مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 03-06-2006, 16:25   #1
نوف الثنيان
النجدية
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ نوف الثنيان
 

إبراهيم الوافي و حالة شعر متتابعة .. !




بانتظاركْ ..
تجمعين الوقت .. فـ..ـشفاتي جريدةْ ..
تكتبيني ..
تشطبيني ..
نترك الصفحة قصيدةْ .. !
يا عنيدةْ ..
يامطر .. عيّت سحابة لاتفرط فيه والدنيا ظما ..!
ياسما ضمّت سما ..
لمِّي اللي يِنْتثر من سلّة الذكرى ورق ..!
وامسحي.. غيابك عرقْ .. !
علميني ..كيف أنام .. وكيف أحلمْ ِبكْ تجين..!
اسمع الساعة ..حنينْ ..
وانتظرك الليل كله ... واتسلّف له نهار ..!
تعرفين وتدعين ..؟!
تنكرين ْ .. .. ؟!
إنْ كل الوقت مني ..
وانْ نوم الليل عني .. !
نجمتين وانكسار ..!


بانتظارك نصوص شعرية ثرية ، تتابعت هنا لتشكل مساحة مشبعة بالعاطفة والفكر .. وليشكلا منظومة متكامله لاتتجزأ تأبى الأنفصال .. كل فقرة عبارة عن صورة شعرية مشحونة بالدلالات .. تتغير الزاوية والمنظور تباعاً من خلال رؤيتنا لها من عيني الشاعر ..
كأنها عدسة كاميرا تلتقط اللمحات الموحية والومضات التي تتكامل في تتابعها حتى تشكلّ لوحة نادرة في مجموع ومضاتها الملتقطة ببراعة وعناية من اليومي البديهي حين تتوالد التفاصيل الصغيرة وتشكل أبعادًا متنامية من الصور والأخيلة ...
فـ مثل ما يترك الشاعر العنان لخيال القارىء وفكره .. لـ كيفية التصوّرللتعبير التلقائي عن المشاعر الذاتيه الا أنه سرعان مايكتسب النص شكله الموضوعي بـ مجرد أنتقاله إلى قلب القارىء ثم عقله بطبيعة الأمر ..
فـ الكلمات هنا قادرة على أن تبارح الشاعر إلى أرواحنا ..
لــ يهبنا تجربة ثرية وخصبة سواء على مستوى الفكر أو الخيال أو الأنفعال



لــ نتأمل هنا ..!!

بانتظاركْ ..
آه .. لو تدرين وش معنى انتظارك ... !
يمكن يكون الغياب .. وحزني افبابه .. قراركْ ..!
يمكن اني مرّة ابـ..ـغفلة ظلمتك ...
وكان هذا اللي يزلزلني مع الساعات ثارِك ..!
آه .. لو تدرين .. وش يعني .. تخلّين الغياب اللي يعذّبني خيارك ..! ؟
انكساري وانتصاركْ ...!
شخبطات اللون الاسود في قراطيس البياضْ ...!
انحسار الشمس .. وغبار الرياض ..
غربة اللحظة افــ..ــداري ..!
آه لو تدرين وش معنى انتظارك ...
مثل ما تدرين وش معنى انكساري
...

للكلمة جذورها السحرية مع الوافي ..
فهو الشاعر الـقادر على شحن العبارات العادية ونزع رداء التقليدية عنها
ليبتدع لغته ويطوعها في بناء لغة شعرية جديدة فتبدوا معه مخلوقاً آخر يولد على يديه ..


اسمعيني ..
كل مافيني حنيني
الطريق اللي تدلِّيني عليه ..
يضيعْ فيني .. !
والمحلات الكثيرةْ .. فالشوارع ..
كلها تبـْ تشتريني ..!!
واشتريْتِكْ...
( كوب قهوة ) ثاني ... أو عنوان بيتكْ ..!
ما أدلّه ...
لو تحرّيتك .. بركنه ..
يمكن اني صرت كلّه !
واحتريتكْ ...
ذاك بيتِكْ ... لا .. أظنه ذاك ... يمكن لو أقلّه .. !
وينك انتَ ؟ ...
كان جاوبني بظِّله ..!
آه .. لو تدرين وش معنى انتظارك ...
سيرتي والظل ..
واوهام الطريق .. وباب دارك ..!


جسارة لغوية / جرأة باستخدامه لغة الحياة اليومية ببساطتها ليكسبها دلالات تعبر عن مشاهد حية ..
تختزل الحالة النفسية من احساس انفعال ايماءة وايحاء بصوت و ايقاع ونغم نتفاعل معها لـ صدقها
وكأنها تفيض من تجربة واقعية يضفي عليها الشاعرية بلغة روحيه ليصل للمعنى بمفردات متعارف عليها ..!
لكنها تصل إلينا بشكل غير مألوف .. للتعبير عما لا يمكن التعبير عنه ..

عاتبيني ...
واسمعيني لابديت أقول من طيبي الحقيقة ...
عاقبيني ...
ان طراك الشك فيني
بس لاتغيبين عني بها الطريقة ..!
يا غريبة ...
هي صحيح إن السما صارت قريبة ...؟!
وانْ .. ها النجمة حبيبة ..!


إبراهيم الوافي حالة شعر بحد ذاتها .. !
يخيل لنا اننا إزاء شخصية قادره ان تتحول الى حالة خاصة من خلال العفوية الطاغية التي تترواح بين الخيال وبين التمثل حيث تبدوا المواقف الشعريه غير قادره على التخلق بعيده عن الشخصية و أيضاً لايكون تمثّل محض بل هنالك حالة دمج واتصال نرى الأشياء في صفائها الأصلي يجعل عقولنا تقفز معه لألتقاط الصور الخيالية التي يسبغ عليها من خياله وإحساسه ومن قدارته الفذه بـ قوة تعبيرية و ايقاع خاص ولون مختلف ومتميز به .. !!
حتى يخيّل لنا أن عملية الدمج وصلت إلى نفاذ سمات شخصية الشاعر في كل نص له..
أيْــ ...ـه ..حبيبك
لو عجز حظي يجيبك ..!
يكفي إن الدرب ... توصفها عيونك
صدقيني ..
هي ثلاث حروف يجمعها حنانك
( شِ عْ رْ ) والرابع زمانك
قاف عاشق ..
أو ( ألِفْ ) شاعر مراهق ..!
خلي الرابع عشانك ..


احيانا تحتاج بعض العبارات الى ثقافة المتلقي لحل الرموز وحتى لا يقع تحت وطأة الغموض ..
رؤيا رمزية تبدو لأول وهله قراءة من كلمات مألوفة ..
ففي المقطع السابق مثلا حاول الشاعر أن يجرب عملية القلب والإبدال بين الحروف التي تتكون منها كلمة ( شعر )
وهي الأركان الثلاثة التي بنى منها الشاعر برؤيته صفتي ( عاشق / شاعر ) وهي لعبة لفظية غاية في البساطة لكنها بعيدة المنال على غير المبدعين ولا يمكن أن نفطن إليها إلا مع القراءة المتمعنة لنجد هذه الحرفنة المذهلة عبر التلاعب بالكلمات لخدمة المعنى .. ويثير بالتالي الدهشة في القارىء بواسطة الارتباط غير المتوقع بين الألفاظ
ليجعلنا نقرّ له دائما ببراءة أختراع المفردات كما لو كانت تظهر للوجود أول مره ..!
والحقيقة أنه من الواضح جدا أن الخلفية الثقافية التي يمتلكها اورثته الدقة وعمق التفكير
حتى نرى فنه قد استوى واستكمل عناصره ..


لو رسالة ..
لاتعثرتي بحالة .. أو كآبة ..
صدقيني .. كلنا في ضيقة الخلق نتشابه ..!
كلنا نحتاج .. دايم نبتعد ..
حتى عن طقوس الكتابة ...!

صدقيني بانتظارك ..
بانتظارك من عرفتِ اني وتاريخي
وأوهامي وأحلامي .. تجمّعنا كواكب في مدارك ..!


والوافي كإنسان تنكشف شخصيته عبر شاعريته التي تميزت دائما بصدق العاطفة
ووضوح جانب الظل في شخصيته الودودة مطلقا على جميع المستويات كما نرى في دراساته
أو تعليقاته أو ردوده العابرة .. والأهم كما هو في شعره ..

يانصيبي ..!
لاتغيبي
وين صوتي .. وين صوتِكْ
آه وشلون اتخيّل .. شوق ها الليلة يفوتكْ ..! ؟
غيبتك صارت مساحة ...
يجتمع فيها حنيني مع غيابك
لاتهجيت الصراحة ..!
في عتابك
ضاعت افزحمة سكوتكْ ..!
عاتبيني ...
واسمعيني لابديت أقول من طيبي الحقيقة ...
عاقبيني ...
ان طراك الشك فيني
بس لاتغيبين عني بها الطريقة ..!
يا غريبة ...
هي صحيح إن السما صارت قريبة ...؟!
وانْ .. ها النجمة حبيبة ..!


هذه المشاعر أئتلفت مع بعضها البعض فأكسبها أهمية ومنحها حيوية وخصوبة
أستحوذت على المتلقي ووضعته في حالة أشبة بحال الشاعر وهو يكابد التجربة الشعرية المكتوبة ..

كنت احس انك ..معي .. ما اضيع .. لو ضيعت فاتن ...!
كل أفعالي .. ( مضارع ) ..!
كنت بارع ...!
في ( أحاديث ) المفاتنْ ...
بس هلحين ( الحبية ) حلم أسمى ..!
غربتي .. ( مسكين أعمى ) ..!
ايه احبك .. واتهجابك مكاني
أسبق الهرجة ..فبالك ...!
وأفهمك .. واكشف خيالك ...!
ونتعادل ...!
اسمع الدهشة بصوتك ...
وانتظر شهقة سكوتك ..!

( بس قلِّي :
كيف تدري وش ..بقولْ ، بجد ..
تذهلني ... وتسبقني بـ ثواني ) ..!
لا نتجادلْ ..!
صدقيني شي عادي
قط سمعتي يوم إنّه فيه شاعر كان سادي ..!!


الوافي بكل مااوتي من قوة وخيال ورصيد ثقافي قادر على اثراء نصه
و شحن النص بانفعالات تصيبنا بـ عدوى الإحساس الى معاني أرقى وأسمى
تجعلنا نتوقف عند كل كلمة ونصدقه ونعيش في المناخ الذي يهيئه لنا
بكل سحره وشفافيتة .. و تجعلنا غير قادرين على الفصل بين الشعر والشاعر
فـ حالة الشعر تلك بحد ذاتها قوة خاصة مبدعة , ومعبّرة عن الوجدان بشكل مذهل .. !

ذاك بيتِكْ ... لا .. أظنه ذاك ... يمكن لو أقلّه .. !
وينك انتَ ؟ ...
كان جاوبني بظِّله ..!
آه .. لو تدرين وش معنى انتظارك ...
سيرتي والظل ..
واوهام الطريق .. وباب دارك


الشعر عنده ليس قوالب جامدة بل انغاما واطيافا وسحرا تجمع قوة الشعور وتأجج العاطفة وجمال الصورة ..
مزج بين الفن والاحساس بالفكر والصنعة الى روعة الرسم بالمشاهد
وهذا غاية الفن الحقيقي في اللغة الشعرية بصفة خاصة ..
شاعريستجيب لنبضه و يكتب بقلبه ..
شاعر يتعامل مع الكلمه بألفه وحب قادر على نقل أحساسه بالأشياء من حوله بصدق


فأذا كان الشعر هو أجمل وأروع ملجأ للأنسانية ..
فـ من حق هذا الشاعر/ الوافي .. أن يبوح له الكون بـ بعض أسراره حتى يستطيع مواصلة اضاءة طريق الجمال المترف لنا .. بــ أعذب الأحاديث وأروع الصور ..

نحن على يقين .. أنه لن يخرج من نصوص إبراهيم أحمد الوافي أحدٍ قط لم يمتلىء شعر ..

نحن هنا به أروع وأجمل وأبهى وأزهى
فشكراً من القلب لأنه بيننا ..

نوف الثنيان غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس