مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 31-03-2005, 16:14   #10
البــــــدر
 

رد : وسقطت .. التفاحة !!

تحية عطرة ..

في أحيان كثيرة يستفزّني قلمك للتفكير والرد ..

والقلم المحرِّض والمستفز هو –بلا شك – قلم مبدع ..

لتسمح لي إذن بهذه المداخلة ..




..


هل تعلم لماذا يا صديقي ؟

لأن الكثير منا يظن أنه يعرف ( الحقيقة الموضوعية ) ..

وهو ما يشير إليه الفيلسوف " كانت " :

إننا لا نستطيع أن نمتلك اليقين حول العالم (بذاته ) .. ما نستطيعه هو فقط معرفة
كيف هو العالم بالنسبة ( للأنا ) ..
وفي هذا تمييز واضح بين الشيء (بذاته ) .. والشيء (بالنسبة للأنا ) ..


وكما يقول تشومسكي :

" الخريطة ليست هي الواقع "

لكل منا خريطته .. .. و عدساته التي يرى العالم من خلالها ..

وعدسات العقل تلك تنقل لنا (صورة ) عن العالم ... قد يعتريها التشويه في كثير من الأحيان ..

تلك الصور الذهنية قد تأتي من خلال بعض المرشِّحات العقلية مثل :
طريقة التربية .. المعتقدات .. القيم .. تأثير الأقارب والأصدقاء ... درجة التعليم


هناك صورة حقيقية للعالم ..وهناك صورة (نعتقد ) أنها حقيقية في (أذهاننا )..

هذه الخرائط الذهنية هي التي تجعل بعض الناس يجادلون ويصرون على أن الأبيض أسود ..

و هذا يفسر اختلاف رؤية الناس حول نفس الحدث ..

( نصف الكأس المملوء .. مقابل نصف الكأس الفارغ )


بل إن وجهة ( النظر ) الشخصية لنفس الحدث قد تختلف بوجود بعض المؤثرات :
يقول الرافعي :

" ما أصدق ما قالوه : إن المرئي في الرائي .. مرضت مدة في المصيف ، فانقلبت الطبيعة العروس التي كانت تتزين كل يومٍ إلى طبيعة عجوز تذهب كل يوم إلى الطبيب .. "









عبارتك هذه ذكرتني بكتاب صدر مؤخراً بعنوان :
( أنا لست مجنوناً .. إنما أنا لستُ أنت )
في عملية التواصل البشري ..
يكون من الأجدى محاولة التعرف على الخرائط الذهنية للبشر .. بدلاً من الإصرار على التمسك بخريطتك الشخصية ..

إن من أهم عوامل النجاح في إقامة علاقات إيجابية مع الآخرين ..

أن تتقبل الناس –في البداية – كما هم لا كما تريد أنت








ثقافة الخوف من المحاولة تسيطر على اتخاذ القرار الحاسم لدى الكثير من الناس

يقول ويليام شكسبير :
" إن شكوكنا خوَّانة لنا ، فهي تفقدنا الخير الذي يمكننا أن نحظى به من خلال خوفنا من المحاولة "


فتاة تعيش في الظلمة والسكون .. بعد أن أغلق المرض عينيها وأذنيها حتى أصبحت عمياء.. صماء.. بكماء وهي لمّا تكمل السنة الأولى من حياتها ..

تقول عن معلمتها سوليفان جون ماسي :
(إنها أعادت لها حريتها المقيدة ) ..!!

أنصتت جيداً -تلك المرأة المعجزة ( هيلين كيلر )- إلى صوتها الداخلي ... فأسمعت الدنيا بأسرها تلك العبارة الساحرة :

( الحياة إما مغامرة جريئة .. أو لا شيء ) !!


قد يكون الفشل هو الطريق الوحيد للنجاح ..
فأكثر الناس نجاحاً هم أكثرهم أخطاءً

يقول فولر في هذا السياق :
" كل ما تعلمته البشرية إنما كان نتيجة للتجربة والخطأ ، لقد تعلم البشر من خلال الخطأ وحده "

ولذلك قيل :
" لا يوجد إخفاق .. إنما تراكم خبرات "

و الخوف من الفشل يؤدي في كثير من الأحيان إلى الفشل ..

يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه :
" الناس من خوف الخوف في خوف "




كان سقراط في معيّة بعض تلاميذه عندما توقف فجأة أمام أحد الحوانيت التي كان تعرض بضاعة متنوعة .. فصرخ قائلاً :
" كم من الأشياء التي لا أحتاجها ! "
أحد هؤلاء التلاميذ حفظ هذا الدرس جيداً وكان يُدعى (انتيستانس ) والذي أسس فيما بعد ما سُميّ بـ الفلسفة الكلبيّة .. تبنّى هذه الأفكار تلميذه (ديوجين ) الذي أصبح أشهر الفلاسفة الكلبيين .... وُيروى أنه كان يعيش في برميل ولا يملك إلا معطفاً وعصاه .. وكيساً يحمل فيه الخبز ..
في أحد الأيام ، بينما كان (يستمتع ) -كما أراد لنفسه- بحرارة الشمس ..جاءه الأسكندر الكبير زائراً وسأله .. وسأله هل تحتاج إلى شيء؟ أجابه ديوجين :
أجل أن تزيح جانباً كي لا تحجب عني الشمس "

مفهوم المتعة (ارتبط) عنده بمثل هذه الطريقة في العيش ..!

تلميذ آخر لسقراط يدعى اريستيبوس كان يرى :
أن هدف الحياة هو تحصيل أكبر قدر ممكن من المتعة ويتمثل ذلك في مقولته :
" إن الخير المطلق هو المتعة .. والشر المطلق هو الألم "
وكان يدعو في فلسفته إلى تجنب كل أنواع الألم .. والتي تطورت فيما بعد _عن طريق أبيقور- إلى ما سُمي بـ الفلسفة الأبيقورية .. والتي كانت تشير باستمرار إلى خطر( العوارض الجانبية ) للمتعة المؤقتة .. وكانت تدعو إلى أن يقيم الإنسان موازنة بين إشباع رغبة آنية .. و إمكانية رغبة أكثر ديمومة ..
وفي تراثنا الإسلامي الرائع دعوات مماثلة .. يقول ابن القيم –رحمه الله – في كتابه (الفوائد ) :

" وخاصية العقل تحصيل أعظم المنفعتين بتفويت أدناهما واحتمال أصغر الألمين لدفع أعلاهما "

إن بعض علماء النفس –اليوم – يرون أن :
ما يدفع الإنسان لأي فعل هو إما : تحصيل متعة أو تجنب ألم ..

وهو ماذكره الماوردي في كتابه (أدب الدنيا و الدين ) :
( وأعلم أن لكل مطلوب باعثاً.. والباعث على المطلوب شيئان : رغبة ورهبة )









هناك قاعدة تقول :
" يكسب دائماً من يتمتع بمرونة أكثر "
وهي مرونة في التفكير .. والسلوك .. والتعامل ..
و مرونة في الإجراءات للوصول إلى الأهداف المنشودة ..

تأمّلْ السيل وهو يدور حول كومة كبيرة من التراب لكي ينتصر عليها ..!

إن المرونة لا تعني التخلي عن الثوابت، بل هي قد تشمل تغييراً في ( التكتيك ) للوصول في نهاية المطاف إلى الهدف الاستراتيجي ..



دمت يا صديقي بهذا الفكر المتّقد



كل الود والورد ،،،




البدر

البــــــدر غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس