مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 17-03-2006, 17:57   #22
فهد العيسى
الهــاجـس
 

رد : إنسانيات موجعة .. دعوها تنزف هنا

عمتِ مساءً يا ناديه !

هي الوحدة يا غادية و ربما غربة الجسد و النفس في الديار و العشيرة ,بل في العالم كله !
لهو اليُتم ألا نعايش ما يتوافق مع لغتنا الخاصة و أحلامنا السرية الصغيرة,كيفَ نبني جسرا ثقافياً مشتركاً مع الآخر ,كيفَ تبني خطاباً غنياً مع نديم لا يفهم الكلام ,غليظ الإحساس؟ كيف نصنع اللغة الخاصة بنا لغةُ التواصل و التفاهم و الانسجام الحضارية !!إن الطير الذي يبني عشاً ,لا نطلق عليه عملاً فنياً ,و لكن ,لو كان مدركاً لما يفعله مستشعراً كنههُ لقلنا بأنه يقوم بعمل فني .
ضللنا كثيراً في غربة الوطن حتى تصدعت الذات,لتكن شفافية و نعطي الأشياء حقها من المسميات!,و لنتعرف على المعضلة لكي نتمكن من فعل شيئا سوى الاستسلام للعالم الغريب و الذي يزايد في الغرابة.بعضنا يظن بأنه سيتابع تحقيق أحلامه حتى بعد موته,و يُطلق عليه (أدبياً)المأساوي التفاؤلي و البعض الآخر يحاولُ أن يبتكر أسلوبا يتعايش فيه مع المجتمع الذي يرفضه و هو التشاؤمي الواقعي و البعض الثالث ينتحر لكي يتخلص من عذاباته كما في نهاية الأدب المنصرم !,و البعض الأخير هو من يبتكر كشفاً أدبياً يصدع به العقول الجامدة مثل (كولن ويلسون و بلزاك ),إن المسألة ثقافية في المقام الأول و كيفَ للأديب و الشاعر و الإنسان الذكي الشفاف أن ينسجم مع ثقافة الفيديو كليب و غيبة الناس و الاستعراض بالسيارات الفارهة بل إنه من المضحك المبكي ظاهرة إقتناء شبابنا كبارا و صغار للجهاز المحمول(لاب توب) يحملونه في البيت و الشارع و الكوفي شوب و حتى عند زيارة أصحابهم .إنهم لا يستخدمون هذه التقنية إلاّ لبلتوث الفضائح و التنكيت ,أي مجتمع هذا يتحامق؟! لدرجة أن بعض الفتيات و من كثرة التشبع بالغزل التافه عبر النت و الجوال لم تعد تستمتع بأي نوع من أنواع الحب( برود )! هكذا يفقد الإنسان إنسانيته,أما الفن فهو يقدم لنا حالة استقرائية تكشف عن مواطن الإبداع و الجمال في النفس البشرية و تخرجها و تهذب النفس و تستثير الذائقة (أصبحت الأميرة و الغفيرة وجهان لعملة واحدة,بل أصبح أسلوب العلية مثل الدنيّة)بالكاد أن تفرّق بين امرأة في بيت و عابثة في الشاعر من ناحية الأسلوب ,لأن الركب لا يعي معنى الجمال !!!و أحيانا لا نجد الفرق بين المتعلم و الأمي نظرا للجهل بالمعاني الأدبية و الحسية..

و بمجرد أن تقدمتِ يا "ناديه" بخاطرة الصبا ,حتى انتقلتْ رسالتك الروحانية و تسللت إلى (المجلجل),الذي طفقَ يردد الألفاظ النصف وجودية ليسرد لنا ما تبقى من مأساة (أعجبني المجلجل جدا)رغم أسرافه في الأمر .
و الإنسانُ في رأيي مذهب فكري ,سواء أرضي بهذه التسمية أم لم يرضها.إن أجواء بلاطكم (المرمر)حافل بما يسمونه ( المأساة ),و هي دراسة نقدية تعنى بأدب القرن التاسع عشر .و ربما كانت ركناً ركيناً في فلسفة (نيتشة),و قد قسمها الأديب (كروتشه)إلى فن و تبعه مجموعة من المبدعين الحمقى أمثال (كولن ويلسن)و أطلقوا على الشخصية(the out sider)أي الا منتمي أو الغريب و صنفوها ضمن الفكر الوجودي,و عرّفوها بالفرد المنعزل عن المجتمع و الذي يقر بأن المجتمع قد حال دونه و دون أحلامه,تماماً كشخصية "فان غوغ"!, بالمقابل تتبنى (المأساة)بشقيها التفاؤلي و التشاؤمي فلسفةً يتمخضُ عنها أدباً يحكم العصر الذي يليه ..
نعم ,نحنُ مأساويون تفاؤليون في الأغلب ,نغرسُ أصبعنا في الوجود فلا نلمسُ شيئاً (عبارة فلسفية) ,يتنطع بها بعض الأدباء !
و لكن ما المقابل لهذا النزق و التطلب الإنسانيين ؟!
عندما خرجتُ هارباً من أسوار القرية طالباً العلم,ساعيا خلف المعرفة ,أطرقُ أبواب الأدباء و الفلاسفة باحثاً عن الحكمة الأدبية ,متطلعاً في علم النفس ,أدركتُ بفرحٍ طفولي بأن المسألة قديمة قدم التاريخ,و قد تحدث عنها الفلاسفة باسهاب بغية الكشف العلمي و الأدبي,كالمذاهب الفكرية كمذهب "اللذة ",أي بأن الأشياء قائمة على اللذة وحدها! و هذا رأي ,ثمة رأيٌ آخر يتعلق بالفن و الجمال ,يدعي بأن الفن "حدس"و ليسَ رؤية و لا أحلام و أوهام بل إن اللوحة الجميلة قد تكون بديعة من الناحية التقنية و لكنها في الوقت نفسه منفرة من حيث المضمون و اللوحة التي قد تعجبنا اليوم قد لا تعجبنا في يوم آخر نكون فيه تحت وطأة حالة مزاجية متقلبة ,و قد تكون اللوحة جيدة من ناحية الموضوع و لكنها منفرة من ناحية التنفيذ .إنها قضية فكرية شائقة و شائكة.علينا بالتشديد على أهمية الكشف الأدبي .
كثيرون قد أشغلهم هذا التغرّب و عدم الانتماء للمجتمع الإنساني ,ذلك المجتمع الذي ابتدعه الهولندي الكبير "كيير كيغارد" و الذي أتى بدحضه "بلزاك" في مصنف الكوميديا البشرية.
ثمة رأي ثالث يتطلب منا أن نصنع مجتمعنا المحيط بنا لكي نشعر بنوع من الانتماء .علينا أن نبتعد عن الحمقى و المجانين و الأغبياء و السطحيين ,عندها سنشعر بالانتماء ..


دمتِ


اخر تعديل كان بواسطة » فهد العيسى في يوم » 17-03-2006 عند الساعة » 18:41.
فهد العيسى غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس