الموضوع: حَـكَـايـا
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 18-03-2007, 19:12   #24
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

رد : حَـكَـايـا




.

ألف ليلة و ليلة: -

ومما يحكى: (1) انه كان في بني عذره رجل ظريف لا يخلو من العشق يوما واحداً، فاتفق له أنّه أحبّ امرأة جميلة من الحيّ، فراسلها أياما وهي لا تزال تجفوه وتصدّ عنه، إلى أن أضرّ به الغرام والوجد والهيام، فمرض مرضا شديدا، واشتهر بالعشق ذكره، ولزم الوساد وجفا الرقاد، وازداد سقمه، وعظم ألمه حتى كاد أن يموت، ولم تزل أهلها و أهله يسألونها أن تزوره، وهي تأبى، إلى أن أشرف على الموت، فأخبروها بذلك فرقّت له، وأنعمت عليه بالزيارة، فلما نظرها تحدرت عيناه بالدموع، و أنشد عن قلب مصدوع:-
بعيشك إن مرّت عليك جنـازتي
وقد رفعت من فوق أعناق أربع
أما تتبعين النعش حتى تسلـمي
على قبر ميت في الحفيرة مودع


فلما سمعت كلامه بكت بكاءً شديداً، وقالت له: والله ما كنت أظن أنه بلغ بك الغرام إلى أن يلقيك بين أيدي الحمام، ولو علمت بذلك لساعدتك على حالك وتمتّعت بوصالك، فلما سمع كلامها صارت دموعه كالسحاب الماطر، وأنشد قول الشاعر:-
دنت حين حال الموت بيني وبينها
وجادت بوصل حين لا ينفع الوصل


ثمّ شهق شهقة فمات، فوقعت عليه تلثمه وتبكي، ولم تزل تبكي حتى وقعت مغشياً عليها عنده، فلما أفاقت أوصت أهلها أنهم يدفنونها في قبره إذا ماتت، ثم أجرت دمع العينين، و أنشدت هذين البيتين:-
كنا على ظهرها والعيش في رغد
والحيّ يزهو بنا والدار والوطن
ففرق الدهر والتصـريف ألفـتنا
وصار يجمعنا في بطنها الكفن


فلما فرغت من شعرها بكت بكاء شديداً، ولم تزل تبكي وتنوح حتى وقعت مغشياً عليها، واستمرت في غشيتها ثلاثة أيام، ودفنت في قبره، وهذا من عجيب الاتفاق في المحبة.




.

فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس