مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 15-02-2006, 12:38   #1
عبدالواحد اليحيائي
كــاتـب
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ عبدالواحد اليحيائي
 

هذا من أنباء الطير.. إبحار في ديوان

.
.
هنا الديوان بكامله:..
http://www.maraya.net/diwan/ae/d1_1.htm

انحناءات

بحرُ يا بحرُ ،
يا هامةً تنحني للسواحلِ
تاركةً كبرياءَ السنين
انكساراتِ وجدٍ . .

تُراكَ تخاذلتَ مثليَ حين عشِقتَ ،
أم الوقتُ أرداكَ
فوق الترابِ ،
صريعَ الأماني الجميلةِ . . ؟

ها هي ذي الأغنياتُ
تعزّيك فيما بكيتَ ،
وفيما رأيتَ
من الأنجمِ الموغلاتِ
بهذا الظلامِ السحيقِِ

أراك تُحمّلني
عبءَ ما خلّفتهُ الليالي الثقيلةُ ،
كيف وفيكَ انطفاءُ الشموسِ ،
وفيكَ اشتعالي . .

كنتَ أنتَ عزاءَ الطيورِ الغريبةِ
تبسطُ من تحتها صدرَكَ الرَّحبَ . .
ترشدُها للحياةِ
فمن ذا يؤجّجُ فيكَ الحياةَ ،
وقد رستِ الفُلكُ
بعد انقضاءِ المواسمِ

من ذا يُتوّج رأساً تَمَلّكهُ الوردُ
حتى اسْتَخفّ بشوكِ المسافةِ . . ؟
من ذا يروّض فيكَ جُموحَ الطفولةِ ،
أو يشتريكَ ببعضِ الكلامِ المُنَمْنَمِ ،
حين تموتُ القصائدُ
بين الخليجِ ومصَرَ وقامةِ سلمى . . ؟

فاشربِ المُرّ وحدَكَ ،
لا عاصمَ اليومَ من جُرعةٍ
للبقاءِ أو الموتِ بين يديها .
حالماً كالفراشاتِ كنتُ . .
وحين أفقتُ
احترقْتُ بنارِ الحقيقةِ،
يا ليتني ما أفقتُ.
حالماً كنتُ في عُشّها
أعقد الليلَ بالليلِ،
كي لا تفيقَ العصافيرُ
بين ضلوعي
وتلسعُني الشمسُ قبل الأوانْ.

حالماً كنتُ . .
لكنني،
أتحسّسُ كل المواضِعِ
حين يباغتُني الياسمينُ برائحةِ الزعفرانْ .

بحرُ يا بحرُ ،
يا بعضَ شوقي إليها
رويدكَ ،
فالغدُ موعدُنا ..
سوف تأتي برائحةِ النخلِ
شامخةً كالصباحِ
وفي يدها جُلُّ ما قد تركتُ لديها
غداً تتحنّي بملحِكَ كلُّ النوارسِ
والأغنياتُ الحبيسةُ في شفتيها . .

غداً نرتمي فوق موجكَ
زوّادتينِ
لهذا الطريقِ الطويلِ ..
غداً نُطفِئُ الشمسَ
قبل الغروبِ ،
نعلّقَ أحلى قصائدِنا
في رقابِ الطيورِ
ونسخرُ بالمستحيلِ

بحرُ يا بحرُ ،
يا هامةً تنحني ،
كي تقوّمَ فينا انحناءاتِ هذا الزمانِ
وما أسقَطَ الدّهرُ
من كبرياء السواحلِ
قبل الخريفِ وبعد الخريفْ . .
ها هو الشوقُ والشّعرُ والعاشقُ الطفلُ
بين ذراعيكَ
فلتحفظِ السرَّ
حتى تعودَ الحقيقةُ عن غَيّها
أو أعودَ إلى خيمةِ الزّاهدينَ
لأخلو بها قصةً لا تموتْ.

.
.
حين قرأت هذا النص..تذكرت فورا بدر شاكر السياب رحمه الله وقصيدتيه غريب على الخليج، وانشودة المطر..

أصيح بالخليج،
يا خليج يا واهب اللؤلؤ والمحار والردى
واسمع الصدى يا خليج يا واهب اللؤلؤ والمحار والردى
.
.
لنعد لشاعرنا ابراهيم محمد ولنسرح معه:

بحرُ يا بحرُ ،
يا هامةً تنحني للسواحلِ
تاركةً كبرياءَ السنين
انكساراتِ وجدٍ . .
.
.
ذاك هو هزج الاغاني البحرية،
أغاني اهل الخليج
هم أمامه بين الامل والحيرة
وعلى مفترقات اليأس والرجاء
السامعون لهديره
والمشفقون من غضباته
والراجون لهباته ورحماته،
الواقفون …إنكسارات وجدٍ
فهو خضوع وخشوع، وهو جمال وجلال


تُراكَ تخاذلتَ مثليَ حين عشِقتَ ،
أم الوقتُ أرداكَ
فوق الترابِ ،
صريعَ الأماني الجميلةِ . . ؟

والعشاق مخذولون دائما، وهم دوما يحتاجون وقتا فوق اوقاتهم، وأي وقت يكفي في
حضرة جمال دائم، ونشوة لا تنتهي، وشوق يقصر دونه الزمان، ولا يطاله المكان؟!!

لكن البحر هناك ايضا، ربما هو عاشق آخر، صريع امنية جميلة فوق التراب، ولعله كأمل الشاعر القديم الذي فزع بآماله كلها الى الكذب،
هربا من الحقيقة، ورغبة في أمنيه على إثر أمنيه.


كنتَ أنتَ عزاءَ الطيورِ الغريبةِ
تبسطُ من تحتها صدرَكَ الرَّحبَ . .
ترشدُها للحياةِ
فمن ذا يؤجّجُ فيكَ الحياةَ ،
وقد رستِ الفُلكُ
بعد انقضاءِ المواسمِ

من ذا يُتوّج رأساً تَمَلّكهُ الوردُ
حتى اسْتَخفّ بشوكِ المسافةِ . . ؟
من ذا يروّض فيكَ جُموحَ الطفولةِ ،
أو يشتريكَ ببعضِ الكلامِ المُنَمْنَمِ ،
حين تموتُ القصائدُ
بين الخليجِ ومصَرَ وقامةِ سلمى . . ؟

وتلك اسئلة الشاعر العاشق، لكن البحر لا يجيب، إنما يهدر بقوه، وبين جموح الطفولة وغربة الطيور الباحثة عن صدر، ورسو الفلك بعد انقضاء المواسم نقف نحن مع الشاعر والخليج ومصر وسلمى.

غداً نرتمي فوق موجكَ
زوّادتينِ
لهذا الطريقِ الطويلِ ..
غداً نُطفِئُ الشمسَ
قبل الغروبِ ،
نعلّقَ أحلى قصائدِنا
في رقابِ الطيورِ
ونسخرُ بالمستحيلِ

بحرُ يا بحرُ ،
يا هامةً تنحني ،
كي تقوّمَ فينا انحناءاتِ هذا الزمانِ
وما أسقَطَ الدّهرُ
من كبرياء السواحلِ
قبل الخريفِ وبعد الخريفْ . .
ها هو الشوقُ والشّعرُ والعاشقُ الطفلُ
بين ذراعيكَ
فلتحفظِ السرَّ
حتى تعودَ الحقيقةُ عن غَيّها
أو أعودَ إلى خيمةِ الزّاهدينَ
لأخلو بها قصةً لا تموتْ.

ويبقى ان الحب هو امل العاشقين، وحديثهم الدائم عن قصة جميلة لا تموت.

اقرأوا القصيدة من جديد، ولا أشك أنكم(ن) ستكتشفون مالم اكتشف، وستحبون اكثر مما احببت….
.
.

عبدالواحد اليحيائي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس