الموضوع: شخصيات
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 14-12-2006, 19:44   #1
نورة العجمي
شـــاعرة
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ نورة العجمي
 

شخصيات





أعضاء وعضوات شعبيات , فكرة الموضوع تحاكي عنوان القسم ,وهي في مضمونها تتكلم عن ‏بروز الشخصيات المؤثرة في جوانب الفن والأدب, سيكون هذا الموضوع أشبه ‏بقاموس التراجم لأشهر الرجال والنساء في عالم الفن والأدب
يتطلب منكم المشاركة الفعّاله التي نأملها منكم لأثراء الموضوع بما يفيد ويثري معلوماتنا وثقافتنا أكثر




( 1 )

علامة الأدب الشيخ/ محمود شاكر

ظاهرة فريدة في الأدب والثقافة العربية الحديثة، فهو كاتب له طريقته الخاصة لا تبارى ‏أو تحاكى، وشاعر مبدع حقق في الإبداع الشعري ما بلغ ذروته في قصيدته "القوس ‏العذراء"، ومحقق بارع لكتب التراث، قادر على فك رموزها وقراءة طلاسمها، ومفكر ‏متوهج العقل ينقض أعتى المسلمات، ومثقف واسع الاطلاع في صدره أطراف الثقافة ‏العربية كلها فكانت عنده كتابا واحدا. ‏
غير أن العلامة الشيخ محمود محمد شاكر ظل سنوات طويلة في عزلة اختارها لنفسه، ‏يقرأ ويدرس ويصدح في واحته الظليلة، لا يسمع غناءه إلا المقربون منه من تلامذته ‏ومحبيه تاركا الدنيا ببريقها وأضوائها وراء ظهره، ولم يخرج من واحته إلا شاكي السلاح ‏مستجيبا لدعوة الحق حين يشعر بأن ثقافة أمته يتهددها الخطر، فيقصم بقلمه الباتر زيف ‏الباطل، ويكشف عورات الجهلاء المستترين وراء الألقاب الخادعة؛ ولذلك جاءت معظم ‏مؤلفاته استجابة لتحديات شكلت خطرا على الثقافة العربية. ‏

البداية والتكوين ‏

ينتمي محمود شاكر إلى أسرة أبي علياء من أشراف جرجا بصعيد مصر، وينتهي نسبه ‏إلى الحسين بن علي رضي الله عنه، وقد نشأ في بيت علم، فأبوه كان شيخا لعلماء ‏الإسكندرية وتولى منصب وكيل الأزهر لمدة خمس سنوات (1909-1913م)، واشتغل ‏بالعمل الوطني وكان من خطباء ثورة 1919م، وأخوه العلامة أحمد شاكر واحد من كبار ‏محدثي العصر، وله مؤلفات وتحقيقات مشهورة ومتداولة. ‏
انصرف محمود شاكر -وهو أصغر إخوته- إلى التعليم المدني، فالتحق بالمدارس ‏الابتدائية والثانوية، وكان شغوفا بتعلم الإنجليزية والرياضيات، ثم تعلق بدراسة الأدب ‏وقراءة عيونه، وحفظ وهو فتى صغير ديوان المتنبي كاملا، وحضر دروس الأدب التي كان ‏يلقيها الشيخ المرصفي في جامع السلطان برقوق، وقرأ عليه في بيته: الكامل للمبرد، ‏والحماسة لأبي تمام. ‏

المواجهة الخافتة ‏

وربما كان في وسع شاكر أن يكون أحد علماء الرياضيات أو فروع الطبيعة بعد ‏حصوله على شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) من القسم العلمي سنة 1925 لكنه فضل أن ‏يدرس العربية في كلية الآداب، وكاد قانون الجامعة أن يحول بينه وبين الالتحاق بقسم اللغة ‏العربية، لولا تدخل طه حسين لدى أحمد لطفي السيد مدير الجامعة وإقناعه بأن يلتحق شاكر ‏بكلية الآداب فأصدر قرارا بذلك. ‏
وفي الجامعة استمع شاكر لمحاضرات طه حسين عن الشعر الجاهلي وهى التي عرفت ‏بكتاب "في الشعر الجاهلي"، وكم كانت صدمته حين ادعى طه حسين أن الشعر الجاهلي ‏منتحل وأنه كذب ملفق لم يقله أمثال امرئ القيس وزهير، وإنما ابتدعه الرواة في العصر ‏الإسلامي، وضاعف من شدة هذه الصدمة أن ما سمعه من المحاضر الكبير سبق له أن قرأه ‏بحذافيره في مجلة استشراقية بقلم المستشرق الإنجليزي مرجليوث. ‏
وتتابعت المحاضرات حول هذا الموضوع، ومحمود شاكر عاجز عن مواجهة طه ‏حسين بما في صدره، وتمنعه الهيبة والأدب أن يقف مناقشا أستاذه، وظل على ذلك زمنا لا ‏يستطيع أن يتكلم حتى إذا لم يعد في الصبر والتحمل بقية، وقف يرد على طه حسين في ‏صراحة وبغير مداراة، لكنه لم يستطع أن يواجهه بأن ما يقوله إنما هو سطو على أفكار ‏مرجليوث بلا حياء أو اكتراث. ‏
وتولد عن شعوره بالعجز عن مواجهة التحدي خيبة أمل كبيرة فترك الجامعة غير آسف ‏عليها وهو في السنة الثانية، ولم تفلح المحاولات التي بذلها أساتذته وأهله في إقناعه ‏بالرجوع، وسافر إلى الحجاز سنة 1928 مهاجرا، وأنشأ هناك مدرسة ابتدائية عمل مديرا ‏لها، حتى استدعاه والده الشيخ فعاد إلى القاهرة. ‏

اكتشاف المتنبي ‏

وبعد عودته سنة 1929 انصرف إلى قراءة الأدب ومطالعة دواوين شعراء العربية ‏على اختلاف عصورهم حتى صارت له ملكة في تذوق الشعر والتفرقة بين نظمه وأساليبه، ‏وبدأ ينشر بعض قصائده الرومانسية في مجلتي "الفتح" و"الزهراء" لمحب الدين الخطيب، ‏واتصل بأعلام عصره من أمثال أحمد تيمور وأحمد زكي باشا والخضر حسين ومصطفى ‏صادق الرافعي الذي ارتبط بصداقة خاصة معه. ولم يكن شاكر معروفا بين الناس قبل ‏تأليفه كتابه "المتنبي" الذي أثار ضجة كبيرة بمنهجه المبتكر وأسلوبه الجديد في البحث، وهو ‏يعد علامة فارقة في الدرس الأدبي نقلته من الثرثرة المسترخية إلى البحث الجاد. ‏
والعجيب أن شاكر الذي ألف هذا الكتاب سنة 1936 ولم يتجاوز السادسة والعشرين ‏من عمره لم يكن يقصد تأليف كتاب عن المتنبي، إنما كان مكلفا من قبل فؤاد صروف ‏رئيس تحرير مجلة المقتطف بأن يكتب دراسة عن المتنبي مسهبة بعض الإسهاب ما بين ‏عشرين إلى ثلاثين صفحة، ولكن هذا التكليف تحول على يد شاكر كتابا مستقلا عن المتنبي ‏أنجزه في فترة زمنية قصيرة على نحو غير مسبوق ونشرته مجلة المقتطف في عددها ‏الصادر في السادس من شوال 1354هـ الأول من يناير 1936م، وصدر فؤاد صروف ‏مجلته بقوله: هذا العدد من المقتطف يختلف عن كل عدد صادر منذ سنتين إلى يومنا هذا، ‏فهو في موضوع واحد ولكاتب واحد. ‏
وقد اهتدى شاكر في كتابه إلى أشياء كثيرة لم يكتبها أحد من قبله استنتجها من خلال ‏تذوقه لشعر المتنبي، فقال بعلوية المتنبي وأنه ليس ولد أحد السقائين بالكوفة كما قيل، بل ‏كان علويا نشأ بالكوفة وتعلم مع الأشراف في مكاتب العلم، وقال بأن المتنبي كان يحب ‏خولة أخت سيف الدين الحمداني واستشهد على ذلك من شعر المتنبي نفسه، وتم استقبال ‏الكتاب بترحاب شديد وكتب عنه الرافعي مقالة رائعة أثنى عليه وعلى مؤلفه. ‏
وكان هذا الكتاب فتحا جديدا في الدرس الأدبي وتحديا لأدباء العصر، فكتب بعده عبد ‏الوهاب عزام كتابه "المتنبي في ألف عام"، وطه حسين "مع المتنبي"، واتهمهما شاكر بأنهما ‏احتذيا منهجه، وسطوا على بعض آرائه، وهاجم شاكر ما كتبه طه حسين في سلسلة مقالات ‏بلغت 12 مقالا في جريدة البلاغ تحت عنوان "بيني وبين طه حسين". ‏

مع سيد قطب والإخوان ‏

وبعد وفاة مصطفي صادق الرافعي بعام أشعل سيد قطب معركة أدبية على صفحات ‏الرسالة سنة 1938م، اندفع إليها بحماس الشباب دون روية، ومتأثرا بحبه الشديد وإعجابه ‏الجامح بالعقاد، فهاجم أدب الرافعي وجرده من الإنسانية، والشاعرية واتهمه بالجمود ‏والانغلاق، فثار محبو الرافعي على هذا الهجوم الصارخ، وقاد شاكر الدفاع عن شيخه وفند ‏ما يزعمه سيد قطب، ودخل معه في معركة حامية لم يستطع الشهيد سيد قطب أن يصمد ‏فيها. ‏
ثم تجددت المعركة بينهما بعد سنوات طويلة حين كتب سيد قطب مؤلفه "العدالة ‏الاجتماعية في الإسلام"، وكان سيد قطب قد بدأ مرحلة التحول إلى الفكر الإسلامي، وحمل ‏الكتاب ما اعتبر نقدا وتجريحا لبعض الصحابة، فانتفض شاكر وكتب مقالة شهيرة في مجلة ‏‏"المسلمون" تحت عنوان " لا تسبوا أصحابي" سنة 1952م. ‏
وهذا يجرنا إلى محاولة معرفة الموقف السلبي الذي اتخذه شاكر من جماعة الإخوان ‏المسلمين، وكان شديد الهجوم عليهم، ولا يعرف حتى الآن الأسباب التي دعته إلى اتخاذ هذا ‏الموقف، فهل كانت المعركة بينه وبين سيد قطب من أسباب ذلك؟! وهل الذين اتصلوا به ‏من جماعة الإخوان كان لهم دور في توسيع الخلاف بينه وبينهم؟! ويجدر بالذكر أنه حين ‏أنشئت داخل جماعة الإخوان المسلمين لجنة الشباب المسلم للتفرغ للدرس والبحث وبعيدا ‏عن الانشغال بالنشاط الحركي، اتصلت بمحمود شاكر، وكان في برنامجها أن يقوم بتدريس ‏السيرة النبوية لها بناء على اقتراح من المرشد العام حسن البنا، وعقدت عدة لقاءات، وعلى ‏الرغم من هجوم شاكر على حسن البنا، فإن الأخير كان يصر على إتمام هذه اللقاءات ‏للاستفادة من علم الأديب الكبير دون أن يتأثر بما يقوله عنه. ‏
العالم الإسلامي في بيت شاكر ‏
كانت فترة الخمسينيات فترة مشهودة في حياة شاكر، فقد ترسخت مكانته العلمية وعرف ‏الناس قدره، وبدأت أجيال من الدارسين للأدب من أماكن مختلفة من العالم الإسلامي يفدون ‏إلى بيته، يأخذون عنه ويفيدون من علمه ومكتبته الحافلة، من أمثال: ناصر الدين الأسد ‏وإحسان عباس، وشاكر الفحام، وإبراهيم شبوح، فضلا عن كثير من أعلام الفكر الذي كانوا ‏يحرصون على حضور ندوته الأسبوعية كل يوم جمعة عقب صلاة المغرب، مثل فتحي ‏رضوان ويحيى حقي، ومحمود حسن إسماعيل، ومالك بن نبي، وأحمد حسن الباقوري، ‏وعلال الفاسي، وعبد الرحمن بدوي، وعبد الله الطيب. ‏
وشهدت هذه الندوة الدروس الأسبوعية التي كان يلقيها شاكر على الحاضرين في شرح ‏القصائد الشعرية التي تضمنها كتاب الأصمعيات، وقد انتفع بهذه الدروس كثيرون، وكان ‏الأديب الكبير يحيى حقي يعلن في كل مناسبة أن شاكر هو أستاذه الذي علمه العربية وأوقفه ‏على بلاغتها، وأن ترجمات كتب مالك بن نبي خرجت من بيت شاكر، فقد قام أحد أفراد ‏ندوته وترجمها إلى العربية وهو الأستاذ الدكتور عبد الصبور شاهين، وكان آنذاك شابا ‏صغيرا في بداية مشواره العلمي. ‏
وفي ندواته الفكرية في بيته كان يعارض عبد الناصر علانية ويسخر من رجالات ‏الثورة، ويستنكر ما يحدث للأبرياء في السجون من تعذيب وإيذاء وكان يفعل ذلك أمام ‏زواره ومن بينهم من يشغل منصب الوزارة، كالشيخ أحمد حسن الباقوري وزير الأوقاف ‏آنذاك، ونتيجة لذلك لم يسلم شاكر من بطش السلطة، فألقت القبض عليه سنة 1959م، وبقي ‏رهن السجن 9 أشهر حتى تدخلت شخصيات عربية، فأفرج عنه وعاد لمواصلة نشاطه في ‏تحقيق كتاب تفسير الطبري الذي بدأ في نشره من قبل، وانتظمت ندوته مرة أخرى. ‏

أباطيل وأسمار ‏

وظل شاكر في عزلته الاختيارية بين كتبه وتلاميذه ومحبيه، لا يشارك في الساحة ‏الفكرية بمقالاته وآرائه حتى بدأ لويس عوض في نشر سلسلة مقالات له في جريدة الأهرام ‏سنة 1964م، تحت عنوان "على هامش الغفران" وكان الكاتب قد لمع نجمه بعد تعيينه ‏مستشارا ثقافيا لجريدة الأهرام، وأصبح مهيمنا على أمور الثقافة في مصر وصار له ‏حواريون وسدنة يبشرون بآرائه. ‏
وقد أثارت مقالات لويس عوض موجة من الشغب بين أوساط كثير من المثقفين لما ‏فيها من تحامل على الشيخ المعري، ولم يجرؤ أحد على الرد سوى محمود شاكر الذي ‏خرج من عزلته، وانبرى للويس عوض في سلسلة من المقالات المبهرة في مجلة الرسالة، ‏كشفت عما في مقالات لويس عوض من الوهم والخلط التاريخي والتحريف في الاستشهاد ‏بشعر أبي العلاء المعري، وعدم تمحيص الروايات التاريخية، والادعاء بتلقي المعري علوم ‏اليونان على يد أحد الرهبان. وكانت مقالات شاكر التي ظهرت تباعا حدثا ثقافيا مدويا ‏كشفت عن علم غزير ومعرفة واسعة بالشعر وغيره من الثقافة العربية، وقدرة باهرة على ‏المحاجاة والبرهان، ولم تقف هذه المقالات التي بلغت ثلاثا وعشرين مقالة عند حدود الرد ‏على كلام لويس عوض، بل انتقلت إلى الحديث عن الثقافة والفكر في العالم العربي ‏والإسلامي، وما طرأ عليها من غزو فكري ولا سيما حركة التبشير التي غزت العالم ‏الإسلامي. ‏
وتدخل الناقد الكبير محمد مندور عند شاكر ليوقف مقالاته دون جدوى، وأصاب لويس ‏عوض الذعر والهلع من مقالات شاكر التي فضحته بين أوساط المثقفين، وكشفت عن ‏ضعف ثقافته حتى في تخصصه في الأدب الإنجليزي حين كشف شاكر عن فساد ترجمته ‏العربية لمسرحية الضفادع لأرسطوفان، وراح لويس عوض يطوف على المجلات ‏والصحف يستنصرهم ضد شاكر ويزعم أن المعركة بينهما معركة دينية، ولم يتوقف شاكر ‏عند كتابة مقالاته حتى أغلقت مجلة الرسالة نفسها، وألقي به في غياهب السجن سنتين ‏وأربعة أشهر من آخر شهر أغسطس سنة 1965م، حتى آخر شهر ديسمبر سنة 1967م، ‏وقد جمعت هذه المقالات في كتابه "أباطيل وأسمار" الذي يعد من أهم الكتب التي ظهرت في ‏المكتبة العربية في النصف الأخير من القرن العشرين. ‏

معارك فكرية أخرى ‏

وبعد خروجه من السجن هذه المرة عاد إلى ما كان عليه من قبل، فكتب في مجلة ‏‏"المجلة" 7 مقالات إضافية تحت عنوان "نمط صعب، نمط مخيف" استجابة لصديقه الأديب ‏يحيى حقي، حين أشاد بترجمة الشاعر الألماني "جوته" لقصيدة من قصائد الشاعر الجاهلي ‏‏"تأبط شرا" وتساءل حول الترتيب الذي اقترحه الشاعر الألماني حين ترجم القصيدة إلى ‏الألمانية، وحول الشعر القديم وروايته وافتقاد القصيدة العربية إلى الوحدة، وقد اقتضت ‏الإجابة حول هذه الأسئلة تشعبا في الكلام، وامتدادا في أطرافه بلغ 400 صفحة حين جمع ‏المقالات في كتاب، وقد تخلل ذلك نقد محكم للدكتور عبد الغفار مكاوي حين أعاد ترجمة ‏قصيدة جوته إلى العربية، ودارت بينهما معركة قصيرة حول هذه الترجمة التي اتهمها ‏شاكر بالركاكة والسقم. ‏
ثم دارت معركة أخرى بينه وبين الباحث العراقي الدكتور علي جواد الطاهر حول ‏تحقيقه كتاب "طبقات فحول الشعراء" لابن سلام الجمحي، وتولد عن ذلك كتابه "برنامج ‏طبقات فحول الشعراء". ‏

تحقيق كتب التراث ‏

يعد شاكر على رأس قائمة محققي التراث العربي، وأطلق عليه العقاد المحقق الفنان، ‏وإنجازاته في هذا المجال كثيرة، وهي عنوان على الدقة والإتقان، ومن أشهر الكتب التي ‏حققها: تفسير الطبري (16 جزءا)، طبقات فحول الشعراء (مجلدان)، تهذيب الآثار للطبري ‏‏(6 مجلدات).. وشاكر لا يحب أن يوصف بأنه محقق لنصوص التراث العربي، وإنما يحب ‏أن يوصف بأنه قارئ وشارح لها، وهو يكتب على أغلفة الكتب التي يقوم بتحقيقها عبارة: ‏‏"قرأه وشرحه" وهذه العبارة كما يقول الدكتور محمود الربيعي "هي الحد الفاصل بين طبيعة ‏عمله وطبيعة عمل غيره من شيوخ المحققين، إنه يوجه النص ويبين معناه بنوع من التوجيه ‏أو القراءة التي تجعله محررا؛ لأنها قراءة ترفدها خبرة نوعية عميقة بطريقة الكتابة ‏العربية، وهو إذا مال بالقراءة ناحية معينة أتى شرحه مقاربا، وضبطه مقنعا، وأفق فهمه ‏واسعا، فخلع على النص بعض نفسه وأصبح كأنه صاحبه ومبدعه". ‏

صاحب رسالة ‏


لم يكن شاكر في يوم من الأيام موظفا يمد يده نهاية كل شهر إلى مرتب ينتظره فتكون ‏للحكومة كلمة نافذة في رزقه ومكانته، بل انقطع لعلمه وفكره ومكتبته وبحثه ودرسه ‏وزملائه وتلاميذه كالراهب الذي انقطع للعبادة في صومعته. ‏
وعاش على أقل القليل يكفيه ويسد حاجته، ومرت عليه سنوات عجاف لكنه لم ينحن أو ‏يميل على الرغم من أن بيته كان مفتوحا لتلاميذه وأصدقائه وعارفي فضله. ‏
ولم يكن له من مورد سوى عائده من كتبه التي كان يقوم بتحقيقها، وكان اسمه على ‏صدرها يضمن لها النجاح والرواج، ولم يكن يأخذ شيئا على مقالاته التي يكتبها، فأعاد ‏لمجلة العربي الكويتية سنة 1982م مائة وخمسين دولارا نظير مقالة كتبها ردا على الكاتب ‏اليمني عبد العزيز المقالح حول طه حسين، ورفض أن يتسلم من دار الهلال مكافأته عن ‏تأليفه كتابه المهم "رسالة في الطريق إلى ثقافتنا". ‏
ولأنه كان يشعر أنه صاحب رسالة فإنه كان ينتفض حين يرى انتهاك حرمة من ‏حرمات اللغة العربية فيقف مدافعا عنها بكل ما يملك من أدوات علمية وفكرية، تجعل ‏الخصم يسلم بما يقول أو يلوي هاربا. ومعاركه كلها جمعت في كتب وصارت وثائق في ‏تاريخنا الفكري الحديث، كتبها هو من موقع المدافع والحارس لثقافة الأمة، ولولا خصومه ‏لما ظهرت معظم مؤلفاته؛ لأنها كانت استجابة لتحديات عظيمة، وهي تظهر عظمة شاكر؛ ‏لأنه لم يحتشد لها مثلما يحتشد المؤلفون عند تأليف كتبهم وإنما دخلها كارها مستندا إلى ‏ثقافة واسعة وعلم غزير، وفكر ثاقب وروح وثابة، فأتى بالعجب العجاب. ‏
وفي أخريات عمره رد له بعض الاعتبار، فنال جائزة الدولة التقديرية في الأدب سنة ‏‏1981م، ثم جائزة الملك فيصل في الأدب العربي عام 1984م، وفي أثناء ذلك اختير ‏عضوا في مجمع اللغة العربية بدمشق، ثم بالقاهرة. ‏
وبعد رحلة حياة عريضة رحل أبو فهر شيخ العربية وإمام المحققين في الساعة الخامسة من ‏عصر الخميس الموافق 3 من ربيع الآخر 1418هـ= 6 من أغسطس 1997م) ولبى نداء ‏ربه.. فسلام عليك أبا فهر. ‏







التوقيع: https://www.instagram.com/p/_VLOGDoF...en-by=noouf_mt
انستجرام كاتبتنا
نوف الثنيان (@noouf_mt) • Instagram photos and videos



noouf_mt


نوف الثنيان
قاصّة / كاتبة ..الكتابة سفر الذات منها إليها لايرافقها إلاّ من يؤمن بها ويُدرك أن للنبض-هُنا-حُبّا وغصوناً تعرّش سلاما www.twitter.com/Noouf_M

اخر تعديل كان بواسطة » نورة العجمي في يوم » 14-12-2006 عند الساعة » 20:23.
نورة العجمي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس