مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 19-02-2006, 09:58   #19
عبدالواحد اليحيائي
كــاتـب
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ عبدالواحد اليحيائي
 

رد : مع شعراء الفصحى..

.
.
ذاك أبو مرة أو الشيطان كما اسماه العرب والشطن هو الابتعاد والاغتراب، وهو ابليس كما سماه القرآن لإبلاسه من رحمه الله ويأسه منها، نقرأ في الكتاب الكريم انه ذميم وأنه مدحور وانه غادر، وقد آمنا بالله ورسوله وكتابه، لكن…أي قبح هو؟ وأي ذمامة هي؟!!! أهو قبح مبنى ام قبح معنى أو كلاهما معا؟!! لا ندري،….. لكننا معشر البشر نعلم ان الغواية كانت وظيفة الشيطان الاول، ثم مازالت به وبعده يتوارثها الابناء والاحفاد، كما نعلم ان الجمال هو رسول الغواية الاول، ولا شك في حاجة موظف غوايه إلى مسحة جمال..

و سعدي الشيرازي إمام من ائمة الشعر والارشاد في الادب الفارسي، واستاذ من مدرسة العرفان في الشعر الصوفي، نشأ بشيراز، وكان مولده في اواخر القرن الثاني عشر للميلاد، ومن كتبه المعروفة البستان، والجلستان أي روضة الورد، وكلاهما في طرائف الخواطر والمواعظ، ويعتقد شاعرنا الكبير ان الشيطان جميل او هكذا رآه كما زعم، وان البشر انتقموا منه بتشويهم لجماله، او بتعبير الشيطان:
سلبتهم السماء فسلبوني الجمال…..فهل كان صادقا هذه المرة؟!!
الله اعلم، لكن لنقرأ قصته مع السعدي الشيرازي:
.
.
رأيت الشيطان في حلم، فيا عجبا لما رأيت!
رأيته على غير ما وهِمت من صورته الشنعاء التي تخيف من ينظر إليها:
قامة كفرع البانه، عينان كأعين الحور، طلعة كأنها تضيء بأشعة النعيم،

قاربته وسألت: أحقٌ انت الشيطانُ المريد؟ أحق ذاك ولا أرى ملكاً له جمال محياك، ولا عين قد نظرت الى شبيه سيماك؟
ما بال أبناء آدم يتخذونك لهم ضحكة فيما يصورونك؟
وفي وسعك ان تجلو لهم وجها كصفحة البدر، ونظرة تتهلل ببهجة الرضوان، وإبتسامة تشرق بالنعيم!
اولئك الرسامون يبغّضونك الى العين، وحمّامات الانس تكشفك لنا في صورة تنقبض لها القلوب!
ويقولون لي أنك كاليل البهيم،
وما ارى امامي الا الصباح المنير.

سألت وتسمّعت
فتحرك الحلم الساحر، وترفع له صوت فخور
ولاحت على طلعته كبرياء، وقال:
لا تصدق يا صاح أنه مثالي ذاك الذي رأيت فيما يمثلون
فإن الريشة التي ترسمني تجري بها يدُ عدو حسود
سلبتهم السماء فسلبوني الجمال!

.
.
نعوذ بالله من شطن بعد وطن، ومن إبلاس بعد امل، ومن غواية بعد رشد.
.
.

عبدالواحد اليحيائي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس