الموضوع: صفحات منسية .!
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 08-04-2012, 17:36   #13
يعرُب
 

رد : صفحات منسية .!

هيفايستين*


كثير من الحكايات انقضت ، وهي تشابه غيرها في مكان مختلف من هذا العالم ، غير أن شخصياتها تحمل أسماء لا تتشابه ، وربما أن الحدث وقع في زمن يختلف عن الأخر ، فمثلا هل تتذكر حكاية ابنة المزارع التي دهسها الجرار في لاباز أثناء النهار ، وهي تحدث لابنة مزارع آخر في وقت الغروب على ضفاف النيل ، قد تكون تلك ماريا والأخرى سعدة .


كل ما نحكيه انقضى ، هل تتذكر حكاية الفتاة التي قابلت صديقها على الجسر ووجدت أن طعم قُبلته فوق ذلك الجسر لها نفس مذاق قبلاته في حلمها المتكرر به ، الطعم متشابه في كل مكان ، يحمل اللذة ولكن شعورنا بشيء اسمه " اللذة " يختلف من شخص لآخر ، هل تستطيع أن تخبرني كيف وجدت الفتاة لذة أول قبلاتها تحت الدرج مع تلك التي تمتعت بمص شفتيها فوق السطح ؟

لا نستطيع وصف اللذة بمفهوم واحد للجميع ، حتى أننا قد نختلف في تعريفنا لمصطلح اللذة ، لكننا كشرقيين اعتقد أننا قد نجتمع في أمر واحد وهو أننا نفرط في إشباع حواسنا .

هكذا دائما أنا أشطح فأخرج عن الموضوع الذي نتحدث فيه ، هو تشتت يصيبني بين لحظة وأخرى ، قد يكون ذلك بسبب ارتطام أصابني حينما كنت صغيراً ، أيضا هذه حكاية انقضت ولعلي أسردها لك هنا للمرة العاشرة ، في كل مرة أحتاج إلى عذر لشرود يصيبني .

كيف نستطيع أن نحصل على حكايات لم تنقضي مازالت مستمرة ولكننا نعرف نهايتها ، أو تلك التي سوف تحصل بعد سنوات عدة ؟

لو تجنبنا فكرة علم الغيب والخوض فيه ، وأننا على محك الحكاية القادمة ، بتفاصيلها الدقيقة . مثلا قد أخبرك بهكذا مقطع من حكايتي ..

سوف أقف على الناصية أنتظر الباص الذي سوف يقلنا للملعب في جوهانسبرغ ، لمشاهدة المباراة النهائية بين الطليان والانجليز ، لكن الأمور لن تسير بهذا الشكل ، سوف يقفز علي رجل إفريقي لن أعرف الجهة التي هاجمني منها ، بسبب زحمة السواد وقتها ، ينزع ساعتي الجديدة التي سوف أحصل عليها كـ هدية من صديقتي ، ومعها سوف أفقد ثلاثة أصابع من يدي ، أنظر لها الآن ، هي كاملة عشرة لكنها سوف تكون سبعة ، ولن ينتهي الأمر هنا ، سوف تتوالى مصائبي بسبب ثلاثة أصابع فقدتها ومعها سوف أفقد حياتي كلها ، تصور أنهم في المطار سوف يقبضون عليّ ويحققون في فقدان تلك الأصابع ، هل تاجرت بها ؟ هل فقدتها في عمل إرهابي ، هل أنت أنت ؟ ، لا شيء يعطيهم جواباً أكيداً على أني أنا أنا حتى بعد إحضار سجل البصمات المحفوظ باسمي ويقارنون سبعة موجودة متشابه مع سبعة على الورق ، ويخرج تقريرهم أن لديه فرق في ثلاثة أصابع مفقودة ربما لا تتطابق مع تلك التي في الورق .

هذه حكاية لم تنقضي بعد ولم تحدث ، لكني استطيع أن أسرد لك حكايات كثيرة مشابهة له في المأساة ، لا تعتقد أني سوف أخمن على الواقع الذي نعيشه ، فابنك الصايع لن أبني عليه حكايات تؤدي به إلي سجن أو أن ابنك المطيع سوف يحصل على حياة مستقرة .

هناك حكايات موجودة ولم تحدث بعد ، لدى الكثير منّا القدرة على صياغتها بطريقة جيدة وسردها ، قد لا نعرف أين سوف تحدث لكنها بكل تأكيد سوف تحدث بلسان عربي أو أعجمي ، وهي تشبه تلك الحكايات الموجودة على صفحات التاريخ ، برغم أن ما هو مكتوب لم يحدث كله لكنه انبثق من جوف حكايات أخرى .

حينما يأتون بالتاريخ إلى بيتي وأنا أشاهد مقطع من معركة الاسكندر المقدوني في الهند وكيف يتصارخ رفاقه المنهزمون والمتأهبون للهرب " الملك سقط " فتأخذهم الحميّة نحو ملكهم للعودة من جديد لأرض المعركة من أجل حماية ملكهم ، في تلك اللحظات تبادر إلى ذهني حالنا مع ملوك العرب ، لو سقط أحدهم ؟.




التوقيع:
مرحبا ان كان ديني جاهلية



يعرُب غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس