مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 20-08-2005, 08:31   #5
إبراهيم الوافي
وريث الرمل / شــاعــر وأديب
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ إبراهيم الوافي
 

رد : عبدالمحسن بن سعيد



أحبك طفل ٍ أعمى قاضب ٍ ثوبك يخاف يضيع
وأحبك شايب ٍ قرب يموت بغيبة عياله

وأحبك نظرة عيون ٍ غزتها حسّرة التوديع
وأحبك وردة ٍ ماتت ولا جا اللي بتهداله

وأحبك منظر الثلج إن بدا فوق السفوح يميع
كأنه دمعة الحر السنافي بين عذّاله

وأحبك.. غيم عيّا لأمر نفخات الهبوب يطيع
حلف مايعطي إلا نجد نزف الحب وظلاله

وأحبك ريح تنثرني قصايص مالها تجميع
وأحبك شي في نفس العطر ليديك ماقاله

وأحبك صرخة ٍ فيها سوالف رحلة التلويع
وأحبك عاشق ٍ ماتت حبيبة عمره قباله

وأحبك سر مايخفى ولايمكن بيوم يشيع
وأحبك شمع كله ذاب مايدري من أضواله

وأحبك مجلس أجواد ٍ مشرع بابهم تشريع
والى جامن هجدهم قبل يقعد جاه فنجاله

وأحبك غبنة ام ٍ عقدها ياللأسف مابيع
ولدها صابه اللي خذ قبل حول السنه خاله

وأحبك طفلة ٍ تحبي على صدري وأخاف تضيع
وأحبك شايب ٍ ضمّ وكسر ضلع أصغر عياله

الرائع عبد المحسن بن سعيد







عبر هذا النص أعلاه يبرز لنا ملمح إبداعي آخر يتجلى بوضوح في تجربة شاعرنا الرائع عبد المحسن بن سعيد ، يقوم على مفتاح لغويّ قادر على أن يربط الواقع بالنبوءة والفرضية بالمنطق .. والتنويع مفتاحٍ لغوي محذوف جاء على شكل ( لو ) .. وهو في اللغة حينما لايعنينا عمله الإعرابي ) حيث لاتخضع لسلطته النصوص المحكية .. هو عند أجدادنا اللغويين ( حرف امتناعٍ لامتناع ) ...
بمعنى أنه لنا أن نتخيل كل بيتً في النص مسبوقا بـ ( لو ) واقعا ..ثم يحذفه ليتجّرد من شرط استحالته ويلتقط منه رؤى الافتراض واقعا عن طريق ( خاصية السحر ) التي يتميّز بها الشاعر المتمكن من أدواته فيمرِّر من خلالها رؤى خيالية بعيدة جدا واقعا وقريبة أكثر افتراضيا ..ويحاصر المتلقي بها ببراعة واتقانٍ عبر إحاطة وشمولية مذهلتين ، ولنا أن نتلمَّس قدرات هذا الشاعر المدهشة في حشد الصور المتنوعة وشحنها في كبسولة واحدة بعنوان ( أحبك ) ليجعل من كل تلك الصور الممزوجة بين الحركة والمشهد .. بين الدراما المنتقاه والمواقف العادية المتكررة ..ليجعل من كل تلك
( السيمات ) الإبداعية سلالم يرتقي بها المتلقي حيث ذروة النص التي تتنامى من توليد صورة جديدة مع كل بيت جديد الخلفية المعنوية واحدة لاتحمل أكثر من الفعل الذي تكتمل فيه أركان الجملة الفعلية حيث الفعل والفاعل والمفعول به بعبارة واحدة وأعني مفردة ( أحبك ) ليقف الشاعر وحده بذكاء وموهبة نادرة في محطة انتظار لمفاعلة ناتجة حينما يشغل اللحظة كلها ( بألبوم ) ( سردي / تشكيلي / رؤيوي ) للصور التي يختزلها هذا الشعور المتكامل العناصر ( أحبـ ( أنا ) ـــك ) .. ليخلص بالنهاية إلى شمولية الإحاطة عبر رص ( الصور اليومية ) الملتقطة بعدسة ذات بعدين واقعي وخيالي وفي كليهما وهبه الله ( طواعية ) المفردة ..ووفرتها بالقدر الذي جعله من أكثر الشعراء انتقاء للمفردة ذات الدلالة الخاصة بأحاديتها إن شئتَ أو بزرعها بخصوصية أكبر بحيث لايكتمل معناها الخاص إلا من خلال السياق العام ...

ياصديقي الشاعر الذي سأنتظره بفرح لا يليق إلا به .. وموعدٍ جديد لي مع الشعر حين يخلص له الشعراء ...
بعد أن قمت بطباعة النص .. أخذته معي لأتخذ له وبه ركنا شرقيا أقرؤه فيه هناك .. فأنسى ( صخب الورق ) وصراخ أوقاتنا المهدرة .. وصلتُ لقولك :

وأحبك صرخة ٍ فيها سوالف رحلة التلويع
وأحبك عاشق ٍ ماتت حبيبة عمره قباله

غادرت مجلس الأصدقاء .. فسألني أبرُّهم بي عن سر مغادرتي المفاجئة لكنني لم أزد على أن قلتُ له
( إن بي رغبة في البكاء ..) ..



لا حرمني الله متعة قراءتك ..!



-------------------

ملاحظة ...
سأحاول من خلال محطّات التوقف هنا تسليط الضوء في كل مرة على ملمح من الملامح الخاصة في تجربة هذا الشاعر الثري .. وآمل أن لاينزعج الأصدقاء من تجزئة قراءتي له ..حينما أحب كثيرا معاودة قراءته والتهويم في مدارات تجربته الفنية المثيرة ..




التوقيع:


أنا لم أصفعِ الهواء..
كنتُ أصفّقُ فقط ..!
https://twitter.com/#!/ialwafi




اخر تعديل كان بواسطة » إبراهيم الوافي في يوم » 20-08-2005 عند الساعة » 13:07.
إبراهيم الوافي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس