدة مثل مؤلف أبو العلاء المعري الذي اغتاله العرب !
أمَّا في حضيرتنا اليوم فـ " بالكاد " تميّز بين الأميره و الغفيره ! أسلوب واحد و نسخة واحدة و سحنتة واحدة ,عليك أن تصبح طبيباً نفسياً ثرياً لكي تهتم باحداهن كما أن لهن ثوراتٌ لا تخمد ...


رحلت عزيزه و بيني و بينها أكثر من عشرون عاماً ..

فهد العيسى غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس