مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 23-11-2005, 11:57   #90
إبراهيم الوافي
وريث الرمل / شــاعــر وأديب
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ إبراهيم الوافي
 

رد : الوافي ينثـر الضـوء في فضاء شعبيـات ..

إقتباس:
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة الجازي
.


الشاعر الحقيقي .. هو رسول الجمال والسلام ..

ابراهيم الوافي يشرح صدره .. ويبسط فكره وأدبه وشعره ..

شكراً لـ كل هذا الكرم ..


كثيرة أنت أيتها النبيلة .. ما أسعدنا بوعيك واطلاعك ونقاء روحك .. لاحرمني الله بشاشة أرواحكم ..



س1

نلمس في كتاباتك الشعرية والنثرية اتصالا وثيقا بالشعراء الأوائل في مسيرة الشعر العربي .. بالتضمين حينا .. وبالاقتباس حينا .. وبتقمص شخصياتهم في أحايين أخرى .. مع ثروة ثقافية تاريخية تدرك التاريخ وتحسن توظيفه بصورة تفوق العظة والعبرة ..كما لمسنا في نص ( تمام الثانية عشرة بكاء بتفويت بغداد ) والذي نشرته في معرض إجابتك على الأخت نورة العجمي ..
علاقة إبراهيم بالتراث العربي القديم ، وأجداده الشعراء القدامى .. هل نطمع بأن يحدثنا إبراهيم قليلا عنها ؟

أولا إئذني لي بنشر هذا النص الذي نشر قبل عامين في صحيفة الوطن وأثار حينها ( سخَطًا ) كبيرا عليّ .. ربما لأنه جاء بما يشي بالانقلاب على الموروث الشعري الكثيف في مجموعتي الشعرية الثالثة سقط سهوا النص كان بعنوان ( شعراء لايدخلون الجنة ) وجاء فيه :
( 1 )

امرؤ القيس قائدنا للصهيل
وللطير تفزعه خطوات الكلامْ
مات من الف عام
أو يزيد قليلا
لايهم القصائد هذا ..!
ما يهم القصائد أن الذي كان يرهبها
ماتَ منسلخًا
فامتشقتُ أنا صوته
ثم جئتُ إليكم
أسائلكم :
كيف لي أن أسدِّدَ فاتورة الهاتف الليلكي ؟!
القصيدة إيقاعها لمسات الأنامل
في هاتفي
ما همها أيُّها ؟! :
( الطويل ..
المديد ..
البسيط
الذي يبسط الحزن تحتي
أو وافر العزم .
حتى الذي يتداركني إن وقعتُ )
فما همُّها أيها ؟ ...
وصباح الخميس البنوك تسرِّحُ
كل الجياعِ بشبَّاكها
منذ بدء النهارْ
كي يروا فقرنا العاطفي ..!!
فلا يطلبون المزيد من الفقر والحزن
والانتظارْ ..!!

( 2 )

قيلَ إنَّ الفرزدقَ يختطُّ علمَ اللغةْ
وجريرٌ ينادي على نعجةٍ ضائعةْ
بينما أشتهي أن أراها
لأسمعها قصتي
حين أحببتُ ( سولا )
وقبلتها أربعا كي تقولاَ
بأني كتبتُ القصيدةَ
حينَ التقى البرزخانِ
أنا والتفاتتها اليانعةْ ..

( 3 )

حينما يصبح المتنبي ضميرًا
وبشَّار فعلٌ مضارعْ
سأعبر وحدي المواجع
أغني لعينيك أنشودةً
كانتظارِ المطرْ
وأزرعُ ما بين ( أذْني )
و ( كتْفي )
جهازًا يبلِّغني أن حرب البسوس انتهتْ
وأن المدينةَ حبلى بحزنِ الشوارعْ ..!

( 4 )

ظلَّ شوقي يعاقرُ كأساتِه
ثم يدعو لربِّ السماء بأن لايعيد
له الصومَ إلا قليلا
وسيدتي نذرت أن تصوم
عن الشعر إلا قليلا
حين فاتحتها بخطوبتها لكتابي الذي سوف
يصدر بعد لقائي بها
لم تحدثني عن أكاذيب شوقي
وتطبيله لفراعنةٍ
ظلموا يسكرونْ ..
ولا استشهدت بحكايا جميل وقيس
وكل الذين قرأنا خرافاتهم في المتونْ
ولكنها همست بحياءٍ شديدٍ
ستهديه لي ..!
فابتسمتُ وأومأت ...
قالت :
سأمضي به في ممرات كليَّتي
وأركلُ بالكعبِ
حتى الفراغَ
وأقرأ لي
ما تيسَّر من تمتمات الجنونْ ..!!



29أغسطس 2002م


.. ولهذا سأتحدث بتفصيل كثيف عن علاقتي بالموروث بشكل عام وسأبدأ الحديث حيث ( سقط سهوا.. مجموعتي الشعرية الثالثة .. التي كشفت عن علاقتي الوثيقة بالموروث الشعري ) حيث اعتمد على استلهام التراث وتوظيف شخصياته الشعرية خاصة ( .. فـ (سقط سهوا ) هو تعمد سهو السقوط، هكذا أخاله حين حاولت من خلاله اقتحام ذاكرتنا العربية الشعرية البحتة واستنجدت بها لمعالجة قضايانا العربية المعاصرة.. واستشراف مستقبلها.. فناديت من خلاله أجدادي بدءا بامرئ القيس وانتهاء بالسياب لمشاركتي وجع القصيدة الماثلة على شكل مقبرة تتمدد بين فمي وذاكرتي.. هو تعمد سهو السقوط.. او سقوط السهو حين انطلق من التاريخ اليه، به ، ومعه يناغيه تارة ويستفزه تارات أخرى ، ليتجاوز في مجمله العظة والعبرة الى المفاعلة والمشاركة.. هنا فقط يكون السقوط سهوا هو السهو عمدا.. وهو ذاته (ما سقط سهوا) وآمل أن أكون قد حققت جزءاً من هذا الطموح في تلك المجموعة ..
وعلي أن أقول أختي الجازي أنه حين طرقت القصيدة نافذتي.. كانت عبارة عن صوت حاد جر بلسانه السابلة فقد عشت دائما أدعي أنني واحد من الذين يجيدون الإنصات..!
في الجامعة كان استاذ علم اللغة يقول لنا حين كنا طلابا يزيد عددهم على الخمسين طالبا ان اللغة حين تنبتها رمال الصحراء المفجوعة بعطشها والمنكفئة على ذاتها لابد وأن يتجاوز احتفالنا بها قطفها وانتظار غيرها وطالما لا نملك عملية الغرس في تلك الرمال علينا ان نشتلها ونوسع دائرتها. هكذا ياسيدتي استيقظت على صوت الحادي في قريتي ثم استيقظت مرة أخرى على صوت أستاذي في مدرج الجامعة.. وبينهما كانت القصيدة.. وكنت المفتون بها بذاكرة تستحضر الظاهرة شعريا بصوت الحادي في مسارب القرية المفقودة ، وتتضمخ صوت ذلك الاستاذ القدير ممزوجا بنشيج أجهزة التكييف في مدرج الجامعة ، في الوقت الذي كانت فيه ذاكرتي شفافة جدا ولا يمكن ان تحتمل حالة الاصطدام ببوابة المدينة النحاسية..وكان فيما تسقطه قوافل أجدادنا.. قيمة لا يمكن أن يفسرها أو يستشعرها إلا عبث طفل اختلس من حجرته الدراسية قطعة من الطباشير ليكتب على سور مقبرة عتيقة قول جدنا المتنبي:
(يامن يعز علينا ان نفارقهم..
وجداننا كل شيء بعدكم عدم) ..
هكذا كانت الرؤية فيما يتعلق باستلهام التراث ، لم يكن استسلاما له وإنما كان توظيفا له ومغامرة به لاستنزاف آخر معطياته والتمكن من أدواته لمواجهته بثقة وعلى هذا الأساس الفني جاء مايشي بالانقلاب عليه من خلال نص ( شعراء لايدخلون الجنة ) وهو ليس انقلابا أو اجتثاثا بقدر ماهو امتداد مختلف لعملية التغلغل في الموروث والانكشاف العصري به عليه ، ولولا هذه الرحلة الطويلة مع التراث وسبر أغواره ومداخله لما تولَّدت لدي الجرأة على مواجهته بعجزه الكامل عن معالجة أبسط القضايا والتفاصيل في حياتنا اليومية ، لالأنه قاصر بذاته ولكن لأننا لانستطيع التعايش مع زمنه الذي استطاع أن يؤثر فيه بصورة حملته إلينا ..
إنني لا أسفه أجدادنا ولا أسقطهم من الذاكرة كما يبدو( أو كما اتهمني البعض بهذا .. بناء على النص أعلاه ) لكنني أحاول جاهدا أن نختط نحن جيل اليوم مدينتنا الشعرية الخاصة بلا وصاية أو وراثة معلبة ، إنني لايمكن أن أوقف سيارتي ( على سبيل المثال ) في مناخ ناقة جدي ، ولا يمكنني أن أنام في العراء أعد النجوم حين بلغت النوم في غرفة خاصة وتحت جهاز تكييف ، ولا أستطيع وأنا من يتقاضى راتبا شهريا أن أقول لأحد ما ( أغثني يا فداك أبي وأمي /// بسيبٍ منك إنك ذو امتياحِ )
هذا فقط ما أفعله وأجزم أن جدي المتنبي الذي مات قبل أن يعلم كم أحبه وكم استقيت منه ، وبه أعذب المعاني العامة لن يغضب مني بل سيشد على ساعدي ويشجعني لو علم بأمري .. هذا فقط ما أفعله أيتها النبيلة ، لا أنقلب على التراث لكنني أختط تراثا جديدا وسأكون نائما في قبري راضيا مطمئنا جدا حين ينقلب عليه أحد أحفادي بعد الف عام من الآن فيسفّه كل من قال : ( يقول إبراهيم ) حين يتجادلون في زمن غير هذا الزمن .... !

هل أطلت عليك ؟
لعلني فعلتُ هذا عامدًا فما أسعدني بقارئة متابعة ومتميزة مثلك .



س2
رواية ثلاثة رابعهم قلبهم .. أول ما يلفت انتباهنا فيها اسم البطل فيها ( إبراهيم ) هل في هذا إشارة إلى انحرافها من الرواية إلى السيرة الشخصية ؟

علي أن أعترف لك بسر خاص ..
أنا أعيش الآن حالة تردد مباشر في طباعتها ورقيا بل إنني أقوم بين الحين والآخر بمراجعة دقيقة جدا غيرت الكثير من معالم النص المنشور عبر الشبكة حين اتكأ على السرد الماضوي بطريقة حكاياتية قد لاتتوافق مع منهجية الرواية ، وقد كنت دائما أرى أن النص الروائي بحاجة فائقة إلى مراجعات مستمرة جدا تزيد كثيرا عن مراجعاتنا للنص الشعري ، أما قصة نشرها على الشبكة فالأمر لايخلو من الطرافة فلم يكن هناك تخطيط أو حتى تفكير في كتابة عمل روائي ، كنت أرغب في نشر سلسلة معينة تشبه المذكرات ولعل من تابع العمل من بدايته عبر الشبكة يذكر أنه كان بعنوان ( حينما كنت صغيرا ) وبهذا مايشي بما أقول لكن مع تتابع الحلقات وتفاعل القراء انطباعيا معه تحول إلى عمل شبه روائي على الشبكة وها أنا أحاول جاهدًا أن أحوله إلى عمل روائي من خلال إعادة هيكلة كثير من المواقف فيه ولهذا لن أتعجَّل مطلقا في إصداره ورقيا، أما فيما يتعلق بالسيرة الذاتية فلعل الاعتراف بفكرة نشوئه يكشف هذا بوضوح ، لاسيما في بداياته لحاجتي الماسة لتوظيف الذاكرة في ترتيب المواقف الزمنية ، لكنني من خلال مراجعته أحاول جاهدا فصله بطريقة فنية لاحدثية ليأخذ صيغة العمل الروائي الناضج ، ومتى مافعلت هذا قمت بإصدارها .. إذًا باختصار كبير .. نعم كان اختيار الاسم مقصودا لأنها في الأصل كانت عبارة عن مذكّرات خاصة ...

س3
في قصائدك .. / كتاباتك تجعل القارىء في حيرة من قاموسك اللغوي ..
هل تتعمد إثارة الصورة الشعرية لتصل بها إلى مراحل الإيحاء الحي ؟

مازلتُ مؤمنا تماماأختي الفاضلة أن تحويل القالب لصورة استدراج فني لأكثر من حاسة لدى المتلقي .. أهمها إدخاله حيز التخيّل من خلال مشاكسته بصورة مرسومة في الهواء عليه محاولة تأطيرها حسيًّا كما أشرت في معرض حديثي حول هذا الأمر للأخت شروق

س4
ما رأيك في القضايا المثارة حول منع نشر كتب شعريه او روايات بـ سبب الوقوع في المحذور وتجاوز الخطوط الحمراء تزامناً مع عصر الأنفتاح وأنتشار القنوات الفضائيه التي لايوجد يد طولى أو رقابة تمارس التحكم المباشر عليها وأقربها المسلسلات المكسيكيه التي تعرض على قنواتنا العربيه وفي مجتمعاتنا المنغلقه ويتشرّب منها بعض من ابناء وبنات جيلنا كل القيم الـ غير مقبوله في مجتمعنا والتي تجسّد الحب والخوض في علاقات شائبه بأسم الحب وتبسيط أشكالها ؟!!
الا ترى أن هنالك خلل أو تناقضا .. ؟
لنفترض أن بعض الكتب تسيء للدين او محرضه سياسياً ولكن من المعروف أن العمل الأبداعي لايجب أن ترسم حوله الحدود .. ماذا يجب أن نمنع ؟ ، ومن مؤهل لـ يحدد هذا الممنوع ؟

تماما .. أيتها النبيلة .. إشاعة الفوضى الأخلاقية عبر القنوات أمر مرفوض حتما .. وكذلك تعقيد ما ( تطوله ) أيدينا بهذه الصورة المنغلقة أيضا أمر مرفوض .. نحن كمجتمع لم يعتد بعد على الحريّة المطلقة .. لكنه في الوقت ذاته بلغ مرحلة ثقافية متطورة جدا .. وأكثر ما نحتاجه الآن هو التأهيل الكامل لمن يقوم بدور الرقابة على المطبوعات ...

أيتها الفاضلة .. ما أسعدني حقّا بمداخلاتكم الثريّة
شكرا لقلوبكم


التوقيع:


أنا لم أصفعِ الهواء..
كنتُ أصفّقُ فقط ..!
https://twitter.com/#!/ialwafi



إبراهيم الوافي غير متواجد حالياً