الموضوع: حَـكَـايـا
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 20-10-2006, 03:14   #18
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

119 ربما تابع.



.

ومن عظيم صبر النساء وعجيبه:
ما كان من أمر أم سليم امرأة أبي طلحة الأنصاري: مرض ابنها منه فمات، فسجته في المخدع ثم قامت فهيأت لأبي طلحة إفطاره، كما كانت تهيئ له كل ليلة، فدخل أبو طلحة وقال لها: كيف الصبي؟ قالت: بأحسن حال بحمد الله، ثم قامت فقربت إلى أبي طلحة إفطاره، ثم قامت إلى ما تقوم إليه النساء، فأصاب أبو طلحة من أهله، فلما كان في السحر قالت: يا أبا طلحة ألم تر آل فلانٍ استعاروا عارية فلما طلبت منهم شق عليهم، فقال: ما أنصفوا، قالت: فإن ابنك كان عاريةً من الله وإن الله قد
قبضه إليه، فحمد الله واسترجع، ثم غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا أبا طلحة بارك الله لكما في ليلتكما.
*
ومن التأسي العجيب والاحتساب الجميل:
ما فعلته أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما في حرب ابنها عبد الله بن الزبير: دخل عليها في اليوم الذي قتل فيه فقال: يا أمه، خذلني الناس حتى أهلي وولدي ولم يبق إلا اليسير ومن لا دفع عنده أكثر من صبر ساعة من النهار، وقد أعطاني القوم ما أردت من الدنيا فما رأيك؟ قالت: إن كنت على الحق وتدعو إليه فامض عليه فقد قتل عليه أصحابك، ولا تمكن من رقبتك غلمان بني أمية فيتلعبوا بك، وإن قلت إني كنت على حق فلما وهن أصحابي ضعفت نيتي ليس هذا فعل الأحرار، ولا فعل من فيه خير. كم خلودك في الدنيا؟ القتل أحسن ما نقع به يا ابن الزبير. والله لضربة بالسيف في عز أحب إلي من ضربة بسوط في ذل. قال لها: هذا والله رأيي الذي قمت به داعياً إلى الله، والله ما دعاني إلى الخروج إلا الغضب لله تعالى، أن تهتك محارمه. ولكني أحببت أن أطلع رأيك فزدتني قوة وبصيرة مع قوتي وبصيرتي. والله ما
تعمدت إتيان منكر، ولا عملاً بفاحشة، ولم أجر في حكم، ولم أغدر في أمان، ولم يبلغني عن عمالي ظلم فرضيت به، بل أنكرت ذلك، ولم أغدر في أمان، ولم يبلغني عن عمالي ظلم فرضيت به، بل أنكرت ذلك، ولم يكن شيء عندي آثر من رضى ربي سبحانه وتعالى، اللهم إني لا أقول ذلك تزكية لنفسي ولكن أقوله تعزية لأمي لتسلو عني. قالت له: والله إني
لأرجو أن يكون عزائي فيك حسناً بعد أن تقدمتني، فإن في نفسي منك حوجاء حتى أنظر إلى ما يصير أمرك. ثم قالت: اللهم ارحم طول ذلك النحيب والظمأ في هواجر المدينة ومكة وبره بأمه. اللهم إني قد سلمت فيه لأمرك، ورضيت منك بقضائك، فأثبني في عبد الله ثواب الشاكرين. فودعها فوجدت مس الدرع تحت ثوبه. فقالت: ما هذا فعل من يريد
ما تريد. فقال: إنما لبسته لأشد منك. قالت: فإنه لا يشد مني. وقال لها فيما خاطبها به: إني ما أخاف القتل وإنما أخاف المثلة، فقالت: يا بني إن الشاة لا تبالي بالسلخ بعد الموت.

*

ولما حَضرت الإسكندرَ الوفاةُ كَتب إلى أمِّه:
أن اصنَعي طعاماً يحضُره الناسُ، ثم تَقدّمي إليهم أن لا يَأكل منه مَحْزون، ففَعلت. فلم يبْسُط إليه أحدٌ يده، فقالت: ما لكم لا تَأكلون؟ فقالوا: إنك تقَدّمت إلينا أن لا يأكلَ منه مَحْزون، وليس منَّا إلا من قد أصيب بِحَميم أو قرِيب؛ فقالت: مات واللّه ابني وما أَوْصى إِليّ بهذا إلا ليُعَزِّينَى به.


.

فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس