الموضوع: من زمن .. الحب !
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 28-12-2004, 11:02   #11
تأبط شعرا
حــبّــا ً
 

رد : من زمن .. الحب !






عُروه وعفراء








من الأغاني بـ تصرّف :



لمّا هلِك حزام ترك إبنه عُروه صغيراً في حِجر عمّه عقال
وكانت عفراء -إبنته- تبراً لـ عروه يلعبان جميعاً ويكونان معاً
حتى تألّف كل واحد منهما صاحبه إلفاً شديداً

وكان عقال يقول لـ عُروه لما يرى من إلفهما : أبشر فإنّ عفراء
أمَتُك إن شاء الله!

وكانا كذلك حتى لحقت عفراء بـ النساء ولحق عُروة بـ الرجال
فأتى عُروه عمةٌ له يُقال لها هند ينشدها أن تخطب له عفراء

فـ ذهبت عمته إلى أخيها تطلب منه أن يُزوّج عروه بـ عفراء
فقال : ماعنه مذهب ولاهو دون رجل يُرغب فيه ولا بنا عنه رغبه
ولكنّه ليس بـ ذي مال وليست عليه عَجَله!

فـ طابت نفسُ عُروه وسكنت بعض السكون وكانت أمٌها سيئة الرأي
تريد لـ إبنتها ذا مال وافر وكانت عُرضه لـ ذلك كمالاً وجمالاً


فـ عرف عُروه أنّ رجلاً من قومه ذا يسار ومال كثير يخطبها
فـ أتى عمه فقال:
ياعمّ قد عرفت حقي وقرابتي وإني ولدك وربيت في حجرك
وبلغني أنّ رجلاً خطب عفراء فإن أجبته قتلتني وسفكت دمي
فـ أنشدك الله رحمي وحقي!

فرقّ له وقال :
يابني أنت مُعدم وحالنا قريبة من حالك ولستُ بـ مخرجها
إلى سِواك وأمها أبت أن تزوّجها إلا بـ مهر غال

فـ ضرب في الأرض يبتغي الرزق ثم جاء إلى أمها
فـ ألطفها ودَارها فـ أبت أن تجيبه إلا بـ ما تحتكمه من المهر
فوعدها بذلك

فعمل على قصد إبن عم له موسر وكان مقيماً بـ الرّي
فجاء إلى عمّه وأمرأته فـ أخبرهما بـ عزمه فـ وعدا بألاّ يُحدثا
حدثاً حتى يعود!


وسار إلى إبن عمه فـ وصله وكساه وأعطاه مئه من الإبل
فـ أنصرف بها إلى أهله

وكان رجلٌ من أهل الشام من أنساب بني أُميّه نزل في حي عفراء
فـ نحر وأطعم وكان ذا مال فرأى عفراء فـ خطبها إلى أبيها
فـ أعتذر إلاّ أنّه أرغبه بـ المهر ووجد قبولاً من أمها وألحّت عليه
فـ أجابه وزوّجه وساق إليه المهر وحُولت له عفراء
وقالت قبل أن يدخل بها :



يا عُرو إنّ الحيّ قد نقضوا
... عَهد الإله وحاولوا الغدرا



إرتحل بها زوجها إلى الشام وعَمد أبوها إلى قبر ٍ عتيق
فـ جدّده وسوّاه وسأل الحي كتمان أمرها

وقَدم عُروه بعد أيام فـ نعاها أبوها إليه وذهب به
إلى ذلك القبر فـ مكث يختلفُ إليه وهو مُضنى هالك
حتى أخبرته جاريه من جواري الحي فـ تركهم ورحل إلى الشام
فـ قدمها وسأل عن الرجل ودلّ عليه فـ أكرمه وأحسن ضيافته
فـ مكث أياماً حتى أَنسوا به

ثم قال لـ جارية ٍ لهم :
هل لك في يد ٍ تُولينيها؟ قالت : نعم
قال: تدفعين خاتمي إلى مولاتِك
فقالت : سوأة لك أما تستحي لـ هذا القول!

فـ أمسك عنها ثم أعاد عليها وقال لها :
ويحك! هي والله بنت عمي وما أحدٌ منّا إلا وهو أعزّ
على صاحبه من الناس فـ أطرحي هذا الخاتم في صحنها
فـ إن أنكرت عليك فقولي لها :
إصطبح ضيفُك قبلك ولعله سقط منه!

فرقّت له الجاريه وفعلت ما أمرها به فلما رأت عفراء الخاتم
شهقت ثم قالت لـ جاريتها :
أصدقيني الخبر فـ صدقتها

فلما جاء زوجها قالت له :
أتدري من ضيفك هذا؟ قال : نعم
فُلان بن فلان (للنسب الذي إنتسب له عُروه)
قالت:
كلا والله بل هو عروه بن حزام إبن عمي وقد كتمك نفسه حياء منك!

فـ بعث إليه فـ دعاه وعاتبه على كتمانه نفسه إياه
وقال له :
نشدتُك إن رِمت -برحت- هذا المكان أبداً

وخرج وتركه مع عفراء وأوصى خادماً له بـ الإستماع عليهما

فـ لمّا خلوا تشاكَيا ماوجدا بعد الفراق
وطالت الشكوى وهو يبكي أحر بكاء
ومما قال :
أنت حظي من الدنيا وقد ذهبت مني وذهبت بعدك فما أعيش
وقد أجمل هذا الرجل الكريم وأحسن وأنا أستحيي منه والله
لا أقيم بعد علمه مكاني وإني عالم إني راحل ٌ لـ منيّتي
فـ بكت وبكى وأنصرف


فلما جاء زوجها أخبرته الجاريه بما دار بينهما فقال :
ياعفراء إمنعي إبن عمك من الخروج فقالت :
لا يمتنع هو والله أكرم وأشد حياء من أن يقيم بعد ما حدث بينكما

فـ دعاه وقال له :
يا أخي إتّق الله في نفسك فقد عرفت خبرك إن رحلت تلِفت
والله لا أمنعك من الإجتماع معها أبداً ولئن شئت فارقتها ولـ أنزلنّ
عنها لك!

فقال له :
جزاك الله خيراً
إنما كان الطمع إليها آفتي والآن قد يئِست وحملتُ نفسي على الصبر
فإنّ اليأس يسلّي ولي أمور لابد من رجوعي إليها فإن وجدت بي قوه على ذلك
وإلا عدت إليكم وزرتكم حتى يقضي الله مايشاء

فـ زوّدوه وأكرموه وشيّعوه فـ أنصرف!


فلمّا رحل عنهم نكس بعد صلاحه وتماسكه وأصابه غشي وخفقان
فكان كلما أغمي عليه ألقى على وجهه خِماراً لـ عفراء زوّدته إيّاه فـ يُفيق!

وذهبوا به إلى عرّاف اليمامه وكان له علم بـ الأوجاع
فـ شكّ إنّ مابه خِبل أو جنون

فـ أنشأ عُروة يقول :


مابي من خَبل ولابي جنّة ٌ
.... ولكن عمي يا أُخيّ كذوبُ

أقول لـ عرّاف اليمامة داوني
.... فإنّك إن داويتني لـ طبيبُ


عشيّة لا عفراء منك بعيدة ٌ
.... فتسلو ولا عفراء منك قريبُ

فوالله لاأنساك ما هبّت الصبا
.... وماعقّبتها في الرياح جنوبُ

وإنّي لـ تعروني لـ ذكرك هِزّة ٌ
.... لها بين جلدي والعظام دبيبُ






وممّا قال :


فويلي على عفراء ويلاً كأنّه
.... على الصدر والأحشاء حد ٌ سنانِ

أحب إبنة العذري حباً وإن نأَت
.... ودانيت فيها غير ما مُتدانِ

فيا رب أنت المستعان على الذي
.... تحمّلتُ من عفراءَ منذ زمانِ!




ثم توفّي وهو راجع بالشام
وقد وجده النعمان بن البشير
(وكان عاملاً لـ معاويه على صدقات بعض القبائل في الشام)
كما جاء في (ذيل الأماني)

ميتاً في العراء فـ غسّله وكفّنه ودفنه وصلى عليه


ولما بلغ عفراء موته قالت لـ زوجها :
قد كان خبر إبن عمي مابلغك ووالله ماعرفت منه قط إلا الحسن
وقد مات فيّ وبسببي ولا بُد لي من أن أندبه فـ أقيم مأتماً عليه
قال : إفعلي!

فمازالت تندبه ثلاثاً حتى تُوفيت في اليوم الرابع!



وبَلغ معاويه إبن أبي سفيان خَبرهما فقال :
لو علمتُ بحال هذين الحرّين الكريمين لـ جمعتُ بينهما!







التوقيع:

دايم أخطي في العلاقات ماهي الأوّله
........... أترك المضمون وأنساق خلف الواجهه


taba6_sh3ra@hotmail.com

للمراسله فقط

تأبط شعرا غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس