مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 07-05-2004, 20:04   #1
نوف الثنيان
النجدية
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ نوف الثنيان
 

موقف الأسلام من الشعر .. حرام !!؟

هنالك علامة تعجّب ترتسم وتساؤل يتبدّى , كان دافعاً للتفكيرفي البحث والتقصّي وكتابة موضوع عن أقاويل تتردد أحيانا ..
التعجّب أن الشعر حرام وأن شاعراً ترك الشعر لأنه التزم !
التساؤل لما يلجأ البعض للتعميم ؟!
لابد أن نعي أن الشاعر ليس مغلول القلم , بلشاعر حر طليق لاتحده قيود , طالما أنه يلتزم الفضيله بدون فحش بالقول وغيرها منالأمور غير المستحبة أو المكروهه في ديننا الإسلامي ..
لانحتاج القياس في هذا الأمرولابالعوده لأحاديث وروايات ذُكرت في مدار هذا الموضوع .. فأنا أؤمن بكلمايسمو بالهدف والمقصد سواء في مجال المدح / هجاء الأعداء/ الذّب عن الإسلام / الوعظ / حتى في غرض الغزل العفيف .. وغيره وكل من شأنه أن يحفّز الشاعر علىالالتزام بالأخلاقيات التي إذا التزم بها فقد ركب سفينة النجاة ..
هنالك مداخل للرد على هذه الأقاويل المغلوطة فالكثير من العلماء يلجؤون إلى الشعر فيخطابهم العام والخاص , بل إن في مجالس أهل العلم من الشعر الشيء الكثير , وهناك منالقصائد مايتردد في مجالسهم على سبيل التعليم والتدريس ومنها مايتردد على سبيلالوعظ والتذكير, , ناهيك على أن هناك من كبار الصحابة من كان ينشد الشعر مثل علي بن أبيطالب وله ديوان معروف في هذا الشأن , وفي الحديث الشريف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الشعر لحكمة وإنمن البيان لسحراً "سنن ابن ماجه وصححه الألباني
ولتوضيح اللبس لمن يشكك ولمن يحتج بها دونأدنى معرفه أو البحث عن تفسيرها بسوء تأويلها أستناداًللآيه الكريمه " والشعراء يتبعهم الغاوون * ألم ترأنهم في كل واد يهيمون * وأنهميقولون مالا يفعلون * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً وانتصروامن بعد ماظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " فالمقصود بها شعراء المشركين الذينتناولوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجاء ومسّوه بالأذى,أما المؤمنينفقد أستثناهم الله سبحانه وتعالى وشدّد عليهم بقوله " إلا الذين آمنوا وعملواالصالحات "
وإلا بماذا نفسر بأن هنالك شعراء من الأنصار عند رسول اللهصلى الله عليه وسلم سخّروا الكلمه في الشعر للانتصار لرسول الله في الإجابة عنه .. مثل حسان بن ثابت , كعب مالك , عبدالله بن رواحه , وقد قال فيهم رسول الله صلى اللهعليه وسلم " هؤلاء النفر أشد على قريش من نضح النبل "
وقد بارك عليه الصلاة والسلام استعداد كل من يدافع عنالإسلام بسيفه , ودعا الشعراء إلى ذكر مواطن الضعف في خصوم الدعوه حتى يشددوا عليهمالهجاء موضحاً أثره .. بقوله لرائد الشعر الإسلامي حسان بن ثابت : " أهجهم _ يعنيقريشاً _ فوالله إن لهجاؤك عليهم أشد من وقع السهام في غلس الظلام "
الشعر في الإسلام رساله من الشاعر والتزام في الحرصعلى الصدق واللين ومعاني الخير بما يخدم المبادىء والأهداف ..
ولعلتحرّج البعض من اللجوء إلى تضمين الخطاب الشعري في المواعظ والدروس تحديداً من بابعدم تقديم المفضول مع وجود الأفضل , أي أن في القرآن والسنة مايغني في هذا المقاممن اللجوء إلى الشعر , , وقد يكون منهم من يرى أن في الشعر في هذا المقام تقليل منهيبة العلم وقدره , وهذا الإمام مالكيقول ( ولا بأس بإنشاد الشعر إذا لم يكن فيه ذم أحد ) وهو بذلك يقدّم الحجة بقول الرسولصلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت " أنشد ومعك روح القدس " بل أن الشعر كان يُنشد بين يدي الرسول في مسجده فيالمدينة .
وإذا لجأنا إلى واقع الحال المعاصر فإن المتمعن في مضمون الخطابالوعظي لا يخفى عليه القدر العالي لقيمة الشعر في خطابهم , فهذا الشيخ عائض القرني والشيخ سلمان العودة على سبيل المثال , لا تكاد تخلومحاضراتهم ودروسهم من تضمين الشعر بين مفردات هذا الخطاب .
فكل مايشغل المرءعن عبادة الله حق عبادته فهو أمر لا يصح أياً كان هذا الأمر حسب ماذكر أهل العلموبالضوابط المذكورة والتي لامجال لسردها هنا .. وهذا مما دعاعمر بن الخطاب أن يستحسن شعر زهير في رواية ابن عباس عن عمر بن الخطاب رضي اللهعنهما وقد سأله عمر : هل تروي لشاعر الشعراء ؟ قال ابن عباس : ومن هو يا أميرالمؤمنين ؟ قال : ابن أبي سلمى. قلت: وبم صار كذلك ؟ قال : لأنه لايتبع حواشيالكلام , ولا يعاضل من المنطق , ولا يمتدح الرجل إلا بما يكون فيه .
وكان لعمر رضي الله عنهموقف صارم من الهجاء والهجائين , فلم يكن الإسلام ليسمح بسبّ أعراض المسلمين , وقدحبس الحطيئه حين هجا الزبرقان بن بدر , ثم أطلقه على ألا يعود إلى الهجاء , وأشترىمنه أعراض المسلمين بمبلغ من المال .
ويستدل من ذلك إن الإسلام أيّد وأثرىالشعر وأنطقه على لسان بعض الشعراء لأغراض ساميه .. فأحيا بذلك أشكالاً واغراض منالشعر تتحد مع الإسلام عاطفة وفكرا وأسلوبا . بعيداً عن اغراض الغزل الفاحش .. الشعر الماجن .. المديح الكاذب .. الفخر الذي يثير الأحقاد والضغائن .. والهجاءوالثأر والظلم والعدوان ..
حقيقة , لم أجد أي تعارض بين الشعر والالتزام أستناداً للآيات وتفسيرها وبعضالمواقف التي تؤكد مشروعية الشعر الملتزم والحريص على معاني الخير والبعيد عن بعضالأغراض خاصة التي تمس أعراض المسلمين ..فهو كلام كسائر الكلام .. حلاله حلال وحرامه حرام , لو كل شاعرالتزم وعمل على توظيف الكلمه الشعريه لخدمة المبادىء والقيم النبيله تجاه نفسهودينه وقضايا أمته أجدى من تركه الشعر نهائياً.. لاشك ستصبح رساله ساميه تعمل علىتغيير مفاهيم بالتأثير والتركيز على المعاني الدينيه والأخلاقيه سواء الهجاء لمنيهجو رسول الله أو لأهل السنه أوكفاح على اهل البدع .. وبذلك تبقى ملكة الشعر فيميزان قوة الأسلام في الانتصار للحق بالشعر, فقد قال صلى الله عليه وسلم .. "الحلال بيّن، والحرام بيّن، وبينهما امور متشابهات "
الامام الشافعي كان شاعراً , وقدجمع شعره في ديوان , ومن بعض ابياته التي نُسبت إليه قوله :
شكوت إلى وكيع سوءحفظي ...فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور.... ونور الله لا يهدىلعاصي
الأبيات السابقة توحي في ظاهرها بأن فيهازدراء للشعر والشعراء وهي في حقيقة الأمر لا يحتمل هذا المعنى , وذلك لأن المعنىالحقيقي للبيت أن طالب العلم لا يجوز له الالتهاء بالشعر والتفرغ له وتقديمه علىطلب العلم الشرعي , لأن هذا سيؤدي إلى التقليل من التحصيل العلمي للطالب , كماسيؤدي ضرورة إلى الالتهاء عن مجالس العلم بمجالس الشعر ...
إذن الشعر لابد أن يكون بعيداً عن أغراض الغزل الفاحش .. الشعر الماجن .. المديح الكاذب .. الفخر وكل مايسبّب و يثير الأحقاد والضغائن .. والهجاء والثأر والظلم والعدوان .. بين الناس .. إذن لاغضاضه إجازة الأشعار ذات المعاني الحسنه التي لافحش فيها وترك المكروهه التي نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم منها القصائد التي تدعوا للفاحشه أو أشاعه لها والغيبه وقبيح القول .. .. الكذب والنفاق والخداع والنميمه والهجاء البذيء التي تمس اعراض المسلمين وتثير الحقد والبغضاء بينهم , وزر الكافر أو الجاهل يعود عليه وحده ومقصور عليه دون غيره , لقوله تعالى " ولا تزر وازرة وزر أخرى وأستناداً بالنهي عنها كما ورد في الآيات الكريمه ..وقال تعالى " ولا تلمزوا انفسكم ولا تنابزوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان "سورة الحجرات
وفي حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وهل يكب الناس في النار على وجههم الا حصائد السنتهم ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح


التوقيع:
نوف الثنيان غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس