مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 18-11-2005, 16:59   #78
إبراهيم الوافي
وريث الرمل / شــاعــر وأديب
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ إبراهيم الوافي
 

رد : الوافي ينثـر الضـوء في فضاء شعبيـات ..

إقتباس:
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة نجــديه


يطيب لي العودة للسؤال مجددا ..
فــ الحوار هنا ثري وممتع ..


من المتعارف عليه أن نجد عاطفة الحب والملهمة من أهم العناصر البنيويه لأطلاق شرارة خيال الشاعر
وخاصة أمام شاعر الحب بامتياز .. نظم عدد كبير من القصائد العاطفيه ..بـ فلسفة خاصة جدا..
وبما أني أمام أديب وشاعر في الوقت نفسه تدفعني هذه المقدمة لأسئلة أستوقفت عندها كثيرا
وأنا أقرأ رواية ثلاثة رابعهم قلبهم في الفصل الأول وهي عن علاقة حميمة تكشف صور بليغة
بين الطفل والظل عبر مراحلهما السنيه المتعددة ..
كما لاحظت حسرة متجددة تتحدث دوماً عن الموت بـ فلسفة عميقة.. في سياق الأحداث ..
هذه الصلة أود التركيز عليها بحكم اهميتها وغرابتها .. من خلال التعرف على تأويل
فلسفة الظل والموت عند الوافي ؟




شكراً ولن تفي ...


قلبُكِ البحر .. وماملكتْ سنينُكِ أيتها الفاضلة .. فالظلالُ خدعة الأماكن .. وسفينة بصدرٍ مخروق .. وغرقى لايلتهمهم البحر إلا نكاية بالجفاف .. أسوأحالات الغرق الموت بالبللِ .. حينما قلتُ :

هما اثنانِ ياصاحبيْ سكنا لجّة من ألَقْ ..
طفا واحدٌ فاستدلُّوا على آخرٍ
سألوه لماذا تبلّلتَ بالماء مادمتَ تنوي الغرقْ ..!


قلتُ لظلي ..
شاعر عند باب الحقيقة يكذب أو شاعر مستحيل
أيهم انا ؟؟؟ وكلاهما في النار
فقال : أنت لمن يقرأك
قلتُ ربما ولكن بعد ان آخذ كتابيه ، وانا رجل شمالي مشلولة ويميني مغلولة فبأيهما سأستلمه
قال لم كل هذا ؟
قلتُ : لانكَ أنا حينما تكتبني وأنت حينما أقرؤك
هذا التمازج جعلني كجلد ناشب بشجر شوكي شدوا عنه صاحبه !
فإن كنتَ انا وصدقتُ .. فقد اوجعكَ وجعي واوجعني أكثر ان اوجعك ، وان كنت انت ... فلقد اوجعك كذبي حينما صدّقتَ .. صدقي الكاذب ،
نحن معا لعبنا لعبة خطيرة أيها الظل .
فقال : هل تستمع لكل من صفقوا لك ؟
قلتُ : لا يصفق لي الا من ينتشي بوجعي
لكنك تتوجّع بنشوتي
ولهذا ابتسم في وجوه اولئك بحزن وابكي في وجهك بسعادة
هل تفهمني ؟
قال : فوق ما تتصور ..!
قلتُ : حسبي هذا إذا

تعرفين .. أيتها الفاضلة .. يبدو الظل بالنسبة إليَّ نصفي الآخر .. ذاك الذي لم يتخلله الضوء ..حين أقف في دائرته .. ذنبُهُ في أخطائي.وقوعُ الضوء عليّ .. وحجّته بمرافقتي إحساسي بالضوء ...!
هل تستطيعين تخيّل ظلٍ لايتبع صاحبه ؟!
هذه التعبية المطلقة مالذي تعنيه حينما تخامر ظلالنا دّكنةٌ غامضة !
أليست الأوْلَى بالمناجاة .. وتبادل الذكرى حين تكون قطعةً من غموضنا ؟!

أما عن الموت .. فالموت ذاته عند الشاعر ذاكرة للنسيان..
شيخُ تلفع بالسواد متجها للزوال.. حين يبشر بالعودة إلى الطين...
الموت ساعة صغيرة على معصم فتاة مشلول...!
عمود رخاميُ في ميدان المزدحمين.. علّقت عليه ساعة ضخمة لا تتكرر.. أجراسها..!
ثقبُ في طبقة الشجون ينفذ عبره بخار المواقف والتواريخ والأحداث..
فلا يتكثف السحاب، ولا تحمله الرياح بمشيئتها حتى وإن أذن لها الرشيد..!
الموت عود كبريت هاجع لا يشتعل وحده.. إلا حينما يأكل الذئب من الأمم القاصية..!
إنه لحظة أفول مذهولة.. ولفظة ذهول مأهولة بنوم القلوب واستراحة الدم من رحلات الفصول الأربعة!
بكاء من بعدنا عليهم حينما يشبهوننا آخر الطريق..!
ليس بين الشاعر والشاعر إلا الموت.. وليس بين الموت والموت إلا ما يدركه الشاعر..!
لهذا فقط مات طرفة بن العبد مبكّراً.. وعمّر لائمه طويلا.. ولهذا فقط كلما هيأنا للموت ذاكرة حيّة.. اعاد (موت) الشاعر لذاكرتنا الحياة..!

ولعل ما أومأ لي بفلسفة هذه الظاهرة وأعني بها الموت .. هو كونها موضوع رسالتي الأكاديمية .. فقد كانت بعنوان ( الموت في الشعر العربي الحديث / السياب نموذجا تطبيقيا ) ، والحقيقة أنها كانت تجربة مثيرة جدا على المستوى الشخصي والنفسي يومها ، فالموت عند الشاعر العراقي الكبير بدر شاكر السياب يتمرحل بصورة مذهلة ومثيرة حين يجيء في البدايات رومانتيكيا متماهيا مع أقرانه أو من سبقوه بفترة قصيرة من أمثال الشابي وعلي محمود طه وآخرين ، لكنه في الفترة التموزية الأهم في شعره يتبدل إلى موت آخر موت تنبعث في أعقابه الحياة من خلال الأساطير والرموز الإغريقية التي عج به شعره في تلك الفترة ( وأعني بها الفترة التموزية ) والتي شهدت النصوص الأكثر خلودا في الشعر العربي الحديث ، ثم بعد ذلك المرحلة الثالثة وهي مرحلة المرض والموت الحقيقي وتختلف كثيرا عن البعد الرومانتيكي للبدايات حينما يكون الموت مخلصا من قيود الحياة وأعبائها ، وكذلك تختلف من جهة أخرى عن الموت الذي تنبعث بعده الحياة .. لقد كان موتا حقيقيا يستشعره في كل لحظة في حقنة الطبيب وينتظر خروجه عليه من ثقب في الجدار ..!
مع التعرض أيضا إلى ظاهرة الموت المبكر الذي داهم شعراء عرب اشتهروا بولعهم الشعري بالموت على مر العصور التاريخية ....
والحقيقة أنني كنت متحمسا جدا لإصدارها في كتاب ، لم يكتب له الظهور لظروف متنوعة وقتها ، ولعلني في زحمة الكتابات والقصائد لأأفكر مجددا في طباعتها ، حينما أحاول ( إن أمكنني هذا قريبا ) أن أستكمل هذا المبحث الثري والمشوق جدا في مبحثٍ أكاديميٍّ وشيك ..

يااا نجديّة ... والله لاقيمة هنا إلا لما تثيرون .. ولاحضور إلا ماتتركونه في مجلسي الأثير هذا ..حين منحني نبلكم الكبير إشاعة الكلام الكثيف فيه .. فشكرا لقلوبكم من قبل ومن بعد .. ولاحرمني الله وعي أختي وسماء خُلقِها ... وعلوّ شأنها ..




التوقيع:


أنا لم أصفعِ الهواء..
كنتُ أصفّقُ فقط ..!
https://twitter.com/#!/ialwafi



إبراهيم الوافي غير متواجد حالياً