الموضوع: ذكريات ..!!
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 19-11-2004, 03:20   #2
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

رد : ذكريات ..!!








نادلة " شط اسكندريه " :


......................... هدير الموج يسافر بي إليه, والشمس في بداية إشراقها, تشير إلى توقيت خارج نطاق التغطية الروحية... وعبق النسيم الذي يجري في شرايين الصباحات ما هو إلاّ كمين ٌ مغر ٍ للتصوّف مع القلم.. ذات حلم "تسكّع"... لاح لي مقهى ً شعبياً قد عبث الزمان به كما يبدو.. لكنّه يتنّفس.. والناس ترتاده في الغالب لمنظره فقط.!.. هذا ما أحسبه قبل أن أراها تطير كـ فراشة ٍ بين طاولاته المتصلة بالرمل والبحر .. "نادلة" في عمر الطفولة, وبملامح أميرة.. أعتقد أنها في الرابعة عشر "ربيعاً" بتاريخ الفصول.. وَ "بدراً" بتاريخ القمر.! هاهي تقترب.. بأسمال ِ نسيج ٍ شَكًكتُ لهنيهة ٍ أنها صُنعت بمغزل "المهاتما" غاندي.. لا يكاد يغطيها.. لكنّه يشبع جسدها ستراً.. وتكاد الطبيعة تختفي في نظري إلاّ منها والبحر.!.. كم هو جميل ٌ منظره معها.. هل فكّر مثلي الآن بأخذ صورة تذكاريّة؟!.. وهل رام شيئاً عندما بدأت أمواجه تقترب؟!.. وهل "يهمس" لها بشيء ٍ حينما تضحك؟!.. يا الله.. لماذا لا يتوقف مطر الأسئلة؟!.. هل لأني على خط (الاشتواء)؟!.. لا أدري.. لكن.. فتنتها البريئة, دائماً ما تجبرني على وضع علبة الكوكاكولا وركلها.. ثم.. لا شيء.. العودة إلى الفندق.


***
في اليوم الثالث من تاريخ التردد.. حملت رواية "الجهل" لميلان كون ديرا.. وقررت استضافة نفسي هناك على عكس الزيارات الرسميّة الماضية.. لا بد أن ألاطفها قليلاً.. ففارق العمر بيننا ـ عشر سنوات ٍ وأكثر ـ لن يوحي بمراهقة ٍ و"غزل ", ناهيك عن طفولتها التي لن تكبر أبدا ً.

بالزوووم = أنا أصفق!.. أجمل طريقة مناداة.. استمتعت بها.. بالمناسبة.. أمي لا زالت تناديني بذات الطريقة.. ويبدو لي أننا "جميعاً" لنا علاقة قديمة بالتصفيق؟!

هاهي تختال كأنها الربيع الطلق, أهلاً.. بماذا أخدمك ؟.. سؤال تقليدي متوقّع.. أمممم.. لا أدري.!.. كنت أريد أن أقول شيئاً.. متأكد ٌ من ذلك ـ تمنيت للحظة من يملي عليّ حروف الهجاء.! ـ وبعد تفكير في التفكير.. أيقنت أنني لم أحمل رواية ميلان كون ديرا عبثاً!

أيها الشاب.. بماذا أخدمك؟!.. كان صوتها مرتفعاً قليلاً.. ومؤدباً كثيراً.. اعتذرت مباشرة ً.. عن فسحة الانتظار الممتدة بين بساطة السؤال وحيرة الجواب .قائلاً : ممكن أعمل لقاء؟.. لديّ خبرة تخولني على التطاول والتجربة.. صدقيني.. تبسّمت بشكل ٍ أوحى لي بدهاء ِ إجابة ٍ قادمة.. قالت : ربما في المقهى المجاور.. لا يوجد هنا سوى الشاي "أبو فتله " وما يتبع!

لا بأس.. أريد المذكور أبو "فتله ".

***
يمّمت ُ وجهي شطر البحر.. أدهشني.. تجمّع الناس حول بئر مسعود.. يزعمون أنه مبارك ويلتفون حوله لذات السبب.. يرمون ما تيسر من متاع الدنيا( مال.. ذهب .. فضّة .. وأشياء أخرى ).. الغريب أنهم بعد الانتهاء.. يطلبون من برَكة بئر مسعود متاعاً من الدنيا أيضاً.!.. بعد لحظات.. سمعت خطواتها وكأنها تغني.. رأتني مشدوهاً أمام المنظر.. قالت: العشّاق أيضاً يذهبون هناك.. يتعاهدون على الوفاء..التضحية.. الإخلاص .. ويلبسون " الدِبل ".. مؤخراً.. أكتشف أن هناك أزمة حب!.. تأوَهت بحسرة ٍ وأردفت.. هل ترى آخر طاولة هناك بجانب البئر.. تلك التي يجلس عليها الرجل الضخم.. سوف أذهب بعد قليل لآخذ منه ثمن القهوة.. فتات " جنيهات" لا تكاد تسد رمقنا.. في حين أن بجانب الطاولة تماماً.. قوماً يرمون الدولارات في البئر.! مفارقة حياة.. أليس كذلك .؟!

الشاي!

شكراً.. هل تريد شيئاً آخر؟!.. لا.. ولكن.. قد رأيت أنك ِتمتلكين ذاكرة ً قوية.. هناك عشرات الطلبات كل دقيقة.. شاي / قهوة / كازوزة / باختلاف أنواعها جميعاً.. وأنتِ لا تسجّلين ما يريدون في ورقة ٍ مثلاً.. وحينما تذهبين إلى "الكُشك “.. لا يسقط أي ّ طلب ! هلاّ أخبرتني لماذا لم تسخّرِ هذا الجهد في المدرسة والعلم؟!.. للمعلومية.. أخبرني حدْسي أنك ِلا تدرسين.!؟
* نعم.. صدق حدْسك.. لكن.. حينما تهمُّ بالذهاب سأخبرك.. اتفقنا؟.. **هززت ُ رأسي ـ باستغراب ٍمكشوف الملامح، وقلت: اتفقنا.

***
بدأتُ أنظر للبحر وللصبيان عندما يتراشقون بالطفولة على شاطئه.. يبنون قصور أحلامهم من الرمل الذهبي.. ثم لا تلبث أن تصبح " أملاكاً " تُراقُ على جوانبها الدموع.! الآن تحديداً أسمع صوت صراخ.. هناك شجارٌ "معتّق" بين طفلين نشب للتوّ.. أو بالأصح قاب (تحريشة) وأدنى.. هناك طفل ٌ بينهم.. إنه يحمل في يده الصغيرة حفنة تراب.! هل يمارس (تحريشة) أصيلة؟.. ما أجمل عِراك الأطفال.. يا رب (يتهاوشون)!

***

تأخر الوقت.. فواز لا يجيد في حياته إلاّ " العبط " , باعتراف يحيى المصري.. صديقنا المتجذّر من أرض اللواء.. حسناً.. سأعود إلى الفندق.. يا طفلة البعثرة.. تقترب هذه المرّة بما يشبه الألم..

قلت: كم الحساب؟

قالت: هل فهمت؟

التوقيع:
ما أشدَّ فِطام الكبير!
مالك بن دينار


:
:
الموقع الشخصيّ

.

اخر تعديل كان بواسطة » فوزي المطرفي في يوم » 10-03-2005 عند الساعة » 17:52.
فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس