الموضوع: ذكريات ..!!
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 19-03-2005, 02:05   #59
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 











"رسالة على حافة الاعتراف"



..... خرج يحمل قلبه إلى البحر, لم يكن الخروج وليد لحظة تفكير, بقدر ما كان هرباً من سطوة الوجع والذاكرة المليئة بالتفاصيل !تأمل الرمال وهي تنام على امتداد الشاطئ, وتذكر لحظات احتضان السهر لأحلامه وأغانيه .!ثمّ أُرجع البصر كرتين؛ ليجد في كل زوايا الأمكنة والجهات ما يبعث الشجن!مباشرة, أغمض عينيه لوصية جبران خليل جبران " إذا أردت أن ترى "حبيبتك" ؛ فانظر إليها , وعيناك مُغمضتان ".! فعل ذلك وهو ينظر إليها بقلبه متمتاً, ما أشد أن نهرب من ألم ٍونقع في ألم ٍ أكبر منه تحت وطأة الذكريات.!

تنفس ملء رئتيّه من غناء النوارس المحلّقة على ارتفاع ٍ قريب , وراح يصرخ بكل ما يملك من بكاء :" يا غيابي .. كم طال عنهم غيابي .!".!في حين أن كل ما حوله صامت ٌ خاشع, كأنه يشاركه فجيعته بمن يحب, في لحظة ولاء ٍ نادرة الوجود!

مد بصره إلى حلمه الذي أثقل كاهل الليل ,وأخذ يوشوش له بصمتٍ ويحاكيه, قبل أن تسقط عيناه صدفةً, على عاشقين في استضافة الحب.!!لم يستطع أن يمنع نفسه من فضول النظر إليهما, واستراق السمع, فقد كان المشهد في قمة البراءة! ملامح الرجل تذكره بمن هم على سرير التنويم المغناطيسيّ!في حين أن الخجل تورّد في وجنتيّ الفتاة وتشكّل على هيئة ٍ بمقدورها أن تنسف كل المفاهيم التي بني عليها علم التجميل.!

بدأت أجواء العشق تمطر من حولهما, وراحت الفتاة ترقص على أطراف أقدامها في نشوة ٍ وتدندن لنجاة الصغيرة: " أنا بعشق البحر زيك ياحبيبي حنون
وساعات زيك مجنون
ومهاجر ومسافر
وساعات زيك حيران
وساعات زيك زعلان
وساعات مليان بالصمت
أنا بعشق البحر ".!

وحبيبها يمد جسده النحيل ويستلقي على الرمل, منهكاً إلاّ من الحب.!



أما هو َ فقد خطر بباله أن يوصي الشاب من واقع تجربته؛ أن لا يسكب عشقه دفعة ً واحدة لمن يحب؛ خشية أن تكبر الثقة وتشب عن الطوق!لكنّه أدرك أن الأيام كفيلة بأن تخبره بذلك, إنها لا تتأخر في مثل هذه المناسبات!



عاد وانغلق على نفسه, بعد أن بلغ شوق اللقاء الزبى.! وبعد تفكير وتردد, قرر أن يرسل ألمه في قنينة ٍ صغيرة, يعلم مسبقاً أنها لا تتسع لصرخة! لكن.. "لا بد للمحزون أن ينفث".!وحتماً, سيكون البحر أميناً على وجعه, كما كان أميناً على موسى, وأمه تبتهل إلى الله.!

كتب سبع كلمات وقُبلة, وأغلق القنينة بإحكام ٍ على آخر متاع ٍ لصرخاته,.! ثمّ انحنى إلى البحر وأوصاه:أن هذا الشرق, فولّي موجك شطره.!

فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس